تحسر محمد عاطف (ابو حفص المصري) المسؤول العسكري لـ«القاعدة» وصهر بن لادن في وصيته الشرعية التي كتبها قبل ايام من مقتله في الغارات الاميركية في افغانستان على عدم انجابه اولادا ليخلفوه في «مسيرته الجهادية».
وقال: «كم كنت اتمنى ولداً يحمل عملي واسمي، اربيه على الجهاد الذي هو سمة العصر وميثاق النصر». واضاف: «اوصيكم ان تربوا اولادكم على ما كنت اتمناه لاولادي وقولوا لهم ان عمكم يدعوكم للحاق به». واستخدامه لفظ «عمكم» حسب مصادر اصولية بلندن «يشير الى شعوره باللحمة والتقارب، وانتمائه العربي والاسلامي».
يذكر ان ابنة ابو حفص المصري خديجة تزوجت محمد بن لادن في حفل عائلي بث على محطات التلفزة قبل عام تقريبا من احداث 11 سبتمبر (ايلول) 2001.
وقالت مصادر الاصوليين بلندن لـ«الشرق الاوسط» ان مقتل ابو حفص المصري يعتبر اكبر خسارة عسكرية لحقت بـ«القاعدة» في الحملة العسكرية الاميركية العام الماضي، لانه من جيل القدامي المؤسسين لـ«القاعدة»، وهو الذي تسلم راية القيادة العسكرية للتنظيم بعد مقتل المسؤول السابق ابو عبيدة البنشيري (علي امين الرشيدي) غرقا في بحيرة فكتوريا عام .1995 وقالت المصادر ان ابو حفص قتل مع 14 اخرين من قيادات «الافغان العرب» في منزل كان هدفا للطائرات الاميركية في قندهار وليس في كابل كما تردد.
وقالت مصادر الاصوليين نقلا عن شاهد عيان من «الافغان العرب» لحادث مقتل ابو حفص المصري انه قتل في مضافة «اليرموك» لقادة الافغان العرب التي تم الانتهاء من بنائها في ضواحي قندهار قبل القصف الاميركي بأربعة اشهر. واشارت الى ان المضافة كانت معلمة «محددة» بشفرة الكترونية وضعها احد العملاء من الافغان، ساعدت على احكام توجيه صاروخين دمرا المنزل تماما.
وتتكون وصية صبحي محمد ابو ستة، وشهرته محمد عاطف وكنيته في اوساط الاصوليين ابو حفص المصري، من ثلاث ورقات تلقتها «الشرق الاوسط» عبر الفاكس من احد القيادات الاصولية المقيمة في اوروبا.
وقالت مصادر اصولية ان الوصية الاصلية لابو حفص مسجلة على شريط كاسيت بصوت احد مسؤولي المكتب الاعلامي لـ«القاعدة» وقد تم تسجيلها بعد مقتل ابو حفص باسابيع، وذلك بقراءة وصيته المكتوبة.
ويتكلم ابو حفص المصري في وصيته باسم زملائه من قيادات «القاعدة» القدامى الى الشعوب العربية والاسلامية، واستخدم اسلوب «صيغة الجمع» وهو يذكر اسماء اسد الله التونسي وابو الحارث المكي وابو المقداد المصري والزبير الخليجي وابو الحسن الليبي، وهي حسب مصادر الاصوليين اسماء لشخصيات قيادية من جيل المؤسسين لـ«القاعدة».
وألقى ابو حفص المصري اللوم على هؤلاء الذين لم يسمهم والذين قال انهم «تخلوا عن الدين والعقيدة في ساحة النزال». واضاف: «قد فر سدنة المعبد وخان العقيدة حراسها واصبح الدين وامسى كفراً وتهكماً».
ويقول المسؤول العسكري لـ«القاعدة»: «لقد سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه عنكم حتى تعودوا الى الجهاد وتؤدوا الامانة الى اهلها. امانة الحكم والخلافة، وكل ما شابه ذلك من امانات».
ويضيف: «كونوا كما سموكم ارهابيين او متطرفين تقليدا لمسميات الغرب، ان قال (السيد الاميركي)، واشار فقوله امر واشاراته قرار وحسبنا الله ونعم الوكيل».
