في الجزء الجنوبي من السعودية عسير، عملت إمارة المنطقة على رصد كلي للمحتاجين، ووضعت برنامجا متكاملا، لخلق بيئة حضارية لمن هم أكثر حاجة من غيرهم، تعيد من حالت الظروف الطبيعية والقبلية والارتباط الشديد بالأرض دون تمتعهم بالعيش بشكل أكثر تطورا وحضارية.
وذكر حسين مخفور مدير التخطيط العمراني في مديرية البلديات بالمنطقة لـ«الشرق الأوسط»، أن إدارته المعنية بمشاريع مراكز النمو تتلقى بشكل يومي اتصالات من عدد غير يسير من رجال الأعمال في السعودية، للبحث عن كيفية المساهمة في تنفيذ تلك المشاريع، خاصة انها تخدم أبناء الوطن المحتاجين، وبتكاليف محدودة.
وابان أن مؤسسة الملك فيصل الخيرية نجحت في السنوات الماضية في بناء قرية نموذجية استفاد منها من كان يسكن في أسفل وادي الحبلة، ومشروع آخر في الحريضة، فيما قامت مؤسسة الأمير سلطان الخيرية ببناء مشروع القحمة الذي تم افتتاحه قبل نحو عامين.
وحول إمكانية مساهمة رجال الأعمال والمقاولين في مشروع واحد، ذكر مخفور، ان البعض من رجال الأعمال يتفق مع مقاولين لبناء المشروع بالكامل او أجزاء منه، وهنا يساهم رجل الأعمال والمقاول في العمل الخيري حيث يمول الأول المشروع فيما لا يتقاضى الأخير أرباحا بل يبني المشروع بسعر التكلفة.
وأوضح أن مشاركات أخرى ستأتي لاحقا من مصانع الأثاث ووكلاء الأجهزة المنزلية لتقديم المساعدة لتلك المراكز وتهيئتها لتصبح مناسبة لتوطين هؤلاء المحتاجين. مبينا أن المتصلين من فاعلي الخير يطلعون على اكثر المناطق حاجة من غيرها.
من جهته، قال المهندس فايز مندورة صاحب مكتب استشارات هندسية في جدة، انه اشرف قبل سنوات على مشاريع مماثلة في الساحل الغربي للسعودية، تمكن من خلالها بعد التنسيق مع إمارة المنطقة من بناء نحو 1200 وحدة سكنية، تغطي 32 قرية، تشمل كل قرية ما بين 45 و50 بيتا، بالإضافة إلى الأساسيات من مساجد ومدارس ومستوصفات، وتقدر كلفة تلك الوحدات نحو 25 ألف ريال (الدولار 3.75 ريال) ويتألف المنزل من غرفتي نوم ومطبخ وحمام، فيما تكلف المدرسة 150 ألف ريال، ويعود سبب تخفيض التكاليف إلى استخدام الحجر المحلي في كل منطقة، بالإضافة إلى أن العمل تطوعي، حيث لم يتقاض المهندسون المشرفون على المشروع أرباحا او مبالغ نقدية تغطي نفقاتهم.
وفي ظل البحث عن أهم المناطق المحتاجه، وقع اختيار الأمير خالد الفيصل أمير المنطقة على 11 مركزا لتكون المرحلة الأولى لتوطين السكان الذين يعيشون في حياة متدنية بفارق كبير عن بقية المواطنين القاطنين في المنطقة. وتستهدف المرحلة الأولى مراكز: مربة، وادي الحيا (كان اسمه قديما جلة الموت)، عين اللوى، خبت آل حجري، سعيدة الصوالحة، الأمواه، الحمضة، الزرق، العين، الخنقة، القيرة، وتم اختيار تلك المواقع لوجود نواة نمو قائمة، وتوفر مصادر المياه حيث أنها قريبة من المياة الجوفية، والأودية والسدود والتحلية. وسهولة الوصول والانتقال بين المراكز والمناطق الحضرية الأخرى، إذ أصبح من السهل الوصول إليها بواسطة الطرق القائمة أو بالقرب منها. كذلك وجود القاعدة الاقتصادية من توفير العمل لساكنيه سواء الزراعة واستصلاح الاراضي او السياحة او الرعي وتربية الماشية.
