الليث حجو لـ «الشرق الأوسط»: «ضيعة ضايعة» في جزئه الأول نجح من خلال أقراص الكومبيوتر

المخرج السوري: اعتذرت عن عدم إخراج عمل مصري لأن نصه ضعيف

المخرج الليث حجو مع ممثلي مسلسل ضيعة ضايعة
TT

عرفته الدراما السورية مخرجا متميزا متخصصا إلى حد كبير في إخراج الأعمال الكوميدية الناقدة والأعمال الاجتماعية المعاصرة، ومنها بشكل خاص سلسلة «بقعة ضوء» في أجزائها الأولى، وكانت المحطة المهمة الأخرى في رحلته مع الإخراج في العمل الكوميدي الشعبي «ضيعة ضايعة» الذي أنهى مؤخرا إخراج الجزء الثاني منه، كما أنهى إخراج عمل جديد ينتمي أيضا لكوميديا البيئة والريف والضيعة وهو «تقاطع خطر». إنه المخرج السوري الليث حجو، الذي التقته «الشرق الأوسط» في دمشق، وكان الحوار التالي.

* لماذا تأخر عرض الجزء الثاني من «ضيعة ضايعة» رغم أنكم أنجزتموه منذ بداية العام الحالي؟

- لا أدري السبب الحقيقي، وهذا يتعلق بالشركة المنتجة وتعاون القنوات الفضائية مع العمل، ويبدو أن العمل لا ينال حظه في التوزيع.

* على الرغم من الشعبية الكبيرة التي حققها الجزء الأول هل يعقل ذلك؟

- هذا شيء مفاجئ فعلا، فرغم انتشار الجزء الأول من العمل فإننا لو عدنا قليلا لعرضه في الفترة السابقة نلاحظ أن قنوات قليلة تلك التي عرضته، لكنه حقق مشاهدة واسعة، لكن العمل كذلك انتشر من خلال أقراص الـDVD وبشكل فردي، بينما لم ينتشر من خلال الفضائيات.

* ألم تشتره قناة «أبوظبي» كما فعلت مع الجزء الأول؟

- لا لم تفعل، والـ«mbc» اعتذرت أيضا عن عدم شراء العمل لرأي مختلف خاص بهم، حيث شاهدوا أنه غير مناسب للعرض على قناتهم وهذا حقهم الطبيعي، حيث إن لهم استراتجياتهم ورؤيتهم ومن حقهم أن يقيموا أي عمل، ونفس الشيء بالنسبة لـ«روتانا خليجية»، لكن هناك مفاوضات مع قناة «أورينت» لشراء العمل وعرضه، وعلى أي حال هذا ليس من مهامي، حيث انتهت مهمتي بعد إنجازه ووضعه على الأشرطة، ومن حق الشركة المنتجة بيعه كما تريد أو أن تتركه في مكتبتها.

* لقد تسربت حلقتان من الجزء الثاني عبر أقراص الكومبيوتر، كيف تم ذلك ألم يؤثر على تسويق العمل؟

- هذا صحيح، تسربت الحلقتان اللتان أرسلتا للتلفزيون السوري للمراقبة والمعاينة حسب الأصول، ومكتوب ذلك على النسخة المتسربة والموجودة في الأسواق أنها نسخة معاينة للتلفزيون السوري، لكن التلفزيون نفى أن يكون أحد من موظفيه قام بتسريب الحلقتين، وتم اتهام الشركة المنتجة بتسريب الحلقتين، وهذا غير معقول، ولا يوجد تفسير أو مبرر أن تقوم شركة بتسريب حلقتين من عمل هو ملكها ومن دون مقابل مادي وكلفها الكثير من المال، وكذلك لا يمكن حصر التسريب في موظف أو ثان من التلفزيون، فهناك كم كبير من الموظفين وصعب أن يُحصر الأمر في واحد منهم، لكن تبقى المشكلة هنا موضوع الثقة، حيث يجب أن تكون هناك ثقة متبادلة بين الشركة المنتجة والتلفزيون ولجنة صناعة السينما وغيرهم من المعنيين، فالثقة هنا هي الأهم ألا تفقد بين هذه الجهات التي تصنع دراما سورية بظروف صعبة وتحديات كبيرة تواجهها وتحتاج لدعم كبير من قبل المعنيين، وأنا شخصيا وبعيدا عن رأي الشركة المنتجة والتلفزيون على أي حال سعيد بهذا التسريب ولست مستاء من ذلك حيث انتشرت الحلقتان بهذا الشكل السريع، وهذا يؤكد بشكل شخصي وليس إحصائيا رسميا مدى رغبة الناس في متابعة هذا العمل، وكنت أتمنى لو توجد دراسات وإحصائيات عندنا لمعرفة مدى مشاهدة الناس وبشكل علمي دقيق للأعمال التلفزيونية.

