الرياض.. عاصمة الدولتين وحاضرة العالم سياسيا واقتصاديا

الملك عبد العزيز استعادها وانطلق منها لتوحيد البلاد.. والأمير سلمان زفها عروسا وسط الصحراء

صورة النمط العمراني في الرياض قبل 60 عاما
TT

خلال القرن والعقد الماضيين شهدت السعودية نقلات حضارية حيث وضع الملك المؤسس عبد العزيز لبنات أسس الدولة الحديثة في ظل إمكانية بالغة الصعوبة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وبعد رحلة طويلة مليئة بالأحداث والكفاح لتوحيد أجزاء البلاد في دولة واحدة باسم المملكة العربية السعودية وسار بها الملك المؤسس في طريق التقدم والرقي.

وتوالى الملوك سعود وفيصل وخالد وفهد رحمهم الله السير بالبلاد على نهج والدهم حتى أصبحت البلاد واحدة من الدول التي لها حضورها العالمي، وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز. اكتملت مظاهر التقدم والتطور للبلاد ووضع الملك عبد الله بصماته من خلال مشاريع اقتصادية وإسكانية وتعليمية وصحية واجتماعية أدخلت البلاد إلى آفاق القرن الحادي والعشرين.

ويعد عام 1319هـ، محطة مهمة في تاريخ الرياض، حيث شهد دخول الملك عبد العزيز المدينة ومنها انطلق لتوحيد معظم أرجاء شبه الجزيرة العربية، وأرسى قواعد الكيان الكبير لتصبح الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية.

لقد كان الاستقرار السياسي ووحدة الحكم الذي شهدته المدينة أهم العوامل التي مهدت لدخول الرياض مرحلة جديدة من النمو والازدهار الحضاري. وضمن النطاق الزمني 1319 ـ 1373، تتميز مرحلتان مهمتان في تاريخ تطور الرياض الحضري، الأولى من عام 1319هـ، إلى 1350هـ، حيث تميزت هذه المرحلة بتحول الرياض إلى قاعدة عسكرية لخدمة المجهود الحربي لتوحيد البلاد، وتأسيس الدولة، مما أثر في بقية الجوانب التنموية الحضرية في المدينة، غير أن هذه المرحلة شهدت أعمالا عمرانية قام بها الملك عبد العزيز، تمثلت في إعادة بناء أسوار الرياض، فغدت أكثر تحصينا، وزود السور بالأبراج الدفاعية التي وصل ارتفاع بعضها إلى 12 مترا، كما أصبح للرياض ست بوابات فقط، وهي: بوابة الثميري، بوابة الظهيرة، بوابة البديعة، بوابة الشمسية، بوابة دخنة، وبوابة المريقب، كما قام الملك المؤسس بإعادة قصر الحكم وأضاف إليه قصورا أخرى للضيافة والحاشية، أما حصن المصمك فأسندت إليه بعض المهام الإدارية، واستخدم كمخزن للمؤن والعتاد الحربي.

أما ثالث العناصر الأساسية في منشآت مدينة الرياض، فكان الجامع الكبير، الذي لم يطرأ عليه تغيير عما كان عليه. شكلت الرياض في تلك المرحلة نموذجا للمدينة الإسلامية المسورة التي تجتمع في مركزها المباني العامة كقصر الحكم والجامع والسوق الكبير، كما شكلت الشوارع الممتدة من بوابات المدينة إلى ساحة الصفاة، ووسط المدينة الشوارع الرئيسة، والحدود الفاصلة بين أحياء المدينة.

وحتى نهاية تلك المرحلة، لم تستخدم في بناء المساكن مواد جديدة، بخلاف ما اعتادت عليه المدينة من استخدام الطين كمادة أساسية للعمارة، والحجارة في بناء الأعمدة، والأثل وسعف النخل في سقوف المنازل، كما تشابهت جميع المباني في التصميم العمراني من حيث توزيع الغرف حول الفناء الداخلي واستخدام مفردات العمارة المحلية كالطرم، الحداير، والأروقة الداخلية، غير أن ما تميزت به هذه المرحلة كان ازدهار أسواق المدينة نتيجة للاستقرار السياسي وتحولها إلى عاصمة للبلاد، ومن هذه الأسواق الذي ظل بعضها قائما إلى وقت قريب: سوق أشيقر الواقع غرب الجامع، سوق الحساوية المخصص للثياب، سوق الجفرة لبيع المواد الغذائية، حراج بن قاسم الذي انتقل إلى جنوب الرياض في ما بعد، سوق السدرة نسبة إلى سدرة في الموقع، سوق المقيبرة للخضار والمنتجات الزراعية، وسوق القناعي وقد قدر سكان الرياض في نهاية تلك المرحلة بنحو 19 ألف نسمة.

