تركيا.. الأحلام «السلطانية» لإردوغان

إهانته جريمة يعاقب عليها القانون... ومواقفه المثيرة للجدل تتصدر الأخبار

إردوغان في قصره المثير للجدل الذي كلف مليارات الدولارات ويحتوي على اكثر من 1000 غرفة يتهيأ لاستقبال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الاول من ديسمبر (غيتي)
TT

مع وصول الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى موقعه الحالي في رئاسة البلاد، تسود قناعة تامة لدى الأتراك، والمتابعين للشأن التركي، أن رجل تركيا القوي لن يقبل بأقل من صلاحيات واسعة لهذا المنصب، يمكنه من خلاله إدارة البلاد بشكل مباشر للسنوات الـ4 المقبلة، بدلا من إدارتها بالواسطة كما هو حاصل الآن بسبب ضعف الصلاحيات المباشرة لرئاسة الجمهورية، التي يعوضها إردوغان بشخصيته القوية، حيث يكفي أن يلقي تصريحا ما حتى تتحرك دوائر الدولة بشكل آلي لتنفيذ توجهاته، كما حين تحدث عن ضرورة تعليم اللغة العثمانية القديمة التي ألغاها مؤسس الجمهورية مصطفى كمال (أتاتورك)، فبدأت وزارة التربية الإجراءات فورا.

ويوجد أمام إردوغان أكثر من تحدٍّ لهذا العام؛ فهناك الانتخابات البرلمانية المتوقعة في بداية الصيف المقبل، والتي يأمل من خلالها أن يحصل على أكثرية تؤهله لعرض التعديل الدستوري على الاستفتاء المباشر من الشعب، إذا لم يتمكن من الحصول على ثلثي المقاعد البرلمانية التي تتيح له التعديل في البرلمان.

وهذه التعديلات المتوقعة ستتيح تغيير النظام السياسي للبلاد؛ من برلماني إلى نظام رئاسي أو شبه رئاسي، كما صرح إردوغان أكثر من مرة.

وتتهم المعارضة التركية إردوغان بأنه يسعى لتحطيم جمهورية أتاتورك وإعادة «الخلافة» بوجه آخر، حيث إن الاسم الأكثر تداولا بين المعارضين لإردوغان هو «السلطان رجب».

وقد فرضت الحكومة التركية الكثير من القيود على محاولات المس بشخص إردوغان. وفي 13 فبراير (شباط) أصدرت محكمة تركية أحكاما نافذة بالسجن لمدة عام أو عامين على 17 شخصا بتهمة إهانة رئيس الوزراء رجب طيب إردوغان في إحدى المظاهرات. ونقلت صحيفة «حرييت» حكم محكمة أسكيشهير (غرب) الذي اعتبر أن المتظاهرين «تعمدوا إهانة رئيس الحكومة من دون إبداء أدنى قدر من الندم». وهي حادثة تكررت أكثر من مرة وآخرها كان اعتقال طالب في الـ16 من عمره لإهانته رئيس الجمهورية.

وفي نهاية سبتمبر (أيلول) دانت محكمة تركية كاتبا بـ«إهانة» الرئيس رجب طيب إردوغان في كتاب حول المظاهرات الكبيرة المعادية للحكومة، وحكمت عليه بالسجن لنحو عام مع وقف التنفيذ 5 سنوات. وتضمن الكتاب، وهو بعنوان «ظاهرة جيزي»، رسوم غرافيتي وشعارات تنتقد إردوغان الذي انتخب رئيسا الشهر الماضي بعد تولي رئاسة الوزراء لأكثر من عقد من الزمن.

ويعرف إردوغان بحدة طباعه، وهو ما تجلى بمقاطعته نقيب المحامين الأتراك متهما إياه بالوقاحة لحديثه لوقت أطول مما ينبغي، وبشكل انتقادي قبل أن يخرج مسرعا من القاعة. وقاطع إردوغان خطابا كان يلقيه نقيب المحامين متين فايز أوغلو في أنقرة، قائلا إن خطابه سياسي حافل بالأباطيل بعد أن شكك فايز أوغلو في أداء الحكومة بعد زلزال ضرب محافظة فان الجنوبية الشرقية في 2011. وعبر إردوغان عن إحباطه لأن فايز أوغلو - الذي سبق له انتقاد ملاحقة خصوم إردوغان السياسيين جنائيا - خالف البرتوكول بحديثه لمدة ساعة، بينما لم يتحدث هو أكثر من 25 دقيقة في خطاب للجماهير قبل أن يغادر القاعة في أنقرة.

ولا يتوقف إردوغان منذ انتخابه عن الإدلاء بتصريحات مثيرة للجدل، يعتقد معارضون أنها نابعة من رغبته في البقاء تحت أضواء الإعلام، وإزاحة الصورة عن قضايا لا يريد ظهورها. فبعد حديثه عن أن المسلمين هم من اكتشفوا أميركا قبل كريستوفر كولمبوس، أعلن أنه لا توجد مساواة بين الرجل والمرأة، منتقدا صراحة المدافعات عن حقوق النساء، ومتهما إياهن بأنهن ضد الأمومة. وقال إردوغان في إسطنبول أمام حشد يضم عددا كبيرا من النساء خلال قمة حول العدالة والنساء: «ديننا حدد دور النساء (في المجتمع): الأمومة»، على حد قوله.

وفي موقف لاحق، دعا النساء إلى الإنجاب بكثرة، حاملا على سياسات منع الحمل. وعدّ الرئيس التركي تحديد النسل بمثابة «خيانة بحق الأمة»، وناشد الآباء في بلاده الحرص على كثرة الإنجاب. وخلال حفل زفاف في إسطنبول، أشار إردوغان إلى الآباء الذين يحددون النسل قائلا: «لقد ارتكبوا على مدى سنوات خيانة من خلال تحديد النسل». وقال إن هناك جيلا لم يعد يتكاثر. ونصح إردوغان العروسين بإنجاب ما لا يقل عن 3 أطفال، قائلا إن زيادة عدد السكان تخلق اقتصادا ديناميكيا.