بحر العلوم: ما يثار عن الطائفية في العراق موجه من الخارج لتفتيت الشعب

TT

أكد عضو مجلس الحكم الانتقالي في العراق الدكتور محمد بحر العلوم أن ما يثار عن الوضع الطائفي يقصد به تفتيت الشعب العراقي، مشيرا إلى أن العراقيين متفقون على أن لا يحمل طرف مسؤولية أخطاء العهد السابق. وطالب بحر العلوم في حديث لـ«الشرق الاوسط» دول الجوار بدعم العراق في هذا الظرف الحساس وشدد على أن العراقيين لا يقبلون وجود أحد على أرضهم يخل بالأمن أو يدعو إلى فتنة أو يتخذ البلاد منطلقا لتهديد أمن الدول المجاورة.

وحول إمكانية خروج قوات التحالف من العراق من دون أن يحدث ذلك بلبلة أو قلاقل، اوضح بحر العلوم «أن الأمن له شقان : أمني متعلق بأعمال السلب والنهب وهذا سيطرت عليه الشرطة العراقية، أما الجانب الثاني وهو الأمن السياسي، فهو مسؤولية مشتركة بين قوات التحالف ومجلس الحكم الانتقالي، وهذا يؤثر على سلامة البلد والمواطنين والمنشآت الوطنية وهناك محاولات لردعها من العراقيين وقوات التحالف لكن للأسف نرى دعما من قبل بعض الذين لا يزالون يتباكون على النظام السابق من فلوله أو من يساعدونهم من خارج الحدود تحت مسميات مختلفة وهذه المجموعات لم يتوقف أذاها على العراقيين بل طال السعودية وتركيا، إضافة إلى اعتقادهم أن هذا الأمر يمكن أن يعيد عقارب الساعة إلى الوراء لكنهم مخطئون لأن النظام السابق انتهى».

وفي ما يخص الهجمات التي تستهدف قوات التحالف أوضح بحر العلوم أن «العمليات ضد قوات التحالف لا ينكر فيها الجانب الطائفي على الرغم من كوني شيعيا، وتركزها في المناطق السنية لا يدل على أن أهلها هم الذين يقومون بها، وتحولها في الفترة الأخيرة الى بعض المناطق الشيعية يؤكد أن من يقف وراءها في المناطق السنية والشيعية فلول النظام السابق والمتطرفون من أهل المناطق المختلفة، ومن صالح هذه المجموعات أن يستمر العراق في الوضع الدكتاتوري وهؤلاء مجموعة إرهابية من المخربين الذين يسعون إلى إثارة الفتن والقلاقل». واشار إلى ان «العمليات الإرهابية ستستمر إلى ان يقتنع من يقوم بها أن النظام السابق ذهب بلا رجعة، ونحن نرفض رفضا قاطعا أن يبقى هناك معارض سلبي أو معارض للاحتلال يحمل السلاح بعد أن تم الاتفاق مع قوات الاحتلال لأنهاء الاحتلال في نهاية مايو (أيار) المقبل وفي إطار العراق الحر الديمقراطي يمكن للمعارضين إظهار آرائهم».

وحول القرارات التي اتخذها مجلس الحكم الانتقالي لتسيير الانتخابات وما أثير عن الانتخاب باستخدام البطاقة التموينية أشار عضو المجلس إلى «الاعتراض ورفض الانتخابات على أساس البطاقة التموينية لأنها صادرة في حكم البعث ووزعت على اسس حزبية ولها أغراض سياسية وهناك عراقيون لم يعطوا هذه البطاقة ولهذا بحثنا عن حلول بديلة مثل المجلس الوطني الانتقالي الذي يبدأ في شهر مايو(أيار) المقبل وينتهي في يونيو(حزيران) 2005، على أن يعبر عن الأطياف العراقية وسيقوم بعمل تعداد سكاني ينظم على أساسه انتخابات حرة ومباشرة».

وفي إشارة إلى تدخل المرجع الشيعي آية الله السيستاني في الأوضاع السياسية ومطالبته المستمرة بإجراء انتخابات في ظل ترد انتقادات له بأنه غير مختص في السياسة، قال بحر العلوم «إن المرجع الديني الشيعي من حقه التدخل في شؤون الدولة باعتبار أنه مسؤول ديني، والسيستاني حريص على أن يكون المجلس الوطني العراقي المقبل ممثلا لكل أطياف الشعب العراقي حتى لا يعتبر المجلس كما يشاع في الإعلام العربي وغيره مجلسا معينا من قبل سلطات الاحتلال».

وفي رده على سؤال حول مواقف مقتدى الصدر السلبية من مجلس الحكم الانتقالي ومدى تأثيرها على المجلس، بين بحر العلوم أن «مبدأ مجلس الحكم الانتقالي الذي اعتمد على الصلاحيات مجلس الأمن الذي أعطى العراقيين الحق في تشكيل حكومتهم الوطنية ونحن في المجلس ندعي الديمقراطية وهذا يقتضي السماح لمختلف الآراء بالظهور ولهذا يجب أن لا نكون دكتاتوريين، لكن بشرط ألا يشكل الرأي أو الموقف اتجاها سلبيا يؤثر على أمن البلاد ونظامها العام»، موضحا أن «مقتدى الصدر عراقي، ومن حقه أن يقول رأيه ونحن نرحب بالآراء كافة و الرأي الآخر محترم ما دام يقف عند الحدود التي ذكرت».

