رجل الأعمال السوري صائب نحاس: جدّي أسس أول مصنع نسيج آلي في سورية ووالدي أسس أول مصنع «تريكو» وأنا أسست أحدث مصنع أدوية في المنطقة

قال لـ«الشرق الأوسط» : دبي تضم 440 فندقاً وهناك 44 أخرى قيد الإنشاء ولا يوجد لدينا سوى سلسلتين من الفنادق.. أيعقل ذلك؟

TT

لا يقتصر وجود رجل الاعمال السوري البارز صائب نحاس على مجال واحد انما نجد بصماته في اكثر من مجال، من السياحة والفندقة الى الصناعة ووكالات السيارات فمجموعة «نحاس انتربرايز غروب» «Nahas Enterprises Gr» التي يترأس مجلس ادارتها هي الوكيلة الحصرية في سورية لسيارات فولفو وبيجو. كما ان نشاطاتها المتعددة تمتد ما بين سورية ولبنان والعراق.

وخلال وجوده في بيروت التقته «الشرق الأوسط» في حوار حول التحديات والتغييرات التي يشهدها الاقتصاد السوري في المرحلة الحالية، كما احتلت السياحة حيزاً كبيراً من الحوار نظراً للاهمية التي تلعبها اليوم في الاقتصاد السوري لا سيما مع السعي الحثيث الذي يبذله صائب نحاس لتنشيط هذا المجال وهو الذي انشأ اخيرا فندق «سفير» في دمشق.

* تعمل منذ مدة على تفعيل السياحة في سورية، لا سيما السياحة الدينية اذ انشأت فندق «سفير» قرب مقام السيدة زينب. وتعد السياحة بنظر الكثير من المجالات الامنة للاستثمار (خصوصاً في العالم العربي لتوفير موادها الاولية) لا سيما اثر الهبوط الذي حصل في الاسهم بعد تداعيات احداث سبتمبر (ايلول). فهل هذا ما دفعك نحوها؟

ـ اعمل في السياحة منذ العام 1965 وأرأس اكبر شركتي سياحة في المنطقة. احداهما «ترانزتور» ومركزها سورية ولها امتدادات في العالم العربي بالاضافة الى عدد من وكالات السفر والسياحة. وفي ما يتعلق بالفندقة، انجزنا مشروع «مشتى الحلو» منذ ثماني سنوات ونعمل حالياً على انجاز مراحل اخرى فيه. كما يفترض انجاز مشروع «عمريت» في جنوب طرطوس في منطقة اثرية تاريخية. الهدف من انشاء فندق «سفير» قرب مقام السيدة زينب كان لتفعيل السياحة الدينية لا سيما بالتعاون مع ايران والعراق. وبالنسبة للسياحة في سورية، فهي تتمتع بكل انواع الجذب السياحي، اذ تتوفر لديها المواد الاولية وجميع انواع السياحة من آثار وبحر فضلاً عن السياحة الدينية. بمعنى آخر لديها البنية التحتية وتنقصها البنية الفوقية. هناك نقص هائل في الفنادق في سورية. وهذا خطأ حصل ولا مجال لتعداد اسبابه. اذا ما قارنا ما بين سورية والاردن، نجد ان كل السلاسل الفندقية موجودة في الاردن منذ 20 عاماً، بينما في سورية لا يوجد سوى اثنين،وهذا لايعقل، لا سيما اذا اخذنا بعين الاعتبار مساحة الاردن ومساحة سورية. كذلك اذا قارنا ما بين سورية ودبي، واذا تأملنا دبي فهي تضم 440 فندقاً وهناك 44 اخرين قيد الانشاء في مشروع «النخلة». كما انه تم صنع المقومات السياحية. وهذا دليل حكمة من الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، فقد جعل دبي محط انظار ومركزاً بارزاً في الخليج والعالم العربي. وجاء هذا كنتيجة لمناخ كامل استحدث وفق تكامل ما بين شركات الطيران والفنادق. يجب مجاراة المتغيرات العالمية، لم نعد نستطيع التكلم بالسياحة كما كنا نحكي بها قبل 20 سنة. اذا اردنا الحديث عن السياحة يجب الحديث عن سلسلة كاملة، لان كل هذه العوامل مرتبطة ببعضها. يجب ان نحكي في النقل والتجارة والتمويل المصرفي للتشجيع ووجود هيئات تحمي. موقع سورية الاستراتيجي المتميز يجعلها بلداً سياحياً بارزاً لكن ما من خطوات لتفعيل ونمو السياحة. هناك اتفاقات وضعت مع الاردن ولبنان منذ 10 سنوات ولم تفعّل الى اليوم. وهنا تجدر الاشارة الى اننا لن نستطيع العمل بلا انسجام في القوانين بين مختلف القطاعات. ويمكن القول ان السياحة اضحت عمود الفقري في الاقتصاد الوطني للعديد من البلاد، منها على سبيل المثال النمسا.

