التهاب المرفق الخارجي والداخلي.. الأعراض والعلاج

يحدث بسبب إجهاد الذراع واليد

TT

إن مفصل المرفق (Elbow Joint) وما حوله، من أكثر المفاصل عرضة للالتهابات والإصابات، خاصة الأربطة والأوتار المحيطة بالمفصل، نتيجة للاستعمال غير الصحي للمرفق والإجهاد المستمر له، المرتبط بالحركة الدائمة والاستعمال المتواصل.

ومرض أو (عَرَض) التهاب المرفق أو الكوع أو الذراع ويسمى أيضا «التهاب فوق اللقمة الخارجية»، يسبب آلاما مزعجة والتهابا، ويحدث نتيجة التهاب غير جرثومي عند منطقة التحام أوتار العضلات الباسطة والأربطة المحيطة عند المنطقة نفسها (فوق اللقمة) أسفل عظمة العضد الخارجية.

التهاب المرفق

* لمزيد من التفصيل حول هذا المرض، التقت «صحتك» الدكتور وليد بن صالح العديني استشاري جراحة العظام والتخصص الدقيق في جراحة اليد، فأفاد بأن هذه الالتهابات تعد أكثر انتشارا بين الأشخاص الذين يمارسون نشاطاتهم اليومية على نمط خاطئ وبصورة متكررة (مع بسط مفصل الكتف أثناء النشاط) وكذلك بين لاعبي التنس (كرة المضرب) مما أدى إلى تسميتها بـ«التهاب مضرب التنس». وإذا استمرت الحالة، فإنها تسبب في الغالب التهابا مزمنا في وتر العضلة الكعبرية الرسغية الباسطة الصغرى والكبرى Extensor Carpi Radialis Longus & Extensor Carpi Radialis Brives.

وهذا الالتهاب ليس مشابها لالتهاب الأوتار المحيطة بالكتف الناتج عن تمزق هذه الأوتار ومن ثم التهابها، ولكن ربما يحدث بعض التمزق البسيط الذي يؤدي إلى تحول النسيج الليفي الغضروفي للمنطقة الملتهبة إلى صورة أخرى من النسيج والتكلسات والتهاب أوعية الألياف والأوتار المحيطة الدموية.

أعراض المرض

* يصيب الالتهاب عادة فئة الشباب (من الجنسين) ويكون أكثر ظهورا بين أعمار 30 - 40 سنة، ويبدأ بآلام متدرجة تحدث غالبا بعد مزاولة الأنشطة غير المعتادة مثل قبض الأشياء بقوة والكف مبسوطة (وضعية البسط)، ويتمركز في عظمة المرفق الخارجية (فوق اللقمة) Lateral epicondylitis. وفي الحالات الشديدة ينتشر الألم في الطرف العلوي ويزداد سوءا مع الحركة خاصة أثناء صب الشاي أو إدارة مفتاح الباب أو المصافحة بقوة.

وبالنسبة للاعبي التنس، فيحدث لديهم بسبب الإفراط في الطريقة الخاطئة لممارسة رياضة التنس. وفي بعض الأحيان يبدو المرفق طبيعيا وحركة البسط والقبض كاملة من دون ألم. وأحيانا يوجد ألم موضعي أسفل عظمة العضد الخارجي (فوق اللقمة)، وكذلك حصول الألم أثناء الضغط على أصابع اليد الممدودة والذراع الممدودة وذلك بسبب حالة الشد والتوتر الحاصلة على العضلة الباسطة الكعبرية الرسغية الصغرى والكبرى، كذلك عند قلب ساعد اليد مع قبض مفصل الكف ومد مفصل الكف ضد مقاومة يد الطبيب.

