غازي الياور: لن نقبل بسيادة منقوصة والاستعانة بقوات أجنبية تفرضها الأوضاع الأمنية

رئيس مجلس الحكم في العراق لـ«الشرق الأوسط»: لم نستقر بعد على أي اسم للرئيس ونائبيه وأعضاء الحكومة

TT

أصر الرئيس الدوري لمجلس الحكم العراقي غازي مشعل عجيل الياور على ان يتسلم العراق في الثلاثين من يونيو (حزيران) المقبل السيادة كاملة غير منقوصة من سلطة التحالف، مشددا على ان هذا هو مطلب كل العراقيين.

وقال الياور في حوار مع «الشرق الاوسط» عبر الهاتف من مكتبه في بغداد ان العراق سيبقى بحاجة الى قوات متعددة الجنسيات بسبب الاوضاع الامنية الصعبة فيه، متمنيا مشاركة قوات عربية فيها «بشكل فعلي» وليس مجرد مشاركة رمزية او شرفية، واكد انه ابلغ الرئيس الاميركي جورج بوش ترحيب العراقيين بقوات بلاده اذا ما تصرفت كقوات مستضافة ورفضهم لها كقوات احتلال.

* تحدثت الادارة الاميركية عن منح سيادة غير كاملة للعراقيين.. هل اتضح لكم كمجلس ما هي نسبة هذه السيادة؟

ـ نحن كمجلس حكم وحتى التيارات السياسية التي هي خارج المجلس قلنا اننا لا نقبل باقل من سيادة كاملة غير منقوصة تتسلمها الحكومة المؤقتة المقبلة التي تكون لها صلاحيات كاملة مثلها مثل اية حكومة مستقلة في العالم. هذه هي رؤيتنا التي سنتحرك وفقها في المجالين العالمي والعربي وسنطلب الدعم من كل الحكومات لدعم اصدار قرار جديد من مجلس الامن يلغي القرار 1483 ويعطينا سيادة كاملة غير منقوصة.

* وماذا عن تصريحات الادارة الاميركية؟

ـ أنا افهم ان هناك لبسا في الموضوع وخاصة عندما تحدث وزير الخارجية الاميركي كولن باول عن سيادة منقوصة. هذا كلام قديم. ونحن نأخذ بالتصريحات الجديدة التي جاءت على لسان مسؤولين في الادارة الاميركية عندما قالوا انه متى طلبت الحكومة التي ستتولى ادارة العراق في الاول من يوليو (تموز) من قوات التحالف الرحيل فانها ستترك العراق، وهذا يعني ان للحكومة العراقية حرية اتخاذ القرارات.

* وهل سترحل قوات التحالف عن العراق فعلا؟

ـ عندما نتمتع بسيادة كاملة غير منقوصة سيكون لنا حق تقرير بقاء القوات المتعددة الجنسيات او رحيلها. لكن وضعنا الامني غير المستقر الان كما هو واضح للجميع يجعلنا بحاجة لوجود قوات دولية ونحن نتمنى مساهمة أوسع فيها. نتمنى مشاركة قوات من المجموعة الاوروبية وقوات من بعض الدول العربية المركزية. لا نريد ان نبقى تحت رحمة قوات مجموعة معينة او فئة محددة. الوضع الامني صعب فهناك اغتيالات وتفجيرات وهذه الاعمال تضطرنا لان نتمسك بوجود قوات متعددة الجنسيات خصوصا اننا نلاحظ عدم وجود اهتمام جدي بتشكيل القوات الامنية العراقية. نرى ان من أول أولوياتنا تنمية مهارات وقدرات القوى الامنية الوطنية ونعرف ان الامن يستقر عندما يكون رجال الامن عراقيين يتحدثون نفس اللغة ويشعرون بذات مشاعر الشعب ويستطيعون الحصول على المعلومات الاستخباراتية. تقع علينا مسؤولية عمل جماعي كبير يحتاج مساهمة كل قطاعات الشعب العراقي.

