محاكمات تفجيرات الدار البيضاء كشفت النقاب عن وجود «الجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة» و«حركة المجاهدين المغاربة»

TT

لم يكن اغلب المغاربة على علم بجماعة تطلق على نفسها «الجماعة الاسلامية المغربية المقاتلة»، فقد كانوا يتحدثون عن جماعات تنشط جهارا كجماعة العدل والاحسان، التي حقق زعيمها عبد السلام ياسين شهرة كبيرة بعد الحصار الذي فرض عليه مدة 10 سنوات، وجماعة «الدعوة والتبليغ»، وحركة «الاصلاح والتوحيد»، وقبلها «الشبيبة الاسلامية»، التي ظل زعيمها عبد الكريم مطيع في حالة فرار خارج المغرب بعد اتهام تنظيمه بالضلوع في اغتيال الزعيم الاتحادي عمر بن جلون عام 1975 .

وبعد تفجيرات الدار البيضاء يوم 16 مايو (ايار) 2003 انطلقت محاكمات طالت ما يزيد عن 1200 شخص من المشتبه في تورطهم بتلك الاحداث الارهابية، خاصة بعد خروج قانون مكافحة الارهاب الى حيز الوجود في 29 مايو الماضي.

ومكنت التحريات التي باشرتها السلطات الامنية عقب تلك الاحداث من الكشف عن اعضاء ينشطون داخل جماعات متطرفة ومتشددة مثل «السلفية الجهادية» و«السراط المستقيم» وجماعة «التكفير والهجرة» «وحركة المجاهدين المغاربة» و«الجماعة الاسلامية المغربية المقاتلة». وإذا كانت الجماعات الاخرى كلها مغربية تأسست في المغرب فإن «حركة المجاهدين المغاربة» تأسست بفرنسا بعد انشقاق في صفوف «الشبيبة الاسلامية» بداية الثمانينات، في حين تأسست «الجماعة الاسلامية المغربية المقاتلة» في أفغانستان ايام حكم طالبان وتضم في صفوفها مغاربة من أبناء الجالية المغربية في الخارج، من بينهم من يحملون جنسيات أجنبية.

ومكنت التحريات المغربية من القاء القبض على بعض زعماء هذه التنظيمات التابعة لتنظيم «القاعدة» بزعامة اسامة بن لادن، وكان على رأس الاشخاص المعتقلين محمد النكاوي زعيم «حركة المجاهدين المغاربة» المدان بالسجن مدة 20 سنة، الذي اعترف امام هيئة المحكمة بادخاله كمية من الاسلحة ودفنها في عدة مدن خاصة شرق المغرب بهدف استخدامها في «تغيير الاوضاع»، وتم الحكم على بعض اعضاء هذه الجماعة، من ضمنهم مهندس نووي اسمه عبد الرحمان وقاس، وآخرون يوجدون في حالة فرار.

وشكلت محاكمة اعضاء «الجماعة الاسلامية المغربية المقاتلة» او «المغاربة الافغان» على حد تعبير الصحف المحلية تحولا في ملف المتورطين في تفجيرات الدار البيضاء، حيث كانت اعترافات المدانين امام هيئة المحكمة جد مثيرة. «فنور الدين نفيعا» الملقب «ابو معاذ» المحكوم عليه بالسجن مدة 20 سنة اعترف انه هاجر الى الدنمارك عبر المانيا لمتابعة دراسته ومن ثم سافر الى افغانستان عام 1991 وعمره لم يكن يتجاوز 25 سنة بعد اطلاعه على نداء عبد الرسول سياف، وانضمامه الى الحزب الاسلامي الذي كان يتزعمه قلب الدين حكمتيار، وتدرب على استعمال اسلحة، واعداد خرائط جغرافية معدة للحرب، وتنقل بين سورية وتركيا وموريتانيا حيث اعتقل بها ورحل الى سورية وبعدها الى المغرب وبحوزته 17 ألف دولار التي ادخرها حسب قوله، عندما كان يشتغل مندوبا تجاريا لشركة فرنسية.

