فتح أبواب المسجد العتيق للمصلين في «جدة التاريخية» بعد 100 يوم

أعمال الترميم كشفت عن وجود منارة أثرية عمرها 900 عام

أكدت أمانة جدة اكتشاف وجود نقوش أثرية يعود عمرها إلى أكثر من 100 عام
TT

بعد 100 يوم من الآن يكتمل مشروع ترميم المسجد الجامع العتيق في منطقة جدة التاريخية، الذي يعود تاريخ إنشائه إلى عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب قبل أكثر من 1300 عام.

وقد بدأت أعمال ترميم المسجد قبل عامين ونصف العام بناء على مكرمة ملكية من العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي أمر بالترميم دون المساس بأساسات المسجد الأثري، على أن تفتح أبواب المسجد مع بداية فصل الربيع المقبل.

وكشف مصدر بأمانة محافظة جدة لـ«الشرق الأوسط» عن أن أعمال الترميم التي جرت بإشراف ومتابعة من منظمة اليونيسكو، كشفت المزيد من القيمة التاريخية لهذا المسجد.

وبحسب الأمانة، كشفت أعمال الترميم عن «معالم أثرية، أهمها محرابان للمسجد على عمق مترين تحت الأرض، يزيد عمر أحدهما على 600 عام، أما الآخر وهو الأقدم فهو أكثر انخفاضا من هذا المحراب، ويبدو عليه بعض الانحراف نحو 37 سنتيمترا تقريبا.

وأكدت أمانة جدة اكتشاف عملات نقدية ضاربة في القدم، تعود للقرون الأولى من العهد الإسلامي، فضلا عن وجود نقوش أثرية يعود عمرها إلى أكثر من 100 عام، إضافة إلى اكتشاف عمودين داخل المسجد كل واحد منهما مليء بالنقوش الإسلامية، ويعتقد أنهما إهداء من شخصية إسلامية تاريخية بارزة.

ووفق كتاب «جدة.. حكاية مدينة» فإن أعمدة المسجد جلبت في صدر الإسلام من مدينة نيسة بالحبشة (إثيوبيا حاليا) عند الفتح الإسلامي، وهي مصنوعة من الساج بما يشبه الرخام المخروط المائل إلى الحمرة.

وهنا يشير المؤرخ والأديب الراحل عبد القدوس الأنصاري في أحد كتبه، إلى أن مئذنة الجامع تعد أقدم مئذنة في منطقة الحجاز، مبينا أن هذه المئذنة تشبه في بنائها الطراز الأيوبي الذي ظهر في مصر، والشام، واليمن منذ الربع الأخير من القرن السادس الهجري، واستمر حتى نهاية القرن السابع الهجري.

وأظهرت عمليات الترميم أيضا اكتشاف منارة يعود عمرها إلى 900 عام مضى، ما يعني أنها بنيت قبل عهد صلاح الدين بنحو 200 عام تقريبا، وهي المنارة التي تعتلي المسجد الذي يقع على مساحة تقدر بـ1710مترات مربعة، منها 45 مترا طولا، و38 مترا عرضا.

ويقع المسجد العتيق في منطقة جدة التاريخية المصنفة ضمن أهم المناطق الأثرية في العالم، وهي بقعة صغيرة لا تتجاوز مساحتها الكيلومتر المربع في قلب مدينة جدة.

ويقول خبير المنطقة التاريخية المهندس سامي نوار إن المسجد المرمم سيقوم على الأساس القديم الذي بني عليه، خلافا لما تحدثت عنه بعض وسائل الإعلام المحلية من تغيير هيكلته.

ويوضح أن مسجد الشافعي أو الجامع العتيق (القديم) الذي يقع في زواريب أقدم حارات جدة القديمة بجانب سوق الصاغة والفضيات القديمة وصانعي النحاس، وإلى الشرق منه توجد سوق النسيج والملابس المعروفة بسوق البدو التاريخية. هو مسجد فريد في عمارته، مربع الأضلاع ووسطه مكشوف للتهوية من جو جدة الخانق في الصيف.

والمعروف أن المسجد العتيق يطلق عليه أيضا اسم «مسجد الشافعي»، على اعتبار أنه يمثل إحدى المدارس التي درس فيها الطلاب مذهب الإمام الشافعي في السنين الخوالي.

ويشير نوار الذي يعمل مسؤولا حكوميا في حفظ تراث المنطقة، إلى أنه «جرى جلب متخصصين عالميين، أبرزهم خبير التراث العمراني العالمي صالح لمعي للوقوف على أعمال الترميم» التي من المقرر لها أن تنتهي بعد مرور 3 أشهر من الآن. ويبين أيضا أن «مؤسس الدولة السعودية الثالثة الملك عبد العزيز آل سعود أدى صلاة الجمعة فيه».

ورغم توقف الصلاة في المسجد لأعمال الصيانة والترميم، فإن الزيارات لا تتوقف عن زيارة المسجد، خاصة من السياح الذين يفضلون دائما أن يضعوا في جدول زيارتهم لمدينة جدة زيارة منطقتها التاريخية ومسجد الشافعي على وجه الخصوص. ويفسر هذا الإقبال بأن زيارة المسجد تمثل بالنسبة للوفود السياحية اختصارا لحقب تاريخية متعاقبة مرت على بنائه.

تاريخيا ووفقا للمعلومات المتحصل عليها من بلدية المنطقة التاريخية التابعة لأمانة محافظة جدة، فإن أهالي المدينة اعتادوا ضرورة توجه مواكب العرس وعقد حفلات القران في مسجد الشافعي والصلاة به استئناسا ببركته.