د. وهيبة فارع أول وزيرة يمنية وأول وزيرة عربية لحقوق الإنسان: ديمقراطيتي تبدأ في البيت

TT

دافعت الدكتورة وهيبة فارع، وزيرة الدولة لحقوق الانسان في اليمن، عن سجل بلادها في مجال حقوق الانسان واصفة ماتورده بعض التقارير الغربية من تجاوزات وانتهاكات في هذا الجال بانه ادعاءات نمطية، تفتقر الى المصادر الموضوعية، او المحايدة. وقالت في حديث لـ «الشرق الأوسط» ان وزارة حقوق الانسان ليست مجرد اطار للتعامل مع المنظمات الدولية العاملة في مجال حقوق الانسان ، كما انها ليست مجرد ديكور سياسي، مهمته الدفاع عن سجل الدولة في هذا المجال، كما يدعي البعض، بل هي وسيط فاعل في احترام حقوق الانسان والانتصار لها.

واشارت في سياق الحديث الى التغييرات الخطيرة التي طرأت على مفاهيم حقوق الانسان، بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر، وما صحبها من تداعيات اصبحت وسيلة للضغط على الانظمة والحكومات، لتنفيذ التزامات معينة فيها مساس بحقوق الانسان، موضحة ان العرب والمسلمين هم الاكثر تضررا من تداعيات هذه الاحداث.

وتطرقت الوزيرة اليمنية في الحديث الى حقوق الانسان داخل اسرتها واهتماماتها الاخرى بعيدا عن العمل السياسي، وقدرتها على التوفيق بين التزاماتها الاسرية والعملية على مدى ثلاثة عقود تقريبا.

وهنا نص الحديث:

* كثيرا ما يزج باسم اليمن في تقارير غربية خاصة بتجاوزات في مجال حقوق الانسان، رغم وجود وزارة لها وعدد من المنظمات المدنية المدافعة عن حقوق الانسان، كيف تنظرون لهذه المسألة؟

ـ التقارير الغربية، وخاصة الاميركية منها، بشأن اوضاع حقوق الانسان في اليمن، ليست بجديدة علينا، واصبحت تقليدا نمطيا ترد فيه الكثير من الادعاءات المتكررة في التقارير السابقة، والتي سبق ان تم الرد عليها اكثر من مرة.. لكن يبدو ان هذه التقارير اصبحت من باب اسقاط واجب، فهي تفتقر في ادعاءاتها الى المصادر الموضوعية او المحايدة وتعتمد على معلومات ترد غالبا في صحف المعارضة دون ان تكلف نفسها عناء التحري عن مدى دقة او صحة هذه المعلومات.

* لكن هناك من يتحدث عن تزايد انتهاكات حقوق الانسان، بعد قيام وزارتكم؟

ـ لا شك ان وجود وزارة لحقوق الانسان، كان من ثماره تزايد مستويات الاهتمام بهذه الحقوق، من قبل منظمات المجتمع المدني ووسائل الصحافة والاعلام، وعمل كل هذه الجهات مجتمعة، باتجاه تعميق الوعي بمجالات حقوق الانسان والدفاع عنها. ساعد على ذلك المناخات السياسية السائدة والاطر الدستورية والقانونية التي تؤمن التعاطي مع مثل هذه القضايا بحرية تامة، كل ذلك جعل الحديث عن مفاهيم حقوق الانسان اكثر حضورا واولوية على غيرها، وهو ما يفسر خطأ على انه دليل على تزايد انتهاك حقوق الانسان.

* ما الذي تغير في مفاهيم حقوق الانسان بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر ؟

ـ لا شك انه تغير الكثير.. وما حدث في 11 سبتمبر في الولايات المتحدة الاميركية يعد نكسة حقيقية لكل مفاهيم ومنجزات حقوق الانسان، لتعارضه مع ابسط القيم الانسانية، كما ان تداعيات هذه الاحداث اثرت سلبا على مفاهيم ومبادئ حقوق الانسان، وبعض الدول للاسف استغلت هذه الظروف وتحركت باتجاه النيل من المبادئ العالمية لحقوق الانسان.

واعتقد ان العرب والمسلمين هم الاكثر تضررا من تلك التداعيات سواء على مستوى الشعوب او الانظمة، كما ان هذه التداعيات اصبحت وسيلة للضغط على الانظمة والحكومات للوفاء بالتزامات معينة فيها مساس بحقوق الانسان، وهذا امر يقلقنا كثيرا، وليس ادل على ذلك من ان تداعيات احداث سبتمبر وفرت غطاء للخلط بين مفاهيم النضال والمقاومة المشروعة، وبين الارهاب، قلبت الموازين واهدرت كافة المواثيق والشرائع الدولية الخاصة بحقوق الانسان.