* يقال إن هناك إشكالات حصلت معكم في الضيعة التي صورتم بها الجزء الأول؟

- هي ليست إشكالات بالمعنى العام، لكن ما حصل يتعلق ببيتي أسعد وجودي، حيث اعتقد أصحاب البيت أنه سيعطيهم كنزا من تصوير عملنا فيه، واعتقدوا أنهم شركاء في الإنتاج فطلبوا أرقاما خيالية كأجور للبيتين لتصوير مشاهد الجزء الثاني معتبرين أن الجزء الأول حقق ربحا كبيرا ومن حقهم أن يطلبوا مبالغ كبيرة للجزء الثاني، لكنهم يبقون أناسا بسطاء ومن حقهم أن يعتقدوا ويفكروا كما يريدون، ولم نتفاهم معهم فانتقلنا لموقع آخر، وكان ذلك مفيدا للعمل وللمشاهد الجديدة المكتوبة للجزء الثاني، ولا يقل سحرا عن البيت السابق إذا لم يكن أفضل، لكن تبقى مشكلة بسيطة فجميع الأهالي هناك كانوا متعاونين معنا من سكان قرية السمرة وبلدة كسب وكذلك الدوائر الحكومية كانت متعاونة معنا بشكل جيد، وقدموا لنا كل الخدمات والمساعدة لتنفيذ الجزء الثاني من العمل، وكان استقبالهم لنا مدهشا وهذا ما ساعدنا كثيرا في إنجاز العمل وتصويره رغم الظروف الطبيعية الجوية الصعبة في فصل الشتاء، فكان أهل المنطقة يساعدوننا في التنقل والوصول إلى المدينة عندما تنقطع طرق المواصلات بسبب الثلوج وغيرها من الظروف الطبيعية القاهرة.

* هناك عمل آخر جديد لك هذا الموسم وهو كما علمنا ينتمي للبيئة الريفية، وهو يخدم السياحة من خلال حكايته الدرامية كما حصل مع «ضيعة ضايعة»؟

- صحيح، فالعمل عبارة عن خماسية تحمل عنوان «تقاطع خطر»، وتجري أحداثه في الريف، وقد صورناه في ريف الساحل لكنه ينطبق على كل الريف السوري، وهو يتناول مشكلات الريف واستثماره بشكل لائق، وهذه نتيجة توصلنا إليها بعد تنفيذ مسلسل «ضيعة ضايعة»، وكيف تم جذب السياح والاستثمارات لتلك القرية المنسية بعد تصويرنا للمسلسل فيها، وهذا لم يكن متوقعا حيث تحولت لمنطقة جذب سياحي تدر المال على أهلها وعلى البلد، ومن هنا وجدنا أن هناك أماكن تستحق الاهتمام والاستثمار بشكلها اللائق، فجاءت فكرة الخماسية، وهي من تأليف رافي وهبي، وهي تتحدث في إحدى مقولاتها عن استثمار الريف سياحيا، لكنها تتحدث أيضا عن الصراع ما بين المادة والأخلاق وما هي النتائج من تلاقيهما، ومن ينتصر في هذا الزمن، وهناك مقولات أخرى، وقد وجدنا أنه عمل مكتمل فنيا بحلقاته الخمس ولا يحتمل أن يكون في 30 حلقة كحال الجزء الثاني من «ضيعة ضايعة»، وهو عمل مغامرة أيضا من الشركة المنتجة أن يقدم كخماسية ومن غير المعروف كيف سيسوق وما هي الجدوى من تسويقه، فالمحطات اليوم تسعى لشراء مسلسل من ثلاثين حلقة لعرضه على مدى شهر كامل.

