افتتاح مؤتمر المعارضة العراقية في لندن وسط إجراءات أمن مشددة للغاية

شارك في جلسة الافتتاح ممثلون عن الدول العظمى عدا روسيا وغاب العرب جميعا عدا الكويت

TT

افتتح امس في فندق «هيلتون ميتروبوليتان» وسط العاصمة البريطانية لندن، مؤتمر المعارضة العراقية الذي طال انتظاره بسبب التأجيلات المتكررة، وبحضور فاق توقع المنظمين له. وحسب دلشاد ميران عضو اللجنة التحضيرية فان 324 من 350 من المدعوين (أعضاء المؤتمر) لبوا الدعوة، اضافة الى ما يقرب من 600 من الصحافيين.

وحضر جلسة الافتتاح النائب الكويتي محمد الصقر، وزلماي خليل زاد مبعوث الادارة الاميركية لدى المعارضة العراقية، وديفيد بيرس عن وزارتي الخارجية والدفاع الاميركيتين وممثلون عن جهاز الامن القومي الاميركي ووزارة الخارجية البريطانية، وممثلون عن سفارات فرنسا والصين وبلجيكا واليونان والدنمارك.

واستهل افتتاح الجلسة الاولى بتلاوة آيات من القرآن الكريم، ثم قرأ فؤاد معصوم من الاتحاد الوطني الكردستاني تقرير اللجنة التحضيرية للمؤتمر والذي اعترف خلاله بوجود تنظيمات وقوى سياسية عراقية خارج المؤتمر، مشيرا الى ان لجنة التنسيق التي ستنبثق عن المؤتمر سوف تحاور هذه القوى.

وقال معصوم ان مؤتمر المعارضة العراقية واجه صعوبات عدة ادت الى تأجيله ونقل مكانه لأسباب فنية «خارجة عن ارادتنا»، مشيرا الى ان «التركيبة العراقية متماسكة وان الكل يناضل من اجل وحدة العراق».

وترأس الجلسة الاولى هوشيار زيباري من الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي دعا عبد العزيز الحكيم، وجلال طالباني، والشريف علي بن الحسين، واحمد الجلبي، واياد علاوي، وعز الدين سالم، ومحمد بحر العلوم، وصفية السهيل، وحسن النقيب ومسعود بارزاني للصعود الى المنصة لالقاء كلماتهم حسب الترتيب، وتأخر بارزاني خلال صعوده الى المنصة بسبب عدم وجود مقاعد كافية، وربما لان ترتيبه جاء في آخر القائمة.

واستعرض عبد العزيز الحكيم، الذي اشار الى انه يقرأ كلمة شقيقه محمد باقر الحكيم رئيس المجلس الاعلى للثورة الاسلامية (مقره طهران)، معاناة الشعب العراقي والجرائم التي اقترفها نظام صدام حسين.

واقترح الحكيم نقاطا يتم على اساسها بناء العراق الجديد، ومنها تجديد بناء الجيش العراقي ليكون للعراق ولجميع العراقيين وتوضيح دوره التكاملي مع المؤسسة السياسية للدفاع عن الوطن والنظام ومصالح الشعب العراقي لا مصالح الفئة او الطائفة او الجماعة»، واحترام الخصوصيات القومية والدينية والمذهبية والاعتراف بها دستوريا في اطار الوحدة الوطنية والقانون، واحترام المواثيق والعهود والقرارات الدولية وميثاق الامم المتحدة والعضوية فيها وفي المنظمات العربية والاسلامية.

كما أكد على ضرورة اقامة علاقات حسن الجوار والتعاون البناء مع الدول المجاورة والالتزام بحدودها وسيادتها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، والتعاون مع المجتمع الدولي في القضايا العالمية الهامة مثل الحرب ضد الارهاب العالمي ونزع اسلحة الدمار الشامل والجرائم ضد الانسانية وجرائم الحرب وحقوق المرأة وحقوق الانسان.

وقال الحكيم ان المجتمع الدولي ومعه الولايات المتحدة الاميركية، يقف امام امتحان كبير في مدى مصداقيته تجاه هذه القضايا الهامة، وتجاه الحرب ضد الارهاب وقضية حماية الشعب العراقي والمنطقة من الخطر الذي تواجهه على يد النظام الحاكم المستبد وتطبيق قرارات مجلس الامن.

وطالب بمساعدة الشعب العراقي باعتبار ان ذلك ما تفرضه المواثيق الدولية وقرارات مجلس الامن.

وارتجل جلال طالباني زعيم حزب الاتحاد الوطني الكردستاني كلمته كونه علم بضرورة القاء الكلمة صباح امس، واشار الى اهمية المؤتمر «رغم ان بعض الاخوة لم يكونوا راضين عنه ولم يأتوا معنا الى هذا الاجتماع، الا ان قوى سياسية فاعلة وعاملة على ارض الوطن وخارجه تشترك في هذا المؤتمر مما يعني انه مؤتمر عراقي حقيقي يعبر عن ارادة الشعب العراقي في التحرر من الدكتاتورية التي تسلطت بالقهر والارهاب على رقاب شعبنا وجلبت للعراق كوارث ومآسي منذ عهد هولاكو الى عهدنا هذا».

