ذهب صدام ولكن رجاله باقون برضا المسؤولين الأميركيين

مسؤولون وأعضاء بارزون في حزب البعث يعودون لتولي مسؤوليات في إدارة مدينة الموصل

TT

سمح الجيش الأميركي لعدد من مناصري صدام الأقوياء سابقا بالعودة لاستلام مناصب في السلطة المحلية بمن فيهم رجل دين سبق له، قبل عدة أسابيع فقط، أن حث المسلمين على مقاتلة الوحدات الأميركية حتى الموت.

وهذا القرار جاء بعد الوصول إلى قناعة مفادها أن إبعاد كل المسؤولين الذين لهم صلة بصدام حسين سينجم عنه حكومة ضعيفة جدا لن تكون قادرة على إبقاء وحدة العراق. وتأمل القوات الأميركية في الموصل أن ذلك الإجراء سيكسب تأييد أعدائهم عن طريق السماح لهم بالمشاركة في مجلس المدينة المؤقت.

وقال الشيخ بدر الهلالي إمام أحد المساجد الذي سُجن في السابق لانتقاده صدام حسين «نحن نخشى من ان مغادرة المستبدين الحكم تعني ان يحتل المهربون والكذابون مكانهم». وضمن أعضاء مجلس إدارة محافظة الموصل الجديد هناك العضو القوي الشيخ صالح خليل حمودي الذي يرأس مجلس العلماء المسلمين في الموصل. وسبق لحمودي أن أصدر فتوى بعد مرور عدة أيام على بدء القصف الأميركي على العراق يعلن فيها أن من الواجب الديني أن يحارب المسلمون القوات الأميركية. وقال حمودي في فتواه «يواجه العراق الباسل معركة نبيلة وصادقة ضد الغزاة الإمبرياليين والصهاينة الذين يكرهوننا... إنهم يهدفون إلى تدمير الإسلام ووجوده لتحقيق أهدافهم في السيطرة على العالم وضمان أمن الصهيونية ومستقبلها».

وأواصر حمودي القوية بنظام حزب البعث المخلوع معروفة بشكل واسع في شمال غربي العراق وهو ابن عم سلطان هاشم وزير الدفاع السابق الذي يوجد اسمه ضمن قائمة الأسماء المطلوبة من القوات الأميركية.

وانتُخب حمودي إلى مجلس المدينة المؤقت ضمن 150 عضوا آخرين يوم 5 مايو الحالي على الرغم من تطمينات آمر القوات الأميركية في الموصل من ان الاستخبارات الأميركية ستقوم بطرد أي مرشح كان على علاقة وطيدة بالنظام المخلوع.

وقال الميجور جنرال ديفيد بترايوس المكلف بإدارة شمال غربي العراق عسكريا وآمر الفرقة 101 المحمولة جوا إنه على علم بالمشاعر المعادية للولايات المتحدة بين الزعماء الدينيين في الموصل. واعترف في مقابلة جرت معه أنه لم يخبَر بأي شيء حول فتوى حمودي، وقال إنه قد يطلب من الإمام أن يسحب هذه الفتوى في تصريح رسمي. وقال بترايوس إنه يراقب عن قرب حمودي وآخرين للتوثق من أنهم لا يعملون بشكل سري كي يخربوا عملية التحول نحو الديمقراطية.

وقال بترايوس إنه طلب من حمودي ان يحث الناس على تأييد الحكومة المحلية المؤقتة لمحافظة الموصل ومطالبة الجمهور بالصبر أمام المشاكل مثل نقص الغازولين والغاز المستخدم للطهي.

وقال بترايوس أول من أمس «اظن أنه بدأ يقوم بذلك، لكننا بدأنا (هذا التوجه) منذ فترة قصيرة فقط ونحتاج إلى وقت أطول. يجب أن أقول لك إن هناك نقاشا دائرا حاليا ضمن الوسط الديني، وهناك نقاش دائر حاليا أيضا ضمن الكثير من الأوساط». وقال بترايوس إن أفضل طريقة للنجاة في فترة صدام هو الاعتصام بالكذب «هناك مشكلة ثقة مع كل شخص». لكن هناك عملية «تقييم مستمرة لأولئك المشاركين في الحكومة المحلية الجديدة وبعض الموظفين الذين هم ليسوا ضمن لائحة المجلس المؤقت قد أبعِدوا عن مناصبهم بسبب خداعهم».

وطلب بترايوس من حمودي وأعضاء المجلس والإدارة الآخرين أن يوقعوا على استمارات تؤكد عدم انتمائهم إلى حزب البعث وهم يدينون ذلك الحزب وصدام ونظامه.

مع ذلك فإنه لأمر واضح للكثير من الناس في الموصل أن بعض الذين وقَّعوا على هذه الوثيقة لديهم انتماء طويل الأمد مع حزب البعث المخلوع. وضمن الذين وقَّعوا كان هناك عدنان داود سليمان عضو إعلام حزب البعث الذي كان يرأس قسم الصحافة في الموصل. وهو حاليا مكلف بالعلاقات الإعلامية لرئيس مجلس إدارة الموصل المؤقت غانم باسو اللواء السابق في الجيش العراقي. وباسو نفسه كان عضوا في حزب البعث لفترة طويلة وقال إنه اجبر على التقاعد من الجيش من قبل صدام حسين سنة 1993 بعد إعدام أخيه الذي كان قائدا للقوة الجوية العراقية.

بينما قال حمودي إنه لا يجد أي سبب للتراجع عن الفتوى التي قدمها في مارس الماضي والتي طالب في آخر الفتوى بشن حرب على «الكفار»، لكن حمودي قال إن وحشية نظام صدام لم تترك أمام مجلس العلماء المسلمين أي خيار آخر سوى إصدار فتوى من هذا النوع. وجاء في الفتوى أيضا اتهام للقوات الأميركية والبريطانية بأنها تحاول «تدمير الروح القتالية لأمتنا وإيقاف الثورة الفلسطينية المباركة والاستيلاء على حقول نفط المنطقة» ومهاجمة الإسلام عن طريق «نشر القيم غير الأخلاقية في المنطقة». وأضاف حمودي إن تلك «الفتوى كانت مؤقتة من أجل إنقاذ أنفسنا فقط». وأصر حمودي على أن أعضاء مجلس علماء الدين في محافظة الموصل كانوا تحت تهديد النظام في حالة عدم توقيعهم». وأضاف حمودي: «الآن ومع تغير الوضع ليست هناك حاجة إلى أي فتوى أخرى. إنها مسألة ليست لها أي أهمية».

* خدمة «لوس أنجليس تايمز» ـ خاص بــ«الشرق الأوسط»