وطرح مجلس المنطقة اربعة تصاميم معمارية لمبان سكنية يمكن بناؤها في مراكز النمو تلك، روعي فيها اختلاف المساحات لتناسب احتياجات الأسر، وتقليص التكاليف قدر الامكان مع تلبية الاحتياجات الضرورية للسكن وتقديم أفضل خدمة ممكنة، تبدأ مساحاتها من 180 إلى 214 مترا مربعا. كلفة الوحدة تبدأ من 100 ألف إلى 192 الف ريال، والمساجد مساحتها ألف متر مربع، تكاليفه 1.1 مليون ريال. وكذلك اعتمدت نماذج أخرى لمكاتب التوعية والإرشاد، والمدارس، والمستوصف، والخدمات الاجتماعية.
وخرجت الدراسات التي أجريت في المنطقة أن المستفيدين من مراكز النمو التي تماثل ما تم تدشينه في قرى القحمة والحرضة في المنطقة الجنوبية، تبين أن الفئة المستهدفة لا تملك مقومات البناء والتجهيز، حيث تعيش معظم هذه الأسر في وضع سيئ لا يتفق مع ما تحقق لأبناء هذا الوطن، على اتساع رقعته وليس قصورا من الدولة بل نتيجة الظروف الطبيعية والاجتماعية والقبلية التي جعلت من هذه الأسر تعيش بعيدا عن مراكز الحضارة.
* اهم المناطق المحتاجه للتوطين
* مركز مربه
* تابع لأبها مباشرة، ويبعد عنها 50 كيلو مترا، ويتوفر في الموقع مخطط سكني معتمد يحتوي على 700 قطعة ومرافقها ويجري الإعداد لتوسعته ليكون أكثر استيعابا لأهالي البادية والهجر المحدودة السكان والبعيدة عن الخدمات في المنطقة الواقعة جنوب وشمال طريق أبها ـ جيزان، بما فيها ما يسمى بتهامة بني مغيد وعلكم، ويقدر عدد السكان بـ15 ألف نسمة، ويتوفر بها حاليا ما يزيد عن 19 مدرسة يدرس بها 1100 طالبا وتوفر بها مركزان صحيان ويبلغ عدد الأسر التي تراجعها 2000 أسرة، ويتوقع ان يستقطب المركز ما نسبته 50 في المائة من سكان المنطقة المستهدفة.
* مركز وادي الحيا
* يقع في تهامة قحطان ويتبع محافظة سراة عبيدة، ويبعد عنها ما يقارب 90 كيلومترا، ويعد من أصعب المراكز المقترحة وأبعدها، ويتوفر به حاليا مخططان سكنيان معتمدة بها 205 قطع سكنية والمرافق والخدمات اللازمة، وتبذل جهود لإنجاز توسعته. يعيش في ذلك الموقع وحولها الكثير من الأسر بمستوى حياة متدن. تعتمد تلك الأسر على الرعي، ونظرا لصعوبة طبيعة المكان أصبح الرعي غير مجد. وكون المياه متوفرة في الأودية، فانه من المتوقع إمكانية تنمية الزراعة في هذا المركز، كما يوجد به مركز إمارة ومركز صحي قائمان، ويمكن أن تكون هذه المقومات نواة لنمو المركز ومساعدة الأسر التي ترفض ترك موقعها.
* مركز عين اللوى
* يقع هذا المركز على الطريق الإقليمي خميس مشيط ـ نجران، ويتبع محافظة سراة عبيدة، ويتوفر به مخطط معتمد يحتوي على 281 قطعة سكنية مع المرافق والخدمات اللازمه، وتجري توسعته لاستقطاب الأسر المستهدفة.
