خادم الحرمين الشريفين يستأنف جولته الأوروبية بزيارة رسمية لإيطاليا

علاقات وثيقة ومتميزة بين البلدين تعود للعام 1932

خادم الحرمين الشريفين يوشح رئيس وزراء ايطاليا رومانو برودي لدى زيارته الرياض في أبريل الماضي (أ.ب)
TT

يبدأ خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز اليوم زيارة رسمية للجمهورية الإيطالية تستغرق عدة أيام، مستأنفاً جولته الأوروبية الحالية التي استهلها بزيارة المملكة المتحدة.

وترتبط السعودية مع إيطاليا بعلاقات وثيقة ومتميزة تعود إلى العام 1932، حينما بادرت إيطاليا لتكون من أوائل الدول التي أقامت علاقات دبلوماسية مع السعودية وفتحت قنصلية إيطالية في جدة، في العام 1933، وتم توقيع اتفاقية للتعاون بين البلدين.

وكان الملك الراحل فيصل بن عبد العزيز، قد زار إيطاليا عندما كان وزيراً للخارجية في العام السابق لإقامة العلاقات بين البلدين، والتقى الملك فيتوريو ايمانويللي الثالث ملك إيطاليا الذي منح الملك فيصل وساماً بدرجة ضابط عظيم، كما زارها مرة أخرى في 14 يونيو (حزيران) 1973، وتواصلت منذ تلك الفترة مسيرة العلاقات السياسية والحوار بين قيادتي البلدين الصديقين على أعلى المستويات من خلال الزيارات المتبادلة واللقاءات بين المسؤولين في البلدين لتدعيم العلاقات بينهما في المجالات كافة.

وتأتي في ذلك الإطار زيارة سابقة للملك عبد الله بن عبد العزيز عندما كان ولياً للعهد قام بها لإيطاليا في مايو (أيار) 1999، حين التقى برئيس الجمهورية الإيطالي ـ آنذاك ـ كارلو انزيليو تشامبي في قصر الكويرينا في روما، كما عقد محادثات رسمية مع رئيس الوزراء ماسيمو داليما والتقى رئيس مجلس النواب لوتشانو فيولانته.

واتسمت تلك المباحثات حينها بالوضوح وروح التعاون وتناولت جملة من المواضيع ذات الاهتمام المشترك بين البلدين ووفرت للجانبين فرصة طيبة لاستعراض العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية وتم التأكيد خلال المباحثات على قوة العلاقات التاريخية التي تربط البلدين في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية والإشادة بالمستوى المتميز لها ودورها الايجابي وانعكاساتها المثمرة على الدولتين والشعبين الصديقين.

وباستعراض تاريخي لأهم الزيارات المتبادلة بين المسؤولين في البلدين تأتي زيارة الراحل الملك فهد بن عبد العزيز لإيطاليا في مايو من العام 1979، عندما كان ولياً للعهد، كما قام الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام في أكتوبر (تشرين الأول) 1983 بزيارة لايطاليا التقى خلالها بالرئيس ساندرو برتيني رئيس الجمهورية الايطالية ورئيس الوزراء بتينيو كراكسي كما التقى وزير الدفاع الايطالي جيوفاني سبادوليني.

كذلك قام الأمير سلطان بن عبد العزيز بزيارة إلى ايطاليا في ابريل (نيسان) عام 1994، وبزيارة أخرى لروما في سبتمبر (أيلول) 1997، اجتمع فيها مع الرئيس اوسكار لويجي سكالفارو، كما اجرى مباحثات مع رئيس الوزراء الايطالي رومانو برودي.

وفي السابع عشر من يناير (كانون الثاني) عام 2000 افتتح الأمير سلطان بن عبد العزيز في مدينة بولونيا بايطاليا مركز الملك عبد العزيز لدراسات العلوم الإسلامية، الذي تبرع بإنشائه في جامعة بولونيا.

أما من الجانب الايطالي فقد قام الرئيس جوفاني ليوني رئيس الجمهورية الايطالية بزيارة رسمية للمملكة العربية السعودية في الثاني من مارس (آذار) 1975، تلبية لدعوة من الملك فيصل بن عبد العزيز، كما قام رئيس الوزراء الايطالي بتينو كراكسي في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1984 بزيارة رسمية للمملكة التقى خلالها بالملك فهد بن عبد العزيز والملك عبد الله بن عبد العزيز ـ عندما كان ولياً للعهد. وفي يونيو 1991 قام رئيس الوزراء الايطالي جوليو اندريوتي بزيارة للسعودية.

كما قام الرئيس الايطالي اوسكار لويجي سكالفارو بزيارة رسمية للمملكة التقى خلالها بخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز عندما كان ولياً للعهد.

