قضاة مصريون يتحفظون على تعيين سيدة قاضية بالمحكمة الدستورية العليا

المعارضون يعتبرون أن الشريعة والدستور يمنعان عمل المرأة بالقضاء والمؤيدون يقترحون البدء بمحاكم الأصول الشخصية

TT

رغم مرور عدة اسابيع على قرار الرئيس المصري حسني مبارك بتعيين المحامية تهاني الجبالي كقاض في المحكمة الدستورية، لتكون اول سيدة مصرية تتولى منصب القضاء في تاريخ مصر الحديث، إلا أن القضية ما زالت تثير جدلاً شديداً في الأوساط القضائية ذاتها، بالاضافة للجدل في الأوساط الدينية والسياسية.

ففي الوقت الذي أيد فيه شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي بوضوح تولي المرأة القضاء، سجلت النشرة الدورية لنادي القضاة، الذي يضم 14 ألف قاض وعضو نيابة التي صدرت اخيرا، التباين الشديد في موقف المؤيدين والمعارضين، من خلال ملف خاص حول القضية جاء في 75 صفحة.

واستند كل فريق الى آراء الفقهاء ورجال القانون والتشريع، حيث يرى المعارضون ان عمل المرأة في سلك القضاء يعد من الأمور التي يصعب تنفيذها في الواقع لانها سوف تضر بالعدالة. وقال المستشار مصطفى احمد عبيد نائب رئيس محكمة النقص: «ان الشريعة الاسلامية والدستور يمنعان عمل المرأة بالقضاء، وان جمهور العلماء، وفيهم جمهور المالكية والشافعية والحنابلة والحنفية والشيعة الزيدية والشيعة الامامية والإباضية، يرون انه لا يجوز تولي المرأة القضاء، سواء تعلق بقضايا الأموال أم بقضايا القصاص والحدود أم غير ذلك». واضاف: «استند الجمهور على رأيهم الى الآية القرآنية: «الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض»، ووجه الدلالة في الآية ان جنس الرجال قوامون على النساء بسبب تفضيل الرجال على النساء لرجاحة العقل وكمال الدين، ومن كان في حاجة الى القوامة فلا يصح ان يكون قواما على من هو قوام عليه».

وانتقد المستشار عبيد ربط هذا الموضوع بمكانة مصر وموقعها القيادي، وتصوير الأمر على ان عدم تولي المرأة القضاء فيها ينال من موقعها الريادي، موضحا ان «تولي المرأة القضاء لن يضيف الى تاريخ مصر شيئا، وليس من شأن عدم توليتها القضاء أن ينال من تاريخ مصر». وانتقد دمج موضوع تولي المرأة القضاء بكرامتها، واعتبار عدم توليتها منصب القضاء نيلا من انسانيتها وكرامتها قائلا انه «أمر غير مقبول».

* المساواة والتمييز

* وبدوره فان المستشار محمد عبد السلام أمين رئيس المحكمة الابتدائية لا يخفي اعتراضه على عمل المرأة بالقضاء قائلا: «هل عمل المرأة قاضية مساواة أو تمييز؟؟». ويقول: «مما لاشك فيه اننا لا ننازع المرأة حقها في العمل والمساواة بالرجل في الحقوق والواجبات بما لا يخل بطبيعتها كأنثى، ولا جدال ان هناك مجالات في العمل لا تصلح لها إلا المرأة، ولا يستطيع أن ينافسها فيها الرجل، وعلى هذا الاساس فإن قوى العمل في المجتمع، رجالا أو نساء يجب أن توظف وفقا لحاجة البلاد، ووضع كل فرد في ما يتناسب معه من عمل، وما يمكن له ان يؤدي فيه دوره وواجبه أفضل من غيره، والرجل في مجالات أخرى لا يطالب بالمساواة مع المرأة مثل التجنيد في القوات المسلحة، أو العمل كسائق اتوبيس أو ساعي بريد، أو العمل في مشروع توشكى، ولا شك انه يمكن التوفيق بين دور المرأة كزوجة وأم في رعاية أسرتها وبيتها إلا العمل بالقضاء.

وتساءل المستشار أمين: «ماذا بشأن مناظر الجثث؟ هذا بخلاف ما تمر به المرأة من أمور طبيعية، فهل يتصور أن تجلس المرأة لتقضي بين الناس وهي تعاني من آلام الحمل أو ينتظرها طفل رضيع في المنزل؟».

* إداري وجنائي

* أما المستشار علي فاضل حسن نائب رئيس محكمة النقض الأسبق، وعضو المجالس القومية المتخصصة، فانه يؤيد عمل المرأة في القضاء الاداري وهيئة قضايا الدولة، إلا انه يعارض عملها في القضاء المدني والجنائي، ويطالب المرأة أن تكون «قاضية في أسرتها وعادلة في بيتها حتى يتخرج من بين يديها جيل أفضل».

كما أيدت فوزية عبد الستار استاذ القانون الجنائي، والرئيس الأسبق للجنة التشريعية بمجلس الشعب التي أفردت لها نشرة نادي القضاة أربع صفحات عمل المرأة في القضاء وفقا لمبادىء الشريعة الاسلامية والدستور كما تقول في مقالها. وترى أميرة بهي الدين المحامية التقدمية المعروفة «ان عمل المرأة بالقضاء أمر ضروري رغم الصعوبات التي تواجهها». ودعت رجال القضاء الى التضافر لتحقيق حلم المرأة بالاشتغال بالقضاء.

واقترح المستشار إيهاب السنباطي، القاضي بالمحاكم الابتدائية وأحد المؤيدين للمشروع أن يتم تعيين القاضيات في محاكم الاحوال الشخصية كتجربة أولى يستفاد منها، لمعرفة الإيجابيات والسلبيات، وأن يتم تعيين القاضيات في البداية من أكفأ العناصر النسائية في النيابة الادارية لضمان القدر الكافي من الخبرة بأصول العمل القضائي وتقاليده.