ويخدم هذه المراكز الواقع شمال وغرب مركز الفرشة (تهامة قحطان)، نظرا لصعوبة تضاريسها وعدم إمكانية إيجاد مراكز نمو بها. وتعيش بها حاليا اسر متدنية الدخل حيث تخدمها حاليا أربع مدارس ابتدائية ومدرسة متوسطة يدرسها 300 طالب وأربع مدارس ابتدائية للبنات بها 177 طالبة.
* خبت آل حجري
* يقع في الجزء الشمالي الغربي من منطقة عسير بمحاذاة طريق (جدة ـ محايل)، الساحلي ويعتبر هذا الطريق حلقة وصل تربط مركز خبت آل حجري بعدد من المراكز والمحافظات الرئيسية (المجاردة شمالا وبارق ومحايل جنوبا) والموقع بشكل عام منبسط وتتوفر في مركز خبت آل حجري مخططات معتمدة تحوي 2954 قطعة سكنية.
ويحيط بالموقع المعني بالتطوير، من جهته الشرقية العديد من المواقع الجبلية الصعبة والتي لا تتوفر بها أي مقومات تساعد أهلها على استمرارية الاستقرار به ولوحظ أخيرا هروب الناس منها باتجاه المناطق السهلة فقد اختير هذا المركز ليكون نواة جيدة لاستقطاب القادرين منهم والمحتاجين ومساعدتهم على اتخاذ مركز نمو مناسب.
* سعيدة الصوالحة
* تقع سعيدة الصوالحة على شواطئ البحر الأحمر وتتبع إداريا محافظة محايل عسير، وتبعد عنها حوالي 250 كيلومترا وارض السعيدة سهلة ومنبسطة صالحة للزراعة وتربتها جيدة وبها آبار ارتوازية ويقدر عدد السكان بـ8 آلاف نسمة.
ويتوفر في المركز سعيدة الصوالحة مخطط يحوي على 574 قطعة سكنية مع مرافقها اللازمة. وسوف يخدم هذا المركز الأسر التي لازالت تعيش على الرعي او استقرت في مواقع غير مناسبة للنمو وبطريقة بدائية جدا ويخدمها حاليا 11 مدرسة ويدرس بها 1300 طالب وطالبة.
* الأمواه
* يقع مركز الأمواه جنوب شرق محافظة تثليث وتأسس هذا المركز 1957 ويبعد عن محافظة تثليث 120 كيلومترا جنوب شرق، وهي عبارة عن طرق وعرة، ويبلغ عدد سكان هذا المركز حوالي 15 ألف نسمة، ويوجد به ما يقارب 79 قرية وهجرة، ويعتبر من أفضل مراكز المحافظة من حيث كثرة السكان. لتوفر الخدمات وانتشار المدارس والمحطات الحكومية وغيرها وشبكة الطرق الداخلية.
المركز المقترح يخدم بلدة الأمواه والقرى والهجر المجاورة والمكون غالبيتها من مساكن شعبية متناثرة ومتواضعة التنفيذ، ويمكن أن يخدم هذا المركز القرى والهجر الواقعة جنوب وجنوب غرب الحمضة إلى المنطقة الواقعة شرق الطريق الإقليمي (خميس مشيط ـ تثليث ـ الرياض). ويتوقع أن يوطن البادية الواقعة شرق مركز الأمواه إلى حدود منطقة عسير مع نجران، ويوجد في المنطقة المستهدفة حاليا 18 مدرسة ابتدائية يدرس بها 768 طالبا، مشتتة في المنطقة لا تتوافر فيها الامكانات التي تواكب المستوى التعليمي العام بالسعودية، نظرا لقلة عدد الطلاب في كل في مدرسة، كما يخدمها أربع مدارس بنات يدرس بها 92 طالبة وهي لا تختلف عن مدارس البنين كما يوجد في المنطقة المستهدفة ثلاثة مراكز صحية.