* كيف تصف الاقبال على فندق «سفير» من خلال اداء عام ؟

ـ جيد جداً، وعملنا على توسيعه فانجزنا المرحلة الثانية والمرحلة الثالثة قيد الانجاز.

* من الواضح انك تسعى الى تفعيل السياحة الدينية، هل تعتبرها ذات عائد جيد؟

ـ العتبات المقدسة في سورية كثيرة جداً وهناك استثمارات ضخمة ستوظف فيها فلذلك لا بد من مواكبة لها عبر انشاء الفنادق لاستيعاب هذا التطور.

* من الواضح ان الرئيس بشار الاسد يسعى الى تطوير الاقتصاد من خلال اتباعه نهج الانفتاح وتشجيع انشاء المصارف الخاصة. الى اي مدى تعتبر هذه العوامل مساعدة لتنشيط السياحة؟

ـ الرئيس الاسد يبذل جهوداً جبارة في هذا المجال لكن للاسف بين حين وآخر تعترضه ظروف سياسية تعيقه وتأخذ الكثير من وقته المخصص للانجازات الاقتصادية. ثم ـ برأيي ـ انه ولتطوير الاقتصاد يجب توظيف كوادر متخصصة وحالياً هي غير متوفّرة. الخبرات محدودة جداً ويجب الاستعانة بالكفاءات الاجنبية. تطوير الاقتصاد عمل يحتاج الى خبرات على مستوى دولي كي توجد سورية على خارطة السياحة العالمية. لذلك يجب ان يكون التطوير السياحي ضمن مناخ استثماري متكامل. فلا بد من ايجاد هذا المناخ وحلول لتجاوز التشريعات القديمة. تعديل هذه التشريعات امر بالغ التعقيد فلذلك ارى انه من الافضل اصدار تشريعات جديدة والغاء القديم بدلاً من تجديدها.

*يقال ان السياحة هي من اكثر المجلات ربحاً، ما رأيك؟ ـ يمكن ان نقول انها تشكل العمود الفقري لاقتصادها. خذ فرنسا دولة صناعية ونووية، مع ذلك تشكّل السياحة جزءاً كبيراً من دخلها اذ يزورها حوالي 80 مليون سائح في السنة، ما يفوق عدد سكانها! بلا شك ان السياحة اضحت العمود الفقري في الكثير من الاقتصادات.

* بالمقابل هي قطاع هشّ وخطر كونه يتأثر جداً بالعوامل المحيطة به؟

ـ من هذه الناحية لايمكن اعتبارها مشكلة، لانه يفترض على الدولة ان تدعم وتساعد عند المرور بالازمات.

* وهل تعتبر ان هذا القطاع في سورية آمن؟

ـ نعم لان سورية تتمتع باستقرار سياسي! والاستقرار السياسي افرز استقراراً امنياً واقتصادياً. ضمن هذه المعطيات تأتي السياحة تحصيل حاصل. ولولا ازمة المنطقة لكانت سورية في مقدمة الدول المستقطبة للسياح.

* ما مصير العقود التي اجيزت من الامم المتحدة ضمن برنامج "النفط مقابل الغذاء" والتي تصل الى حوالي 9 مليارات يورو ولم يفتح بها اعتماد؟

ـ العقود الموقعة والمصدّقة من الامم المتحدة تبلغ حوالي 7 مليارات دولار. يبلغ المتوفر منها ـ كاعتمادات 3.5 مليار دولار. والعمل جار على تأمين المبلغ المتبقي.