أما المرحلة الممتدة بين عامي 1350هـ و1371هـ، فقد حفلت بقسط وافر من التغييرات العمرانية والمدنية التنظيمية، فكان لإعلان الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية دور في النهوض بمستوى الخدمات البلدية، حيث أسست بلدية الرياض عام 1358هـ. كما أنشئ مجمع قصور المربع قبل ذلك التاريخ بعام خارج أسواق المدينة إلى الشمال، وكان مؤشرا لاتجاه نمو المدينة نحو الشمال، وبداية توسع العمران خارج الأسوار، وأقيمت أحياء الفوطة، الشميسي، والمربع، في مناطق المزارع بين قصر المربع وأسوار المدينة، كما ظهر حي الحلة إلى الشرق من وادي البطحاء، وازداد توسع المدينة في ذلك الاتجاه، وظهر حي حلة القصمان لاستيعاب الهجرة المتزايدة، وانتشر العمران في الاتجاه الغربي، وظهر حي أم سليم والشميسي، وفي الجنوب ظهر حي عتيقة، ذلك لاستيعاب الهجرات المتزايدة إلى المدينة من جميع الاتجاهات، وارتفع عدد سكان المدينة قبل 59 عاما، إلى 83 ألف نسمة، وبلغت المساحة المعمورة 13 كيلومترا مربعا، بعد أن كانت لا تتجاوز كيلومتر مربع فقط، وقد أدت هذه التطورات العمرانية المتسارعة إلى حدث عمراني مهم على مستوى المدينة تمثل في قرار إزالة الأسوار.

كان الملك عبد العزيز في هذه المرحلة يتولى تصريف شؤون المدينة بشكل مباشر، وأثناء غيابه كان والده الإمام عبد الرحمن الفيصل يتولى المهمة، وبعد وفاته عام 1347هـ، كان الأمير عبد العزيز بن عبد الله بن تركي، يتولى إدارة شؤون المدينة، ثم أصبح الأمير سعود بن عبد العزيز ولي العهد من يتولى تصريف شؤون المدينة، وأثناء غياب الملك وولي عهده، كان يعهد بذلك إلى محمد بن زيد أحد موظفي الدولة.

وقد تولى إمارة منطقة الرياض على التوالي كل من: الأمير ناصر بن عبد العزيز، الأمير سلطان بن عبد العزيز، الأمير نايف بن عبد العزيز، الأمير فواز بن عبد العزيز، والأمير بدر بن سعود بن عبد العزيز.

وفي يوم الثلاثاء 11 رجب عام 1373هـ، صدر أمر ملكي بتعيين الأمير سلمان بن عبد العزيز، أميرا لمنطقة الرياض بالنيابة، تلاه أمر ملكي في 25 شعبان من عام 1374هـ، بتعيينه أميرا لمنطقة الرياض بمرتبة وزير.

* سلمان قائد تحول الرياض

* قاد الأمير سلمان بن عبد العزيز منذ 55 عاما، التحول الذي طرأ على المدينة التي تعد أسرع مدن العالم نموا ووصل عدد سكانها إلى أكثر من 5 ملايين نسمة حيث تحولت الرياض خلال أكثر من نصف قرن من بلدة صغيرة تحيطها الأسوار إلى مدينة عصرية وأضحت إحدى الحواضر ذات التأثير الاجتماعي والسياسي والاقتصادي خلال العصر الحالي ليس على المستوى المحلي فحسب بل على المستوى الإقليمي والدولي.