التشخيص

* يبنى التشخيص على تاريخ المرض والفحص السريري (الموضعي) للمريض، ويساعد في ذلك وجود ألم متمركز في منطقة التحام العضلات الباسطة للذراع في أسفل عظمة العضد الخارجية (فوق اللقمة) وهذه العضلات هي العضلة الكعبرية الرسغية الباسطة الصغرى والكبرى ECRB وECRL. وللأسف، فإن التشخيص الإشعاعي لا يوضح سوى وجود بعض التكلسات إذا كان المرض مزمنا، وقد تكون هذه التكلسات من آثار حقنات الكورتيزون السابقة. وعند تصوير المرفق، فإنه يبدو طبيعيا باستثناء بعض التكلسات عند منطقة اللقمة المرفقية ومنطقة التحام العضلة الكعبرية الرسغية الصغرى.

أما التصوير بجهاز الرنين المغناطيسي MRI فقد سهل الكثير من صعوبات التشخيص الإشعاعي في مثل هذه الحالات، وبواسطته يمكن تحديد موضع الالتهاب والتمزقات الموضعية للألياف العضلية والأوتار للعضلات الذراعية الباسطة، كذلك الأربطة المحيطة بالمرفق. ولكن يجب توخي الحذر؛ إذ ليس كل تغير تصويري نشاهده في التصوير المغناطيسي يعتبر مؤشرا على وجود التهاب في منطقة المرفق الخارجية (فوق اللقمة)، فربما كان ذلك راجعا لآثار حقن موضعية سابقة ومتكررة لمادة الكورتيزون فيكون المؤشر غير دقيق.

التهاب مضرب التنس

* أوضح د. وليد العديني أن هذا الالتهاب يصيب العظمة فوق اللقمة الداخلية للمرفق (أسفل عظمة العضد) وهو مشابه لالتهاب مرفق التنس، إلا أنه يصيب نهاية التحام العضلات الذراعية القابضة (للذراع واليد) Flexors groups ونسبته أقل من التهاب العظمة فوق اللقمة الخارجية Lateral epicondyle بمقدار 0.4% وهو يمثل ما مقداره 10% إلى 20% من التهاب العظمات فوق اللقمة سواء في الأطراف العلوية أو السفلية.

وتتمثل أسباب المرض في الاستعمال غير الصحي للذراعين، خاصة أثناء ممارسة بعض الألعاب مثل الغولف.. كذلك ممارسة بعض التمارين، فإن ذلك يسبب حدوث كدمات عند منطقة التحام الألياف العضلية القابضة فوق اللقمة لأسفل عظمة العضد الداخلية والتي بالتالي تؤدي مع الوقت إلى التهاب انحلالي موضعي عند المنطقة المذكورة مصاحب بتمزق في الألياف العضلية اللاحمة.

وقبل الجزم بمسألة التشخيص، يجب الوضع في الحسبان وجود أمراض أخرى مثل الأمراض العصبية المضغوطة عند منطقة الكوع أو العضد أو الرقبة أو وجود آثار لكسور قديمة أو التهاب في مفصل المرفق مثل الالتهابات الروماتيزمية أو الساينوفية أو إصابات الأربطة بالمفصل، التي تؤدي لأعراض مشابهة.

ويجرى الفحص السريري بهدف التفريق التشخيصي بين الأمراض المختلفة في منطقة المرفق مثل: الضغط المباشر على العصب الزندي وهو ما يعرف باختبار «تنل ساين»، وإجراء فحص ثني المرفق ضد المقاومة، واختبار فحص العصب N.C.S وE.M.G.

ووضح التشخيص الإشعاعي بواسطة أشعة إكس (الأشعة السينية) وجود تكلسات في منطقة فوق اللقمة (أسفل عظمة العضد الداخلية) أو وجود بروز عند منطقة الالتحام العضلي بالعظام. ويكثر وجود مثل هذه البروزات عند الرياضيين الذين يرمون بأيديهم الكرات المعدنية أو الأثقال المختلفة. وهناك أجهزة تشخيص أخرى يمكن بها استكشاف المرض ومن ثم تشخيصه مثل الأشعة فوق الصوتية وأشعة الرنين المغناطيسي.

علاج التهاب فوق اللقمة

* هناك أنواع من علاجات التهاب فوق اللقمة (أسفل عظمة العضد) لمفصل المرفق.

* أولا: العلاج التحفظي غير الجراحي. ويعتبر أحد الخيارات الرئيسية في علاج التهاب منطقة فوق اللقمة لأسفل عظمة العضد الخارجية والداخلية. وقد وجد أن ما نسبته 85% إلى 90% من المرضى المصابين بالتهاب اللقمة الداخلية قد تحسنوا كليا، وأن ما نسبته 100% من المرضى المصابين بالتهاب اللقمة الخارجية (تنس إلبو Tennis Elbow) قد تحسنوا كليا. ويبدأ العلاج بتحديد أو تقليل نشاط المرفق، وينصح عند مزاولة الرياضية سواء التنس أو الغولف استعمال الذراعين معا لضرب الكرة بالمضرب، وكذلك اتباع الطريقة السليمة والصحيحة في مزاولة الرياضة أو مزاولة الأعمال الروتينية اليومية. وهناك ثلاث مراحل لعلاج التهاب المرفق (الداخلي والخارجي)، هي:

- المرحلة الأولى: التقليل من حركة ونشاط المرفق مع وضع قالب ثلج (مغلف) على منطقة الألم عدة مرات يوميا، وإعطاء مضادات الستيرويد (التي لها دور في القضاء على الألم والالتهاب) واستعمال سنادات خاصة لإراحة المرفق.

- المرحلة الثانية: تتضمن البدء في برنامج العلاج الطبيعي بمجرد اختفاء أعراض المرض الحاد مباشرة وتكون على شكل ممارسة تمارين «الآيسومترك» وتمارين «الشد»، ثم مزاولة تمارين الممانعة (تمارين لتحديد مستوى التحمل) الخاصة بالرياضة وأداء الأعمال اليومية.

- المرحلة الثالثة: وهي مرحلة المحافظة على توازن وتقنية استعمال الأدوات والمعدات العامة والرياضية بطريقة صحيحة وسليمة لمنع حدوث انتكاسة مع إعطاء المريض حقن الكورتيزون. ويتم الآتي: إعطاء حقن البوتولينيوم (الخاصة بإرخاء العضلات)، وحقن الدم الذاتي (أخذ عينة من دم المريض نفسه وحقنها له مرة أخرى) في منطقة الألم. وإعطاء حقن الصفائح الدموية الغنية بالبلازما.

يذكر أن طريقة إعطاء هذه الحقنة لها دور كبير في نجاح العلاج مثل إعطاء الحقنة عدة مرات في جلسة واحدة على منطقة الألم. على أية حال، ما زالت حقنة الكورتيزون هي المفضلة في علاج حالات التهاب المرفق الداخلية والخارجية (فوق اللقمة).

وهناك طرق علاج أخرى كما ذكرنا في البداية ما زالت تستعمل في المراكز الطبية مثل الأشعة فوق الصوتية التي أثبتت فاعليتها في كثير من الحالات، كذلك استعمال الومضات الكهربائية المغناطيسية، واستعمال جهاز تفتيت حصوات الكلى في بعض الحالات (وهذا لا يزال مجال بحث كبيرا).

علاج جراحي

* ثانيا: العلاج الجراحي. ويبدأ بعد فشل برنامج العلاج التحفظي لمدة لا تقل عن 6 أشهر، ويرتكز العلاج الجراحي على علاج الالتهاب الحاصل نتيجة تمزق الألياف العضلية الملتحمة في عظمة فوق اللقمة الداخلية والخارجية والأربطة المصابة المحيطة بالمرفق. ويشمل إزالة هذه الألياف المتمزقة وتنظيف المنطقة مع قطع وإعادة لم أوتار العضلات القابضة للذراع واليد الملتحمة بالعظمة (سواء الداخلية أو الخارجية حسب الإصابة) أسفل عظمة العضد.

وقد سجلت هذه العمليات نسبة نجاح تصل إلى 97% وقد تكون منطقة المرض في بعض الحالات ممتدة إلى مساحات أكبر من التي نراها بالعين المجردة فنحتاج إلى تنظيف المنطقة ثم إرسال عينات من الأنسجة المريضة (لدراستها) إلى مختبر علم الأنسجة ومتابعة نتائجها.