الاضطرار للحرب

TT

أود أن أعلق على مقال سمير عطا الله «المنديل صار راية»، المنشور بتاريخ 3 يناير (كانون الثاني) الحالي، بالقول: إن الحرب مع إيران لم يكن منها مفر، فقد تجاوز الإيرانيون كل الحدود والأعراف والقوانين الدولية بتحرشاتهم واستعراض عضلاتهم، من عهد الشاه وإلى ما بعد عهد الخميني؛ يتعدون على المخافر بالقصف المدفعي والأسلحة الرشاشة، ويخطفون حراس الحدود، وخطفوا ضباطا من الشرطة السيارة وبحارة، وقد عاينت شخصيا وعايشت على ضفاف شط العرب وفي عرضه استعراضاتهم العسكرية المقززة واستهتارهم، وكنا نحتقن بالغضب ونتساءل: أين حكومتنا، وأين كرامتنا من هذه التجاوزات؟ وكان الجواب الذي يتناهى إلينا أن العراق لا يحتكم على السلاح الكافي للردع حينذاك، وكما كان تسرب في حينه أن البكر قبل تنحيته، كان مصمما على ردع إيران بحرب، وكان في الاجتماعات التي يبحث فيها موضوع التحرشات والاعتداءات الإيرانية ينتابه الغضب، ويعلن عن تصميمه على محاربتها، إذ كانت القناعة بعد فشل كل محاولات التفاهم عبر مختلف القنوات، أن الإيرانيين لا ينصاعون لغير لغة القوة، بل سيتمادون أكثر، فلا مفر من شن الحرب ومواجهتهم، حتى إن حردان التكريتي في مذكراته المزعومة شبّه البكر ساخرا في ثورات غضبه وتهديده في الاجتماعات بهتلر، ولا يُستبعد أن صدام حسين نحى البكر بدافع من رغبة جامحة كان يستبطنها؛ أن تكون هذه الحرب الحتمية حربه، ويرى فيها فرصته التاريخية الطاغية للزعامة، فأزاحه عن طريقه إليها، فالحرب مع إيران كانت جبرية، وليست نزوة أو نزهة، لكن طالما استقر الرأي بعد نفاد صبر على أنها مفروضة ولا محالة من الاستعداد لها، فقد يكون صدام اشتهاها، وإن على مضض، فمثلما هو معروف عنه فإنه مغرم بالتاريخ وقادته من فرسان العرب.

منذر بشري - فرنسا [email protected]