السعودية: عفو ملكي عن ستة بريطانيين وكندي اتهموا بقضايا تفجيرات الرياض والخبر عام 2000

TT

أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز عفوا عن ستة بريطانيين وكندي، اتهموا بارتكاب حوادث تفجيرات في الرياض والخبر عامي 2000 ومطلع .2001 وقال لـ«الشرق الأوسط» أمس صلاح الحجيلان المحامي السعودي المكلف الدفاع عن المتهمين، في البداية: اتقدم بالشكر الجزيل باسمي وباسم مكتب الدكتور احمد التويجري لخادم الحرمين الشريفين بمناسبة صدور العفو عن موكلينا. اما بشأن القضية، فقد قمنا باستئناف قوي جدا للحكم الصادر ضد موكلينا، مما ساهم في تسهيل تلك الإجراءات والانتهاء الى المرحلة الحالية من الإفراج عنهم بعفو ملكي.

وربط الحجيلان تلك التفجيرات بنشاط تنظيم «القاعدة» أو غيره، ممن يستهدفون الأبرياء ويركزون على الأجانب الغربيين منهم، وان العمل الإجرامي من تلك التفجيرات كان يهدف إلى ترويع الناس سواء كانت الحوادث صغيرة أو كبيرة.

وأوضح أن فريقا بريطانيا مكونا من ثمانية أفراد وصل إلى السعودية قبل أيام، وهو مكون من حارسين وأربعة أطباء ومختصين نفسيين، وقد غادروا مع المتهمين المعفى عنهم إلى خارج السعودية.

وأوضح أن المتهمين وقعوا قبل خروجهم على ورقة تمثل اعتذارا للحكومة السعودية على ما تسببوا به من إزعاج للبلاد والمواطنين والمقيمين، مبينا انه بعد اعترافاتهم التي ظهرت على التلفزيون الرسمي، تم سحبها وهي خطوة تجوز شرعا، في حال غياب الباعث الجنائي، وبعدم وجود دافع مادي وراء ذلك، وانه في لحظات معينة يمكن للإنسان ان يتصور انه سيخدم قضيته عن طريق الاعتراف المبكر ثم يندم على ذلك.

وبشأن اثر الافراج عن المتهمين من الناحية السياسية، اوضح صلاح الحجيلان انها خطوة ايجابية يفترض النظر إليها بشكل يتناسب مع حجم الفعل نفسه، على الرغم من وجود أضرار وقعت، لكن يفترض تكاتف بلدان العالم عامة وتحديدا في هذه القضية السعودية وبريطانيا من اجل محاربة الإرهاب العالمي، والتغاضي عن الشكليات البسيطة مثل موضوع الاعترافات او التعويضات وغيرها.

ولا يتوقع الحجيلان ان تكون هناك دعوى مقابلة يرفعها المتهمون ضد السعودية للتعويض عما واجهوه، على اساس انهم عاشوا فترات طويلة تمتد ما بين 10 و15 عاما في البلاد. ونوه الى ان النظام القضائي السعودي فيه جوانب مشرقة كثيرة بما فيها امر التعويضات متى ما كان هناك خطأ غير مقصود ضد متهم ثبتت براءته. لكني ـ والحديث له ـ نصحت عملائي باعتبار ملف القضية منتهيا، كي يسهم ذلك في تفرغ الدول لمحاربة الارهاب بصرف النظر عن جوانب في قضايا صغيرة.

على الصعيد نفسه، قال مكتب الحجيلان في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه أمس، إن صدور هذا العفو يُظهر مدى روح التسامح التي يتحلى بها أولو الأمر من القائمين على شؤون المملكة العربية السعودية، ويعكس مدى حرصهم على إبراز الجوانب الإنسانية في العفو وهي لُب الشريعة الإسلامية السمحة. واضاف ان الفريق المكلف الدفاع عن هؤلاء المتهمين، والذي كان يمثله المحامي صلاح الحجيلان، بالاشتراك مع الدكتور احمد التويجري، بذل جهداً قانونياً ملحوظاً في قضية تميزت بالصعوبة والتعقيد بالنظر إلى الحساسيات والملابسات التي كانت تحيط بها، لخطورة الجريمة المنسوبة إلى المتهمين، وكون حوادث التفجيرات غريبة على المجتمع السعودي، وانتماء المتهمين إلى جنسيات أجنبية. وأضاف ان اعتبارات أخرى متناقضة ومتشابكة من بينها، البث التلفزيوني المُبكر لاعترافات المتهمين ثم عدولهم عنها لاحقاً، وتذبذب مواقف المتهمين، واعتراف اثنين منهم بالتهم المنسوبة إلى الجميع، وغياب الباعث الحقيقي على ارتكاب تلك الجريمة، وإصرار المتهمين على رفض الدخول في أي ترتيبات للإفراج عنهم مقابل الإدلاء باعترافات، ثم ظهور شاهد جديد في اتجاه الإدانة. وقد ألقت كل هذه الاعتبارات بظلال كثيفة على مهمة الدفاع، الذي كان يتعين عليه في آن واحد مساعدة القضاة في تكوين قناعتهم للوصول إلى الحقيقة، وإقناع الرأي العام العالمي بالنموذج الإسلامي للعدالة الجزائية.

