الأصولي المصري سيد نصير المدان بقتل كاهانا يتحدث لـ«الشرق الأوسط» من الحبس الانفرادي في السجن الأميركي: لم أصل «الجمعة» منذ هجمات سبتمبر وأولادي قاطعوني وزوجتي الأميركية طلقتني

قال إنه لم يلتق عمر عبد الرحمن وكبار الأصوليين المدانين في قضية تفجيرات نيويورك 1993 الذين يوجدون معه في نفس السجن

TT

قال السيد نصير الاصولي المصري البورسعيدي الذي ادين بالتورط في قتل الحاخام مائير كاهانا زعيم حركة كاخ العنصرية في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) 1990، ثم اتهم في قضية تفجيرات نيويورك عام 1993، عبر الهاتف لـ«الشرق الأوسط» من سجنه الاميركي، انه لم يصلّ الجمعة منذ هجمات سبتمبر (ايلول) 2001 في واشنطن ونيويورك، ولم ير ولديه عبد الرحمن وعبد العزيز منذ عام 1995.

واوضح ان زوجته الاميركية السابقة حصلت على الطلاق نهاية العام الماضي بموجب حكم فيدرالي طلبته من المحاكم الاميركية. وذكر ان زوجته السابقة تتخوف على مستقبل ولديها، وهما في بداية العشرينات من العمر من الاتصال به او زيارته بسبب ادانته في قضايا «ارهابية»، مشيرا الى «انه يتفهم حرص الام من الحملة المستعرة ضد الاسلام والمسلمين في الولايات المتحدة».

وقال نصير الذي يقضي عقوبة السجن مدى الحياة انه موضوع في الحبس الانفرادي في الزنزانة رقم 108، في الدور الاول من الوحدة «دي» من سجن فلورنس، شديد الحراسة في ولاية كولورادو الاميركية منذ اغسطس (آب) الماضي. مشيرا الى انه مراقب داخل زنزانته من خلال كاميرا فيديو تعمل على مدار الساعة، بعدما نقلته ادارة مصلحة السجون الاميركية الى هذا السجن. واشار الى ان عدد المسلمين في سجن كولورادو لا يتعدى العشرة في المائة من مجموع السجناء، بينهم عمر عبد الرحمن الزعيم الروحي لـ«الجماعة الاسلامية» المصرية المحظورة، الذي يقضي عقوبة السجن المؤبد في قضية تفجيرات نيويورك عام 1993، بالاضافة الى اسلاميين آخرين ادينوا معه في نفس القضية، منهم ابراهيم الجبوني، وفاضل عبد الغني، وطارق الحسن.

لكن نصير نفى ان يكون قد التقى عمر عبد الرحمن المحتجز في زنزانة تحت حراسة مشددة على بعد عشرات الامتار من زنزانته، او أيا من المساجين الاسلاميين الآخرين، بسبب قيود الحراسة المفروضة عليهم، مشيرا الى انه: «مسموح له الخروج فقط من زنزانته للرياضة لمدة ساعة ونصف في اليوم، وكذلك مسموح له اجراء مكالمتين هاتفيتين في الشهر، كانت احداهما التي خص بها جريدة «الشرق الأوسط».

وقال ان ظروف الاحتجاز في السجن الاميركي ساءت كثيرا عما كانت عليه في سجن لامبارك بولاية كاليفورنيا، وسجن بولارك بولاية لويزيانا، مشيرا الى انه يحاول بسبب «تأبيدة السجن» او طول مدة السجن وابتعاد قدامى الاصدقاء عنه خوفا من الملاحقة، وهو كما وصفه «هوس امني» يجتاح الولايات المتحدة بعد هجمات سبتمبر، الانغماس في احداث الحياة اليومية، وملاحقة ما يدور حوله من اخبار في العالم، وخاصة احداث الانتفاضة الفلسطينية وخريطة الطريق، والوضع في العراق.