وفي رد على ما يثار أن المناصب العليا في العراق باتت توزع على أسس حزبية والقربى،كما كان في الحقبة السابقة، قال بحر العلوم «هناك أحزاب وشخصيات مستقلة موجودة في العراق ولها تأثير، وعلى هذا الأساس اختيرت لشغل المناصب العليا وليس على أسس حزبية أو قربى، وهذه الأسماء عرضت على مجلس الحكم الذي وافق على بعضها ورفض بعضها وحاولنا مراعاة شرائح الشعب العراقي فالأكراد والتركمان والعرب والأقليات الأخرى لهم مطالب ولهذا لهم ممثلون». وفي إجابة حول مستقبل المتطوعين العرب الذين توافدوا على العراق في فترة الحرب عليه، أشار بحر العلوم إلى أن من يسمون «المجاهدون العرب» لم يقبض على احد منهم من قبل العراقيين لكن هناك من قبضت عليه قوات التحالف «ونحن نرى أن من يقبض عليه من قبل الشرطة العراقية يجب أن يحقق معه فإذا ثبت تورطه في عمليات تؤثر على الأمن أو اقترف جرائم فهؤلاء يحالون إلى المحاكم العراقية أما غير المتورطين فيطلق سراحهم ويبعدون عن البلاد»، مضيفا أنه «لا يمكن أن نقبل أن وجودهم مرهون ببقاء قوات التحالف في العراق لأن هذا الربط يأتي على حساب الشعب العراقي».

وفي الشأن الطائفي وما يقال عن أن هناك تهميشا للسنة لصالح الشيعة، أوضح بحر العلوم «اعتقد أن هذا خطأ ولقد عشنا معا لفترة طويلة ولم نناقش هذا الأمر فالشيعة منذ زمن طويل عاشوا تحت حكم السنة منذ بداية الحكم الوطني1920 إلى سقوط النظام الأخير، وهناك في تاريخ العراق 46 رئيس وزراء منهم 40 من السنة و6 من الشيعة أما الآن فالمناصب ستكون حسب الأهلية والكفاءة ولن يكون هناك تهميش أو ظلم للسنة، ولكن نطالب بعض الدول العربية عدم إثارة مثل هذه الأمور التي تهدف إلى عدم استقرار العراق. ان الذين يطلقون هذا الكلام يحاولون إثارة الفتن والطائفية». ولفت إلى أنه أشار إلى هذا الموضوع مع عدد من المسؤولين العرب الذين قال لهم :« متى رأيتم من الشيعة ظلما للسنة؟»، مؤكدا «أن طرح مثل هذه القضايا يجعلنا نتألم، ونحن الذي وقفنا مع جميع القضايا العربية منذ أن كنت صغيرا إلى الآن، ثم يكون هذا جزاؤنا، ونحن نرفض ونعاتب أي دولة عربية وخصوصا المجاور منها أن تثير مثل هذه المشاكل لأن العراق يعيش وضعا حساسا ويحتاج إلى الأمن والمحبة».

وفي إطار الجهود التي يبذلها علماء الدين في الجانب الشيعي والسني لاحتواء أي نزاع قد ينشب بين الطرفين، شدد بحر العلوم على «وجوب التقاء الشخصيات السنية والشيعية للتحاور والإعداد لخطوات بنائه»، مشيرا إلى أن «كثيرا من علماء السنة أيدونا، ونحن أيدناهم في تشكيل مجلس شورى أهل السنة والجماعة، ونحرص جميعا على أن يكون العراق حاضرا فيه كل الأطياف».

كما ابدى معارضته تحميل العرب السنة مسؤولية جرائم النظام السابق، مشددا على أن «صدام حسين ليس سنيا بل هو علماني، عامل السنة والشيعة على حد سواء وإن كان الشيعة تعرضوا لظلمه بشكل أكبر فذلك عائد إلى الحجم السكاني. كما أننا لم نلاحظ من يحمل السنة أخطاء النظام السابق».

وفي السياق ذاته، بين بحر العلوم الموقف الرسمي لمجلس الحكم الانتقالي من أعضاء حزب البعث وكيف سيكون التعامل المستقبلي معهم بقوله «نحن في المجلس قررنا أن من يحاسب من البعثيين من كان في رتبة عضو فرقة أو شعبة فما فوق، فهؤلاء سيحاكمون ومن تثبت عليه جرائم يأخذ جزاءه ومن تثبت براءته يطلق سراحه، لكن لا يحق له ممارسة العمل الحكومي لأن عقليته لا تزال مرتبطة ومتأثرة بالنظام السابق، لكن له الحق في ممارسة الأعمال الحرة والتجارة، وحقوق المواطنة يتمتع بها كاملة ولا ينتقص منه شيء، لأنه عراقي ومجلس الحكم أعطى بعضهم حقوقهم من مرتبات متأخرة وغيرها. والبعثي الذي له ملف سابق، لا يقبل في العمل الحكومي، أو كان من الرتبتين السابقتين وخلافهما لا مانع من إسهامه في بناء العراق».

وحول رؤيته المستقبلية لوضع العراق مع جيرانه وخصوصا العرب في منطقة الخليج العربي، بين بحر العلوم أن «أمن العراق أمن للمنطقة وسلامة العراق سلامة لدول الجوار والعراق يملك إمكانيات اقتصادية وكفاءات بشرية، فاستقراره وانفتاحه سيساعدان المنطقة على الاستقرار ولهذا نطالب الدول العربية المجاورة على مساعدتنا للوصول إلى هذا الشيء لمصلحة الجميع».

واختتم حديثه بالقول إن غالبية العراقيين يرغبون في دولة إسلامية برلمانية تعددية ديمقراطية مبنية على اللامركزية وفقا لنظام الولايات ونعارض الفيدرالية على أسس عرقية أو طائفية.