* الرئيس الاميركي اتصل بكم هاتفيا الاسبوع الماضي، ماذا دار بينكما؟

ـ بلغنا تعازيه بوفاة الشهيد عز الدين سليم الرئيس السابق لمجلس الحكم وفي نفس الوقت هنأ بقرب تسلم السيادة وعرض مساعدة الولايات المتحدة للشعب العراقي لاجتياز الازمة وتأسيس العراق الديمقراطي الجديد، وشكرته على موقفه، ثم سألني عن رأي الشعب العراقي بوجود القوات الاميركية بعد الثلاثين من حزيران. وقال: اريد ان اسمعه منكم، فقلت له ان الشعب العراقي مصمم على نيل سيادة كاملة غير منقوصة وعندما تمنحوننا هذه السيادة غير الناقصة سيقرر الشعب العراقي الذي يتمتع بالحكمة والشعور بالمسؤولية ما يريد، ونحن مضطرون الان الى طلب مساعدة اصدقائنا من قوات متعددة الجنسيات شريطة ان تتصرف كقوات مستضافة وليست كقوات محتلة.

* تتضارب المعلومات حول تشكيل الحكومة المؤقتة، فالى اين وصلت المشاورات والجهود المبذولة في هذا الاتجاه؟

ـ اقول لك بكل صراحة لم يتم حتى الان طرح أسماء بصورة نهائية لتشكيل الحكومة المؤقتة. لم يطرح احد سواء نحن كمجلس حكم او السيد الاخضر الابراهيمي او سلطة التحالف او مبعوث الرئيس الاميركي روبرت بلاكويل اي اسم بشكل نهائي والموضوع ما يزال قيد النقاشات، وخلال الاسبوعين القادمين ستنتهي جهود تشكيل الحكومة ولهذا ستكون المرحلة المقبلة دقيقة للغاية، ليس هناك أسماء محددة مطروحة بشكل نهائي وأنفي لكم وجود اي اسم معين لرئاسة العراق او لرئاسة الحكومة او حتى اعضاء الحكومة. هذا الموضوع يتطلب الكثير من الدقة والبحث والصبر والتضحيات كون الحكومة المقبلة هي التي ستتسلم السيادة وستقع عليها مسؤوليات جسيمة، اما عن نوع الحكومة فسيعتمد على طبيعة مهام كل وزير ووزارة سواء كانت تتطلب تكنوقراطا أو سياسيين، وستكون تشكيلة غير مرتجلة بل حسب الحاجة والمرحلة.

* هل ستكون على أساس المحاصصة الطائفية والقومية؟

ـ أعتقد انه في غياب الاحصاءات والانتخابات سيكون هناك نوع من التوافق في الموضوع حتى نصل الى الانتخابات التي فيها سيكون صندوق الاقتراع هو صاحب القرار.

* هناك من يطرح اسمكم لتولي رئاسة العراق؟

ـ لست ساعيا لسلطة، وانا اعتبر المنصب الحكومي تكليفا ومسؤولية وأنا اخدم وسأخدم العراق اينما سأكون وفي اي موقع، واذا جرى اختياري لاكون رئيسا فسأقبل بشرط ان يكون للمنصب صلاحياته ولن اقبل بمنصب بروتوكولي شرفي، ليست هذه طبيعتي ولا تتناسب مع الخلفية التي اتحدر منها.

* قبل ايام قال رئيس الحكومة الايطالية سيلفيو برلسكوني امام برلمان بلاده بعد عودته من واشنطن انه يعرف في الاقل اسمين لرئيس العراق ونائبه؟

ـ نحن لا نقبل بأسماء تفرض علينا من الخارج، اسم رئيس الجمهورية او رئيس الحكومة او اسماء الوزراء تطرح هنا ويتم مناقشتها من قبلنا في المجلس ومن قبل مبعوث الامم المتحدة وسلطة التحالف حتى يتم الموافقة عليها من قبل العراقيين، ولن نرضى بان تفرض علينا اية اسماء، واذا كان برلسكوني يعرف هذه الاسماء فهذا شأنه وأنا أؤكد لك انه ليس هناك اي اسم حتى الآن.

* يبدو ان هناك تغييرا في الموقف الكردي فيما يتعلق بموضوع الرئاسة حيث يطالبون الان بأحد المنصبين الرئاسيين، رئيس الجمهورية او رئاسة الحكومة؟

ـ الاخوة الاكراد لهم رأي في هذا الموضوع وهناك محادثات فيما بينهم ولم يتضح بعد اي موقف رسمي مؤكد.

