السعودية: يوسف العييري المطلوب رقم 10 بقائمة الـ 19 غاب عن أسرته سنوات ووالده لم يفجع بنبأ مقتله

صالح العييري: لم أعرف عنه شيئا حتى ظهرت صورته في بيان الداخلية

TT

«لم أره منذ سنوات، ولم يبلغني صوته كذلك، ولذا فإنه خبر مقتله لم يفجعني كثيراً». هكذا قال رجل الأعمال صالح فهد العييري حين استقبل «الشرق الأوسط» في منزله يوم أمس في الدمام وهو يعلق على نبأ مقتل ابنه يوسف في حائل والذي يعد رقم 10 على قائمة الـ 19 المطلوبين أمنياً لوزارة الداخلية.

كان صالح متماسكاً وهادئاً بعض الشيء وهو يتخاطب هاتفياً طوال نهار يوم أمس مع بعض الجهات المسؤولة في منطقة حائل لبحث سرعة تسلم جثمان ابنه من سلطات الأمن لكي يتسنى لأسرته دفنه في مدينة بريدة في منطقة القصيم مسقط رأسه.

لم يكن لديه أول الأمر ما يقوله تعليقا على حادثة مقتل ابنه في المطاردة الأمنية التي أسفرت عن مقتل رجلي أمن وإصابة 3 آخرين حين ألقى ابنه وزميله قنبلة يدوية عليهم ورافقها تبادل كثيف في إطلاق النار من الطرفين انتهى بمقتل يوسف واستسلام زميله بعد حصار دام ساعات في منطقة برية من مساء السبت إلى صباح أول من أمس. وبعد أن هدأت وتيرة اتصالاته الهاتفية وهدأت أعصابه قليلاً، سأل صالح وكان يفضل أن ندعوه بـ «أبو أحمد» على الفور «ماذا تود أن أقول في هذا الظرف؟»، وتابع بعد أن صمت لثوان «نحن في ظرف أمني حساس تعيشه الدولة والمجتمع ولابد أن تتوحد مشاعرنا في اتجاه حفظ الأمن والمجتمع»، إلا أنه استدرك وقال «يوسف أحد أبنائي الذين تراهم هنا، وهو مختفٍ منذ سنوات. ولا يعلم عنه أي شيء إلى حين صدر بيان وزارة الداخلية المتضمن قائمة المطلوبين الـ19. لقد فاجأتني صورته، إلا أنه من بعدها لم نسمع له أي صوت»، «لقد قضى نحبه، بصورة لم نتمن يوماً أن يكون عليها أحد أبناء الوطن».

في احدى زوايا المجلس الذي ضم والد يوسف وأشقاءه أحمد وعبدالسلام وعبدالمجيد وأحد أقاربهم، كان شقيق يوسف الأصغر ينظر باتجاه صورة شقيقه الذي غاب وهي تنتشر على الصفحات الأولى من الصحف المحلية المتوزعة في أرجاء المجلس، كان يحدق النظر طويلاً أمام صورته وبجانب منها صورة أخرى لموقع الحدث في منطقة حائل، ويبدأ حينها في تبديل نظراته من يوسف إلى أبيه دون أن يقدم أي تعليق.

وكان الحديث ينتقل بين الأب وابنيه أحمد وعبدالسلام في بحث واستجداء للوصول الى رأي حول ما حدث، إلا أنهم أجمعوا على الرفض التام لكل ما بدر. ردود الفعل في المنزل كانت هادئة، وقد بدأوا يؤمنون بأن ما حدث كان شيئا مكتوبا وقضاء من الله، ويشير عبدالسلام «منذ سنوات لم نره، ولذا كما قال والدي، صدمة فقدانه كانت أقل من الطبيعية، فنحن افتقدناه ليس امس بل من سنوات». وقد زار ثلاثة من أسرة العييري مستشفى حائل صباح أمس وتمكنوا من التعرف على جثة يوسف المحفوظة في ثلاجة المستشفى، إلا أن موعداً أكيداً لتسلمها ودفنها بعد الصلاة عليها لم يتحدد بعد «حتى غروب شمس يوم أمس».

ولد يوسف في مدينة بريدة قبل أن ينتقل في أول عمره مع أسرته إلى مدينة الدمام بعد أن حصل والده التربوي على التقاعد الحكومي المبكر ليتفرغ للتجارة، فدرس يوسف في المدارس الحكومية بحي الجلوية وانقطع عن دراسته حين سافر إلى أفغانستان للقتال إلى جانب نظام طالبان البائد، وسبق أن أوقف في الأجهزة الأمنية للاشتباه به في حوادث أمنية، إلا أنه أفرج عنه بعد ثبوت براءته من التهم التي وجهت إليه. وكان يوسف العييري قد بعث برسالة قبل ثمانية أيام تناقلتها صفحات الحوار على شبكة الإنترنت وعنونها بـ «رسالة من يوسف العييري أحد المطلوبين التسعة عشر إلى عموم المسلمين»، حاول خلالها تبرير موقفه في التغيب والاختفاء ونفى صلته بشقة اشبيليا التي ضبطت بها المتفجرات في السادس من مايو (أيار) الماضي، أو أية علاقة مع الأسماء التي تضمنتها قائمة الـ19، إلا أنه عاد في الرسالة وعلق على رسالة أحد المطلوبين في القائمة علي الفقعسي وأكد على «صحة نسبة الرسالة إليه، وإني أؤكد في رسالتي هذه على ما قاله في رسالته»، وأشار في الرسالة إلى أن بيان الوزارة لن يشغله عن «جهاد اليهود والصليبيين، ولن تجرنا إلى مواجهة مع رجال الأمن». واستدرك في الرسالة وشدد على أنهم يحتفظون «بحق دفع الصائل المعتدي علينا مهما كان شكله وهيئته وانتماؤه ودينه، فمن أراد إيصالنا لأميركا، أو تنفيذ ما تريده بنا فسنعامله كما لو كان أميركياً، وسندفع عن أنفسنا الظلم والعدوان بكل الوسائل، ومن أراد السلامة منا فلا يتعرض لنا، ولن نتعرض لأحد سوى العدو الذي وضعناه أصلاً في مشروع جهادنا وهو العدو الصليبي واليهودي»، فجاءت نهاية يوسف كما أشار لها في بيانه حين تمت الملاحقة واستخدمت فيها قنابل يدوية قتلت رجلي أمن وأصابت ثلاثة آخرين قبل أن يلقى حتفه.

وتطرق يوسف في رسالته إلى الشأن التحذيري حين شدد على عدم التعاون مع رجال الأمن في التبليغ عنهم وقال عن جماعته الذين وصفهم بالمجاهدين «احذروا من الوشاية بهم، واحذروا من الإعانة عليهم، فمن فعل هذا فليعلم أنه معين للصليبيين على إخوانه المسلمين، وما أعظم جرم إعانة الكافر على المسلم».

ولم ينس العييري جانب أسرته حين أشار لفقدان رؤيته لطفلتيه، وقال «هذه كلمات أرسلها لبناتي حيث حال بيني وبين رؤيتهن» قبل أن يختتم رسالته بقصيدة ركيكة في وزنها ضمت 16 بيتاً.