الأصولي المصري المدان بقتل كاهانا يتبادل رسائل مع سياسيين أميركيين حول مشروع «دولة إبراهيم»

سيد نصير في رسالة لـ «الشرق الأوسط»: تشيني تلقى مني رسالتين وأمر بإيداعهما في ملفي بمصلحة السجون

TT

كشف سيد نصير الاصولي المصري البورسعيدي الذي ادين بالتورط في قتل الحاخام مائير كاهانا زعيم حركة كاخ العنصرية في5 نوفمبر (تشرين الثاني) 1990، عن رسائل متبادلة بينه وبين مسؤولين اميركيين حول فكرته عن احلال السلام في الشرق الاوسط، التي تعرف باسم دولة ابراهيم الفيدرالية. وقال في رسالة جديدة مطولة تلقتها «الشرق الأوسط» من سجن فلورنس الفيدرالي بولاية كلورادو «شديد الحراسة» الذي يحتجز فيه ايضا الشيخ الضرير عمر عبد الرحمن الزعيم الروحي لـ«الجماعة الاسلامية» المصرية المحظورة، وقياديين اصوليين آخرين ادينوا في قضية تفجيرات نيويورك عام 1993، ان نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني تلقى منه رسالتين وامر بايداعهما في ملف نصير الخاص بمصلحة السجون».

وادين نصير المصري البورسعيدي خريج كلية الفنون التطبيقية كذلك في قضية تفجيرات نيويورك عام 1993 وحكم عليه بعقوبة السجن مدى الحياة. ويحتجز نصير في الحبس الانفرادي في الزنزانة رقم 108، في الدور الاول من الوحدة «دي» من سجن فلورنس، شديد الحراسة في ولاية كولورادو الاميركية منذ اغسطس (آب) 2002، ويحتجز معه في نفس السجن ايضا قياديون اصوليون حوكموا في نفس قضية تفجيرات نيويورك عام 1993، منهم ابراهيم الجبوني، وفاضل عبد الغني، وطارق الحسن. واشار نصير الى تلقيه ردوداً من نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني وكذلك من اعضاء في مجلس الشيوخ الاميركي ردا على مقترحاته الخاصة بانشاء دولة ابراهيم «لاحلال السلام بين اليهود والفلسطينيين». وقال ان نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني ارسل الى ادارة سجن كلورادو نسخا من اخر رسالتين ارسلهما اليه احداهما في اغسطس والاخرى في اكتوبر (تشرين الاول) الماضيين، وامر ان تحفظ الرسالتين في ملفه الخاص بادارة مصلحة السجون الاميركية، وان يبلغاه فقط ان نائب الرئيس الاميركي قرأ الرسالتين بنفسه. واوضح نصير: «ابلغتني ادارة السجن الاميركي بهذا الامر شفهيا يوم 16 ديسمبر (كانون الاول) الماضي». وارسل الاصولي المصري نسخا من ردود ديان فانشتاين وهي عضو في مجلس الشيوخ اميركي على رسائله ومقترحاته لانهاء العنف في منطقة الشرق الاوسط. وقالت فانشتاين في رسالتها انها تشعر بالحزن الذي نطقت بها كلمات السجين المصري لتزايد اعمال العنف في الضفة وغزة واسرائيل. واضافت: «ان خريطة الطريق قد تكون خطوة مهمة نحو احلال السلام في الشرق الاوسط». وقال الاصولي المصري «ان السلام في منطقة الشرق الاوسط مصطلح غير مفهوم، وذلك لان كلا الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي ينظر الى القضية بشكل مختلف ولن يصلا ابدا الى تسوية». وارسل الاصولي المصري ضمن رسالته نسخا من رسائل «الكراهية والعنصرية «التي زعم انه يتلقاها بصفة منتظمة في سجنه الاميركي من صهاينة متعصبين، وهم يوجهون اليه الشتائم على فعلته التي ادين بسببها في التسعينات، وهي قتل الحاخام اليهودي مائير كاهانا يوم 5 نوفمبر عام 1990». وقال نصير «من طرائف الاحداث التي مرت بي خلال الاسابيع الماضية هو ان اتباع كاهانا يلاحقونني برسائلهم داخل السجن الاميركي». واضاف ان الرسائل لا تتضمن عناوين للرد عليها، مشيرا الى انها المرة الاولى منذ وجوده في السجن قبل 13 عاما، التي يتعرض فيها لمثل هذه الحملة من الكراهية والعنصرية. وقالت احدى الرسائل التي تلقاها نصير وارسلها الى «الشرق الأوسط»: «ان يوم قتل كاهانا لا يقل تأثيرا عن هجمات سبتمبر (ايلول) 2001». واضافت رسالة اخرى موجهة الى نصير وبها صورة للحاخام كاهانا: «لقد كان يجب على اسرائيل تدمير الاهرامات في حرب 1973». وتضيف الرسالة: «لقد كان الحاخام كاهانا على حق في موقفه من العرب، وعليك يانصير بعد فعلتك الشنيعة ان تستمتع بسنوات السجن، وكنت اتمنى ان يطلق الشرطي الرصاص على رأسك بدلا من رجلك عقب قتلك لكاهانا».