وتجاوزت مساحة الرياض كثيرا من الدول حيث تبلغ مساحتها أكثر من ثلاثة أضعاف مساحة البحرين أو سنغافورة على سبيل المثال، حيث تبلغ مساحة نطاق العاصمة السعودية العمراني أكثر من ألفي كيلومتر مربع، وتجاوز سكان الرياض الملايين الخمسة في الوقت الحالي بعد أن كان عدد سكانها في عام 1862م لا يتعدى الثمانية آلاف نسمة، في حين يتوقع أن يصل عدد سكان المدينة بعد عقد وبالتحديد في عام 2020م إلى نحو عشرة ملايين نسمة وقاد الأمير سلمان بن عبد العزيز الذي تولى إمارة المنطقة قبل 55 عاما العاصمة السعودية إلى آفاق رحبة وإنجازات غير مسبوقة في المدن الحديثة حيث دفع عشقه الخاص للرياض لتكون مدينة متميزة وعروسا وسط الصحراء.

وقبل ربع قرن من اليوم وفي كلمات تؤكد الارتباط العميق لسلمان بن عبد العزيز بالرياض قال قائد تحول المدينة عن ذلك: «لا أتخيل نفسي بعيدا عن مدينة الرياض حتى لو لم أكن موجودا فيها، فالرياض بالنسبة لي الوطن والتاريخ الماضي والحاضر والمستقبل والأمل، منها قام والدي المغفور له الملك عبد العزيز بوثبته العملاقة الكبرى التي غيرت مجرى تاريخ الجزيرة العربية حينما وحد شتات هذه الأقاليم التي لعب الجهل والتخلف والإقليمية أدوارا كبيرة في تمزيقها وتفريقها حتى جاء البطل، ليضع من هذه الأقاليم أعظم وأقوى وحدة في تاريخ العرب الحديث، فيها ولدت وترعرعت وتربيت على يد الملك العظيم الذي غرس في قلبي وقلوب أبنائه حب الوطن والتفاني من أجله، عشت زهرة الشباب وأنا أرى وألمس حكمة القائد وحسن أدائه وعلو مكانته محليا ودوليا حتى أثر ذلك في نفسي، وتعلمت من سيرته الكثير، تسلمت مسؤولية إمارتها منذ أكثر من ثلاثين عاما، وشهدت خطواتها خطوة خطوة، وتسلمت مسؤولية تطويرها، وخلال هذه المدة الطويلة تابعت سياسة التطوير، وكان لي شرف الوقوف على تنفيذها، وشهدت كل خطوة حضارية خطتها مدينة الرياض، ومن هنا يصعب علي أن أفكر أن أكون بعيدا عنها حتى لو كنت خارجها، عندما أكون خارج المدينة داخل المملكة أو خارجها فأنا أعيش معها ولها. وفي الحقيقة فأنا عندما أغيب عنها أظل أتخيلها، أعمالها، تصريف شؤونها، شوارعها، حدائقها، ملاعب الأطفال فيها، مدارسها، مستشفياتها، كل شؤونها، كل ركن أو زاوية فيها تعيش معي في تفكيري في قلبي في جوارحي، أحس أنني موجود في كل زاوية من زواياها، وأنني أتابع خطوة خطوة كل حركة فيها وكل مشروع، يدفعني الحب لها ولأهلها ولولاة الأمر فيها، فهي الرياض مدينتي وهي الرياض عاصمة المملكة الحبيبة. وكل قرية ومدينة في بلادي عزيزة وغالية، ولها في نفسي أسمى مكانة وأرفع موقع، إن مسؤولا بمثل مسؤوليتي لا يستطيع ولو للحظة أن يكون جسمانيا غائبا عنها، فهي تعيش معي وأعيش معها، وهي أمام عيني في كل لحظة، وإذا اضطرتني ظروفي إلى مغادرتها مدة تقصر أو تطول فأنا دائم التفكير فيها ولها كثير من الشوق، وأنا حريص على سرعة العودة لمتابعة شؤونها والإشراف على تطويرها عن قرب ومعالجة الأمور فيها».