وفي الثاني عشر من مارس 2002 وصل إلى المملكة رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو بيرلسكوني في زيارة رسمية التقى خلالها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز عندما كان ولياً للعهد.

كذلك وبدعوة رسمية من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز قام رئيس وزراء ايطاليا رومانو برودي بزيارة إلى المملكة تم خلالها بحث أفاق التعاون بين البلدين وسبل دعمها وتعزيزها في جميع المجالات وبما يخدم مصالحهما المشتركة، وقد قلد خادم الحرمين الشريفين رئيس وزراء ايطاليا وشاح الملك عبد العزيز من الطبقة الأولى تقديراً له، وكان لهذه الزيارات المتبادلة بين المسؤولين الأثر الواضح في تدعيم وترسيخ العلاقات المتنامية بين البلدين الصديقين.

وتدل العلاقات الاقتصادية بين البلدين الصديقين على قوة ومتانة التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين وبخاصة في الوقت الراهن.

وفي شأن التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين تم في عام 1975 إنشاء اللجنة السعودية الايطالية المشتركة للتعاون الاقتصادي والصناعي، وتعد إيطاليا من أكبر الشركاء التجاريين للمملكة حيث بلغت قيمة واردات السعودية مليارين و600 مليون دولار عام 2006، لتتبوأ المرتبة السادسة في قائمة اكبر الدول التي تستورد منها المملكة كما بلغت قيمة الصادرات السعودية إلى ايطاليا خمسة مليارات و300 مليون دولار في العام نفسه، وتعد المرتبة التاسعة بين اكبر الدول التي تصدر لها المملكة.

في حين بلغت الاستثمارات السعودية ـ الايطالية المشتركة المرخص لها والمقامة في المملكة نحو 33 مشروعاً بلغت رؤوس أموالها نحو 186 مليون دولار مثلت حصة الشريك الإيطالي فيها ما نسبته 50.3 في المائة.

وفي مايو 2006 تأسس مجلس الأعمال السعودي ـ الايطالي بهدف تطوير العلاقات الاقتصادية والتعريف بالمناخ الاستثماري بين البلدين وكذا تشجيع رجال الأعمال من البلدين على إقامة مشروعات مشتركة كما يعمل المجلس على ترتيب الزيارات لرجال الأعمال بين البلدين.

وفي إطار التعاون الأمني بين البلدين الصديقين تم التوقيع في 2005 خلال زيارة وزير الداخلية الايطالي للمملكة على اتفاقية أمنية، وأما ما يتعلق بالتعاون الدفاعي فقد تم خلال زيارة وزير الدفاع الايطالي للمملكة في فبراير (شباط) 1993 توقيع اتفاقية التعاون الإطارية بين المملكة وايطاليا في المجالات العسكرية والصناعية والأبحاث والتقنية.

كما أنه في مجال التعاون العلمي والثقافي تأتي مدرسة الملك عبد العزيز السعودية في روما التي افتتحت في سبتمبر 2002 تعبيراً عن الاهتمام والرعاية التي توليها حكومة خادم الحرمين الشريفين لأبناء المملكة العاملين والدارسين في الخارج إضافة إلى أبناء الجاليات العربية والإسلامية هناك، ويدرس في ايطاليا الكثير من الطلبة السعوديين المبتعثين بالإضافة إلى وجود عدد من الأساتذة الايطاليين يعملون في بعض الجامعات السعودية.

وفي إطار اهتمام وحرص المملكة العربية السعودية على خدمة الإسلام والمسلمين تم في الحادي والعشرين من يونيو 1995 افتتاح المركز الإسلامي الثقافي في روما حيث قام الرئيس الايطالي اوسكار لويجي سكالفارو، والأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض بافتتاح المركز على مساحة بلغت 30 ألف متر مربع تبرعت بها بلدية روما لتخدم الجالية الإسلامية التي يبلغ تعدادها نحو مليون مسلم، وقد قدمت المملكة 50 مليون دولار من أجل إنشاء هذا المركز حيث أصبح اليوم صرحاً ثقافياً كبيراً وشاهداً حضارياً على عمق العلاقات الودية بين السعودية وإيطاليا، وعلى متانة التواصل الثقافي والحضاري بين الأمة العربية والإسلامية وبين ايطاليا.

كذلك في يناير 2005 وفي إطار التعاون الرياضي بين البلدين وقع الأمير نواف بن فيصل بن فهد بن عبد العزيز نائب الرئيس العام لرعاية الشباب مع رئيس الاتحاد الايطالي لكرة القدم الدكتور فرانك كرارد مذكرة تفاهم بين الاتحاد السعودي لكرة القدم والاتحاد الإيطالي.