تشويه صورة الإسلام

TT

* أود أن أعلق على مقال عثمان ميرغني «بلد عربي آخر يضيع»، المنشور بتاريخ 8 يناير (كانون الثاني) الحالي، بالقول إننا عندما نستعرض أحوال الدول العربية نذكر بداية بفلسطين التي ضاعت، وبضياعها ضاعت دول عربية، لأن بعض الحكومات خدرت شعوبها ووعدتهم بتحرير فلسطين، ومن أجل هذا التحرير قامت تلك الدول بالإيعاز إلى شعوبها بشد الأحزمة وتقبل شظف العيش، لأن التحرير يستلزم ذهاب 70 في المائة من نقود الشعب من أجل تسليح الجيش وتدريبه ليصبح قادرا على الانتصار على إسرائيل، واستعادة فلسطين حرة أبية! واستلزم ذلك تشديد الرقابة على الشعوب كي لا يكون بينها من هو جاسوس أو معاد لتوجهاتها الحميدة، فتم اعتقال الناس وإيداعهم في السجون. أضف إلى ذلك موجات قتل ممنهجة، وتخويفا وترويعا لا ترضى عنه الشرائع كافة، ولا ننسى الانقلابات المتوالية مدعية تصحيح الأوضاع التي انحرفت عن مسارها، فأصبحنا نعيش كل يوم على اسم رئيس جمهورية جديد جاء من الإنقاذ. بقيت تلك الدول العربية في حالة تخلف في حين أن مثيلاتها من دول العالم أصبحت في عداد المتقدمين. لقد تعرضنا بعد اغتصاب فلسطين عام 1948 إلى هزائم متكررة يصعب إحصاؤها، وأهمها زلزال هزيمة 1967 التي شكلت ضربة قاضية للعرب ولم يستيقظوا منها بعد. نشأت حركات يسارية وشيوعية، وإسلامية ضعيفة لا تنفع ولا تضر، وها نحن نشهد في الـ20 سنة الأخيرة تقريبا حركات إسلامية متطرفة بعد انسحاب الاتحاد السوفياتي السابق من أفغانستان بفضل عقيدة إسلامية حقيقية ساهمت معظم الدول بمساعدتها لدحر الاستعمار السوفياتي، فنشأ تنظيم القاعدة، وما أدراك ما «القاعدة»! التي شوهت سمعة العرب والمسلمين بأفعالها الجنونية من تدمير لبرجي مركز التجارة العالمي في نيويورك وتبعه عمليات إرهاب في كثير من الدول الأوروبية والعربية، وما زلنا نحاول تصحيح صورة العرب والمسلمين التي اهتزت كثيرا في كل دول العالم ونفي المسلمين بأن هذه الجماعات لا تمثل إلا ثلة لا تزيد عن بضعة آلاف من مجموع المسلمين الذين يزيد عددهم عن مليار ونصف مليار نسمة وهم ملاحقون في الدول العربية جمعاء، لأنهم من الفئة الضالة المجرمة التي تمثل قمة التطرف. وأخيرا لا بد أن نقول بكل أسى إن ظهور تنظيم داعش الذي كان عبارة عن خلايا نائمة أتاحت لها الثورات العربية العبثية الظهور، مدعية زورا وبهتانا أنها تريد إنشاء دولة الخلافة التي ستقيم العدالة على الأرض، فما كان منها، إلا أن دمرت بالأمس مقر اجتماع التحرير في مذبحة أودت بالعشرات من القتلى والجرحى في مدينة باريس الجميلة التي يعيش فيها ملايين المسلمين، فماذا حقق هؤلاء الإرهابيون لأنفسهم؟ وما الفائدة التي عادت عليهم، ثم ما سيكون موقف الدول العربية التي سيشتد الحصار عليها من الدول الأجنبية، حتى لو أعلنوا غير ذلك، فهل نحن بحاجة إلى مزيد من المصائب بسبب «داعش» وأخواتها؟ وهل يحق لنا أن نتحدث عن الضياع الذي سنعيشه بسبب تداعيات هذا الحادث الإجرامي؟

حسان التميمي - السعودية [email protected]