وقال الاصولي المصري ان السلام في منطقة الشرق الاوسط مصطلح غير مفهوم، وذلك لان كلا الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي ينظران الى القضية بشكل مختلف ولن يصلا ابدا الى تسوية.

واشار الى انه كتب رسالتين بالقلم الرصاص عقب احداث سبتمبر الماضي، وارسلهما الى الرئيس الاميركي جورج بوش ووزير خارجيته كولن باول، لانه لم يكن مسموحا له عقب وضعه في الحبس الانفرادي سوى استخدام اقلام الرصاص في الرسم وكذلك في كتابة الرسائل.

وقال انه تابع الحرب على العراق من خلال تلفزيون ملون صغير موضوع في زنزانته، عبر قنوات «سي بي اس»، و«فوكس» و«ان بي سي» التي كانت تقدم خدمات اخبارية على مدار الساعة. وتطرق الى ان محطة «سي بي اس» الاميركية طلبت اجراء مقابلة تلفزيونية معه داخل السجن حول مشروعه الذي يتبناه الخاص بالسلام في منطقة الشرق الاوسط الذي يسميه بـ«دولة ابراهيم الفيدرالية» مشيرا الى انه عرض مشروعه للسلام في ثلاث رسائل متتالية من سجنه الى البيت الابيض، لكن ادارة السجون الاميركية رفضت السماح له باجراء المقابلة التلفزيونية.

وكان نصير كتب قصة طويلة داخل السجن الاميركي، اشبه بعمل روائي تحت اسم «الجوهرة المفقودة»، وهي تتحدث عن انخراط اصوليين مقربين من القاعدة في تجارة الماس في دول غرب افريقيا، والقصة فيها كثير من الخيال الروائي. ورسم نصير برؤية فنية التشابكات بين الاسلاميين بحثا عن الكنز المفقود، ووقوع البعض منهم في ايدي المباحث الاميركية، اثناء عملية التنقل بين دول القارة السمراء. وارسل نصير النسخة الوحيدة من قصة «الكنز المفقود» الى «الشرق الأوسط»، لعلها تجد طريقها الى عالم النشر، على حد قوله.

والاصولي المصري له بعض «الشطحات العلمية» منها دراسة علمية عن اهرامات مصر ارسلها لـ« الشرق الأوسط» منذ عدة اشهر اشار فيها الى ان الاهرامات التي بناها الفراعنة في مصر، بنيت اساسا بسبب حدوث زلزال في مصر في الزمن القديم. وقال ان وظيفة الاهرامات هي تثبيت الارض المسطحة الخالية من الجبال الطبيعية، لامتصاص اكبر كمية من الهزات الارضية.

وتحدث نصير، وهو فنان متخصص في النحت وخريج قسم التصميمات الصناعية بكلية الفنون التطبيقية بجامعة القاهرة عام 1979، عن خدمة جديدة في السجن الاميركي عبر شاشة التلفزيون، وهي تقديم «برامج تعليمية» عبر قنوات مغلقة، مثل الجامعة المفتوحة.

وتطرق الى تلقيه دروسا في علم النفس عبر الشاشة الصغيرة مثل برنامج «التحكم في الغضب» الذي اجتازه بنجاح، بالاضافة الى برامج اخرى عن «تاريخ الحرب العالمية» و« تاريخ اوروبا»، مشيرا الى انه في نهاية البرامج ترسل ادارة السجون اسئلة تحريرية في صورة امتحانات، ثم ترسل الاجوبة الى اساتذة في الخارج لتصحيحها. وقال «يوم الجمعة مثلا تقدم برامج دينية اسلامية من الساعة 12 الى الخامسة، والامر يتكرر يوم السبت بالنسبة لليهود، والاحد بالنسبة للمسيحيين». واضاف ان البرامج الدينية الاسلامية عوضت حرمانه من نظام الائمة في السجون الاميركية.

