أكد علماء مسلمون أن تجسيد شخصية نبي الله يوسف عليه السلام في مسلسل تلفزيوني حرام استنادا إلى الفتاوى الشرعية الصادرة عن مؤسسات الإفتاء والمجامع الفقهية، وفى مقدمتها مجمع البحوث الإسلامية الذي يرأسه الشيخ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر, الذي أكد في فتواه أن «ظهور الأنبياء وآل البيت والعشرة المبشرين بالجنة على الشاشة حرام شرعا».
وجدد مجمع البحوث الإسلامية رفضه عرض مسلسل «يوسف الصديق» خلال اجتماعه الشهري أخيرا برئاسة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، لما يتم فيه من تجسيد لشخصية نبي الله يوسف، وأمين الوحي جبريل عليهما السلام، اعتمادا على قرار سابق للمجمع بعدم جواز تجسيد الأنبياء والرسل والعشرة المبشرين بالجنة في الأعمال الفنية. كما تقدم نواب من التيار الإسلامي في البرلمان المصري بطلب عاجل إلى وزير الإعلام المصري يطالبون فيه بوقف بث مسلسل «يوسف الصديق» الإيراني، مؤكدين أن إحدى القنوات الفضائية المصرية التي تعرض المسلسل خالفت فتوى دار الإفتاء المصرية وقرار مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر بشأن حظر تجسيد الأنبياء في التلفزيون أو السينما، وأن هذا يعد تحديا لفتوى الأزهر وهيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية ومجمع البحوث الإسلامية ودار الإفتاء المصرية التي أصدرت فتوى تحرم المسلسل ضمن تحريمها للأعمال التي يتم فيها تجسيد الأنبياء والصحابة والملائكة.
ومن جهته، أكد الدكتور محمد رأفت عثمان، عضو مجمع البحوث الإسلامية العميد الأسبق لكلية الشريعة والقانون في جامعة الأزهر، أن المجمع يرفض الأعمال الإيرانية التي تجسد الأنبياء والصحابة، ويرى عرضها حراما، مشيرا إلى أن هناك كثيرا من الفتاوى في العالم الإسلامي ترفض تجسيد الصحابة والأنبياء، وأن الحكمة من منع تجسيد الأنبياء والصحابة والعشرة المبشرين بالجنة وآل البيت هي أن الممثل مهما أتقن دوره ومهما كان العمل الفني يتميز بأعلى درجة من الجودة والإتقان فلا يستطيع أن يظهر هذا الممثل بالصورة نفسها التي كان عليها أحد الأنبياء أو العشرة المبشرين بالجنة أو أي شخصية من آل البيت.
وقال الدكتور عثمان «لأنه لا يوجد في عصور الأنبياء من رسمهم أو صنع لهم تماثيل أو أي شيء يدل على ملامح شخصياتهم، فبالتالي تكون الشخصية التي تظهر على الشاشة في أي عمل فني هي شخصية مغايرة لحقيقة الرسول أو النبي، ويصبح الأداء بهذا الشكل أقرب إلى الكذب أو هو الكذب نفسه، والكذب على الرسل والأنبياء ليس كأحد من الخلق، مصداقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن كذبا عليّ ليس ككذب على أحد، فمن كذب عليّ فيتبوأ مقعده من النار)».
أما بخصوص السبب من وراء منع تصوير العشرة المبشرين بالجنة على الشاشة، فيقول الدكتور عثمان «لكي تبقى شخصيتهم ومكانتهم الأدبية مصونة لا تمس من قريب أو بعيد، أي كنوع من الأدب الإسلامي الذي يجب تحققه عند تناول شخصية من هؤلاء العشرة المبشرين بالجنة».
أما الداعية الإسلامي الشيخ رضا طعيمة، عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين والخبير الإعلامي، فيرى أن دائرة منع تجسيد الرسل والأنبياء في الأعمال الفنية يجب أن تضيق مساحتها وتشتمل فقط على منع تجسيد أو ظهور أولي العزم من الرسل، مؤكدا أن منع تجسيد العشرة المبشرين بالجنة فيه إجحاف ثقافي. وقال الشيخ طعيمة متسائلا «لماذا لم يتم عمل مسلسل أو فيلم يظهر فيه أحد من الصحابة المبشرين بالجنة لإظهار خصاله الكريمة حتى يتعرف أبناء المسلمين على جوانب من حياة هؤلاء العظماء ويقتدوا بها؟». وأضاف طعيمة «لا مانع من تصوير الأنبياء من غير أولي العزم من الرسل في أي أعمال فنية، بشرط أن توضع على وجه هذا النبي هالة من نور تظهر وقار وجلال مكانة وقدر الأنبياء، وأن الممثل الذي يجسد شخصية هذا النبي يشترط عليه ألا يقوم بتمثيل أي عمل درامي فيه شر ما دام على قيد الحياة، وأن يوقع عقدا مع الشركة المنتجة يتضمن هذا الشرط، وأن يكون هناك جزاء في حال مخالفته».
وقال الشيخ طعيمة «نحن الآن نُخترق من الدراما الإيرانية التي تفوقت على الدراما العربية، فلابد أن تكون هناك دراما عربية بالمستوى نفسه، ولا بد من مشاركة الدول العربية في أعمال فنية إسلامية تقدم الجوانب المضيئة من تاريخنا العربي والإسلامي من وجهة نظر القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.
واختتم الشيخ طعيمة حديثه قائلا «نريد من الأمة أن تقدم حلولا عملية للمشكلات ولا نريد منها أن تشجب أو تستنكر بل تقوم بإنتاج دراما عربية وإسلامية وأفلام ومسلسلات إسلامية تعرف الناس بجمال وسماحة الإسلام ورحمته وعدله، وأخشى لو فكرنا في إنتاج مثل هذه الأعمال أن نترك المبدعين الحقيقيين، ونأتي بكتاب المقاهي ليكتبوا عن الإسلام، وهم لا يعرفون عنه شيئا، فلا بد أن يقدم العمل من خلال كتاب ومخرجين أمناء».
ومن جانبه، أشار الشيخ محمد محمود حمودة، المفتش العام لعلوم القرآن الكريم في الأزهر، إلى أن قرار الأزهر بمنع تجسيد الأنبياء والعشرة المبشرين بالجنة وآل البيت يشمل الأعمال الفنية التي تنتج أو تعرض داخل مصر وخارجها.
وقال الشيخ حمودة إنه لا يجوز تصوير الرسل والأنبياء أو ظهورهم في أعمال فنية، لأن هؤلاء لا يوجد من يماثلهم من البشر في القدر أو القدوة، لأنه مهما أتقن الممثل الدور الذي يمثل فيه شخصية أحد الأنبياء فلن يكون موفيا لحق هذا النبي ومقام الرسالة.
وأضاف أن «عرض مسلسل «يوسف الصديق» على إحدى القنوات الفضائية المصرية حرام شرعا، لما يتضمنه من النيل من قدسية الأنبياء التي وهبها الله لهم، ولأنه لا يوجد من الخلق من يماثلهم في الأخلاق والقدوة الحسنة، ولم نعلم على وجه الدقة أوصاف هؤلاء الأنبياء، وما يحدث هو مجرد تخيل وليس حقيقة»، مؤكدا أنه ينبغي على منتجي تلك الأفلام والمسلسلات أن يوجهوا جهودهم لتوعية الناس من خلال استلهام ما في تراثنا الإسلامي الذي فيه ما يغنينا عن الدخول في دائرة الأنبياء والصحابة.
واستنكر الشيخ حمودة ما تقوم به إحدى الفضائيات المصرية من عرض مسلسل «يوسف الصديق» وعدم الأخذ بالرأي الشرعي لمجمع البحوث الإسلامية في الأزهر حول تجسيد الأنبياء، مؤكدا أن مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر رفض بشكل قاطع تجسيد الأنبياء والصحابة في الأعمال الفنية.