الشعراء في إخوانياتهم

خالد القشطيني

TT

كان خاشع الراوي من الشعراء المقلين في العراق فقد امتصت السياسة معظم اهتماماته، كأكثر العراقيين. وحيث كتب شعرا كثيرا ما صب همومه السياسية بالظرف والسخرية. كان من المنكتين الظرفاء. وقد ربطته علاقة وطيدة مع الاديب عبد الرزاق الهلالي حين كان هذا مديرا للاذاعة العراقية. وكان خاشع الراوي موظفا فيها في اواسط الخمسينات. نشر الشاعر قصيدة ظريفة يسخر فيها من غباء احد كبار المسؤولين يقارنه ويصفه بالحمار حيث قال فيما قال:

ان الحمار بن حنتم ـ هو العزيز المكرم له المعالف تبنى ـ له العليف يقدم يهز رأسا وذيلا ـ عليك إن هو سلم اصابت القصيدة صدى واسعا في الاوساط الادبية وجاراها واضاف اليها كثير من الشعراء الساخرين. التقى بصاحبه الاستاذ الهلالي فسأل عنها ثم عاتبه على عدم مجاراتها كما فعل الاخوان الآخرون. يظهر ان عبد الرزاق الهلالي كدبلوماسي ومسؤول كبير في الدولة لم يشأ توريط نفسه بمثل هذا التحدي. ولكنه اذعن في الاخير عند طلب صديقه الراوي، فكتب القصيدة التالية التي لم ينشرها حتى عام 1990، مما يدل على مدى هيبة الحمير في العراق ورهبة الناس منهم. قال الشاعر في قصيدته الاخوانية ينصح صاحبه:

يا شاعرا بات مغرم ـ بوصف جحش ابن حنتم وصفته بصفات ـ يجل عنه ويكرم فهو الحمار المزكى ـ وهو العزيز المكرم وهو الذي نال حظا ـ منه الأصايل تحرم له الحياة استكانت ـ وبات بالعز ينعم دع الحمير جميعا ـ بالخير تهنا وتغنم ولا تكن كحسود ـ بالغير يشقى ويهتم

*** كم من حمار غبي ـ بذي الحياة تقدم ما احتاج يوما لعقل ـ به المشاكل يفهم ولا أحس بنقص ـ إذا مشى أو تكلم من ذا الذي هو ادرى ـ منه ومن هو اعلم؟

فاترك حديث ابن حنتم ـ واصبر على الهم تسلم فالحر لو يتحرى ـ عن الحقائق يسأم

*** اذا المقاييس ضاعت ـ وفاز بالعيش حنتم وبات ذو العقل يحيا ـ حياة حيران معدم فقل كما قيل قبلا ـ اذا الزمان تأزم يشقى أخو العقل فيه ـ وذو الجهالة ينعم أو سر على هدي قوم ـ تجرعوا الذل علقم واستسهلوا الموت لما ـ وجه الزمان تجهم ومت عزيزا كريما ـ واهنأ اخي بجهنم واترك أخا النعل يحيا ـ بذي الحياة ويغنم