احتدام المعارك بين «حزب الله» و«النصرة» في فليطة السورية وأنباء عن سقوط قتلى وجرحى

الأمن العام يحذر من سعى «داعش» للسيطرة على قرى لبنانية حدودية

مقاتلو الجيش السوري الحر يوجهون نيرانهم باتجاه قوات النظام في عين ترما بضواحي دمشق أمس (رويترز)
TT

احتدمت، يوم أمس (السبت)، المعارك بين «حزب الله» وعناصر «جبهة النصرة» في المنطقة الحدودية الفاصلة بين لبنان وسوريا، بعد تقدم حققته الجبهة في بلدة فليطة وسيطرتها على عدد من مواقع الحزب هناك. وأعلنت «جبهة النصرة» عبر صفحتها الرسمية على موقع «تويتر»، اقتحام عناصرها لنقاط تابعة لـ«حزب الله» في منطقة جرود فليطة، متحدثة عن هروب عناصر «المقاومة والممانعة» من هذه النقاط.

وقال «اتحاد تنسيقيات الثورة» إن «مسلحي المعارضة سيطروا على موقعين لـ(حزب الله) في جرود بلدة فليطة بالقلمون في ريف دمشق، بعد هجوم كبير شنّوه على مسلحين من (حزب الله) والقوات الحكومية السورية». بدوره، أوضح مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، رامي عبد الرحمن، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الهجوم الذي شنّته (النصرة) وانطلق من تحصيناتها في الجبال والجرود والمغاور، استهدف حاجزا مشتركا لـ(حزب الله) والقوات النظامية، مما أدّى لاندلاع معارك عنيفة سقط على أثرها قتلى وجرحى في صفوف كل الأطراف».

واحتدمت الاشتباكات في ساعات ما بعد الظهر بعد محاولة عناصر «حزب الله» استعادة النقاط التي خسروها، ونقلت مواقع إلكترونية مقربة من «حزب الله» عن مصادر ميدانية، قولها إن «الهجوم شنه عناصر (جبهة النصرة) منفردين من دون مساندة كتائب أخرى، وقد انطلقوا من مناطق جردية قاحلة في فليطة مستغلين حالة الطقس السيئة وعدم اتضاح الرؤية، محاولين التسلل نحو نقاط في محيط بلدة فليطة بهدف السيطرة عليها».

وأشار موقع «الحدث نيوز» المقرب من «حزب الله» إلى أن «الهجوم تركز على نقطة المسروب، وهي نقطة عسكرية متقدمة للحزب تقع في شمال غربي بلدة فليطة، بالإضافة إلى نقاط أخرى تم إمطارها بوابل من القصف انطلاقا من تلتي موسى والبستان اللتين اعتمدتا في الهجوم كمنصة إسناد ناري للمهاجمين، في حين حاولت مجموعات في محيط تل الحريق، الواقع قرب تل موسى، التقدم نحو نقاط (حزب الله) الجردية بهدف إشغالها». وأوضح الموقع أنّه «بعد ساعات من الهجوم، نجح الحزب والجيش السوري في إرجاع المهاجمين إلى المناطق الجردية حاصرين المعارك هناك، حيث تحولت نقاط متقدمة لـ(حزب الله) إلى خط تماس ناري بين الطرفين، بينما استخدم الجيش السوري السلاح الجوي كما مدفعية الميدان وراجمات الصواريخ لدك المناطق التي انطلق منها الهجوم».

ونفت المصادر نفيا قاطعا ما أعلنته «النصرة» عن السيطرة على مواقع للحزب وفرار عناصره منها، مؤكدة أن النقاط ما زالت تحت السيطرة ولم تصلها «جبهة النصرة» أبدا، ومنها من تحول إلى نقطة تماس حربية. كما نفى تلفزيون «الميادين» المعلومات عن اقتحام «النصرة» موقعا للحزب والسيطرة عليه.

وبالتزامن، لفت ما أعلنه مدير عام الأمن العام اللبناني، اللواء عباس إبراهيم، يوم أمس، عن أن «مقاتلين متشددين سنة يسعون للسيطرة على قرى لبنانية محاذية للحدود مع سوريا». وقال إبراهيم لوكالة «رويترز» إن «مقاتلي (داعش) يحاولون السيطرة على منطقة القلمون لكي لا يكون هناك تعددية عسكرية في المنطقة.. وفي الفترة الأخيرة رأينا كثيرا من المبايعات لـ(داعش) في منطقة القلمون، منهم من بايع عن قناعة، ومنهم من بايع عن خوف للحفاظ على وجوده وحياته»، مشيرا إلى أن «التنظيم لا يريد أن يسيطر على القلمون فقط بهدف السيطرة، بل لتأمين ظهره في المنطقة من خلال التقدم والسيطرة على قرى لبنانية على تماس مع منطقة القلمون».

وأكد إبراهيم أن «القوى العسكرية والأمنية على جهوزية تامة، وتتابع الأمور في كل تفاصيلها في إطار خطوة لمواجهة هذا الاحتمال»، مطمئنا إلى أن هذا الوضع الراهن «سيبقى قائما ومستمرا خلال المرحلة المقبلة». وأضاف: «خلال فترة الأعياد عادة ما تتزايد المخاطر باحتمال وقوع هجمات، لأن الخصم يفترض أن القوى العسكرية تكون في حالة استرخاء، لكن القوى الأمنية اللبنانية على أهبة الاستعداد». وعزّز الجيش اللبناني في الفترة الماضية من وجوده في المنطقة الشرقية الحدودية وأقام مواقع جديدة واستقدم أسلحة وآليات حديثة للتصدي لأي هجوم مباغت وحتى للقيام بعمليات استباقية ونوعية في المنطقة. وأقفل الجيش في الأسبوعين الماضيين طريقي وادي عطا ووادي الحصن في بلدة عرسال الحدودية، حيث استهدفت دورياته أكثر من مرة هناك بعبوات ناسفة أو بكمائن أعدها المسلحون، واتخذ إجراءات جديدة من شأنها التخفيف من منسوب العمليات ضده كما التضييق على المسلحين وخاطفي العسكريين اللبنانيين.

ورجّح إبراهيم أن يكون عدد مقاتلي «داعش» يفوق الألف، «وهم في تزايد نتيجة المبايعات التي تتم.. ففي الفترة الأخيرة بايعهم نحو 700 مقاتل جديد، وبالتالي أصبح عندهم أكثر من ألف مقاتل، وهم يشكلون الآن نحو 70 في المائة من بقية القوى العسكرية في منطقة القلمون». واعتبر مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، رامي عبد الرحمن، أن الحديث عن سيطرة «داعش» على معظم المنطقة الحدودية مع لبنان «واقعي»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «التنظيم بات متحكما بالمنطقة ككل، أما الجزم بإمكانية شنّه هجوما على القرى اللبنانية الحدودية بعد دعم صفوفه بمقاتلين من العراق، فغير ممكن حاليا».

وأشار إبراهيم إلى أن احتمال وقوع تفجيرات جديدة في مناطق «حزب الله» ذات الأغلبية الشيعية لا يزال قائما، خصوصا أن «التهديد موجود ويكاد يكون شبه يومي وبالعلن». وقال إبراهيم: «حصل كثير من التوقيفات والشبكات نتيجة التنسيق بيننا جميعا وعلى رأس هذه المؤسسات الجيش، وأحبطنا كثيرا من العمليات، وأوقفنا كثيرا من السيارات التي كانت معدة للتفجير، ولكن لم نعلن عنها كي لا نثير الذعر في البلد، وأوقفنا كثيرا من الإرهابيين».