صيغة معاصرة من الدرة اليتيمة

د. كمال أبو ديب يحقق نصا عن القصيدة الشهيرة ويدعو القارئ لتحقيق نصه الخاص

TT

أصدر كمال أبو ديب حديثا كتابه «بحثا عن الدرة اليتيمة» الذي قضى سنوات عديدة يعمل على إنجازه، عن منشورات مواقف. والكتاب بحث في أصول القصيدة المشهورة «الدرة اليتيمة» وتكوين نصها، ومحاولة لحل معضلة مؤلفها، وتحليل لجماليات الجسد الأنثوي في سياق تجربتي الزمان والمكان والقيم الأخلاقية والاجتماعية في الثقافة العربية. وهذه القصيدة بين أشهر نصوص الشعر العربي، وأكثرها رونقاً وفتنة، لكنها مجهولة المؤلف، مجهولة الزمان والمكان، ولم تلق ما هي جديرة به من الدراسة والعناية. ويقال إن أربعين شاعراً قد ادعوها، لكن نسبتها استقرت إلى ثلاثة شعراء هم أبو الشيص، وعلي بن جبلة المعروف بالعكوك، وأبو الحسن ابن وهب المنبجي. ويرجح البروفيسور أبو ديب أنها في الأصل للأخير، وأنها بعد ذلك من نتاج التأليف الجماعي ونسج عدد كبير من الشعراء على مدى العصور. وقد حقق الباحث النص من عدد من المخطوطات، ونشره في ثلاث صيغ مختلفة، إحداها الصيغة التي يعتبرها الأجمل، وبهذا يكون قد أضاف صيغة جديدة للصيغ الأخرى الموجودة في المخطوطات هي «درة كمال أبو ديب اليتيمة».

ويدعو الباحث المتلقي والقارئ، إلى المشاركة في خلق نص خاص به من الدرة اليتيمة، ومن الكتاب الذي يضمها. ومن أجل هذا الغرض، تمت طباعة الكتاب على ورق ثمين يصلح للرسم عليه، وكتب الباحث فاتحة تدعو القارئ إلى رسم أوهامه وأحلامه بجماليات الجسد الأنثوي ومضامين القصيدة الأخرى.

وقد صدر الكتاب في طبعتين محدودتين: الأولى ستكون في متناول القارئ في المكتبات، وطبع منها خمسمائة نسخة فقط، والثانية مجلدة ومغلفة ومرقمة وموقعة، طبع منها مائة نسخة فقط. وهذه الطبعة موجهة إلى الفنانين، ليقوم كل فنان برسم لوحات أصلية على أوراق الكتاب مباشرة. ويتراوح عدد اللوحات الممكنة بين العشر والعشرين لوحة أصلية بالألوان، بمختلف مادتها، في كل نسخة من الدرة اليتيمة. وقد افتتح العمل الفنان البحريني جمال عبد الرحيم الذي رسم لوحات باهرة لاثنتي عشرة نسخة من الكتاب، بينها نسختان خاصتان صنعتا للإهداء الشخصي من المؤلف والفنان. ويقوم فنانون آخرون الآن بالعمل على نسخ أخرى.

ويقول د. أبو ديب، وهو استاذ كرسي الدراسات العربية في جامعة لندن، إنه حين تكتمل النسخ المائة سيقيم معرضا للكتاب في لندن، يشارك فيه الفنانون الذين أسهموا في العمل، وإنه لا يعرف إن كان سيطيق فكرة بيع أي من النسخ بعد ذلك، كما كان ينوي أصلا أن يفعل.

يقول العديد من الذين رأوا الدرة اليتيمة إن هذا الكتاب قد يكون الأول من نوعه في العالم. فلم يسبق أن نشر كتاب يضم نصوصاً شعرية ونقدية وبحثاً أكاديمياً جاداً ويحوي في الوقت نفسه لوحات أصلية لفنانين بارزين. وقد قال مؤلفه في أمسية شعرية في البحرين بمناسبة صدوره، إن ذلك نموذج لما يمكن أن يخرجنا من إهاب تقليد الغرب ومن شراك تهمة أننا ثقافة عقيمة لا تعرف كيف تبتكر شيئا، بل تحيا على محاكاة الآخرين والنسج على منوالهم.

الكتاب من منشورات مواقف، وتوزيع المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت.

وقد تمت طباعته طباعة جميلة على ورق فاخر وباللون البني، في المطبعة الشرقية في البحرين، وأشرف على تنفيذه وصمم غلافه قاسم حداد وكمال أبو ديب، وتزين غلافه لوحة للفنان الإيراني فريدون رسولي وخطوط الفنان البحريني محمود الملا.