اليونسكو تقدم أطلسا لـ2500 لغة مهددة بالاندثار

أمينها العام: اختفاء لغة يؤدي إلى ضياع تراثها

خارطة وزعتها اليونسكو للغات المهددة.. ويذكر الأطلس 199 لغة ينطق بها أقل من عشرة أشخاص في العالم و178 لغة أخرى ينطق بها ما بين 10 و50 شخصا (صورة من اليونسكو)
TT

عرضت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) أمس في باريس، النسخة الإلكترونية للطبعة الجديدة من أطلس لغات العالم المهددة بالاندثار. ويقدم هذا البرنامج الرقمي التفاعلي بيانات تم تحديثها عن نحو 2500 لغة مهددة بالاندثار حول العالم. الهند والولايات المتحدة والبرازيل وإندونيسيا والمكسيك تعتبر من البلدان التي تعرف بتعددها اللغوي، هي أكثر البلدان احتواء على الغات المعرضة للخطر.

وقال المدير العام لليونسكو كويشيرو ماتسورا، إن «اختفاء لغة من اللغات يؤدي أيضا إلى اختفاء العديد من أشكال التراث الثقافي غير المادي، لا سيما ذلك التراث الثمين القائم على التقاليد، وعلى أشكال التعبير الشفهي من قصائد وأساطير وأمثال ونكات، لدى المجتمعات التي تتداولها. كما أن فقدان اللغات يجري على حساب العلاقة التي يقيمها الإنسان مع التنوع البيولوجي حوله، لأن اللغات تنقل في الحقيقة الكثير من المعارف عن الطبيعة والكون».

ويتزامن إطلاق البرنامج مع اليوم الدولي للغة الأم الذي يصادف غدا 21 فبراير (شباط). ويسمح الأطلس بالبحث حسب معايير عديدة ومتفرقة وبتصنيف حيوية اللغات المهددة بالاندثار وعددها 2500 على خمسة مستويات مختلفة هي: اللغات الهشة(607)، واللغات المعرضة للخطر (632)، واللغات المعرضة لخطر كبير(502)، واللغات المحتضرة (573) واللغات الميتة (منذ العام 1950). وتثير بعض هذه البيانات القلق بشكل خاص. فمن أصل 6000 لغة متداولة في العالم، انقرضت نحو 200 لغة على مدى الأجيال الثلاثة الأخيرة.

ويذكر الأطلس 199 لغة ينطق بها أقل من عشرة أشخاص في العالم، و178 لغة أخرى ينطق بها ما بين 10 و50 شخصا. ومن بين اللغات التي انقرضت منذ فترة وجيزة لغة جزيرة مان التي اندثرت عام 1974 مع وفاة نيد مادريل، ولغة آساكس في تنزانيا التي اندثرت عام 1976، ولغة أوبيخ في تركيا التي انطفأت مع رحيل توفيق إسينش عام 1992، ولغة إياك في ألاسكا (الولايات المتحدة) التي ماتت عام 2008 مع موت ماري سميث جونز.

ويشير العمل الذي قام به اللغويون المشاركون في أطلس لغات العالم المهددة بالاندثار إلى أن ظاهرة اختفاء اللغات تطال جميع المناطق من دون استثناء، وتمتد في ظروف اقتصادية متباينة. ففي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، حيث يتداول الناس نحو 2000 لغة مختلفة (أي ثلث المجموع العالمي تقريبا)، من المرجح جدا أن يختفي ما لا يقل عن 10 في المائة من تلك اللغات خلال القرن القادم. إلا أن بعض المعلومات التي يكشف عنها الأطلس تحمل أنباء إيجابية. فدولة بابوا غينيا الجديدة مثلا، التي تضم أكبر تنوع لغوي على سطح المعمورة (أكثر من 800 لغة متداولة) تعتبر بين أقل الدول نسبيا انطواء على اللغات المهددة (88 لغة مهددة). وشهدت كثير من لغات السكان الأصليين ارتفاع عدد الناطقين بها، والفضل يعود إلى السياسات اللغوية المتبعة في هذا الشأن. هذا هو الحال للغات أيمارا الوسطى وكيتشوا في بيرو، وماوري في نيوزيلندا، وغاراني في باراغواي، ولغات أخرى عديدة في كندا والولايات المتحدة والمكسيك.

ويشير الأطلس أيضا إلى أنه لأسباب اقتصادية تعود لسياسات لغوية مختلفة أو لظواهر اجتماعية متفرقة، فإن اللغات في أغلب الأحيان لا تملك الدرجة ذاتها من الحيوية تبعا للبلد المعني.

ويرى كريستوفر موصلي، عالم اللغة الاسترالي ومدير تحرير أطلس اللغات أنه «من السذاجة والتبسيط القول إن اللغات الرئيسة التي كانت أيضا لغات الاستعمار، كالإنجليزية والفرنسية والإسبانية، هي المسؤولة عن انقراض اللغات الأخرى في شتى أنحاء العالم. لأن المسألة أكثر تعقيدا من ذلك، وخاضعة لتوازن قوى يساهم الأطلس في تسليط الضوء عليه».