* واذا أصر الاكراد على موقفهم؟

ـ نحن نريد الانسان الكفوء لحكم العراق، والسياسي الكفوء سيصل من خلال صندوق الاقتراع وبين الاخوة الاكراد كفاءات ومهارات سياسية كثيرة. لكن علينا ان لا ننسى ان هناك موازنات فالعرب في العراق نسبتهم اكثر من 75%، والتقسيمات التي صارت في العراق اخيرا غريبة نوعا ما، صنفونا اولا سنة وشيعة ثم الان عربا واكرادا والحقيقة نحن نريد ان نكون عراقيين وعراقيين فقط وجوهر الانتماء هو للعراق مع اعتزاز كل طرف بخلفيته.

* ماذا سيكون مصير مجلس الحكم، هل سيتم توسيعه او حله ام سيبقى على ما هو عليه؟

ـ مجلس الحكم سيقوم بعمل رائع لم يقم به أحد، فسنسلم السلطة طواعية للحكومة المؤقتة القادمة. هناك اتجاه لعقد مؤتمر وطني في يوليو (تموز) وقد ينبثق منه مجلس وطني تدخل فيه شخصيات معروفة يراقب عمل الحكومة ويصادق على بعض القوانين ويشرف على الاحصاء السكاني والانتخابات.

* هل سيتم اختيار اعضائه على اساس الانتخابات؟

ـ المؤتمر هو الذي يختار المجلس من بين اعضائه وسيدخل فيه اعضاء من مجلس الحكم ومن خارج المجلس وشخصيات سياسية واجتماعية وتكنوقراط، اما توسيع مجلس الحكم فغير مطروح لان المجلس سيتم حله في الثلاثين من يونيو (حزيران) وربما سيشارك بعض اعضائه في المؤتمر الوطني.

* هل العراق مصر على استدعاء قوات عربية للمساهمة في حفظ الامن؟

ـ نحن سنطلب من الاخوة العرب في قمة تونس المساهمة بقوات فاعلة وليست قوات رمزية او شرفية حتى يتسنى لنا بناء قواتنا الامنية والعسكرية خاصة اننا سنملك حرية التصرف بموضوع الخبراء الاجانب في اختيار من يبقى لمساعدتنا او من يرحل.

* بمناسبة الحديث عن الوضع الامني كيف ترون الحل لمشكلة القتال بين قوات التحالف وانصار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر خاصة ان موعد تسليم السيادة قريب.

ـ نأمل ان تكون هناك معالجة من خلال الحوار لهذا الموضوع، ليس من مصلحة أحد ان يقتل ابناء الشعب العراقي سواء من اتباع السيد مقتدى او من غيرهم، هذا الاحتراب بين الاهل لايجوز. مع الاسف توقيت تحريك القضية سيئ جدا وكان آخر ما نحتاجه. السيد مقتدى لديه تيار كبير ونأمل ان نستغل وجود هذا التيار ليكون دعامة اجتماعية وسياسية للعراق الجديد وان تحل هذه المشكلة بطريقة سلمية ومن خلال المفاوضات.

* بدأ العراق بطلب التأشيرات لدخول العرب والاجانب اليه، ما هي ابعاد هذا القرار؟

ـ هذا الاجراء في المرحلة الحالية ضروري جدا لنعرف من يدخل البلد وكم عدد الذين يدخلون. لقد دخلت اعداد كبيرة من الاجانب الذين لا نعرفهم ولا نعرف نواياهم. حتما لن يستهدف العرب في هذا الاجراء ولن نفضل الاجانب عليهم بل على العكس من ذلك. المواطنون العرب أهلنا ونحن منهم ولكننا نحتاج الى وقت لتنظيم البيت العراقي واعتقد ان اخواننا العرب يتفهمون معنى ذلك.

* ما هو مدى تأثير التدخل العربي والاجنبي في سوء الاوضاع الامنية في العراق؟

ـ المنطق يقول إن كل الدول العربية ودول الجوار تحرص على أمن وسلامة العراق، الوضع الامني في العراق اذا انفجر واصبح خارج السيطرة ستتأثر لدول الجوار سلبيا، لهذا أعتقد انه يجب ان تهتم الدول المجاورة عربية وغير عربية باستقرار الاوضاع الامنية في العراق.