ويقول نصير «ان الغريب في الامر ان الرسائل التي يتلقاها بها مغالطات لأن صاحبها يدعي ان هناك بعض الآيات القرآنية مثل 20 و21 من سورة المائدة و104 من سورة الاسراء، و32 و33 من سورة الدخان، و16 من سورة الجاثية، ان الاسرائيلين هم شعب الله المختار». وارسل الاصولي المصري نسخا من تلك الرسائل. ورّد عليها بأسانيد فقهية وشرعية على تلك الادعاءات». وتمضي الرسالة بالقول: «عليك بقراءة قرآنكم الذي تدعي انك تحفظه عن ظهر قلب لتعرف حق اليهود في الحياة، وحجم ما مر بهم من مآس وآلام». واشار نصير في رسالته المكونة من اربع ورقات فولسكاب ومؤرخة بتاريخ 18 يناير (كانون الثاني) الماضي، الى قصة كتبها بعنوان «الجوهرة المفقودة» واستوحى احداثها من تجارة عناصر «القاعدة» في الماس ومطاردة المباحث الاميركية لعناصر «القاعدة» في ادغال الكونغو. وقال انه كتب القصة لمساعدة اولاده في حياتهم المعيشية على أمل ان يتم نشرها مؤكدا انه لا علاقة لها بـ«الارهاب الاسلامي» على حد قوله. وتتحدث «الجوهرة المفقودة» عن انخراط اصوليين مقربين من «القاعدة» في تجارة الماس في دول غرب افريقيا، والقصة فيها كثير من الخيال الروائي. ورسم نصير برؤية فنية التشابكات بين الاسلاميين بحثا عن الكنز المفقود، ووقوع البعض منهم في ايدي المباحث الاميركية، اثناء عملية التنقل بين دول افريقيا. وارسل نصير وهو فنان متخصص في النحت وخريج قسم التصميمات الصناعية بكلية الفنون التطبيقية بجامعة القاهرة عام 1979، ضمن رسالته صورة من آخر لوحة فنية رسمها في داخل السجن الاميركي مؤرخة بيناير 2004، وموقعة من طرفه، واسم اللوحة «احداث» وهي مرسومة بالحبر الجاف الاسود».

وتعبر اللوحة الفنية عما بداخل الاصولي المصري من مشاعر متضاربة حول ما يمر به العالم من احداث قاتمة. ويقول نصير «اللوحة اردت ان اعبر بها عما اراه في مخيلتي من احداث تمت في الاعوام الماضية، سواء من تهاوي الامبراطورية السوفياتية، وقيود ومعاناة وحروب في شوارع فلسطين، وجبروت عسكري يسيطر على بقاع الارض، وفي الوقت ذاته تقدم عسكري وتكنولوجي الى اتساع الهوة بين الاغنياء والفقراء وحب وعطف ومتعة واثارة».