حلاوة الدهين الشهيرة في النجف.. لا تلقى رواجا برمضان

سر صناعتها انكشف بعد وفاة مبتكرها «أبو علي»

محلات دهين ابو علي الشهيرة في النجف («الشرق الأوسط»)
TT

يتوقف كل زائر او مسافر يدخل مدينة النجف إمام محلات «الدهين» وهي نوع من الحلوى الشعبية تختص بها المدينة منذ زمن بعيد.  إذ تتصدر اغلب هذه المحلات القريبة من الصحن الحيدري لافته كتب عليها «دهين ابو علي الشهير» او «دهين بالدهن الحر»، وتشهد المحال  إقبالا كبيرا خصوصا في المناسبات الدينية التي يحرص الزائر على شراء الدهين باعتباره الهدية المفضلة او «الصوغة» كما يسمونها في العراق.  ابو علي، وهو صاحب اشهر معمل لصناعة الدهين في النجف، توفي منذ عدة سنوات لكن بقي اسمه على واجهة العشرات من المحال لأغراض تجارية ولجذب الزائرين من خارج المدينة. قال احمد السعدي من اهالي البصرة لـ«الشرق الاوسط» ان «الدهين في النجف له شهرة خاصة وخصوصية ففضلا على التبرك بأي شيء من قرب الامام علي فان لدهين ابو علي نكهة محببة وطعم مميز ولا يأتي احد من البصرة الا وأوصيه بجلب الدهين، اما أذا ذهبت أنا للنجف فأحمل معي بضع كيلوات من الدهين للجيران والأصدقاء الذين ما ان يعرفوا بذهابي حتى تنهال التوصيات بجلب الدهين».

وقال طلال الشمري من بغداد لـ«الشرق الاوسط» وهو يحمل بيده كمية كبيرة من الدهين «بين فترة وأخرى ازور مدينة النجف وبعد اكمال الزيارة اذهب الى محلات ابو علي واشتري اكثر من عشرة كيلوات من الدهين لأحمله معي الى بغداد حسب توصيات الاهل وخصوصا والدتي التي ورغم مرضها الا انها تصر على اكل الدهين».

أبو سجاد، بائع للدهين في سوق الكبير، الذي يتوسط المدينة القديمة، قال إن «مبيعات الدهين تزداد بشكل كبير اثناء الزيارات والمناسبات أما شهر رمضان فيعتبر شهر كساد لنا، حيث يقبل الناس على الحلويات والمعجنات الأخرى وتنخفض أعداد الزائرين من خارج المحافظة». فيما قال احد اكبر محلات الدهين في المدينة محمد العلي  ان «دهين ابو علي قد بدء يأخذ مساحات من الشهرة في دول الخليج ودول العالم التي يتواجد فيها العراقيون لذا نبيع كميات كبيرة من الدهين خصوصا عند مجيء الزوار من خارج البلاد».

وقبل دخولك معامل صناعة الدهين تشم رائحة الدهن الحر الذي يحرص اصحاب المعامل على خلطه مع المواد التي يصنع منها الدهين وذلك لجذب الناس، حسبما قال لـ«الشرق الاوسط» محمد عبد الله، 36 سنة، صاحب معمل لصناعة الدهين، مضيفا ان «كان ابو علي مبتكر هذه الحلوى، حيث يصنع الدهين بسرية في اطراف المدينة القديمة ولا يستطيع أي شخص الدخول لمكان العمل الا العمال الذين يثق بهم واستمر الحال حتى وفاة ابو علي، بعدها انفضح السر وبات اغلب اصحاب المعامل يصنعون الدهين بطريقة ابو علي الشهيرة».

وكشف عبد الله لنا سر صناعة الدهين وهي: يخلط الطحين مع المبروش جوز الهند مع الهيل في قدر على النار فيما يخلط الماء مع الزيت مع الدبس مع السكر ومن ثم يضاف الطحين المخلوط الى المزيج على دفعات ويحرك بالخفاقة السلكية الى ان يثخن المزيج.   «الشرق الاوسط» بدأت تتجول في اسواق النجف للتعرف من اقدم العاملين في هذه المهنة ومن هو محل ابو علي الاصلي بين عشرات المحال التي تتخذ اسما تجاريا واحدا هو «دهين ابو علي الشهير»، وبعد الجولة الطويلة اتضح لنا ان محل ابو علي الاصلي يقع في اطراف المدينة القديمة من جهة الجنوب ويعمل فيه ابنه الصغير عبد الزهرة حسين ابن المتوفي «ابو علي». وتتصدر المحل لافته في الاعلى والتي بان عليها القدم كتب عليها «دهين ابو علي الشهير» وبعدما عرفناه بهويتنا ابتسم وقبل بإجراء لقاء لكن بعد احتساء الشاي، وقال ان «ابي هو اول شخص طور صناعة الدهين في النجف منذ اكثر من ثمانين سنة وقد عمل عدة سنوات حتى ذاع صيت الدهين في انحاء مناطق العراق بعدها عبر الحدود العراقية لدول الجوار وهكذا حتى وصل الدول الأوروبية والأميركية». وتابع حسين ان «في النية  أقاضي أصحاب المحال الذين يستخدمون اسمنا التجاري»، مضيفا ان «سعر كيلو غرام واحد في زمن والدي وبالتحديد في السبعينيات من القرن الحالي كان لا يتجاوز مائة فلس لكن اليوم تضاعف السعر الى عشرات المرات أي 3 آلاف دينار للكيلو غرام الواحد (أقل من 4 دولارات)». يذكر أن أصل هذه الأكلة أو «حلاوة الدهين» كما يسميها النجفيون غير معروف على وجه الدقة. ويؤكد البعض أنها «ليست عراقية المنشأ ويذهبون إلى أنها هندية الأصل، وأول من مارسها البصريون لكنهم فشلوا في صناعتها، فيما نجح النجفيون في تطويرها، حتى بات اسمها مرتبطا باسم مدينتهم».