* قبل أيام قصفت الطائرات الاميركية قرية قرب مدينة القائم الحدودية وقتلت مدنيين كانوا ينظمون حفلة عرس، كيف تعاملتم مع هذا الحدث؟

ـ نحن صدمنا بهذا الحادث المأساوي الذي استقبلنا بألم شديد خبر وقوع ضحايا ابرياء في حفل يفترض انه كان مدعاة للفرح والسرور لعراقيين عانوا الكثير من المآسي، نحن ضد سفك اي دم عراقي وخاصة دم بريء ليس له علاقة بالقتال، هذا القتل العشوائي للعراقيين يجب ان يتوقف ولا يخدم احدا ونحن طالبنا بتحقيق شامل لكل تفاصيل الموضوع. نحن لا نريد ان يتحول مواطنونا اهدافا لصواريخ غبية. كل التقارير تشير الى انه كان حفل عرس وأنا أميل لتصديق هذا على عكس الرواية الاميركية التي تقول انهم متسللون، ويجب ان ننتظر نتائج التحقيق حيث ستتضح الحقائق ولن يبقى اي شيء مخفيا.

* كنتم من أول المبادرين للمطالبة باطلاق سراح السجناء على ضمانتكم الشخصية، متى سيتم اطلاق سراح جميع السجناء الابرياء؟

ـ كنا قد نظمنا قوائم باسماء الالاف من السجناء وطالبت شخصيا باطلاق سراحهم على ضمانتي الشخصية وانا مستعد لضمان اي عراقي شريف لم تتلطخ يده بدم الشعب العراقي، وهناك أطراف أخرى في مجلس الحكم بادرت الى الشيء نفسه وقد وعدنا باخراج السجناء على دفعات حيث يتم الان مراجعة مائة ملف يوميا. نريد عندما نسترد سيادتنا الا يبقى اي سجين بدون تحقيق او متهم بامور تافهة، واذا كان السجين متهما بسبب آرائه فالرأي حر ولا يجرم صاحبه.

* هل سيتم تسليم السجون للعراقيين؟

ـ بالطبع هذا جزء من السيادة، ونحن نطالب خلال الفترة القادمة بان يكون اي تحرك عسكري بالتشاور مع الحكومة العراقية وموافقتها.

* وماذا عن الرئيس العراقي السابق واركان نظامه؟

ـ كلهم سيتم تسليمهم للعراقيين، وسيتم محاكمة صدام حسين محاكمة عادلة لا تتخذ طابعا سياسيا، فالرجل تسلم أمانة حكم البلاد وواضح انه اساء التصرف ويجب ان يحاكم، وهذا الاجراء سيطبق على كل من يسيء للعراق مستقبلا. سيطبق علينا وعلى غيرنا. وفي كل الاحوال ستعطى فرصة كافية لكل من الادعاء العام والدفاع ليتهيآ لمثل هذه المحكمة ونحن لانشكك بنزاهة القضاء العراقي الذي سينفصل عن وزارة العدل حيث ستستقل السلطة القضائية وستكون فوق السلطة التشريعية والتنفيذية.

* هناك أنباء عن اصرار الادارة الاميركية للسيطرة على القصر الجمهوري وضمه الى بناية سفارتها التي ستبنى قريبا منه، ما هو رأيكم بذلك؟

ـ هذا امر مرفوض تماما. القصر الجمهوري لم يكن قصرا لصدام ولم يبنه صدام بل هو مبني منذ العهد الملكي وطوال العهود السابقة كان يعتبر رمزا للعراق، ولا أدري ان كان هناك اي دافع او سبب للأميركيين للاستيلاء عليه. هم لم يقولوا انهم يريدونه مقرا للسفارة وانما يقولون ان لهم تجهيزات هناك، وهذا ليس سببا. يجب ان يخرجوا من القصر الجمهوري وليس هناك اي مبرر لبقائهم، وهذا مثل من يضع أصبعه في عين الآخر.