واشار إلى انه «لم يكن من الممكن أن ينجح فريق الدفاع في هذه المهمة الثقيلة إلا بفضل الله وتوفيقه أولاً، ثم بفضل الدعم والتأييد اللذين ساهما بشكل فعَّال في هذا النجاح من جانب الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية، الذي ساهم بدور دبلوماسي مؤثر في حسم هـذه القضـية، وكذلك من جـانب الجهات المعنية التي ساهمت بدور كبير في كفالة واحترام الحقوق والحريات الأساسية للمتهمين وأيضا للمحامين. وهما يستحقان من الفريق المكلف الدفاع الامتنان والتقدير، ومن دون أن يغفل هذا الفريق تثمين الجهد المميز الذي بذلـه السفير ديريك بليمبلي، السفير البريطاني لدى المملكة العربية السعودية، والذي أمد فريق الدفاع بالعون والدعم الفعَّال».

وافاد البيان انه يلزم في هذا المقام إلقاء الضوء على الأنظمة الجزائية والقضائية التي أصدرتها السعودية مؤخراً، والتي تؤكد سماحة الإسلام وحرصه على حماية كرامة الإنسان وآدميته من خلال توفير كافة الضمانات التي تكفل أداء العدالة الجزائية على أفضل وجه. فقد لاقت تلك الأنظمة استحساناً وقبولاً من كافة ممثلي المنظمات العالمية المعنية بالدفـاع عن حقوق الإنسان، وكذلك من مندوب هيئة الأمم المتحدة للدفاع عن استقلال القضاة والمحامين، والذين تمكنوا من عقد اجتماعات مكثفة مع مكتب المحامي صلاح الحجيلان للتعرف منه على ملابسات القضية، والعمل على إتاحة الفرصة لهم للقاء مع المتهمين، مما يعتبر بحق تأييداً للسياسة التي تنتهجها المملكة في هذا الصـدد.

إن المعالجة القانونية لقضية المتهمين بحوادث التفجيرات كانت تستلزم الكثير من الخبرة لمجابهة التحديات التي كانت تمثلها هذه القضية بأبعادها المختلفة. وقد تصدى مكتب صلاح الحجيلان لهذه القضية معتمداً على ممارسات سابقة في تناول قضايا ذات أبعاد مماثلة خلال مسيرته الطويلة في ميدان العمل القانوني، والتي امتدت لأكثر من أربعين سنة. وكان بعض نتاجها النتائج الايجابية الملموسة التي نجح فيها صلاح الحجيلان في إرساء مفهوم مميز لفكرة دية القتل العمد أو حق الدم وكيفية تقديرها عند تطبيقها بين أطراف أجنبية. وكان ذلك بمناسبة القضية الخاصة بالممرضتين البريطانيتين اللتين تمت إدانتهما بقتل زميلة لهما استرالية الجنسية، حيث مهدت تلك المرافعة إلى الحل السياسي للقضية ومنح العفو للممرضتين.

ولا بد أن يشيد مكتب صلاح الحجيلان بالتعاون المُثمر والبناء الذي حظي به من قبل مكتب الدكتور احمد التويجري، عضو مجلس الشورى السعودي. واختتم البيان بالاشارة الى الجهود التي تضافرت من أجل طي ملف هذه القضية، والتي جاءت المكرمة الملكية بالعفو عن هؤلاء المتهمين تتويجاً لها، إنما بُذلت انطلاقاً من الالتزام بتطبيق أحكام الشرع الحنيف، وتأكيداً لضرورة إقامة العدل وإعلاء كلمة الحق، وايماناً بقوله تبارك وتعـالى «وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم».