جون تيدمان: التلفزيون المدفوع يوفر خيارات للمشاهد لا يمكن للقنوات الحكومية توفيرها

المدير التنفيذي للشركة العربية للتوزيع الرقمي يدعو إلى تطبيق العقوبات لمنع القرصنة

TT

تتنافس ثلاث شبكات تلفزيونية كبرى على سوق البث التلفزيوني المدفوع في الوطن العربي هي «ايه. ار. تي»، «شوتايم» و«اوربت»، والمنافسة بين تلك الشبكات تشتد ضراوة، حيث يسعى كل طرف الى التميز من خلال ضم قنوات جديدة او الحصول على حقوق حصرية لأهم الاحداث الرياضية والفنية التي تحظى باهتمام المشتركين، وهذه المنافسة بين الشبكات مع وجود قنوات خاصة يجعل مهمة القائمين عليها صعبة في جذب المشتركين والمعلنين ايضا. ولتحقيق هذه المعادلة وسط هذا التنافس، تأسست الشركة العربية للتوزيع الرقمي، لتقديم خدمات التلفزيون المدفوع والخدمات التفاعلية الرقمية في كافة ارجاء الشرق الاوسط وشمال افريقيا واوروبا، وتدعم المؤسسة العربية للاعلام وهي شركة قابضة للشركة العربية للتوزيع الرقمي من خلال مجموعة دلة البركة التي اسسها الشيخ صالح كامل والأمير الوليد بن طلال برأسمال يقدر بملايين الدولارات. «الشرق الأوسط» التقت الدكتور جون تيدمان المدير التنفيذي للشركة وطرحت عليه عدداً من التساؤلات حول مستقبل التلفزيون المدفوع في المنطقة:

* كيف تبرر الخدمات التلفزيونية بنظام الدفع وجودها مع توفر القنوات الفضائية المجانية لجماهير المشاهدين؟ ـ تكمل خدمات التلفزيون بنظام الدفع ما تقدمه القنوات التلفزيونية المجانية في كل أنحاء العالم. هناك بعض المنتجات المعينة مثل الأحداث الرياضية والأفلام وبعض البرامج المتخصصة التي تعتمد على عوائد الاشتراكات لتغطي مصاريفها. في بريطانيا على سبيل المثال، انتقل المشاهدون من مشاهدة Match of the Day الى أربع أو خمس مباريات من الدوري الممتاز أسبوعيا والعديد من الألعاب الأخرى أجلت. هذا يحدث فقط في التلفزيون بنظام الدفع، وتزداد بالفعل أعداد عشاق كرة القدم. في الشرق الأوسط، تقدم القنوات التلفزيونية الفضائية للمشاهدين، الذين اعتادوا على قناة تلفزيونية حكومية واحدة، وجهة نظر غير حكومية وعالمية (حتى ولو كانت تبث من لبنان أو الكويت). ولكن التلفزيون المجاني (وهو نظام متميز في الشرق الأوسط) يمكنه أن يوفر خيارات رائعة عديدة يريدها المشاهدون. اضافة الى ذلك، العوائد الاعلانية محدودة وموزعة بين كبرى القنوات، ولذلك فان اللاعبين الجدد في السوق لا يملكون حصة فيها ولا قاعدة قوية لتحصيل العوائد. اذا، وكما هو الحال في كل دولة ومنطقة، هناك فرصة لمنصات التلفزيون بنظام الدفع مثل المنصة التي نديرها، لتقديم مجموعة من القنوات للمشاهدين توفر محتويات حصرية كالأحداث الرياضية والأفلام والبرامج الترفيهية، ولتقديم منتجات غير متوفرة أو لا يمكن توفيرها (لأسباب تجارية) من قبل القنوات المجانية.