* الحمضة
* يقع جنوب محافظة تثليث ويبعد عنها بحوالي 58 كيلومترا، وقد أنشئ هذا المركز عام 1982، ويبلغ عدد سكانه نحو 5 آلاف نسمة، يتوزعون في 15 قرية، ويخدم مركز النمو المستهدف بناؤه في المنطقة، السكان المتناثرون في الجزء الشرقي من الطريق الإقليمي (خميس مشيط ـ الرياض)، إلى حدود الأمواه جنوبا، بالإضافة إلى قرى آل حمدان والهدود شمالا، ونظرا لوجود الجبال في المنطقة الشرقية منه، إلا أن التوسع في النمو في الجهة الجنوبية القربية منه ممكنة، كما ان وجود نواة للتنمية في الوقت الحاضر تتمثل في وجود مخططين سكنيين معتمدين تتوفر فيهما كافة الخدمات الحكومية تساهم في تنمية المركز، كما تمت توسعة المركز بمخطط آخر ليصبح عدد القطع السكنية حوالي 914 قطعة ويوجد حاليا أربع مدارس ابتدائية يدرس فيها 175 طالبا، ومدرستان للبنات بها 180 طالبة، كما يوجد مركز صحي ومقر للشرطة.
* الزرق
* يقع مركز الزرق شرق مدينة تثليث بـ50 كيلومترا، ويبلغ عدد السكان أربعة آلاف نسمة، ويتوفر بها مخطط سكني به 700 قطعة، ونظرا لوقوع المركز شرق الطريق الأقليمي الذي يربط خميس مشيط بالرياض، بمسافة 30 كيلومترا يرتبط به بطريق ترابي، ويتوقع أن ينتعش المركز، حين تتم سفلتة ذلك الطريق، ويوجد في المنطقة المستهدفة أربع مدارس بنين بها 289 طالبا ويوجد بها ثلاث مدارس للبنات بها 178 طالبة ومركز صحي واحد.
* العين
* يعتبر هذا المركز من أقدم المراكز في المحافظة حيث تأسس عام 1956 ويقع جنوب شرق محافظة تثليث بمسافة 196 كيلومترا، تربطه بها طرق متعرجة ترابية وعرة، يبلغ عدد سكانه 3500 نسمة، يتوزعون على القرى والهجر المنتشرة حوله ويستهدف المشروع تركيز الخدمات بهذا المركز ودعم الأسر المحتاجة.
* الخنقة
* يقع شرق محافظة أحد رفيدة ويبعد 80 كيلومترا عن ويربطه طريق مسفلت يزيد عن 50 كيلومترا، ويبلغ عدد سكانها 3500 نسمة، بها مخطط حكومي 400 قطعة مع مرافقها، وفي المنطقة 11 مدرسة يدرس بها 376 طالبا وطالبة. ويستهدف إنشاء مركز النمو الحد من الهجر المبعثرة وتركيزها في هذا الموقع من تشجيع الاسر المحتاجة لتوفير السكن الملائم قرب الخدمات اللازمة لها.
* القيرة
* يقع على طريق الرياض ـ خميس مشيط ويبعد عن محافظة تثليث 80 كلم باتجاه وادي الدواسر، يبلغ عدد سكان المركز 5.1 ألف نسمة، يتوزعون في 9 قرى، كما توجد به مدارس يدرس بها 98 طالبا وطالبة ويتوفر به مخطط به 289 قطعة سكنية.
ويخدم المركز المنقطة الواقعة على جانبي الطريق بين الرياض وخميس مشيط، ويتوقع له ان يساهم هذا المشروع في توطين البادية الواقعة في تلك المنطقة إلى هيوه ربه جنوبا، ويتوقع ان يوفر صرحا تعليميا والعمل لسكان تلك المنطقة والتي تغلب عليها حياة البادية.