* يلاحظ أنك متخصص في إخراج الأعمال المعاصرة كوميدية واجتماعية، لماذا لم نشاهدك مخرجا في الأعمال التاريخية وأعمال البيئة الشامية أو الحلبية، كونك ابن مدينة حلب؟

- أنا أحاول دائما تقديم الأعمال المنوعة، وأنا شخصيا أحب إخراج الأعمال الكوميدية، لكن لو رجعنا قليلا للوراء واستعرضنا كم الأعمال التي أخرجتها وهي ليست كثيرة فنلاحظ أنها مرت بالأعمال الاجتماعية الواقعية مثل «الانتظار»، والرومانسي مثل «أهل الغرام»، فلم أختص بنوع واحد من الأعمال، وبالنسبة للتاريخي فيمكن أن أقول إنني خضت هذا المجال من خلال مسلسل «فنجان الدم»، فهو برأيي عمل تاريخي وأصنفه على هذا الأساس، حيث احتاج إلى البحث والتوثيق والمعرفة لفترة من الزمن بغض النظر إن كان هذا التاريخ بعيدا أم قريبا، رغم أن البعض صنفه على أنه عمل بدوي، لكن برأيي هو عمل من تاريخ البادية. وفيما يتعلق بخوض تجربة إخراج عمل يتناول سيرة ذاتية وشخصية تاريخية فأنا لا أحب خوض هذه التجارب، لأن تحويل الشخصيات التاريخية يحتاج أحيانا إلى قداسة، وأن هناك حدودا لا يمكن تجاوزها بشكلها المقدس، لذلك أرى من غير المفيد الدخول بالتاريخ ضمن رقابة متشددة وأكثر تشددا من الاجتماعي والمعاصر، فهو موجود وقائم وبين أيدي الجميع، حيث لا نستطيع أن نكذب فيه أو نتجاهل أو نجمل، بينما التاريخ للأسف، فلدي حالة من عدم الثقة من مصداقيته لأن التاريخ يكتب بانطباعات شخصية عبر كل العصور السابقة، فاليوم ومع توافر كل وسائل الإعلام والتوثيق فإننا نشكك في كل حدث يجري في اليوم ذاته رغم توافر كل وسائل الإثبات من أقمار صناعية وحتى الصحافة المكتوبة والناس الشهود الموجودين وقت الحادثة، فلا توجد لدينا أجوبة حقيقية عن الحدث، فما بالك بتاريخ مرت عليه كل هذه العصور والأزمنة؟ لذلك برأيي أن هناك إشكالية، وليست لدي رغبة في تجميل التاريخ. أما فيما يتعلق بالأعمال البيئية سواء كانت شامية أو حلبية فأنا لا أسمي هذا النوع من المسلسلات أعمالا بيئة كما أُطلق على بعضها، بل أراها أعمال تشبه العراضة الشامية الفلكلورية، وهي جميلة جدا ويستمتع الناس بها حين يشاهدونها في الأماكن الأكثر عصرية وفي الفنادق الخمس نجوم وفي مناسبات الأعراس، حيث تدخل فرق العراضة للمكان ومعها طبل وزمر وسيف وترس، وتحقق حالة فلكلورية مع عودة للماضي وبث الحنين فيه، ومن الممكن أن تكون هذه الأعمال جميلة لكنها استعراضية، وأنا لا أدين هذه الأعمال بل أصنفها من وجهة نظري الشخصية على أنها أعمال تشبه العراضة الشامية، بينما هناك أعمال فعلا عملت على البيئة مثل مسلسل «هجرة القلوب إلى القلوب»، حيث يتحدث عن بيئة منطقة مثلا، وهناك مسلسلا «خان الحرير» و«حمام القيشاني»، فهذه أعمال تتحدث عن بيئة تتضمن حالة من البحث إن اختلفنا أو اتفقنا معها، لكنها عملت توثيقا بيئيا فعليا.