* هل تعتقد أن التلفزيون بنظام الدفع يمكن أن ينجح في أسواق الشرق الأوسط حيث العوائد أقل من تلك التي يمكن تحصيلها في مناطق أخرى في العالم؟ ـ منطقة الشرق الأوسط تتكون من دول تعتبر من أغنى دول العالم، ودول أخرى فقيرة. وتظهر مراجعة بسيطة للدول حيث حقق التلفزيون بنظام الدفع نجاحا كبيرا أن العوائد ليست العامل الرئيسي، ومثال ذلك دول أوروبا الشرقية التي تشهد انتشارا واسعا للقنوات التلفزيونية بنظام الكابل. وتتيح القطاعات الاجتماعية والسكانية المختلفة لأي منطقة (بما في ذلك الشرق الأوسط) لمشغلي منصات الخدمات التلفزيونية بنظام الدفع تصميم مجموعة من الخدمات لتلبية متطلبات وتوقعات العملاء. ولقد سعرنا خدمتنا الأساسية (التي تحتوي حوالي 20 قناة تلفزيونية) بما يعادل 15 دولارا أميركيا، مع اختيار (أولا) قنوات اضافية في نفس الحد السعري مع تطور السوق (كما هو الحال في بريطانيا أو المجر) و(ثانيا) تتيح للمشاهدين الحصول قنوات اضافية بدفع مبلغ صغير اضافي. كما وفرنا فرصة للمشتركين لاختيار باقتهم المفضلة، وهي ميزة يوفرها مشغلون آخرون في دول ومناطق أخرى في العالم. وبتقدير المزايا الفريدة لمنطقة الشرق الأوسط، من الممكن تصميم وتسعير خدمات معينة تلبي احتياجات المنطقة. على سبيل المثال، لدينا باقة تشمل 15 قناة للعرب المقيمين في أوروبا (باقة أرابيسك) والتي تتمم ولا تتنافس مطلقا مع القنوات التلفزيونية الأرضية المحلية أو القنوات المحلية التي تعمل بنظام الدفع.

* ما هو سبب ضم قنوات فضائية مجانية مثل MBC الى باقة الأوائل، بينما تتوفر هذه القنوات على أقمار صناعية أخرى؟ ـ تقدم باقة الأوائل (وأرابيسك أيضا) عرضا متكاملا من القنوات. فعلى القمر الصناعي نايل سات، بنينا منصة ممتازة للشرق الأوسط، وعلى يوتيل سات، الذي نستخدمه في أوروبا، كان لنا فرصة توفير قناة MBC حصريا. هذا يدعم قيمة منصتنا، وكما ذكرت، يستهدف مشغلو القنوات التلفزيونية بنظام الدفع مناطق متميزة بتعدد عناصر تركيبتها السكانية. شوتايم، على سبيل المثال، تسمي نفسها «الأفضل في الغرب». سوقنا المستهدف هو سوق العائلة العربية المتوسطة، وقناة MBC أساسية لجمهورنا. ولهذا، ندعم باقاتنا لتناسب الأسواق المستهدفة.

* يواصل سوق الاعلان في الشرق الأوسط تقلصه مع ظهور قنوات تلفزيونية مجانية جديدة التي تتمتع بشعبية أكبر من شعبية القنوات الفضائية بنظام الدفع، هل توافق على ذلك؟ ـ لا أعتقد حقيقة أن حجم سوق الاعلان يتقلص. ربما ينخفض الحجم بطريقة أخرى. أولا، أخذت قناة الجزيرة جزءا من الاعلانات كان متوفرا للقنوات الترفيهية الأخرى منذ عدة سنوات. اذا، جزء من الاعلانات يذهب الى قنوات جديدة وأحيانا غير متوقعــة. لكن الامكانيات الاعلانية قليلة مقارنة بالامكانيات الاعلانية للقنوات العاملة بنظام الدفع. وأعتقد أن القنوات التلفزيونية التي تتمتع بشعبية كبيرة هي القنوات المدفوعة وليست القنوات المجانية الجديدة. عندما شفرنا قناة الدراما وقناة المنوعات (النيل)، رأينا أهمية هذه القنوات في منصات القنوات التلفزيونية بنظام الدفع. هل هناك أية قنوات مجانية جديدة أكثر شعبية من القنوات التلفزيونية بنظام الدفع؟

* في رأيك، ما هو نوع القنوات التي تعتقد أنها ستكون دائما شعبية ومطلوبة من قبل المشاهدين في المنطقة؟ ـ المشاهدون في الشرق الأوسط ليسوا مختلفين عن مشاهدي التلفزيون في أي مكان آخر من العالم. الناس يتأثرون بالأخبار ويتابعونها، خاصة أنها تؤثر في حياتهم ولهذا فانهم يهتمون بكيفية تقديم الأخبار. ولكل دولة رياضتها الوطنية، ففي مصر، كان هنالك لاعب تنس فاز في ويمبلدون، ولكن كيف تصل الى تلفزيون تشاهد فيه ما تريد عندما يكون الفريق القومي لكرة القدم يلعب مباراة معينة؟ ستبقى الرياضة المحلية مع بعض الأحداث العالمية (والتي تختلف جذريا من دولة الى أخرى) شعبية جدا. وهناك أيضا الأفلام، وخاصة الأفلام والمسلسلات العربية. والمسلسلات الاجتماعية تتمتع بشعبية كبيرة. وهناك أيضا قنوات متخصصة بمواضيع معينة يزداد عددها باستمرار والتي تلبي متطلبات أعداد قليلة من المشاهدين.