ورفضت مصادر الاصوليين ان تعلق ان كان خطاب ابو حفص المصري موجهاً في الاساس الى الطلبة او طالبان الذين انسحبوا بسرعة من كابل بعد ايام من الغارات الاميركية على العاصمة الافغانية.
ويلوم ابو حفص، وهو الرجل الثالث الذي كانت تلاحقه اميركا بعد بن لادن وايمن الظواهري، الدول العربية والاسلامية التي تنكرت لابنائها من الافغان العرب الذين حاربوا ضد القوات الروسية». ويقول: «نحن نناشدكم الله ألا تغصبونا حقنا في ان نعيش بينكم كالكرام، فلا يطرد اهلنا وتغتصب اموالنا، وألا نعامل على اننا نكرة لا قيمة لنا في تلك الحياة، أو منكر يجب ازالته».
ويستمر ابو حفص، وهو شرطي مصري سابق مفصول، في عتابه فيقول «ان هؤلاء الذين اعتبروا كنكرات في مجتمعاتهم هم الذين دافعوا عن هذه الامة».
ويضيف: «اذكروا لنا ولو فضلا واحدا بأننا نسهر لتناموا، ونجوع لتأكلوا، ونظمأ لتشربوا، ونيتم اطفالنا ونحن احياء لتربوا انتم اطفالكم، ونرمل ازواجنا ونحن احياء لتعاشروا انتم ازواجكم، اننا نفزع لتأمنوا، فاذكروا لنا هذه واحكوا عنا لابنائكم، وقولوا ان من قومنا يا ولدي اناساً نعرفهم ولا يعرفوننا ونحبهم ويحبوننا».
ويشير ابو حفص الى انه لم يكتب هذه الوصية وهذا الكلام من اجل الدنيا او منصب او السمعة او الرفعة، بل من اجل ان يبلغ رسالته لاهله في الدين، ويقول: «اني لا اقول ذلك ابتغاء شهرة او سمعة بل لاحقاق حق للتاريخ، وهو ان نحكي عن الشهداء والمجاهدين لا عن الاعداء والكافرين».
ويضيف: «ان قراءتكم لهذه الوصية معناها اني الان في نار تلظى او في جنة ونعمة فاحذركم من الرياء، وعليكم بالاخلاص والصدق، فالشهيد اما حي في النار او حي في الجنة».
ويقول قبل فقرتين من نهاية الوصية «كم كنت آمل في ولد يحمل اسمي اربيه على الجهاد فهو سمة العصر وميثاق النصر»، ويستشهد ببيتين من الشعر يقولان:
تأخرت استقي الحياة فلم اجد مثلي حياة الا ان اتقدما ولسنا على الاعتاب تدمي قلوبنا وكلنا على الاقدام تقطر دما وحسب لائحة التهم الموجهة لابو حفص في تفجير سفارتي الولايات المتحدة في افريقيا فان محمد عاطف ظل على اتصال من خلال هاتف عبر الأقمار الصناعية بالأشخاص الذين نفذوا الهجوم على السفارتين في نيروبي ودار السلام يوم السابع من اغسطس (آب) .1998 وحسب اللائحة الاميركية أيضاً، فإن ابو حفص عقد لقاءات مع منفذي الهجمات في مدينة بيشاور الباكستانية وكان الوسيط بينهم وبين بن لادن. وعلاوة على لعبه دور القائد العسكري لتنظيم «القاعدة» في بعض المراحل واشرافه على تدريب «الافغان العرب»، في معسكرات بن لادن، فإن محمد عاطف كان أيضا المستشار الإعلامي لابن لادن. وبدا ان اسم «أبو حفص» احتل مساحة كبيرة من الاهمية في ظل معلومات تؤكد انه أصبح المسؤول العسكري لمنظمة «القاعدة» في أعقاب وفاة أبو عبيدة البنشيري الذي غرق في بحيرة فكتوريا عام 1995، ابان ترتيبات لعملية هناك تحت مظلة منظمة «القاعدة». ودخل اسم ابو حفص المصري كأحد أبرز المطلوبين أمنياً داخل مصر بعد ورود اسمه في قضية تنظيم «العائدون من افغانستان». =