وطالب برحيل النظام الدكتاتوري الملطخة اياديه بدماء مئات الآلاف من العراقيين والذي شن حرب ابادة ضد الشعب الكردي وعلى الجارة العزيزة ايران التي ساعدت الشعب العراقي في المحن والايام الصعبة، ثم شن حربا ظالمة ضد الكويت وكان ذلك جزاء سنمار للشعب الكويتي الذي أغدق الاموال والمساعدات على النظام الدكتاتوري خلال حربه الظالمة ضد الجارة ايران».

وقال الطالباني: «ان دورنا ومهمتنا هي اعادة توحيد العراق شعبا وارضا وكيانا، وان العراق الموحد لن يستقر الا اذا اقيم على اساس الديمقراطية والفيدرالية ضمن وطن واحد ودولة واحدة». واضاف قائلا: «ارجوكم ايها الاخوة المسلمون، الاسلاميون، ان تتذكروا ان الحكم الدكتاتوري اساء للمسلمين كثيرا عندما استعمل كلمة الانفال في حرب ابادة ظالمة ضد الشعب الكردي أدت الى اختفاء اكثر من مائتي الف مواطن من النساء والرجال والاطفال ودفنوا احياء في الصحارى».

ولام طالباني «بعض الاخوة الذين هاجموا المؤتمر بشكل ظالم وغير واقعي والخلاف يجب ان يبقى بشكل حضاري بين اطراف المعارضة والاحزاب العراقية».

واختتم زعيم حزب الاتحاد الوطني الكردستاني كلمته بتوجيه الشكر للحضور ولمندوبي الدول، ومنهم الولايات المتحدة والكويت والدول الاخرى «كما اود ان اشكر الدولة المضيفة لنا التي استعمرتنا طويلا والتي اعادت لنا بعض حقوقنا في هذا الاجتماع».

وقال الشريف علي بن الحسين راعي الحركة الدستورية الملكية «لنا الفخر ان يضم مؤتمرنا هذا بعض ابطال الانتفاضة الشعبانية وحاملي السلاح بوجه النظام وزمرته. كما ارحب بالاخوة الذين تصدوا للنظام وهم في موقع المسؤولية».

واضاف: «ان ما جرى في الوطن الحبيب تعدى التوقعات فقد تهدمت الدولة العراقية التي انشأها آباؤنا واجدادنا الكرام بالصبر والعمل والتضحيات وضيع حاكم العراق وزمرته استقلال العراق الغالي بفعل مغامراته ونزواته وتبديد ثرواته في الداخل والخارج».

واشار الى ان تطورات القضية العراقية قد اثبتت تصدع النظام ومؤسساته وقال «الا ان الوجه الآخر لقضيتنا هو تراجع دور قرار الشعب العراقي وهبوط صوته امام ما يطرح امامه من مشاريع مستقبلية من خارج حدود العراق وارادته وهذه قد اثارت لدى المخلصين الهواجس والمخاوف، لهذا قد تعاونا سويا نحن ابناء العراق وبعد سلسلة من اللقاءات قررنا ان نقوم بما يفرضه الواجب الوطني لكي نرفع صوت العراق ويسمعه العالم».

وطرح راعو الحركة الدستورية الملكية اهداف المؤتمر، وهي العمل على ازاحة نظام صدام حسين وبجميع الوسائل المتاحة، والعمل اقليميا ودوليا على سحب الشرعية وحق التمثيل للنظام في المحافل الدولية تمهيداً لمعاقبته، والعمل على اقامة نظام ديمقراطي تعددي فيدرالي.

وألقى احمد الجلبي كلمته ارتجالاً مذكراً باجتماع صلاح الدين الذي عقد قبل عشر سنوات مشيراً الى تأييده لما قاله «اخواني» الذين سبقوه.

وأشار الى جرائم النظام العراقي الذي حظي بدعم فرنسا والولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي وبريطانيا والصين «ومكنوا صدام من امتلاك اسلحة الدمار الشامل الذي يعاقب الشعب العراقي بسببه». مشيداً بايران التي حمت آلاف العراقيين ودعمت المعارضة التي لجأت اليها. وقال «يجب ان نذكر دور الرئيس الراحل حافظ الأسد الذي استضاف المعارضة العراقية والشعب العراقي» وطالب «اخواننا المسؤولين في الجمهورية العربية السورية بالعودة الى خط الرئيس الراحل وان يقوموا بدعم الشعب العراقي مرة اخرى».

وتوجه الجلبي في خطابه «الى كافة الدول العربية والاسلامية لان يؤيدوا حركة الشعب العراقي ولا يجلدوا الشعب العراقي بحجة الدفاع عن العراق، وان من يريد الدفاع عن العراق فيجب ان يدافع عن الشعب اولاً».