* هناك شكاوى حول زيادة في قيمة الاشتراكات في الباقات في كل مرة تضيف فيها قناة جديدة؟ ـ أعتقد أن ذلك يتعلق بأحد المشغلين الآخرين في الشرق الأوسط. بدأنا بخمس قنوات من ART بقيمة 34 دولارا قبل أقل من 12 شهرا، ونقدم الآن حوالي 20 قناة بـ 16 دولارا.

* كيف تواجهون مشكلة القرصنة، وهي مشكلة عالمية؟ ـ لقد اتخذنا العديد من الخطوات، والدعم الحكومي أهم شيء في العملية. وفي كل المجالات (النشر والمواد المسجلة والمنسوجات وغيرها) عندما تطبق القوانين الدولية والاجراءات العقابية، تتم السيطرة على القرصنة. ونفس الشيء ينطبق على مجال عملنا. ويعني ذلك أن هناك حاجة لتثقيف الناس، والتثقيف الجيد يجب دعمه بالتنفيذ الصارم للقوانين. ومن جهة أخرى، نعمل مع المتخصصين في المجالات التكنولوجية لجعل عملية القرصنة غير اقتصادية. أعتقد أنه اذا كان بامكان القراصنة الدخول الى البيت الأبيض أو وزارة الدفاع الأميركية، فان بامكانهم الدخول الى أي مكان آخر. ولكن اذا تأكدنا من عدم الجدوى الاقتصادية لعمليات القرصنة (بحيث يكون شراء المنتج الأصلي أرخص من المنتج المزيف) فان جزءا كبيرا من المشكلة سينتهي. ولكن ذلك أمر ليس بالسهل، ويتطلب جهودا كبيرة من العاملين في قطاع القنوات التلفزيونية بنظام الدفع.

* تتشارك أيه آر تي وشوتايم وأوربت في نفس السوق الصغير للمشتركين والمعلنين في هذه المنطقة، فهل تعتقدون أن احدى الشبكات ستفوز في النهاية، أم أن المستقبل سيشهد اندماجات لتحقيق خدمة أفضل لمشاهدين؟ ـ المنافسة دائما جيدة للجميع، طبعا، المنافسة على المنتجات التلفزيونية ترفع الأسعار بشكل غير حقيقي وتؤثر سلبا على عملية التوازن بين التكاليف والأرباح. أعتقد أن هناك دائما طرقاً لترشيد العملية وهذا سيمكن تحقيقه باعتقادي في السنوات القليلة المقبلة.

* هل هناك خطط لاضافة قنوات جديدة لباقاتكم في المستقبل القريب؟ ـ لقد قلت أنت قبل قليل أننا نرفع السعر كلما أضفنا قناة جديدة،، في الحقيقة، لدينا قنوات رائعة ونبحث دائما عن طرق جديدة لاضافة قيمة أفضل لعملائنا. دعني أعطيك مثالا: الرياضة من الأعمال المعقدة جدا في ما يتعلق بالحصول على الحقوق. ولقد استطعنا مؤخرا ضم قناة يوروسبورت في باقة أرابيسك الأوروبية. في الشرق الأوسط، هناك العديد من الامكانيات التي يمكن اكتشافها في الأشهر القليلة القادمة. ولكن في الوقت الحالي، نريد أن نتعرف على ما يفكر به المشاهدون بالنسبة للاختيارات الموسعة بسعر أقل. نعتقد أن زيادة عدد قنواتنا من 5 قنوات الى 30 قناة في 12 شهرا خطوة كبيرة، ويجب أن نتذكر أننا نسعى دائما لتقديم الأجود وأفضل الاختيارات، وهذا هو الأمر الذي يحظى باعجاب المشتركين وليس مجرد عدد القنوات المتوفرة.

* هل تعتقدون أن انتاج برامج باللغة العربية ذات جودة ممتازة أمر صعب حقا، لتحل محل البرامج الأجنبية المدبلجة؟ ـ طبعا، انتاج برامج ذات جودة عالية ليس بالأمر السهل. ولكني، بشكل عام، أستطيع أن أقول أن البرامج العربية الجيدة أكثر شعبية من البرامج الأجنبية المدبلجة. =