«نبط: إحساس بالوجود» معرض يجسد معزوفة سعودية كاملة في شنغهاي

فاق عدد زائريه 3 ملايين واستمد اسمه من خصوصية الجزيرة العربية

من الأعمال المشاركة في معرض «نبط: إحساس بالوجود» («الشرق الأوسط»)
TT

كانت خصوصية الجزيرة العربية سببا في إطلاق مسمى «نبط: إحساس بالوجود» على المعرض المقام حاليا بشنغهاي في الصين، وذلك بهدف الربط بين الفن التشكيلي السعودي والمجتمعات العالمية.

المعرض الذي انطلق في العاشر من شهر سبتمبر (أيلول) الماضي ويستمر حتى نهاية شهر أكتوبر الحالي يجسد معزوفة كاملة تشترك فيها اللوحات الموسيقية والأدب والرسم وكل ما يمكن أن يقدم صورة زاهية من السعودية إلى العالم، وذلك من خلال نحو 130 عملا صاغها 23 فنانا وفنانة من المملكة.

ويعتبر «نبط: إحساس بالوجود» فعالية ثقافية للفن المعاصر يشهدها الجناح السعودي في معرض شنغهاي العالمي الذي تستضيفه الصين، فضلا عن كونها تشكّل أكبر معرض شامل للفن السعودي المعاصر بهدف تعريف العالم بالفن السعودي من زوايا متعددة.

وذكر الفنان التشكيلي فهد الحجيلان أحد المشاركين في المعرض، أن أعماله التي شارك بها تعد جزءا من مشروعه التشكيلي، وأشار إلى أنه يستطيع توصيل أفكاره ورسائله من خلال لوحاته، من منطلق إيمانه بأهمية اللون وقوة إيحاءاته والدلالات المختلفة التي يتركها لون واحد في الوقت نفسه.

وأضاف: «ما عرضته من أعمال في (نبط:) يميل أكثر إلى الذهنية اللونية مع اختزال مفرداتي التي تنساب في أرجاء اللوحة بشفافية، متسلسلة حسب أهمية حضورها بحيث لا تطغى إحداهما على الأخرى، وبالتالي لا تطغى المعالجة اللونية على الفكرة الأساسية».

وبيّن الحجيلان أنه حاول من خلال معرض نبط: تقديم علاقات لونية جديدة كي تخدمه في أعماله المقبلة، إضافة إلى حرصه على إعطاء المتلقى فرصة لإعادة صياغة اللوحة واكتشاف مكنوناتها ومعانيها وعوالمها والجماليات التشكيلية الموجودة في خطوطها وألوانها.

وشهد الجناح السعودي في معرض شنغهاي الصيني الذي يحتضن معرض «نبط: إحساس بالوجود» ما يزيد على 3 ملايين زائر.

وقد تم اختيار المواضيع التي جسدتها الأعمال الفنية الموجودة بالمعرض من قبل القائمين على المعرض، على أساس أن يكون لكل عمل منها مغزى ومعنى عميق يربط العمل المعاصر بالهوية السعودية وثقافتها الإسلامية وتاريخها وهمومها.

من جهتها، أوضحت الفنانة التشكيلية لولوة الحمود (المستشارة في الفنون الإسلامية وإحدى القائمات على تنظيم معرض نبط: والمشاركة فيه بأعمالها) أن هذا المعرض بحد ذاته يعد تجربة جديدة وفريدة من نوعها من حيث المحتوى والمضمون، لافتة إلى أن مشاركة السعودية في ذلك المعرض العالمي لاقت نجاحا لم يسبق له نظير، الأمر الذي زاد من مسؤوليتهم لتقديم الأفضل.

وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «يجسد معرض نبط: النظرة الأعمق للسعودية وتاريخها الفني وثقافتها من خلال أعمال إبداعية لفنانين معاصرين»، مبينة أن الهدف من هذا المعرض يتمثل في التواصل مع الجمهور الصيني والعالمي عبر ما هو حقيقي من ثقافة المملكة وإبداعاتها، بالإضافة إلى تدوين تلك التجربة لتحقيق استفادة الآخرين منها.

وأشارت الحمود إلى أن ردود فعل الحضور حيال المشاركة السعودية في المعرض جاءت إيجابية وعكست شغف الجمهور الصيني لمعرفة ثقافة المملكة والتعرف على فنونها المختلفة وتاريخها، مؤكدة أن الصينيين ذوي ثقافة وتاريخ قديم يميزهم عن المجتمعات الغربية الأخرى في كونهم لا تسيطر على أفكارهم النمطية وإنما يسعون للمعرفة والاستفادة من الآخرين.

وأضافت: «استطعنا تحقيق الهدف الفعلي من المشاركة المتمثلة في التواصل بما هو حقيقي من خلال أعمال إبداعية معاصرة تمتد جذورها عميقا للتراث الثقافي والأدبي والموسيقي السعودي، وذلك من خلال البرنامج التعليمي المصاحب للمعرض».

وفي ما يتعلق بمدى مساهمة المشاركات السعودية في المعارض والمحافل الدولية في إبراز الهوية السعودية، قالت إن تلك المشاركات تختلف باختلاف أهدافها التي من ضمنها التجارية، إضافة إلى ما يقدم للغرب بحسب ما يريد أن يراه، غير أن القليل منها ما يمثل الهوية السعودية الحقيقية.

واستطردت في القول: «نحن في معرض نبط: قدمنا ما تمليه عليه مسؤوليتنا تجاه الفن السعودي المعاصر بشكل عام ومستقبله محليا وعالميا، إلا أنه لا يمكن المقارنة بين الوعي بمثل تلك الفنون في المجتمع السعودي والمجتمعات الغربية، ولا سيما أن المملكة حديثة العهد في هذا المجال بينما للغرب مدارسه المختلفة وكل ما يواكبها من دراسات نقدية وتحليلية».

وطالبت الحمود بضرورة العودة إلى التراث السعودي وتاريخ الفن الإسلامي العريق الذي استفاد منه الغرب في فنونهم قبل المسلمين أنفسهم، مؤكدة في الوقت نفسه أن السعودية تعي اليوم أهمية هذه الفنون، مما شجع على الوجود مستقبلا في مشاركات أخرى ضمن عروض في متاحف عالمية، والتي سيتم وضع استراتيجياتها بشكل يضمن استمرار التواصل الاجتماعي للمملكة. يشار إلى أن معرض «نبط: إحساس بالوجود» تم تنظيمه بواسطة شركة «كيوب آرتس» بالتعاون مع متحف شنغهاي دولون للفن الحديث، وبرعاية الجناح السعودي في معرض شنغهاي ومركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي في شركة «أرامكو» - السعودية وشركة «هاواوي».