واشار نصير الى انه رفع مؤخرا دعوتين قضائيتين ضد الحكومة الاميركية، اولاهما تتعلق بالمطالبة بوضعه في سجن تحت حراسة «متوسطة» وليس شديد «الحراسة»، اعتمادا على انه لم يخالف بنود لائحة السجون الاميركية منذ عام 1995.

وبالنسبة للقضية الثانية قال الاصولي المصري انها «تتعلق بدراسته التي اعدها قبل عدة اعوام، والتي حملت اسم دولة ابراهيم الفيدرالية باعتبارها الحل الامثل لضمان السلام في الاراضي المحتلة بين الفلسطينيين والاسرائيليين.

واشار الى انه ركز في اجراءات التقاضي على انه يقدم مشروع دولة ابراهيم الفيدرالية «خدمة للامن القومي الاميركي». وقال ان هذا المشروع هو «الوسيلة الوحيدة لوقف الارهاب في المنطقة»، مشيرا الى انه يطالب في القضية كذلك بالافراج عن جميع السجناء السياسيين، الذين ادينوا في الولايات المتحدة على خلفية الصراع العربي ـ الاسرائيلي.

ووصف نصير نفسه في حديثه لـ«الشرق الأوسط» بأنه «سجين ازمة الشرق الاوسط» وهو يرى ان المفاوضين، يدورون داخل دائرة مغلقة لا يمكن ان تقودهم في طريق الحل النهائي. واشار الى انه ارسل نسخة من مشروع «دولة ابراهيم الفيدرالية» الى السيدة الاولى السابقة هيلاري كلينتون قبل مغادرتها البيت الابيض.

واوضح نصير ان السبب في وضع اسمه على لائحة الاتهام في قضية تفجيرات نيويورك عام 1993، الى جانب عمر عبد الرحمن الزعيم الروحي لـ«الجماعة الاسلامية» المصرية، رغم وجوده في السجن الاميركي منذ نهاية عام 1990، يعود الى زيارة اثنين من المتهمين الرئيسيين في القضية له، وهما محمد سلامة ومحمود ابو حليمة وكلاهما صادر ضده حكم بالسجن لمدة 107 اعوام.

وقال ان حيثيات الدفاع اكدت براءته بانه لم يشارك في التخطيط او التحريض على ارتكاب أي شيء ضد الاهداف الاميركية، خاصة ان الرقابة الشديدة المضروبة عليه لا تعطي له او لأي سجين، فرصة تدبير مثل هذه الامور، حتى الزيارات التي تسمح للمساجين باستقبال عوائلهم، تتم تحت سمع وبصر اجهزة الامن والعدسات الالكترونية التي تراقب كل شاردة وواردة بين المساجين والزائرين.

وقال «ان الدفاع قدم كثيرا من الادلة في تفنيد التهم القاسية الموجهة لي، مثل تهمة التحريض على ارتكاب مثل هذا العمل الذي يحتاج الى دراسات مستفيضة وخرائط ضخمة، وغيرها من الوسائل التي تحتاجها عملية التنفيذ». وأضاف انه بالرغم من كل ذلك فقد تمت ادانته بالسجن مدى الحياة في محاكمات وصفها بأنها صورية وغير عادلة، ولم تأخذ المحكمة الاميركية برأي ممثلي الدفاع او الادلة التي قدموها، بل تحولت المحاكمات الى توثيق قانوني لتجاوزات ضباط المباحث الفيدرالية الـ«إف. بي. آي». وقال «يبدو ان السلطات الاميركية كان لها رأى آخر في تلك القضية، وهو ان اي عداء للسياسة الصهيونية يعتبر معاديا لها».

واعرب عن امنيته في ان تتحرك جمعيات حقوقية مصرية او اميركية للافراج عنه او السماح له بقضاء مدة العقوبة في أي سجن مصري، او «على اقل تقدير ان تتحرك قلوب بعض القراء في مراسلته في سجنه الاميركي».

=