* نمو متصاعد للمدينة

* شهدت مدينة الرياض معدلات نمو متصاعدة في مختلف القطاعات فاقت ما هو عليه في المدن السعودية الأخرى، باعتبارها العاصمة السياسية والتجارية والمالية للبلاد، وقد تداخلت عوامل عديدة في زيادة القدرات المتعددة في مختلف القطاعات الخدمية والاقتصادية للمدينة، منها النمو السكاني الكبير، وتزايد الفرص الوظيفية مما يدعم نمو الطلب على السلع والخدمات إضافة إلى موقع الرياض الذي يتوسط البلاد وموقعها المتميز في وسط سوق إقليمية كبيرة، كما أن الرياض أصبحت مركزا ماليا يضم المقرات الرئيسية للمصارف التجارية العاملة، ومؤسسة النقد، وهيئة سوق المال، إضافة إلى الإدارات العامة لصناديق الإقراض الحكومية والمؤسسات المالية. ففي ما يتعلق بالقطاع الصناعي ساهمت هذه العوامل بدور فاعل فيما تحقق للمدينة من تطور إيجابي خلال العقود الماضية في مختلف القطاعات الاقتصادية من صناعية وغيرها، كما ساهم القطاع الخاص بدور فاعل في تطور هذا القطاع وزيادة عدد المصانع المنتجة.

تضم الرياض مدينتين صناعيتين الأولى تقع وسط المدينة والثانية تقع في أطرافها من الجهة الجنوبية بمساحة تصل إلى نحو 20 مليون متر مربع وبعدد مصانع تزيد عن 600 مصنع تشكل ما يزيد عن 35 في المائة من إجمالي عدد المصانع في السعودية وتتركز نشاطات هذه المصانع في صناعة المنتجات المعدنية، والصناعات الكيماوية والمنتجات البلاستيكية ومواد البناء والصيني والخزف والزجاج، ونشاط صناعة المواد الغذائية والمشروبات الغازية وصناعة المنسوجات والملابس الجاهزة، وفي نشاط صناعة الورق والطباعة والنشر، وصناعة الخشب والأثاث، والصناعات المعدنية الأساسية، كما يوجد في الرياض مصنع للإسمنت عرف بمصنع «إسمنت اليمامة» يقدر إنتاجه بنحو أربعة ملايين طن ويشكل إنتاجه ما نسبته 14 في المائة من إنتاج الإسمنت في السعودية.

وفي نشاط القطاع الزراعي بمنطقة الرياض الذي يعد من القطاعات الرئيسية ذات الأهمية احتلت الرياض موقعا متوسطا بين المناطق الزراعية الرئيسية في السعودية، إذ شكل إنتاجها ما نسبته 35 في المائة من الإنتاج الزراعي على مستوى السعودية، كما تشكل الثروة الحيوانية ومنتجاتها جانبا مهما في القطاع الزراعي بمنطقة الرياض وتشمل الثروة الحيوانية قطعان الإبل والضأن والماعز والأبقار والدواجن والمنتجات المرتبطة بها من حليب وبيض وعسل وتعد منطقة الرياض من أكبر مناطق السعودية المنتجة للحليب والمشتقات الناجمة عنه حيث تضم مشاريع يتجاوز إنتاجها 645 مليون لتر سنويا يشكل نسبة 74 في المائة من إنتاج السعودية، إضافة إلى مزارع متخصصة للنحل (مناحل) تنتج نحو 27 ألف كيلوجرام من العسل سنويا وتشكل ما نسبته 15 في المائة من إنتاج العسل في المملكة وساهم القطاع التجاري بالرياض في تحقيق نمو حقيقي خلال السنوات الماضية في الناتج المحلي الإجمالي، كما لعب قطاع البناء والتشييد دورا أساسيا في دعم وتنمية التجهيزات الأساسية والقطاعات الإنتاجية الأخرى.

وانتشرت في الرياض في السنوات الأخيرة أنماط متميزة من المباني ذات الأشكال والمواصفات كناطحات السحاب والمراكز التجارية العملاقة، والمباني ذات التصاميم المبتكرة غير النمطية.

ودخلت الرياض بقوة في قطاع خدمات التأمين واستحوذت المدينة على أكثر من نصف إجمالي عدد الشركات والوكلاء والوسطاء ومكاتب تدقيق عمليات التأمين العاملة في السعودية.

وفي قطاع التعليم ساهم كل من القطاع الحكومي والخاص في تقديم خدمات تعليمية في مختلف المراحل، إضافة إلى التعليم الفني والتدريب المهني والتعليم العالي.

ولامست نسبة الالتحاق في المراحل التعليمية المختلفة بدءا من المستوى الابتدائي ووصولا إلى المستوى الجامعي لشريحة العمر السكانية من 6 - 22 سنة 99 في المائة. ويعكس ذلك تحسنا ملموسا مقارنة بالعقد الماضي الذي سجل نسبة 88 في المائة، كما بلغت نسبة الأمية اقل من 8 في المائة.