وقال «في السنوات العشر الماضية، يؤسفني ان اقول ان الولايات المتحدة الاميركية خذلت الشعب العراقي مرات عديدة ولكنني فخور بأن اقول بأن الرئيس بوش عندما القى خطابه في الجمعية العمومية للأمم المتحدة بتاريخ 2002/9/12 تبنى بالكامل برنامج المعارضة العراقية فهو خصص القرار 688 على القرارات الاخرى، وطالب نظام صدام بالكف عن اضطهاد الشعب العراقي «مؤكداً ان الرئيس بوش سوف ينفذ قانون تحرير العراق». وأشاد الجلبي باختيار خليل زاد كونه مسلماً «من بيئتنا ويمثل الولايات المتحدة لدينا، وأرجو الانتباه لهذه النقطة وهذه الالتفاتة من الرئيس بوش».

وبسبب غياب اياد علاولو رئيس حركة الوفاق الوطني القى الكلملة نيابة عنه صلاح الشيخلي، الذي قال «في الوقت الذي كانت تتطاير فيه الشائعات عن احتمالات عقد هذا المؤتمر من عدمه كنا على ثقة عالية في اخوتنا في القوى السياسية الوطنية وقادة العمل السياسي بأنهم في نهاية المطاف سوف يضعون مصلحة الوطن وتضحيات شعبنا نصب اعينهم لأن يتفقوا على الحد الأدنى من وحدة الهدف والمصير».

ودعا الشيخلي «كل من يتورط في جرائم النظام الالتحاق بصفوف المعارضة الوطنية والمشاركة في الجهد المقبل لاسقاط هذا النظام».

وأكد ان زوال هذا النظام اصبح الان ممكنا بعد ان اتخذت ادارة الرئيس بوش قرارها بوجوب تغيير النظام لصالح الشعب العراقي والمنطقة والعالم».

وقال عز الدين سالم رئيس الدعوة الاسلامية وممثل القائمة الاسلامية في المؤتمر «ان العراق العزيز ابتلي ومنذ عدة عقود بأسوأ محنة تمر بها امة وبلاد، حيث غرقت الامة بالموت والظلام والرعب مشيرا الى «الامكانات الهائلة التي يمتلكها العراق وشعبه وهو جدير ببناء دولة نموذجية في هذه البقعة من العالم، حيث النفط ووفرة الماء ومواقع السياحة ومراكز المقدسات التي يعتز بها المسلمون بالارض علاوة على وجود شعب متميز بحيويته ونشاطه وكفاءته».

ودعا الى بلورة مشروع سياسي ناضج لاخراج العراق من هذه الازمة التاريخية التي خلقها «النظام المجرم الحالي» وقال «ان شعبنا يتطلع اليوم لان تكون هذه الساعات التاريخية التي تعقد فيها المعارضة اجتماعها بداية عهد جديد لعراق جديد» وان «صناديق الاقتراع هي الحاكم في مستقبل العراق».

وأكد محمد بحر العلوم «ان قدرتنا تنبع من امكانية التقاط خيوط المستقبل وليس في المراوحة والسكون عند المراحل التي تفرز بين الحين والاخر كعملية طبيعية لواقع متشابك وحساس».

وقال «علينا ان نواجه الحاضر من اجل وقفة مستقبلية لحركتنا النضالية في سبيل اسقاط النظام الديكتاتوري» مشيرا الى ان «سلامة عملنا تعتمد على مقدار احترامنا لآراء الآخرين وعدم الغائهم» وقال «علينا وضع اللبنات الاساسية من اجل اسدال الستار على افظع مرحلة سياسية وحكم دكتاتوري شهده العراق في تاريخه المعاصر، وان نعيد لجسد العراق الممزق روح العراق التي تكمن في اعادة بناء نسيجه الاجتماعي، واعادة الثقة بين مكوناته، وان ذلك لا يتم الا بإنهاء كل السياسات الطائفية والعنصرية التي مارسها النظام الصدامي ضد شيعة العراق واكراده وأقلياته».

وقالت عضو البرلمان البريطاني آن كلود «انا صديقة قديمة للمعارضة العراقية، بل منذ عام 1979 عندما التقيت بالطلبة العراقيين في ويلز وبدأت افهم ما يحدث في العراق ومن خلال بعض المنظمات العراقية التي تدافع عن حقوق الشعب العراقي، وقد حضرت عدة مؤتمرات لهم». وأضافت «ان هذا المؤتمر يختلف عن سابقيه، واستطيع القول ان المعارضة العراقية تستطيع ان تتوحد من اجل بناء عراق ديمقراطي وهذا ما يجعلني سعيدة».

وأشارت كلود الى ان العراقيين يملكون الارادة والتصميم لتغيير النظام وهم يستحقون نظاما ديمقراطيا. وقالت: «انا اتحدث بصفتي عضو في البرلمان البريطاني وفي حزب العمال الذي يحكم بريطانيا وأقول لكم ان حكومتنا لم تتخذ اي قرار بالحرب ضد العراق». وأعربت عن اسفها لما يتعرض له الشعب العراقي من مأساة وحصار وعذاب على يد نظام صدام حسين مشيرة الى استغرابها لقلة الحضور من النساء في المؤتمر.