* وما النشاط الذي كنت تمارسه من خلال «النفط مقابل الغذاء»؟

ـ كنا موردين عامين لوسائل نقل ومولدات كهربائية ومواد غذائية وادوية.

* يلاحظ ان اميركا تسعى للتفرد بالسوق العراقي، هل تخافون من احتكار اميركي؟

ـ التخوف موجود ولاميركا رغبة باحتكار هذه السوق لكن ما كل ما يتمناه المرء يدركه. واميركا ستواجه مشاكل اذا ارادت التفرد بالسوق العراقي ما سيدفعها الى التخلي عن هذه الخطة. برأيي، عملياً يصعب تطبيق ذلك.

* استفادت سورية من التبادل التجاري الذي حصل مع العراق قبل سقوط النظام، ألا تخشى أن ينعكس الوضع الحالي سلباً على الاقتصاد السوري؟

ـ تنوع ركائز الاقتصاد السوري يمنحه صلابة ويحصنه تجاه الأزمات العابرة. ثم ان هناك 5 اتفاقيات تصب في مجال التجارة الحرّة موقعة مع لبنان والاردن ومصر. الولايات المتحدة تسعى الى تسوية مع سورية كونها دولة محورية في المنطقة ولا يمكن تجاهلها وحينها المصالح السورية ستؤمن. تعاون سورية مع الولايات المتحدة في مكافحة الارهاب والعديد من المواضيع الاخرى سيعود بفوائد جمة على الاقتصاد السوري. ما من اقتصاد بلا سياسة والعكس صحيح. والقرار السياسي يفرزه قرار اقتصادي والمصالح الاقتصادية تفرز القرار السياسي. لذلك انا لست متشائما. هذا لا يعني انه ما من مشكلة بتاتاً لكن بالمقابل ليست مستعصية على الحل.

* تشهد سورية انفتاحاً اقتصادياً ملفتاً. الى اي مدى من الممكن ان يشجع ذلك رجال الاعمال العرب على الاستثمار خصوصاً ان كثيرين منهم يشتكون من ان النظام السوري صعب للعمل؟

ـ تحاول سورية التحول من اقتصاد اشتراكي موسع الى اقتصاد سوق وذلك يحتاج الى عدد من المقومات والاجراءات. تاتي الرياح بما لا تشتهي السفن، الظروف السياسية التي تشهدها المنطقة تعيقنا بالاضافة الى عدم توفر الكوادر البشرية. الحل يكمن في استعادة السوريين العاملين في الخارج لان هذه الخبرات لا تخلق بين يوم واخر وتتطلب جيلاً كاملاً. وهنا تجدر الاشارة الى ان وجود الجامعات الخاصة يفيد جداً.

*انت موجود في العديد من المجالات من السياحة الى وكالات السفر واستيراد السيارات (كونك الوكيل الحصري لـ فولفو وبيجو) الى صناعة المواد الغذائية والادوية...؟ أي مجال تعتبره الاكثر ربحاً والاحب اليك؟

ـ الصناعة في دم العائلة ونحن صناعيون اباً عن جد. جدّي أسس اول مصنع نسيج آلي في سورية ووالدي أسس اول مصنع «تريكو» في سورية. وانا اسست اكبر واحدث مصنع ادوية في المنطقة. الصناعة متعة وهي التي تضيف الى الاقتصاد الوطني لا سيما ان سورية لديها الكثير من المواد الاولية وللاسف الكثير منها يصدر. يجب التصنيع ثم التصدير. حتى البترول يجب ان يصدر كمشتقات نفطية وليس كنفط خام. القطن السوري من اجود انواع القطن يجب ان يصدر كألبسة جاهزة وليس كقطنٍ خام. الدولة سعيدة بما يدر عليها ـ تصدير القطن الخام ـ من ملايين الدولارات نحن لسنا سعداء لانه اذا صنع سيدر على الوطن اضعاف ما يدر الآن، لا سيما ان هناك توجه في العام نحو المواد الطبيعية للالبسة. المطلوب ان ندخل الصناعة العالمية من اوسع ابوابها لذلك يجب الوصول الى تعاون سوري ـ اجنبي. من ناحية اخرى حتى الفوسفات السوري يجب ان يصنّع ثم يصدر. يجب التوقف عن تصدير المواد الخام.