الوهم الإسرائيلي

TT

بخصوص مقال عبد الرحمن الراشد «بعد إحراج إسرائيل.. هل تستهدف عباس؟»، المنشور بتاريخ 3 يناير (كانون الثاني) الحالي، أود أن أوضح أن العالم بما فيه، بل وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية، لا يريد عكس دوران العجلة والعودة إلى الوراء أو إلى المربع الأول، كما يُقال بعد ربع قرن من انطلاق مسيرة السلام في مدريد، بل لا أحد يعتقد أن الإسرائيليين والفلسطينيين أنفسهم يريدون شطب كل ذلك و«تصفير العداد»، كما يُقال، فهناك واقع ووقائع تختلف ربما جذريا عن واقع ما قبل 25 عاما، فالمسألة أكثر تعقيدا وجدية من أن يتم اعتبارها مجرد «نومة أهل كهف» يستيقظ الجميع بعدها على واقع مختلف ليس بإمكانهم القدرة على التعايش معه. تقويض السلطة الفلسطينية لا يقل خطورة على إسرائيل من سقوط نظام الأسد وتولي آخرين مقاليد الحكم في سوريا، ليس المعنى تشبيه السلطة الفلسطينية بنظام الأسد، فالبون شاسع بين السلطة الفلسطينية التي يأتي على رأسها رجل سياسة وسلام بحجم محمود عباس، ونظام أزلام وعصابات باطش بشعبه، ولكن المقارنة تأتي فقط قياسا على الأهمية الاستراتيجية لكل منهما، نسبة لمعايير إسرائيل حول أمنها، ففراغ السلطة إذا حدث فمن سيملأه؟ هنا السؤال، فقد انتهت تقريبا منظمة التحرير الفلسطينية منذ تلك الـ25 عاما، وبالنتيجة انتهت كل «توابعها» من التنظيمات الفلسطينية المتفرعة منها، لن يعود على الأرض سوى «حماس» ومن يلف لفها، التي سوف تنتهي حتما، ويتلاشى دورها إذا انفتح الباب أمام تنظيمات شرسة وغير قابلة «للترويض»، مثل «داعش» و«النصرة» و«أنصار بيت المقدس» و«أنصار الشريعة» وغيرهم، فهل إسرائيل مستعدة «بالفعل» لسيناريو كهذا؟ هل ستتحمل المجازر الجماعية التي سوف تُرتكب حتما ضد اليهود في المستوطنات، وأن تقام أسواق النخاسة على نسائهم؟ وهل ستتحمل رؤية مقاطع فيديو لمواطنيها وهم يُختطفون ويُنحرون؟ لا أعتقد. الموقف الإسرائيلي أضعف بكثير مما تحاول إيهامنا به.

عبد العزيز بن حمد - فرنسا [email protected]