المثقفون المصريون يدينون الاعتداء على مجلة «شارلي إيبدو» الفرنسية

وقفة حاشدة أمام نقابة الصحافيين غدا للتنديد بالحادث الإرهابي

TT

في الوقت الذي تنظم فيه نقابة الصحافيين المصريين وقفة حاشدة أمام مقرها غدا للتنديد به، أدان المثقفون المصريون حادث الاعتداء البشع على مجلة«شارلي إيبدو» الفرنسية، الأربعاء الماضي، وأسفر عن مقتل 12، بينهم 4 من أكبر رسامي الكاريكاتير في فرنسا، واثنان من رجال الشرطة، وإصابة نحو 20 شخصا بينهم 4 وصفت حالتهم بالخطرة. طالب المثقفون في بيانهم بعنوان «بيان ضد مجزرة إيبدو» المجتمع الدولي بضرورة التكاتف لمواجهة هذا الطوفان الهادر كموجة تسونامي ليسحق الحضارة والمدنية، مؤكدين أن الدفاع عن الكلمة لا يكون إلا بالكلمة المضادة لها، وليس بالقتل والذبح. ويعكس بيان المثقفين المصريين الذي أصدروه أمس ووقع عليها عدد كبير من الكتاب والشعراء والفنانين حالة من الغضب تتنامى بقوة في الشارع المصري جراء الأعمال الإرهابية والتي تعاني منها مصر والكثير من البلدان العربية، وامتد خطرها ليلحق بدول أوروبية، أكد حادث الاعتداء على الصحافية الفرنسية أنها أصبحت غير آمنة من العمليات الإرهابية.

قال البيان: «نحن، الموقعين أدناه من كتاب وشعراء، ندين الاعتداء السافر الذي دفع ثمنه مبدعو مجلة(شارلي إيبدو)، إذ نؤمن بأن الكلمة لا تواجه إلا بالكلمة، عبر نشر مضاد، وبأن الكتاب لا يزحزحه عن عرشه سوى كتاب آخر قادر على تفنيد دعاواه، ودحض أسانيده، أما الكتاب والمبدعون في كل مكان في العالم فينبغي أن يكونوا في مأمن من هذا الشر، وألا يدفعوا ثمن رجعية ما أو انتكاسة وعي أو اضمحلال عقل، كما أننا نؤكد أننا نصدر هذا البيان، سواء اتفقنا أو اختلفنا مع ما تقدمه المجلةالمذكورة، فبياننا ينبغي ألا ينعطف في اتجاه خاطئ وألا يساء تفسيره ممن يحرفون الكلم عن مواضعه. نصدر البيان لأن الحرية قبلتنا التي لا بديل عنها، ودروبنا غير المرصوفة التي سنهيئها لخطى الفكر الوليدة حتى تنهض شابة فتية قادرة على إزاحة الغبار».

وطالب البيان المجتمع الدولي بضرورة التكاتف لمواجهة هذا الطوفان الهادر كموجة تسونامي ليسحق الحضارة والمدنية، مشيرا إلى أن هذا الطوفان «لا ينتصر لشيء سوى الدم، ولا يتقن شيئا سوى الذبح، وتقديم الإنسان قربانا لأفكار زائفة أصلها زائف وفرعها في الخواء. هذا طوفان وثني يقدس اللون الواحد والصوت الواحد والوعي الواحد، بينما نحن نؤمن بالتعددية واختلاف الناس في ألوانهم وعقائدهم وأفكارهم حقا كانت أو باطلا».

وندد البيان بالعمليات الإرهابية الغادرة قائلا: «عاشت الحرية، وعاشت نوافذها التي تفتحها على الغيم، عاش القلم وما يحكيه من أسرار تمنع النسيان من افتراس الذكرى، وتحول بين الخرافة التي تترصد الحقيقة لتغتالها وبين غاياتها السرية في أقبية الدسائس. والموت لرصاص الغدر في كل زاوية. الموت للذين يحملون أكفانا سرية لحيوات الآخرين، ظنا منهم أنهم سدنة أو حراس عقائد أو حماة وحي. الموت لمن يرهبون الأبرياء ويحملون صكوك غفران واهية». الشاعر والكاتب الصحافي إيهاب خليفة الذي دشن بيان المثقفين قال لـ«الشرق الأوسط»: «ارتج كياني حين بلغني خبر الاعتداء الوحشي على رسامي وصحافيي (شارلي إيبدو). توقفت قليلا غير مصدق الخبر، ثم سألت نفسي: ماذا علي أن أصنع أمام تحولات الإنسان وتناقضاته الفجة؟ وهذه الكائنات الإرهابية التي بدأت تمارس ساديتها بتعذيب العالم: مرة بتدمير أثر إنساني تراثي، ومرة بتفجير مراقد أنبياء، ثم هذه المرة بخوض معركة قذرة ضد أقلام وأوراق، ضد الحبر نفسه، الحبر الذي هو رئة العالم وجوهر وجوده». يتابع إيهاب بنبرة حزن: «كتبت البيان وصورة شامبيلون تتراءى أمام عيني وهو يفك شفرة حجر رشيد، كتبته وأنا أتخيل آلام نجيب محفوظ تعود من جديد والطعنة الغادرة تتجدد، كتبته وانبثاق دم فرج فودة ينسكب على أصابعي عبر الزمن المخاتل. كتبته وأنا أرى كتب ابن رشد تتهاوى مختنقة في غبار الحرائق، ثم نشرته فكان ترحيب من كتاب ومبدعين كبار ينتصرون لقيم الحرية ويمثلون طوق نجاة لها، هم في رأيي الجدار الأخير الذي تتمترس خلفه الحضارة». وفي السياق نفسه، دعت نقابة الصحافيين المصريين إلى وقفة حاشدة أمام دار النقابة، غدا (الأحد)، للتنديد بالحادث الإرهابي الغادر الذي تعرضت له مجلة«شارلي إيبدو» الفرنسية. وقال كارم محمود، سكرتير عام النقابة، في بيان صحافي، أمس، إن الوقفة التي ستبدأ في الساعة الثانية من بعد ظهر غد (الأحد)، ستقام تحت عنوان «دفاعا عن شرف الكلمة وحرية التعبير»، وسيشارك فيها الصحافيون ومجلس نقابتهم، رافعين القلم والكاميرا، كما سيشارك في الواقفة عدد من نقباء وممثلي النقابات المهنية ورموز القوى الوطنية المصرية، التي عبرت جميعها عن إدانة الحادث الإرهابي الجبان الذي راح ضحيته صحافيون ورسامون عزل، لا يملكون سوى القلم والكلمة.