المعتقدات الخاطئة والطب الشعبي سببان رئيسيان لتدهور حالات الصرع في السعودية

TT

اكدت الدكتورة سعاد اليماني، استشارية أمراض المخ والأعصاب للأطفال في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، لـ «الشرق الأوسط»، وجود نقص حاد في أطباء أعصاب الأطفال في عدة مناطق بالسعودية، موضحة عدم وجود أطباء أعصاب أطفال في المنطقتين الشمالية والجنوبية من السعودية، بالاضافة الى نقص كبير في عدة أنواع من أدوية الصرع الأساسية وطالبت بإنشاء لجنة وطنية لرعاية مرضى الصرع.

وبينت الدكتورة أن أبرز العوائق التي تحول دون شفاء مريض الصرع هي انتشار المعتقدات الخاطئة التي تربطه بمس الجن التي تعتبر الصرع مرضاً قابلا للشفاء بنسبة تصل %50، خاصة لدى الأطفال. وأشارت الى اعتيادها تخلف بعض من المرضى عن مواعيدهم نتيجة معتقدات خاطئة لم يسلم منها المتعلمون من الأهل. وذكرت حالة طفلة ذكية ومتفوقة دراسياً كانت تعاني من الصرع، غير أن عدم انصياع والديها للعلاج أدى إلى انتكاس حالتها عقب إيقاف علاجها بناء على نصيحة الشيخ المعالج، وتركها تعاني حالة تشنج مستمرة لأكثر من 4 ساعات، مما تسبب بنقص الأوكسجين عن خلايا المخ وأدى بالتالي إلى حدوث نقص شديد في قدراتها العقلية.

وقالت إن العلاج بالقرآن الكريم لا خلاف عليه، غير أن الله أمرنا بالأخذ بالأسباب، وهي الأدوية، موضحة أن المواظبة على تعاطي أدوية الصرع توقف التشنجات تماماً لدى 87 في المائة من المرضى نتيجة لإيقافها التهيج في الخلايا المسؤولة عن نوبات الصرع، مؤكدة أن توقف التهيج عند الأطفال لمدة معينة قد يوقف الصرع نهائياً في حالات كثيرة، فيما تخفف هذه الأدوية من حدة التشنجات أو تقلل من عددها لدى 23 في المائة من المرضى، واضافت ان الجرعة المناسبة وهي الجرعة التي تسيطر على النوبات بأقل قدر ممكن من الآثار الجانبية، واشارت الدكتورة يماني إلى ضرورة استفسار المريض النفسي عن الآثار الجانبية للأدوية التي يصفها له الطبيب، حيث تعد التشنجات من الآثار الجانبية لبعض أدوية العلاج النفسي، وذلك لمن لديه استعداد. وحول الفائدة المرجوة من اللجوء للجراحة للتخلص من مرض الصرع، أكدت وجوب توفر شروط عدة للوصول إلى الجراحة، أهمها وأولها عدم استجابة المريض للعلاج الدوائي ووجود بؤرة واحدة واضحة للصرع لا يؤدي استئصالها من الدماغ الا إلى حدوث تأثير سلبي في حياة الإنسان وقدرته على تأدية وظائفه.

وأعلنت الدكتورة يماني قيام مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالتعاون مع وزارة الصحة بإنشاء وحدات علاجية لمرضى الصرع في المستشفيات المحلية، مبينة أن إنشاء الوحدة العلاجية في مستشفى الولادة والأطفال في المدينة الذي يستقبل 1800 حالة صرع سنوياً، كان بهدف تبادل الخبرات وتقديم الدعم والمشورة للأطباء المحليين، حيث يقوم أطباء من التخصصي بزيارات منتظمة للمستشفى للكشف على الحالات، بالاضافة الى تحويل عدد من المرضى شهرياً إلى مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض لتلقي العلاج، وحول مدى فاعلية الحمية التي تطبق منذ الستينات في عيادة مايو كلينك الأميركية والمعروفة بـ (Ketogenic Diet)، بينت أن هذه الحمية يتم اللجوء إليها عند وجود طفل يعاني من تشنجات مستمرة تؤثر في قدرته على ممارسة حياة طبيعية الى جانب تأثيرها في مستواه العقلي. ونفت الدكتورة وجود أي تقصير في اطلاع المرضى على وجود حمية ينتج عن اتباعها لمدة لا تقل عن سنتين إلى توقف التشنجات نهائياً لدى الأطفال، مبينة أن اتباع هذه الحمية لدى الأطفال أمر عسير، حيث انها ترتكز بشكل أساسي على ثلاث وحدات من الدهون مقابل وحدة واحدة من النشويات والسكريات، مما يعني حرمان الطفل من العديد من العناصر الغذائية وتكمن الصعوبة لدى وصول أي قطعة حلوى أو كسرة خبز لا تنسجم مع الحمية الى الطفل، مما يعني إنهاء الحمية وعودة التشجنات، كما انه لا يوجد ضمان لتوقف التشنجات نهائياً بعد توقف الحمية.

وعلى ذات الصعيد، أكدت الدكتورة يماني، قدرة مرضى الصرع على الزواج والإنجاب والحمل ايضا، إنما تحت اشراف طبي، حيث يتم تعديل الدواء أثناء الحمل بالقدر الكافي لإيقاف التشنجات ومنع تكرارها، واعتبرت أن الآثار الجانبية للدواء على الجنين أقل من آثار حدوث نوبات الصرع، موضحة أن نسبة انتقال مرض الصرع بالوراثة من الأب للأطفال تصل إلى %3 مقابل %4 من الأم.

وعبّرت الدكتورة يماني عن معاناة الأطفال المصابين بالصرع نتيجة تعرضهم للطرد من المدارس بحجة عدم تقبل الطلبة الآخرين لرؤية منظر النوبة أو بسبب عدم قدرة الإدارة على تحمل مسؤولية ما قد يصيبهم من أخطار أثناء النوبات. واعتبرت الدكتورة المدرسة بيئة آمنة لطفل الصرع، حيث لا تتوفر أماكن الخطر بالمدرسة.

ويذكر أن الصرع ينقسم إلى صرع جزئي وصرع شامل وينتج الصرع الجزئي عن حدوث تغيرات في جزء واحد في الدماغ لا يصاحبه فقدان وعي. وتحدث التغيرات في جسم الإنسان تبعاً للمنطقة التي تحدث فيها النوبة، فإذا حدثت بمنطقة قدرة الإنسان على الكلام يفقد المريض القدرة على النطق، وإذا حدثت في منطقة الإحساس فإن المريض يفقد القدرة على الشعور، فيما ينقسم الصرع الشامل الى صرع غيابي نمطي وغير نمطي، ويبدو المريض في حالة الصرع النمطي كأنه في حالة شرود عادية، لذلك يحتاج هذا النوع الى دقة ملاحظة لدى الأهل لتمييزه، ويظهر هذا النوع عادة لدى الأطفال وقد يشخصه الأهل على أنه تصرف تلقائي فيعاقب الطفل من الوالدين أو المعلم في المدرسة وينخفض تحصيله الدراسي نظراً لتكرار حدوث النوبات لأكثر من 100 مرة يومياً ويستجيب هذا النوع من الصرع للعلاج بنسبة كبيرة.

=