حوار مع مبرمج لعبة «رماة الحجارة»

TT

أثار المقال الذي نشر في «الشرق الأوسط» في الأسبوع الماضي عن لعبة الكومبيوتر التي تتمحور حول أطفال الانتفاضة، العديد من المشاعر، إذ زار موقع هذه اللعبة على الإنترنت، أكثر من ألف شخص في اليوم الذي نشرناه فيه ذلك المقال، كما زار الموقع خلال الأيام التالية عدد من الإسرائيليين الذين صبوا جام غضبهم عليه، وانتقدوه بشدة. ورغبة منا في تزويد قرائنا بمعلومات أكثر، أجرينا اللقاء القصير التالي مع محمد حمزة، مبرمج لعبة «رماة الحجارة». ونتركه يتحدث لكم عن نفسه:

بدأت باستخدام ألعاب الكومبيوتر منذ 12 سنة، ولعبت العديد من الألعاب في حياتي. وكنت دائما أتمنى أن تكون هناك لعبة من إنتاج عربي، ثم ضجرت من الانتظار وقررت أن أضع برامج ألعاب الكومبيوتر المطلوبة بنفسي. فبدأت بتعلم طرق البرمجة، وابتدأت بلغة «بيسيك» و«كيو ـ بيسيك» و«تيربو باسكال 6.0». وكان الجزء الصعب هو في الرسومات، إذ لم يكن أي من هذه اللغات يساعد على التحكم بذاكرة العرض. وبعد انتهاء حرب الخليج الثانية (أو عاصفة الصحراء كما يحب أن يسميها البعض)، ظهرت العديد من الألعاب الجديدة حينها، التي أظهرت العرب كإرهابيين مسلحين بأسلحة ثقيلة، وبلحى طويلة، يتكلمون بكلمات بذيئة طوال الوقت. وكان البطل في هذه الألعاب هو المغوار الأميركي الذي كان باستطاعته قتل مئات من هؤلاء «الإرهابيين» بسكين فقط.

ثم ظهرت بعد ذلك ألعاب جعلت البطل فيها طيارا إسرائيليا قادرا على تدمير الأسلحة البيولوجية في العراق ومنظمات الإرهاب في سورية، وكان لهذه الألعاب أسماء مثل «سلاح الجو الإسرائيلي» وما شابه. عند هذه النقطة قررت أنه لا بد من أضع برامج ألعاب تقابل هذه الألعاب المريضة، وتري العالم ما هي الحقائق الفعلية. بدأت عندها بتعلم البرمجة باستخدام لغة C++، ووجدت أنها ممتازة، وبدأت بالتخطيط للمشروع الذي أريد أن أعمل عليه، وبدأت بوضع أفكار اللعبة ورسوماتها، وما إلى ذلك. وكان مشروعي هو عبارة عن لعبة كومبيوتر تتناول مغامرة ملحمية بطولية عن فلسطين والوحدة العربية، تظهر أن وجود إسرائيل في الشرق الوسط هو بسبب تفرق العرب. وإنهم إن اتحدوا فلن يستطيع أحد أن يقف في طريقهم. كان المشروع كبيرا جدا، وكنت لا أملك كطالب الوقت الكافي له، مما جعل العمل عليه يسير ببطء، بالإضافة إلى أنني كنت أعمل عليه وحدي، ولا يوجد من يدعمني فيه ماديا.

ثم وقعت الأحداث الدامية التي تجري الآن في فلسطين، وأدركت أنه لا أمل لدي في أن أنهي هذه اللعبة مبكرا، لذلك قررت أن أصمم هذه اللعبة الصغيرة، «رماة الحجارة»، حتى يشفي بعضا من غليلي تجاه قتلة الأطفال، وأن ارمي حجارة نحو الجنود الإسرائيليين كما يفعل اخوتنا في فلسطين، ولو من خلال الكومبيوتر.

ولكنني أردت لهذه اللعبة أن تظهر في أسرع ما يمكن، فجعلتها بسيطة لأقصى حد حتى أستطيع أن انتهي منها في وقت لا يتعدى أربعة أيام بلياليها، باستخدام C++ compiler بسيط، واستخدمت معه أداة اسمها D.I.V.. وعندما وجدت أن حجمها صغيرا قررت بالتعاون مع صديقي أيمن هيكل أن أضع هذه اللعبة على الويب، حتى يستطيع باقي العرب تجربة شعور رمي الحجارة على الجنود الإسرائيليين، وكنت سعيدا عندما وجدت تجاوبا إيجابيا من العرب على هذه اللعبة.

وقد فضلت أن تكون هذه اللعبة الأولى باللغة الإنجليزية بدلا من العربية، لأنني أردت أن يتمكن الإسرائيليون والأميركيون وكل العالم من استخدام هذه اللعبة، ومن يزور سجل الزوار في موقع اللعبة (stonethrowers.bizland.com) سيرى كيف كان أثرها عليهم. وستكون لعبتي المقبلة عربية بالكامل.

أما الآن فسأستمر بالعمل على المشروع الكبير، الذي أسميه «الحلم العربي»، وهو ليس مجرد لعبة كومبيوتر تقدم حقائق عن العالم العربي، بل هو مشروع ثقافي متكامل كبير. ومع أنني ما زلت على مقاعد الدراسة، وعلى الرغم من أن ذلك سيستغرقني وقتا طويلا، فلن أتوقف حتى يكتمل، أما إذا استطعت الحصول على منتج وممول له فقد أنتهي منه بشكل أسرع، إذ لن يكون لدي مانع عندها أن أؤجل دراستي لعامين لكي أنتهي منه ثم أعود بعد ذلك لإكمال الدراسة.

وأريد أن أقول لكل شخص أن ألعاب الكومبيوتر لها حصة كبير من الثقافة المعاصرة، وربما أكثر من الأفلام والكتب، لأن الفئة العمرية لمن يمارسون هذه الألعاب تتراوح ما بين 5 و50 عاما، مما يعني أنه وفي الغالب فإن كل شخص يستخدم الكومبيوتر تقريبا يلعب هذه الألعاب. وبالتالي يجب علينا كعرب أن ننتبه أكثر إلى هذا النوع من الغزو الثقافي، وأن نأخذ مكاننا في مواجهته بأسرع وقت ممكن.