قال وزير العدل الجزائري احمد اويحيى امس ان 17 سجينا لقوا حتفهم اول من امس في حريق شب في زنزانتهم في سجن سركاجي المركزي في الجزائر العاصمة بعدما قام سجناء باشعال النار في فرشهم. وادى الحريق ايضا الى وقوع 11 جريحا.
الحادث أثار فضول سكان حي «القصبة» القريب من السجن العتيق، واثار حركة هلع خارج اسواره نظرا لتوافد أهالي المساجين الى عين المكان لمجرد سماعهم في نشرات الإذاعة نبأ الحريق.
واوضحت مصادر ان الضحايا نُقلوا قبل الفجر إلى مشرحة مقبرة العالية (غرب العاصمة)، في حين نُقل الجرحى إلى عيادة شارع باستور (وسط). أما أصحاب الإصابات الخطيرة فنقلوا الى مستشفى مختص في معالجة الحروق. وأوضح مصدر كان حاضرا وقت الحريق، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن وقائع الحادث بدأت عندما حاول سجين يبلغ من العمر 19سنة، في حدود التاسعة ليلا، قطع شرايين يديه بقطعة من زجاج مما استدعى نقله إلى المستشفى. وبعد عودته إلى داخل القاعة، لاحظ زملاؤه أنه تعرض إلى معاملة سيئة من قبل حراس السجن، فقاموا بإضرام النار داخل زنزانتهم احتجاجا وتضامنا مع زميلهم. وقالت جهات اخرى، إن المساجين أغلقوا باب القاعة مما صعب عملية إطفاء الحريق، في حين لم تستبعد مصادر أخرى إن وسائل إطفاء الحريق لم تكن صالحة للاستعمال مما أخر عملية الإسعاف إلى حين وصول رجال المطافئ. وتتراوح أعمار الضحايا بين عشرين وثلاثين سنة، جلهم يسكنون في أحياء باب الواد والقصبة بوسط العاصمة. وارتسمت حيرة كبيرة على وجوه أهالي المساجين أمام مدخل السجن، ينتظرون أخبارا عن ذويهم، في حين تجمع آخرون أمام قائمة بأسماء الضحايا عُلقت على أحد جدران السجن. نفس المشهد وقفنا عليه عند مدخل مقبرة العالية، وهناك التقينا شابا تنقل من السجن إلى هناك للتعرف على جثمان أخيه الأصغر، وكان وحده يبكي ويضرب رأسه على لوحة حديدية أسفا لمصير أخيه. ويعتبر حريق سركاجي الثاني من نوعه، منذ بداية العام، حيث توفي 21 سجينا وجُرح آخرون في حريق مماثل بسجن مدينة شلغوم العيد بولاية ميلة (شرق الجزائر)، في أبريل (نيسان) الماضي، واعترف حينها وزير العدل أحمد أويحيى بالظروف الصعبة التي يوجد فيها المساجين وأرجع الاكتظاظ الذي تعرفه السجون إلى الافتقار إلى سجون أخرى. كما أكد أويحيى، في تصريح صحافي، أمس، أنه «رغم الإجراءات المتخذة كمنع استعمال الكبريت داخل السجن وكذا مراقبة السجون وتوفير وسائل محاربة الحرائق، فإن مثل هذه الأحداث ما زالت ممكنة». ويعتبر سجن سركاجي من أهم السجون في الجزائر بحكم نوعية المساجين الموجودين فيه، ومنهم الضابط السابق في الجيش لمبارك بومعرافي المتهم باغتيال الرئيس محمد بوضياف وكذا عبد الحق لعيايدة أحد قادة ومؤسسي «الجماعة الإسلامية للإنقاذ»، الذي تسلمته السلطات الجزائرية من طرف القضاء المغربي قبل سنوات. وشهد نفس السجن أيضا في فبراير (شباط) 1995 محاولة تمرد انتهت إلى مقتل أزيد من مائة سجين من بينهم قياديون في «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المحظورة. ومشكلة اكتظاظ السجون مسألة مزمنة في الجزائر، حيث يبلغ عدد السجناء 42 الفا موزعين على سجون متداعية الامر الذي يفسر العدد المرتفع للضحايا في حوادث مماثلة. ويعود تاريخ بناء نحو مائة من سجون الجزائر التي تناهز 145 مؤسسة تأديبية الى اكثر من قرن. وتعهد احمد اويحيى بعد تفقده سجن سركاجي بتحسين اوضاع السجون العتيقة والمكتظة بالنزلاء. كما قال مسؤولون ان الحكومة تعتزم تشييد اربعة سجون جديدة يمكنها استيعاب اربعة الاف نزيل.