رئيس لجنة صياغة الدستور العراقي يؤكد على صيغة انتخابات المحافظات

السياسي الكردي فؤاد معصوم لـ«الشرق الأوسط»: كركوك ليست كردية لكنها تابعة لكردستان العراق

TT

عندما تنسحب قوات الاحتلال من العراق في يونيو (حزيران) المقبل، ستكون هناك عدة مسائل معقدة عالقة لحين اختيار المجلس (البرلمان) الانتقالي. وابرز هذه المسائل هي الصيغة النهائية للدستور، صيغة الحكم الفيدرالي لاقليم كردستان العراق وحل مشكلة العائدية الجغرافية لمدينة كركوك المتنازع على هويتها ما بين الاكراد والتركمان والعرب.

وحسب الدكتور فؤاد معصوم، عضو المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني ورئيس اللجنة التحضيرية لوضع آليات صياغة الدستور، فإن مسألة الدستور يبدو ان لها حلا بالرغم من اصرار المرجع الشيعي السيد علي السيستاني بضرورة اجراء انتخابات عامة. والحل يكمن بانتخابات جزئية في المحافظات لتشكيل المجلس (البرلمان) الانتقالي الذي سيكلف هيئة لصياغة الدستور سواء كان دائما أم مؤقتا.

وقال الدكتور معصوم في حديث هاتفي لـ«الشرق الاوسط» من مقر اقامته في مدينة السليمانية في كردستان العراق ان هناك عدة مشاريع تم تقديمها لمجلس الحكم المؤقت بشأن الدستور العراقي، «وكان ابرزها المشروع الكردي ومشروع الدكتور عدنان الباجه جي»، مشيرا الى انه سيكون هناك مجلس رئاسة يتألف من ثلاثة اشخاص، كما سيتم خلال الفترة الانتقالية اعتماد العلم والشعار والنشيد الوطني العراقي الذي كان مستخدما في الجمهورية الاولى للعراق.

وأضاف بأن الحزبين الكرديين، الاتحاد الوطني الكردستاني والديمقراطي الكردستاني قطعا اشواطا متقدمة في موضوع توحيد الادارتين الكرديتين في كردستان العراق كونهما جادين في سبيل تحقيق هذا الهدف المهم والضروري، مشيرا الى ان المكتبين السياسيين للحزبين سيعقدان اجتماعا يوم غد لبحث آليات توحيد الادارتين.يذكر ان محافظة السليمانية تقع تحت ادارة حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، بينما يدير الحزب الديمقراطي الكردستاني محافظتي اربيل ودهوك. وفي ما يلي نص الحديث:

* ماهي النتائج التي توصلت لها اللجنة التحضيرية لصياغة الدستور؟

ـ كانت مهمتنا هي الاعداد لوضع آلية كتابة الدستور وليست لكتابته وقد حددنا صيغ هذه الآلية لكتابة الدستور الدائم او المؤقت وقدمنا تقريرنا الذي يتضمن مقترحاتنا الى مجلس الحكم الانتقالي وبالتالي اعمال هذه اللجنة انتهت.

* ولمن سيعهد بصياغة الدستور؟

ـ حسب فتوى المرجع السيد علي السيستاني وقانون الدولة العراقية، فإنه من الضروري اجراء انتخابات عامة للمجلس الوطني(البرلمان)، الذي من حقه تشكيل لجنة لصياغة الدستور،ولكن السيستاني تفهم صعوبة اجراء هذه الانتخابات واشترط حضور هيئة محايدة من الامم المتحدة للتأكد من هذه الصعوبات. وقد اوجدنا مخرج يتلخص بأن تجرى انتخابات جزئية في كل محافظة لتشكيل مجلس(برلمان) مؤقت يتولى مهمة صياغة الدستور والموافقة عليه وعلى الحكومة الانتقالية بعد ان يطرح الدستور للاستفتاء الشعبي.

* ماذا تعني بانتخابات جزئية؟

ـ ان يتم تكليف مؤسسات المجتمع المدني كالنقابات والاتحادات ورجال الدين ووجهاء كل محافظة لجمع ما بين خمسمائة الى الف شخص ينتخبون ممثلين عن المحافظة،على ان يكون عدد ممثلي كل محافظة يتناسب ونسبة عدد سكانها، وهذه انتخابات نصف شرعية لتشكيل برلمان انتقالي ريثما تنتهي المرحلة الانتقالية لتتم الانتخابات العامة.

