«الحق بالغذاء» كان هذا شعار الاحتفالية التي أقامتها وزارة الزراعة العراقية بمناسبة يوم الأغذية العالمي، والذي كرس لتدارس سبل تحقيق الاكتفاء الذاتي لهذا البلد الذي كان انتاجه الزراعي والحيواني وإلى وقت قصير يفيض عن حاجة سكانه، ليغطي احتياجات سكان بلدان أخرى هي الآن المصدر الرئيسي لأغذية العراق.
الدراسات التي قدمت في الاحتفالية اكدت ان نسبة الأراضي الصالحة للزراعة في العراق تبلغ 27% من إجمالي مساحة العراق أي ما يعادل 48 مليون دونم غير أن المستغل منها فعلياً لا يتجاوز 16 مليون دونم تقريباً وبما يعادل 28% من الأراضي الصالحة للزراعة، فيما تقدر المساحة المزروعة بالحبوب بحدود 13.8 مليون دونم أي ما يعادل 86% من الأراضي المزروعة، أما المحاصيل الزراعية فيبلغ حجم المساحة المزروعة 2.8%، والخضروات فبلغت المساحة المزروعة 4.7% من مساحة الأراضي المزروعة، ومساحة البساتين بكافة أصنافها تبلغ 1.2% والنخيل 3.6%.
أما من حيث التوزيع الجغرافي فتسيطر المناطق الشمالية على 55.9% من المساحة المزروعة بالمحاصيل الشتوية والوسطى والجنوبية بحدود 44%، أما المحاصيل الصيفية فحصة المنطقة الوسطى والجنوبية تعادل نحو 72.30% من المساحة المزروعة وتنخفض حصة المنطقة الشمالية لتصل إلى 23.7 وذلك لاعتمادها بشكل أساسي على مياه الأمطار.
ومن حيث تراجع معدلات الإنتاج فيمكن ملاحظة ذلك من خلال مقارنة حجم الإنتاج الحالي وحجمه قبل عام 2003، حيث بلغ أنتاج العراق من الحبوب في سنة 2001 حوالي 3.2 مليون طن ويسد نصف الاحتياج الكلي للعراق حينها وفي العام 2002 كان انتاج الحبوب يصل إلى 3.84 مليون طن أي ما نسبته 58.7% فقط من حاجاته الفعلية، وانخفض الإنتاج عام 2003 إلى 1.885 مليون طن، بالمقابل نجد معدل نمو السكان في العراق يبلغ 3.2% مما يعني انه يحتاج إلى مضاعفة معدلات الإنتاج التي كانت عليها عام 2002 مرة ونصف تقريبا لتحقيق الاكتفاء الذاتي. وأكدت دراسات عراقية أعدتها وزارة التخطيط والعلوم، ايضا انه في عام 2007 بلغ عدد سكان المناطق الريفية 9929248 نسمة أي يشكل ما نسبته 33.4% من مجموع سكان العراق البالغ 29682081 نسمة، وترجع النسبة المتصاعدة إلى الهجرة المعاكسة اثر الاحتلال الأميركي وأعمال العنف الطائفية، فيما انخفضت مساهمة القطاع الزراعي في إجمالي الناتج المحلي إلى 10% عام 2007، بينما كانت مساحة الأرض المزروعة 20% من مساحة العراق، في حين لا يزال حوالي ثلث سكان العراق يعمل في هذا القطاع ويعتمد عليه بالدرجة الأساس، فيما تراجعت معدلات الإنتاج الحيواني هي الأخرى إلى ما دون النصف تقريبا عما كانت عليه سابقا بفعل الإهمال في تربيتها والتهريب والاستهلاك غير المنظم.
الأمم المتحدة وصفت الناتج الزراعي العراق في إحصائية لها بأنه يسير نحو النمو السنوي السالب، حيث انخفضت إنتاجية الدونم من محاصيل الحبوب (الأرز) من 2200 كيلو للهكتار الواحد عام 1990 إلى 900 كيلو عام 2000 وكذلك انخفضت إنتاجية النخلة الواحدة من التمور من 32 كيلو إلى 10 كيلو خلال العقود الثلاثة الماضية، فيما يستورد العراق أكثر من 70% من غذائه من الخارج وبخاصة مادة الحبوب أي أكثر من 4 ملايين طن سنوياً.
وعن أهم معوقات زيادة الإنتاج الزراعي في العراق بين احد الخبراء في الوزارة أن الزراعة في العراق تعاني مما يسمى بالأزمات المترابطة وعلاج إحداها سيترك الاثار الايجابية على الأخرى والتي تتعلق باختلال التوازن الاقتصادي والتمويل والاستثمار والتكنولوجيا والبحث العلمي والمعالجة وأزمة الإدارة وضعف الهياكل التنظيمية والإدارية فضلا عن التخطيط والسياسات الزراعية وأخيرا هناك أزمة التنسيق والتكامل.
انخفاض نسب الاستثمار في القطاع الزراعي يعد الأهم بينها بسبب انخفاض الأهمية النسبية للاستثمارات الموجهة إلى القطاع الزراعي قياساً إلى الاستثمارات الموجهة للقطاعات الأخرى حيث تبلغ هذه النسبة 12% من اجمالي التخصصات نسبة المصروف الفعلي لا يتجاوز 68%، تليها مشاكل استصلاح الأراضي وتنفيذ المشاريع الاستراتيجية وتخلف التكنولوجيا المستخدمة ومشاكل شحة المياه.
جميع هذه المشاكل وضعها المعنيون نصب أعينهم، فيما تم التركيز خلال الاحتفال بيوم الغذاء العالمي على أهمية تحقيق الاكتفاء الذاتي، حيث بين وكيل الوزارة الدكتور مهدي ضمد القيسي، أن وزارة الزراعة جادة في النهوض بالواقع الزراعي في البلاد من خلال توفير كافة المستلزمات الضرورية للزراعة باستخدام الأساليب العلمية المتطورة والمكننة الحديثة وخلق جيل جديد من المهندسين القادرين على إدارة العملية الزراعية بشكل علمي متطور وحديث كما تهدف الوزارة أيضاً إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي وتوفير الغذاء لأبناء الشعب بشقيه النباتي والحيواني.