واشنطن تدرب الجنود العراقيين على القتال بأسلوب حرب الشوارع

يشمل دفعات تضم كل واحدة 5 آلاف عسكري

جنود عراقيون يتدربون تحت إشراف ضباط أميركيين على اقتحام المنازل وحرب الشوارع في قاعدة التاجي شمال بغداد (أ.ف.ب)
TT

يصطف جنود عراقيون بزيهم المرقط، حاملين بنادق آلية قرب مدخل بناء من طبقة واحدة، استعدادا لاقتحامه، في واحد من تدريبات يخضعون لها بإشراف أميركي في قاعدة التاجي شمال بغداد، استعدادا لقتال تنظيم داعش.

يتدرب هؤلاء الجنود على أسلوب حرب الشوارع والقتال من منزل إلى منزل، وعلى مقربة منهم يقف مدربون أميركيون وعراقيون يعطونهم توجيهات حول طريقة اتخاذ المواقع، وإلى أين ينظرون أثناء اقتحام المنزل حيث يوجد مسلحون مفترضون، والطريقة الأمثل لحمل أسلحتهم من نوع «كلاشنيكوف». وعلى بساطة هذه التعليمات، إلا أنها ستكون أساسية عندما ينتقل هؤلاء الجنود الذين أتموا الأسبوع الثاني من برنامج تدريب يستمر 6 أسابيع في قاعدة التاجي، إلى الميدان.

سيطر تنظيم داعش المتطرف على مساحات واسعة في شمال العراق وغربه إثر هجوم واسع شنه في يونيو (حزيران). وانهارت كثير من قطعات الجيش في وجه الهجوم، وترك ضباط وجنود مواقعهم دون قتال.

ويشن تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة ضربات جوية ضد التنظيم، ويقوم بتدريب القوات العراقية على القتال لاستعادة المناطق التي فقدتها.

وتسعى واشنطن من خلال برنامج التدريب، إلى تأهيل دفعات كل منها من 5 آلاف عنصر من القوات الحكومية والكردية خلال مدة تراوح بين 6 إلى 8 أسابيع، وهي مدة قصيرة نسبيا لمن انضم حديثا إلى السلك العسكري.

وتتدرب حاليا في قاعدة التاجي، 4 كتائب عسكرية عراقية يضم كل منها نحو 400 عسكري، على مبادئ فرق المشاة. كما يتدرب عشرات الجنود الآخرون على مهارات استخدام الدبابات. وغالبية هؤلاء من المنتسبين الذين انضموا إلى الجيش بعد هجوم تنظيم داعش في يونيو، مدركين أنهم سينتشرون على جبهات القتال. وقبل التدريب المكثف، خضع هؤلاء لأشهر من التأهيل الأساسي. ويتلقى هؤلاء حاليا تدريبا على أسلوب القتال من منزل إلى منزل، وهو ما سيكون أساسيا في استعادة المناطق التي يسيطر عليها التنظيم المتطرف، إذ إن معظمها ذات كثافة سكانية. وسيجدر بهؤلاء التمييز بلمح البصر بين المدني والمسلح لتفادي سقوط ضحايا من أهالي المناطق التي سيحاولون استعادتها، والذين يشكل تأييدهم وتعاطفهم معهم عاملا أساسيا في نجاح مهمتهم. لذلك يركز المدربون على إكساب الجنود مهارات دخول المنازل وتمشيطها.

وخلال التمرين، يركض الجنود في مساحة مفتوحة، ويتمددون أرضا لتفادي الإصابة بنيران الخصم، ويعاودون التقدم للاحتماء خلف عوائق.

ولا يزال التدريب في مراحله الأولية ويتضمن استخدام أدوات بدائية، مثل أبواب الخشب للاحتماء، أو اضطرار جندي أميركي إلى استخدام مطرقة لقرع قطعة من الحديد بشكل متكرر لتجسيد صوت إطلاق الرصاص.

ولدى وصولهم إلى مكان آمن، يجهز الجنود العراقيون بنادقهم الرشاشة لإطلاق النار، إلا أنهم يقومون فقط بتجسيد ذلك عبر الصراخ «بانغ! بانغ!»، دون القيام عمليا بإطلاق الرصاص، على أن يتبع ذلك إعادة تشغيل زر الأمان في رشاشهم قبل التقدم مجددا. إلا أن الكثير منهم ينسون إعادة الزر إلى وضعية «الأمان»، وهو ما يعرضهم لتوبيخ من المدربين الأميركيين.

بعد ذلك، يتقدم المتدربون إلى المنزل الذي ينوون اقتحامه، ويصطفون بشكل متلاصق خلف بعضهم البعض بجانب الحائط، ويجهزون أسلحتهم الرشاشة قبل الاقتحام.

ويتضمن البرنامج كذلك محاكاة لوقوع إصابات في صفوف القوة المقتحمة، ليتمكن الجنود من التدرب على إجراء الإسعافات الأولية لزملائهم.

ويقول النقيب الأميركي ديفيد نوفو لوكالة الصحافة الفرنسية: «التدريب هو عبارة عن مهارات اكتسبوها في الأسابيع الماضية، نقوم بجمعها في تمرين واحد».

وتعاني الوحدات التي تتدرب في قاعدة التاجي، من نقص في الضباط والرتباء من ذوي الخبرة، ويتم اختيارهم من بين الجنود المشاركين في التدريب.

ويوضح نوفو: «في وحدة حديثة التشكيل، لا يوجد ما يكفي من المراتب والضباط، لذا نعمل على اختيار قادة من بين الجنود المتدربين». ويخضع الضباط لتدريب آخر يركز على مهارات القيادة. كما يسعى الأميركيون إلى إكساب الجنود القدرة على اتخاذ القرارات.

ويقول كبير الرتباء (كوماند سرجنت مايجور)، المشرف على التدريب طوني غرينستون: «نقوم حاليا بوضع الضباط جانبا، والسماح لبعض الجنود باتخاذ موقع القيادة في مجموعاتهم»، موضحا أن ذلك هدفه «اتخاذ خطوات بسيطة، لتكون المهمة قابلة للاستمرار في حال سقوط القائد».

ويبقى السؤال الأساسي هو مدى قدرة العراقيين على مواصلة التدريبات بعد إنجاز البرنامج، وهو ما يقول جنود أميركيون إن الجيش العراقي فشل في القيام به بعد انسحاب القوات الأميركية من العراق في عام 2011.

ويقول غرينستون: «إذا علمتهم ثم توقفت عن القيام بذلك لمدة سنة أو 6 أشهر، لا يمكنك أن تتوقع منهم أن يتقنوا ما يقومون به».