* وحتى تشكيل هذا البرلمان من سيتولى ادارة المسائل العالقة؟

ـ حاليا مجلس الحكم الانتقالي موجود وهو الذي يتولى مسائل عديدة معقدة ومعلقة مثل الدستور والفيدرالية وموضوع الدين والدولة.

* وهل هناك مشاريع معينة للصيغة الاولية للدستور؟

ـ هناك عدة مشاريع، لكن اهمها المشروع الكردي ومشروع الدكتور عدنان الباجه جي، والذي سحب مشروعه بعد ان قرأ المشروع الكردي واقتنع به.

* وما هي ابرز نقاط المشروع الكردي للدستور العراقي؟

ـ تشكيل البرلمان الانتقالي،هيئة رئاسة للعراق تتألف من ثلاثة اشخاص، تشكيل الحكومة وانتخاب رئيس للحكومة من قبل الوزراء، حصول الحكومة على ثقة البرلمان الانتقالي، استقلالية القضاء،الحرية الفكرية وإلى آخره من النقاط الكثيرة التي تتناول مختلف اوجه الحياة والسياسة. كما سيتم اختيار العلم والشعار الجمهوري والنشيد الوطني الذي كان مستخدما في العهد الجمهوري الاول للفترة الانتقالية حتى تجري الانتخابات واختيار الحكومة وكتابة الصيغة النهائية للدستور.

* وماذا سيكون دور مجلس الحكم الانتقالي الحالي؟

ـ حسب الاتفاق الموقع بين مجلس الحكم والحاكم المدني الاميركي بول بريمر، فان المجلس الحالي ينتهي ويحل مثلما ستحل صيغة الحاكم المدني وصفته بعد انتهاء الاحتلال.

* وهل تعتقد ان صيغة الاحتلال ستنتهي وينسحب الاميركيون؟

ـ الاميركيون يريدون انهاء صيغة الاحتلال ولو شكليا ولكن القوات الاميركية ستبقى في بعض القواعد في العراق وهذا تقرره الحكومة العراقية القادمة، اعني عدد القوات التي ستبقى والقواعد التي سيتم استخدامها.

* وماذا عن وضع كردستان العراق؟

ـ حسب الاتفاقات مع الحاكم المدني ومجلس الحكم، فإن منطقة كردستان العراق ستبقى مثلما هي عليه حاليا من دون تغيير وخلال الفترة الانتقالية يتم التطبيع للانتقال الى الحكم الفيدرالي.

* ماذا تعني بالتطبيع، مع من؟

ـ اعني الحوار حول المناطق الكردية التابعة لكردستان لكنها حاليا خارج المنطقة، وكذلك ايجاد حل للعرب الذين ارسلهم صدام حسين الى المناطق الكردية من اجل تعريبها وطمس هويتها الكردية واعادة المهجرين من كردستان الى بقية مناطق العراق.

* تعني تهجير العرب؟

ـ ليس تهجيرهم وانما اعادتهم وفق ضوابط معينة مثل منحهم تعويضات مناسبة لاعادة استقرارهم في مناطقهم الاصلية، يعني الذي جاء من الناصرية نقوم بتعويضه ليعود الى مدينته ومعه مبلغ من المال يمكنه من الاستقرار هناك.

* هذه السياسة سوف تبدو مشابهة لسياسة تهجير الاكراد التي قام بها النظام السابق، الان انتم تهجرون العرب؟

ـ لكن هذه المناطق ليست مناطقهم، صدام جاء بهم وهجر السكان الاصليين،وهم أخذوا حقوق غيرهم من اراض وبيوت.

* لماذا لا تعوضون الاكراد العائدين ليستقروا في كردستان بدلا من تهجير العرب الذين سكنوا في كردستان منذ اكثر من عشرين عاما؟

ـ الاكراد سيعودون الى بيوتهم واراضيهم، وهذه البيوت والاراضي تمت السيطرة عليها من قبل النظام السابق ومنحها للوافدين من العرب.

