تهريب رسائل أصلية بعث بها الملك عبد العزيز إلى ملك العراق أوائل العشرينات

TT

لم يشأ ممثل عن رجل أعمال عربي التقته «الشرق الأوسط» في لندن أمس، أن يروي كيف تمت عملية تهريب 5 رسائل تاريخية وتراثية من بغداد الى العاصمة البريطانية، لندن، عبر الأردن، كان مؤسس المملكة العربية السعودية، الملك عبد العزيز آل سعود، قد بعث بها أوائل العشرينات الى عاهل العراق، الملك فيصل الأول، ومعها رسالة سادسة من الملك العراقي الى نظيره السعودي، وسابعة الى الرئيس الأميركي الراحل، فرانكلين روزفلت، والرسائل من ممتلكات دائرة محفوظات القصور الملكية في بغداد، حتى تم تسريبها قبل شهر من هناك.

انها رسائل «مجهولة المحتوى وتراثية مهمة» كما يقول ممثل رجل الأعمال العربي، وهي أصلية ومدموغة بخاتم الملك عبد العزيز، واثنتان منها أصابهما بعض الاهتراء والتلف «الا أنهما في حالة جيدة، ومحفوظتان مع الأخريات في مكان أمين هنا بلندن» وفقا لقوله.

وقد اطلعت «الشرق الأوسط» على معظم محتويات الرسائل الخمس، وفيها يبدو واضحا كيف كان الملك عبد العزيز يتابع كل التفاصيل. وتوضح رسالة بعث بها لملك العراق في 12 مارس (اذار) 1923 كيف كان مؤسس المملكة العربية السعودية ينتبه الى التفاصيل الصغيرة، ولا يدع الأمور تمضي كيفما كان.

ففي الرسالة يشكو للملك فيصل الأول «أناسا من قبيلتين منتشرتين (في السعودية والعراق) أغاروا على طوارقنا في أواخرها لقيظ، فنهبوا منهم أباعر فحالا (جمع بعير) فيرجى اعادة المحتويات»، طبقا لما يشير في الرسالة التي روى فيها كيف أن تابع الملك عبد العزيز في ذلك الوقت، وهو عبد العزيز الرباعي، تعرض لغزوة عبر الحدود من العراق، فسلبوه ما كان بحوزته من جمال وبعض المتاع.

وفي رسالة ثانية، مؤرخة في 19 يوليو (تموز) 1923 ميلادية، يطلب الملك عبد العزيز من ملك العراق تسليمه بعض الرعايا النجديين، المقيمين في العراق، وهو ما كرره في رسالة ثالثة بعث بها اليه بعد أقل من شهرين، وتاريخها 8 أكتوبر (تشرين الأول)، وفيها يبدأ العاهل السعودي الراحل رسالته، بقوله: «من عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود، سلطان نجد، الى الملك فيصل بن الحسين، ملك العراق» ثم يبدأ بشرح تفاصيل مشاكل بعض القبائل النجدية، المقيم بعض أفرادها في العراق، متطرقا الى غاراتهم على نجد عبر الحدود العراقية، ثم يطالبه باعادتهم اليه وتسليمهم الى «السلطنة النجدية» كما كان اسم السعودية في ذلك الوقت، ويذكره بمعاهدة وقعها البلدان سابقا، وتقضي بعودة اللاجئين في العراق الى السلطنة النجدية.

من ضمن ما تم تسريبه من العراق مع الرسائل أيضا، برقية لا توضح اليوم الذي تم ابراقها فيه، لكن تاريخها يونيو (حزيران) 1923 ميلادية، وبعث بها الملك فيصل الأول الى «صاحب العظمة عبد العزيز آل سعود، سلطان نجد» ويتطرق فيها الى حشود نجدية على الحدود مع شرق الأردن، طالبا عدم البدء باطلاق النار «حيث أنني زرت عمان وأبلغت الأمير عبد الله (جد العاهل الأردني الراحل، الملك حسين) بضرورة حل المشكلة بين الطرفين». ثم يطلب من الملك عبد العزيز عدم القيام بأي رد فعل في ما لو حدثت سلبيات طارئة بين الجانبين.

وأقدم الرسائل التي وصلت أصلية الى لندن، هي التي بعث بها الملك عبد العزيز في 2 ديسمبر (كانون الأول) 1922ميلادية الى الملك فيصل الأول، وفيها يتطرق الى «زيارة معالي صبيح بك مع السير بيريس كوكس (المعتمد البريطاني في العراق) بخصوص ترتيب لقاء بين الطرفين، لحل مشكلة شرق الأردن» طبقا لما ورد في الرسالة، التي اطلعت «الشرق الأوسط» على نسخة منها.

وهناك رسالة من الملك عبد العزيز، تاريخها 26 صفر 1342 هجرية، المصادف 8 نوفمبر (تشرين الثاني) 1923 ميلادية، يرد فيها على رسالة بعث بها اليه العاهل العراقي في 14 محرّم من ذلك العام الهجري، وسلمها للملك العراقي يدا بيد، المعتمد النجدي في العراق ذلك الوقت، عبد الله دملوجي، وفيها يمتدح جهود عاهل العراق لحل مشكلة شرق الأردن.

كما قام المجهولون بتسريب رسالة من بغداد الى لندن، هي في 5 صفحات بعث بها الملك فيصل الأول في 10 مارس (آذار) عام 1945 الى الرئيس الأميركي ذلك الوقت، روزفلت، وهي بخصوص النزاع على فلسطين وعدم أحقية اليهود في التفكير باحتلالها، حيث ينهيها العاهل العراقي بقوله: «إن فلسطين عربية مثل نيوفيرجينيا أميركية». وقال أيضا إن النازية تندحر في ألمانيا وأوروبا «ولم تعد هناك مشكلة لليهود، فلماذا ترسلونهم الى فلسطين؟».

ويقول ممثل رجل الأعمال العربي، العامل والمقيم في لندن، إن جميع هذه الرسائل، مع البرقية الفيصلية الى الملك عبد العزيز «موجودة لدينا هنا في لندن بعد الاتيان بها من العراق». وقال إنها ستكمل سلسلة ما تم جمعه حتى الآن حول العاهل السعودي الراحل، وستلقي المزيد مما كان مجهولا عن طبيعة الرجل الذي فكر في التوحيد والوحدة قبل 100 سنة، حتى وحّد نجد والحجاز وأسس المملكة العربية السعودية.

=