السكك الحديدية في مصر عمرها 150 عاما وتنقل 1.8 مليون راكب يوميا

TT

بعد عدة أشهر من احتفال مصر بمرور 150 عاما على انشاء أول خط سكة حديد بها وقع الحادث الأسوأ في تاريخها فجر أمس حين احترقت 7 عربات بركابها من قطار القاهرة أسوان عند قرية الرقة التابعة لمركز العياط على حدود محافظة الجيزة وقبل ان يدخل القطار محافظة بني سويف بنحو 35 كيلو مترا.

والمثير في الأمر ان الأقوال حول الحادث تضاربت من حيث بدء الحريق واسبابه، ففي حين ذكر بعض الركاب الناجين ان الحريق بدأ بعد انفجار كبير لانبوبة بوتاجاز في بوفيه القطار اعقبه انتشار سريع للنيران، قال آخرون انهم شاهدوا انبعاث دخان من احدى عربات القطار قبل تحرك القطار الا ان مسؤولي الصيانة أبلغوا الركاب ان هذا «أمر عادي».

ويأتي هذا الحادث على رأس هرم من الحوادث المتكررة في مرفق سكك حديد مصر، وقد وصل اجمالي أطوال السكك الحديدية في مصر بعد هذا التاريخ الطويل من الخدمة الى 9414 كيلو مترا تمتد من السلوم في أقصى شمال مصر عند حدودها مع ليبيا وحتى اسوان في الجنوب وقبل حدود السودان بنحو 300 كيلو مترا.

ومن بين هذه الكيلومترات الممتدة بقضبان السكة الحديد 20 كيلو مترا (4 مسارات) وتبلغ أطوال الخطوط المزدوجة 1448 كيلو مترا بينما تبلغ الخطوط المنفردة 3575 كيلو مترا.

ويصل عدد ركاب قطارات السكك الحديدية في مصر يوميا الى 1.8 مليون راكب ينقلهم 1300 قطار الى شتى ربوع مصر عبر 785 محطة.

وتشكل هيئة السكك الحديدية هما ثقيلا للموازنة المصرية منذ سنوات طويلة بعد تولي خسائرها دون تحرك هذه الخسائر للافضل وقد بلغت خسائرها في العام المنصرم لوحده 350 مليون جنيه.

وقد أثار الوضع المالي للهيئة العديد من المقترحات للتخلص من خسائرها حيث رأى بعض الخبراء ادخالها ضمن برنامج الخصخصة الذي تنفذه مصر منذ أكثر من عشر سنوات الا ان هذا الرأي تم الرد عليه بأن السكك الحديدية باعتبارها هيئة فهي ليست مطالبة بتحقيق ارباح، وحاولت وزارة النقل والمواصلات تدارك الامر باتخاذ مواقف وسط وادخلت تعديلات على خدمات الهيئة بتسيير قطارات حديثة على الخطوط السياحية بل اطلقت على بعض القطارات «قطارات رجال الأعمال» الا ان الوضع المالي للهيئة أصعب من أن يتم تجاوزه بهذه الاجراءات وبقيت مرشحة لاستقبال اقتراحات وقرارات جديدة تغير من شأنها خاصة بعد انهيار مستوى خدمة ركاب القطارات الى الحد الذي جعل راكب خطوط الصعيد وبعض خطوط الوجه البحري مفقوداً والخارج منها مولوداً.

وتعد سكك حديد مصر التي بدأت بتسيير خط القاهرة ـ الاسكندرية بطول 209 كيلو مترات هو الثاني في العالم بعد خط مانشيستر ـ ليفربول بانجلترا.

وربما يكون هذا الحادث الأخير بداية حقيقية للتفكير في خصخصة أكبر وأعرق هيئة حكومية مصرية وأكثرها انتشارا وتوغلا في كل ربوع مصر.

ويقول الدكتور خالد عبد الناصر استاذ تخطيط النقل والمرور بهندسة القاهرة ونجل الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر ان سائق القطار في الدول المتقدمة لم يعد له دور، وهو يجلس هكذا لمجرد الجلوس واشاعة الطمأنينة النفسية لدى الركاب، لكن القطار يسير اوتوماتيكيا.

ويؤكد الدكتور خالد ان اغلب حوادث القطارات في مصر تجيء من خطأ للمحولجي أو السائق أو عيوب في القضبان أو في مقص التحويل، لكن حادث القطار الأخير يخرج عن هذا السياق ونحن في انتظار تحليل المعمل الجنائي.