وبلغ عدد الطلاب والطالبات في مدينة الرياض الملتحقين بمدارس وزارة التربية والتعليم والجهات الحكومية الأخرى وفق إحصائية نشرت قبل ثلاث سنوات أكثر من 800 ألف طالب وطالبة، وساهم القطاع الخاص في التعليم العام بما يزيد عن 15 في المائة.

وتضم الرياض ثلاثا من كبريات الجامعات الرسمية وهي جامعة الملك سعود، وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، وجامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن للبنات، ولكل جامعة مدينة متكاملة ذات مبان ومرافق وإمكانات حديثة، بالإضافة إلى جامعات أهلية وأبرزها جامعة الأمير سلطان، والجامعة العربية المفتوحة، وجامعة الفيصل التخصصية، وكلية طب الأسنان والصيدلة وكلية اليمامة، إضافة إلى جامعة نايف الأمنية ذات الطابع الحكومي، كما تحتضن مدينة الرياض كلية للتقنية وأخرى للاتصالات والمعلومات، بالإضافة إلى عشرات من المعاهد الحكومية التجارية والصناعية والتجارية والزراعية، وللمراقبين الفنيين ونحو 500 معهد مماثل للقطاع الأهلي، كما أسست ثلاث جامعات جديدة في كل من الخرج والمجمعة وشقراء.

* مدينة الطب والسياحة

* وتتوافر في مدينة الرياض عوامل جذب سياحي متعددة تسهم في توفير وسائل الترفيه والترويح لسكان المدينة، حيث تضم عددا من المراكز التاريخية مثل قصر المصمك وآثار الدرعية ومركز الملك عبد العزيز التاريخي وعشرات الحدائق والمتنزهات ومشاريع ترفيهية تابعة للقطاع الخاص، وتحتضن المدينة المهرجان الوطني للتراث والثقافة بالجنادرية والذي يقام سنويا ويتضمن فعاليات تراثية وثقافية متنوعة كما يقام في الرياض سنويا معرض دولي للكتاب، كما تتميز الرياض بأنواع أخرى من السياحة وهي سياحة المؤتمرات، إذ تعد الرياض مقرا رئيسيا للوزارات ومعظم الدوائر الحكومية وكذلك السياحة الثقافية والسياحة العلاجية، ويخدم القطاع السياحي في مدينة الرياض عددا من الفنادق بمختلف الدرجات، حيث يتوفر في المدينة أكثر من 50 فندقا بالإضافة إلى نحو 300 منشأة للوحدات السكنية المفروشة للتأجير تضم أكثر من 5000 آلاف شقة. وعرفت مدينة الرياض بأنها عاصمة الطب والمستشفيات، حيث تضم اكبر مدينة طبية تأهيلية في العالم تابعة لمؤسسة سلطان بن عبد العزيز الخيرية، ومدينة الملك فهد الطبية التابعة لوزارة الصحة ومجمع الملك سعود الطبي المعروف باسم مستشفى «الشميسي» الذي يعد الأقدم في السعودية، ومدينة الملك عبد العزيز الطبية التابعة للحرس الوطني التي شهدت إجراء عمليات «فصل التوائم» وتابعها العالم، إضافة إلى مستشفيات حكومية وأخرى تابعة للقطاع الخاص أشهرها مستشفى الملك فيصل التخصصي ومستشفى القوات المسلحة ومستشفى قوى الأمن والمستشفيات الجامعية، ومستشفى الملك خالد التخصصي للعيون، ومستشفى الطب الرياضي التابع للرئاسة العامة لرعاية الشباب، والمستشفيات التابعة للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، ومستشفى الأمير سلمان، ومستشفى الإيمان، ومستشفى الأمل للصحة النفسية، وكذلك الوحدات الصحية المدرسية بالإضافة إلى عشرات المراكز الصحية للرعاية الأولية المنتشرة في أحياء المدينة، كما تحتضن الرياض منشآت صحية يقدمها القطاع الخاص منها أكثر من 20 مستشفى و400 مستوصف ومراكز للعلاج الطبيعي وتركيب الأسنان ونحو 2000 صيدلية و200 مستودع للأدوية و50 مكتبا علميا.