* لكن مع مرور عام على اعلان وزارتكم، يبدو انها معنية حتى الان بالدفاع عن سجل الدولة في مجال حقوق الانسان، وليس بالدفاع عن حقوق الانسان؟

ـ انا كوزيرة دولة لحقوق الانسان انظر الى مسألة الدفاع عن سجل الدولة في هذاالمجال على انه تأكيد على احترام هذه الحقوق والدفاع عنها والانتصار لها، وهو ما يجب ان نعمل من اجله جميعا، مؤسسات حكومية وغير حكومية. فوزارة حقوق الانسان ليست اطارا للتعامل مع المنظمات الدولية العاملة في هذا المجال، كما انها ليست مجرد ديكور سياسي مهمته الدفاع عن سجل الدولة امام الرأي العام الدولي، كما يدعي البعض، بل ان التجربة اثبتت حتى الان ان الوزارة وسيط فاعل في صيانة حقوق الانسان والانتصار لها.

* انت اول وزيرة يمنية واول وزيرة حقوق انسان عربية، ماذا يعني ذلك بالنسبة لك؟

ـ التحولات السياسية التي شهدتها بلادنا وتحديدا تلك التي رافقت اعادة تحقيق الوحدة اليمنية عام 1990م ، وما تبع ذلك من انتقال نحو الديمقراطية والتعددية السياسية، كل هذه التحولات التي طرأت على الحياة السياسية كان لها تأثيرها في بلورة توجه رسمي وجاد لافساح المجال امام المرأة لتساهم بقدر اكبر في عملية المشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وهذا التوجه يؤكد جدية وحرص صناع القرار على مشاركة المرأة، وانا شخصيا اعتبر تعييني في هذا المنصب تكريما لكل نساء اليمن، وتشجيعا لهن على المشاركة والعطاء في مختلف ميادين الحياة.

* سبق تعيينك اول رئيسة لجامعة يمنية (جامعة الملكة اروى للعلوم الاكاديمية) كأول امرأة يمنية تشغل هذا المنصب، كيف توفقين بين العمل السياسي والعمل الاكاديمي؟

ـ بعد صدور قرار تعييني وزيرة دولة لحقوق الانسان وجدتني اعمل على مدى 18 ساعة يوميا لاوفق بين متطلبات العمل السياسي والاكاديمي لكن زيادة مهامي وتعددها كوزيرة ، جعلتني انأى شيئا فشيئا عن العمل الاكاديمي الذي هو جزء من شخصيتي وتكويني العلمي والسياسي.

* وكيف توفقين اذن بين متطلبات عملك كوزيرة وبين التزاماتك الاسرية؟

ـ لا شيء يقف في وجه ارادة الانسان اذا صمم على النجاح، ومسألة الالتزامات تقتضي التخطيط السليم بحيث يوظف الوقت جيدا لانجازها، سواء سياسية او اسرية، وهذه هي تجربتي على مدى 28 عاما من حياتي الزوجية والاكاديمية ثم السياسية، فلدي خمسة ابناء (بنين وبنات) اكبرهم تعمل معيدة في جامعة صنعاء، والثاني خريج جامعة الملكة اروى، والبقية ما زالوا في مرحلة الاساس، وكما بدأت معهم بحماس سأواصل بنفس الوتيرة، وعملي كوزيرة لا يتعارض مع التزاماتي الاسرية ما دامت الغاية هي الاسرة اليمنية الكبيرة.

* وماذا عن سجل حقوق الانسان داخل اسرة الدكتورة وهيبة فارع؟

ـ الحرية، العدل، المساواة، وغيرها من الحقوق، تبدأ من البيت اولا باعتباره خلية مصغرة للمجتمع، لذا انا احرص على ان اكون ديمقراطية لأبعد الحدود مع افراد اسرتي، واعتمد على الحوار كعمود للتفاهم معهم، دون ان اغفل مسألة النصح والتوجيه والارشاد، مع تطبيق المساواة في الحقوق والواجبات، وهي مبادئ تربوية تعودت عليها مع والدي واخوتي وتمتد اليوم الى اسرتي الصغيرة.

* بعيدا عن العمل السياسي ما هي اهتماماتك الاخرى؟

ـ رغم ضيق الوقت لدي، بسبب كثرة انشغالاتي، فانني استغل اي فسحة من الوقت تتاح لي وهي نادرة، لممارسة هوايتي المفضلة وهي القراءة والاطلاع ومتابعة الاحداث اولا بأول.