* هناك اراضي تابعة للدولة منحت للعرب الذين اقاموا في كردستان والحكومة بنت لهم بيوتهم وقت ذاك؟

ـ هؤلاء جزء من حملة التعريب الاجباري التي انتهجها نظام صدام وبقاؤهم يعني استمرار سياسة النظام السابق وتم استخدامهم لتغيير معالم وهوية المنطقة الكردية، ثم ان الغالبية منهم ان لم يكونوا جميعهم من البعثيين الذين حصلوا على امتيازات اضافية بغير وجه حق على حساب راحة واستقرار الاكراد،هناك الكثير من العراقيين رفضوا الاستقرار في المناطق الكردية لانهم لم يريدوا اخذ حق غيرهم ولم يوافقوا على سياسة صدام حسين، ونحن لن نأخذهم ونرميهم في الخيام مثلما كان يفعل النظام السابق مع الاكراد بل سنقوم بتعويضهم ماليا ونعيدهم الى مدنهم.

* انتم تقولون ان كردستان عراقية واي مواطن عراقي يمكنه ان يقيم سواء في كردستان او البصرة فيما اذا كان عربيا ام كرديا، فلماذا الاصرار على ترحيل مواطنين عراقيين من مدن عراقية؟

ـ اذا تركوا اراضي وبيوت غيرهم فلهم الحق في السكن في اية مدينة في كردستان سوى ان يعيدوا الحق لاهله، نحن لا نمانع في ان يأتي اي عراقي سواء من البصرة او العمارة او النجف ليسكن في اية مدينة كردية، فهذه بالتالي هي مدن عراقية.

* كيف سيكون وضع مدينة كركوك؟

ـ كركوك كانت دائما موضع نزاع بين الاكراد والتركمان والعرب، نحن لا نقول ان كركوك مدينة كردية بالكامل بل نقول انها جزء من خارطة كردستان العراق وهناك مناطق اخرى تابعة لكردستان ولكن لم تضم للخارطة. وخلال الفترة الانتقالية سيجري احصاء لسكان مدينة كركوك للتأكد من نسب التركمان والاكراد والعرب، وربما نعود لاحصائية عام 1957 مع حساب نسبة الزيادة في المواليد وفق معدل واحد للجميع اي لا نقول ان زيادة الاكراد اكثر من التركمان او العرب، لكنني اعود واقول ان كركوك مدينة للجميع للتركمان والعرب والاكراد، وبعد الاحصاء سيتقرر كل شيء.

* ممثلة التركمان في مجلس الحكم صون كول جابوك، هددت في حديث سابق لـ«الشرق الاوسط» باعلان اقليم تركمانستان العراق مقابل كردستان العراق، ما هو تعليقكم؟

ـ هذا الحديث ردة فعل من قبل السيدة صون كول، فتاريخيا ليس هناك شيء اسمه تركمانستان العراق، والمناطق التي تحدثت عنها ممثلة التركمان في مجلس الحكم هي كردية ولا ادري ان كانت تريد تتريكها، بينما الثابت تاريخيا وجود كردستان العراق منذ مئات السنين.

* هل تم الاتفاق حول منح الحكم الفيدرالي لكردستان ام فيدرالية المحافظات؟

ـ نحن في كردستان العراق مصرون على الحكم الفيدرالي، اما عن بقية المحافظات فهذا موضوع متروك لسكانها،هناك محافظات لا تريد الصيغة الفيدرالية لادارتها، وهناك من يرى سكانها انه من الافضل ان يديروا محافظتهم فيدراليا. الغريب في الامر ان صدام حسين كان قد اعترف بوجود كردستان والحكم الذاتي لكردستان ومنحها شخصية معنوية.

وخلال مباحثات 1984 بين حزب الاتحاد الوطني الكردستاني والحكومة العراقية تم الاختلاف على ضم المناطق الكردية الى كردستان، وكانت النقطة ذاتها مثار مباحثات الجبهة الكردستانية والحكومة الكردية عام 1991، وبالفعل وافقت الحكومة وقتذاك على ان تضم كردستان بعض المناطق المتنازع عليها وليست كلها، لهذا توقفت هذه المباحثات. بعد كل هذا هل علينا ان نعود الى نقطة الصفر ونتحدث عن الفيدرالية والحكم الذاتي لكردستان؟

* ما هي نتائج المفاوضات بين الحزبين الكرديين الاتحاد الوطني الكردستاني والديمقراطي الكردستاني؟

ـ المباحثات متقدمة جدا وغدا الاثنين هناك اجتماع سيضم المكتبين السياسيين للحزبين لبحث آليات توحيد ادارات كردستان العراق،والمباحثات مشجعة للغاية كون الحزبين وجميع الاكراد يعتبرون مسألة توحيد الادارات ضرورية ومهمة.