وفي قطاع الخدمات المالية والمصرفية الذي يعد من القطاعات المهمة تحتضن مدينة الرياض الإدارات الرئيسية للمصارف التجارية في السعودية التي يبلغ عددها 15 مصرفا، بما ذلك فرع بنك الخليج الدولي ومقره الرئيسي البحرين وبنك الإمارات.

وسيتيح مركز الملك عبد الله المالي الذي يقام حاليا في الرياض ويتوقع أن يباشر عمله في نهاية العام المقبل مزيدا من التحرك لقطاع الخدمات المالية والمصرفية، وتوفير فرص استثمارية جديدة.

* الرياض تتحول إلى مجتمع معلومات

* ودخلت مدينة الرياض بقوة نحو مجتمع المعلومات من خلال تطبيق برنامج الحكومة الالكترونية الذي ينطلق من الخطة الوطنية لتقنية المعلومات والتي تتضمن توفير خدمات الاتصالات وتقنية المعلومات لجميع شرائح المجتمع، وتوفير بيئة تعليمية وتدريبية تمكن غالبية السكان من الحصول على المهارات المطلوبة للتعامل مع تطبيقات الاتصالات وتقنية المعلومات، كما تهدف إلى بلوغ القطاعات الاقتصادية والاجتماعية المختلفة مستوى متقدما في استخدام تطبيقات وتقنية المعلومات، وان يصبح قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات مصدرا رئيسيا من مصادر الدخل. وستشكل مدينة التقنية والمعلومات والاتصالات التي أعلنت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض بالتعاون مع الغرفة التجارية الصناعية بالرياض عن تنفيذ فكرة إنشائها في العاصمة السعودية على مساحة 800 ألف متر مربع من ارض تابعة للمؤسسة العامة للتقاعد التي تعد صاحبة المشروع والمستثمر الفعلي له، وستشكل هذه المدينة من الناحية الاقتصادية بعدا اقتصاديا كبيرا وبوابة للمنشآت التجارية والصناعية للدخول في السوق المفتوح على المستويين الإقليمي والدولي، كما ستكون مدينة تقنية المعلومات والاتصالات بيئة فعالة لجذب الاستثمارات الخارجية والشركات العملاقة في هذا المجال وما يرتبط بها من تقنيات، ولعل من ابرز مؤشرات تحول مدينة الرياض إلى مجتمع معلومات استخدام تقنية المعلومات في المصارف التجارية لانجاز الخدمات الحكومية، إضافة إلى استكمال أغلب القطاعات الحكومية والخاصة استخدام هذه التقنية، والانتشار الكبير لخطوط الهاتف الجوال من خلال عدة شركات تتنافس على تقديم هذه الخدمة، إضافة إلى استخدام الجيل الثالث من الجوال، وانتشار استخدام خدمة الانترنت لدى قطاع عريض من سكان المدينة وفي مختلف المجالات.

وساهمت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض التي يرأسها الأمير سلمان بن عبد العزيز في تنمية وتطوير المدينة منذ صدور قرار مجلس الوزراء بإنشائها قبل 35 عاما، حيث قامت بتخطيط وتطوير مدينة الرياض من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعمرانية. كما قامت الهيئة برسم السياسات ووضع الإجراءات الرامية إلى رفع مستوى الخدمات والمرافق ذات الصلة بحياة السكان.

وتستمد الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض شرعيتها وسلطتها من مجلس الوزراء الذي حدد قواعد عملها.

وتتمثل ابرز المحاور التي يقوم عليها عمل الهيئة في التخطيط الشامل لمدينة الرياض ووضع البرامج الأساسية لتنفيذ وتنسيق وبناء المشاريع في المدينة.

ويعد المخطط الاستراتيجي الشامل للمدينة بيئة تنظيمية متكاملة ومتجددة ذات طبيعة استراتيجية تنظم وتوجه الفعاليات العمرانية والبيئية والاقتصادية والاجتماعية بصفة تخطيطية عامة تستوعب المتطلبات المستقبلية، وتستفيد من المعطيات الحديثة وتتجاوز سلبيات نمو المدن بصفة عامة، لا سيما تلك السلبيات الناتجة عن النمو السريع للمدن كما هو الحال في مدينة الرياض.