وتوالت الاعترافات المثيرة بشأن اعضاء هذه الجماعة حيث أكد صلاح الدين بنيعيش الملقب «أبو محجن»، 29 سنة، انه تعرف على الفرنسي ريشارد انطوان المدعو «الحاج» و«ابو عبد الرحمان» و«يعقوب» (المحكوم حاليا بالمؤبد) في اسبانيا عن طريق شقيقه عبد العزيز المعتقل هناك، والتقى بضابط بريطاني اسمه «عمر» مكنه من الحصول على جواز سفر بريطاني مزور سمح له بدخول البوسنة حيث شارك في الحرب هناك لمدة سنة فقد على اثرها احدى عينيه.

وبعد توقيع اتفاقية دايتون تم اخراج العرب من البوسنة وسلمت له السلطات جواز سفر سليم مكنه من دخول اسبانيا بعدما عرج على ايطاليا للعلاج، حيث تعرف هناك على عبد الله الخياط واسامة باسم ابو محمد وعماد بركات السوري الملقب «أبو دحداح»، ليهاجر بعدها الى انجلترا بجواز سفر برتغالي مزور حيث يوجد زعيم الجماعة محمد الكربوزي، وحكم على بنيعيش بالسجن مدة 18 سنة.

من جهته، روى عبد اللطيف مرافق الملقب «مالك الاندلسي» أحد أعضاء نفس التنظيم لهيئة المحكمة قصة لقائه بعبد الله المنصور الليبي «مؤسس الجماعة الليبية المقاتلة» وعبد الرحمان الفقيه، وسالم الليبي، في مؤسسة خيرية بافغانستان عام 1996، وتدربه على استعمال السلاح حيث اعتقلته السلطات التركية يوم 4 يونيو (حزيران) 2003 لتطلق سراحه، فيسافر نحو ايران عبر الحدود مع العراق ليتم اعتقاله مجددا من طرف السلطات الايرانية التي رحلته نحو المغرب وحكم بالسجن مدة 18 سنة. ومن جانبه، قال عبد الرحيم الزيواني الملقب «عبد الناصر» انه هاجر الى افغانستان عام 1993 وعمره 22 سنة بعد فك ارتباطه مع جماعة العدل والاحسان «شبه محظورة» وتعرفه على الليبي عبد الله المنصور بضيافة الليبيين هناك، وجالس ابو المنذر السعودي، واكد تدربه على السلاح بمعسكر أبو يحيى، وهو معسكر خاص بالليبيين بأفغانستان، وبعدها ذهب الى كابل وتدرب على استعمال رشاش كلاشنيكوف، وكانت المحكمة قد اصدرت في حقه حكما بالسجن مدة 18 سنة. وكانت محكمة الاستئناف قد ادانت غيابيا 5 متهمين آخرين بتهمة انتمائهم الى هذه الجماعة بعدما تعذر على السلطات المغربية احضارهم الى المغرب لرفض السلطات الاسبانية والبريطانية تسليمهم لها.

ويتعلق الامر بمحمد الكربوزي الملقب «أبي عيسى» الذي يعتقد أنه زعيم «الجماعة الاسلامية المغربية المقاتلة»، ذو الجنسية المزدوجة المغربية والبريطانية. وكريم اوطاح ، ومصطفى باعوشي، ومواطنين ليبيين هما عبد الرحمن الفقيه وعبد الله صابر، ادانتهم المحكمة بالسجن مدة 20 سنة.

وجرت محاكمة هذه الجماعة ما بين شهري سبتمبر (ايلول) وديسمبر (كانون الاول) من العام الماضي. بالاضافة الى عبد العزيز بنيعيش الذي يحمل الجنسية الفرنسية، ويوجد حاليا رهن الاعتقال باسبانيا. وهشام تمسماني جاد الذي سلمته مدريد الى الرباط عقب تفجيرات 11 مارس(اذار) الماضي.