* هل دعيت لإخراج أعمال تلفزيونية خارج سورية وتحديدا في مصر كما حصل مع المخرجين حاتم علي ورشا شربتجي؟

- فرصة الإخراج في مصر والدعوة وجهت لكثيرين، ولا أعتبرها ميزة للمخرج أو للفنان أنه دعي للعمل مع الدراما المصرية، وهي فرصة عمل موجودة مثلها مثل فرصة إخراج عمل في الخليج أو سورية، وحتى أتمنى أن أقدم عملا في المغرب العربي، وأنا كغيري دعيت لإخراج عمل في مصر العام الماضي واعتذرت لأن النص لم يتوافق مع وجهة نظري واختلفنا حوله، وهناك نصوص أخرى اعتذرت عن عدم إخراجها أيضا، وهو ليس رفضا كليا لإخراج عمل مصري أو خليجي مثلا، بل أبحث عن مشروع جيد ومشروع يقدمني للجمهور المصري بشكل لائق وحتى يكون مبررا لأعمل في مصر، وأن تكون هويتي وخصوصيتي موجودة في هذا العمل، وفي الوقت نفسه يجب أن ينسجم مع ذائقة الجمهور المصري والعربي بشكل عام، فنحن لسنا في موقع لنعطي الدراما المصرية دروسا، ولسنا قادمين كخبرة اختصاصية، بل نحن حالة توافق وانسجام ما بين مجموعة معارف لنقدم عملا يتوافق مع أكثر من مزاج وأكثر من جمهور.

* هناك من الممثلين من يتهم المخرجين بالديكتاتورية أثناء تصوير العمل.. كيف تنظر لذلك، وما هي مواصفات المخرج الناجح برأيك والذي يحقق الاستمرار في العمل؟

- في رأيي أن الحالة الشخصية لدى المخرج ليست هي السبب في استمراره أو زواله من عالم الإخراج، فهو بالمحصلة إنسان، وأنا ضد الرأي الذي يقول إنه إذا كان المخرج لديه مواصفات خاصة كإنسان فهذا يؤثر على مشاهدتنا لأعماله، وأعتبر أن إحدى المذمات عندما تقول رأيك في المخرج وتقيمه أنه شخص لطيف ومهذب وتذكر محاسنه وتتجاوز تقييم إنتاجه، فهذا يعد مذمة لتقييمه كمخرج، لكن عندما أسأل عنه كإنسان فمن حقي أن أقيمه بحالته الإنسانية، وهذا ليس له علاقة بإنتاجه، وإن كان مخرجا عصبيا أو ديكتاتوريا، ولا يهمني علاقته بالناس بل أحترم مادته إن كانت جيدة. ووجهة نظري بالنسبة للمخرج الناجح، والتي قد لا تنطبق على غيري من المخرجين، هي أن العمل التلفزيوني عمل جماعي، لذلك صفة الديكتاتورية والأنانية ومحاولة إبراز الأنا من خلال هذا العمل أثبتت فشلها، حيث لم يكن هناك مشروع حصل صراع على من هو صاحبه إلا وفشل. وفي رأيي أن المخرج الناجح هو الذي يستطيع استثمار كل نجاحات الآخرين الموجودين لإنجاح العمل التلفزيوني.

* كيف تنظر لموضوع الشللية في الدراما السورية وعودتها بشكلها البشع كما يقال؟

- في رأيي أن الشللية أحيانا يمكن أن تكون إيجابية جدا في حال أن هؤلاء الأشخاص الشلة اشتركوا في أكثر من عمل، وإذا استمر العمل ناجحا ولم تتحول الشلة إلى عبء على هذا العمل فالصداقات ضرورة وحالة إيجابية لاستكمال العمل الفني التلفزيوني، وأنا شخصيا لم أخرج عملا فيه حالة من عدم الصداقة بين الموجودين فيه، فالصداقة مهمة جدا وشرط أساسي لنجاح العمل، لذلك الشللية ضرورية هنا بشرط ألا يكون العمل ينفذ لصالح الشللية، وأن يكون العمل وسيلة والغاية هنا هي الشللية، أما إذا كان العكس فأعتقد أن الشللية حالة إيجابية ناجحة.