البورصة الفلسطينية تسعى لتجاوز عقبات الاحتلال الإسرائيلي وتطوير حركة السوق وإنعاشها

د . حسن ياسين: حجم التداول لا يزال محدودا رغم تجاوزه 700 مليون دولار العام الماضي

TT

يترك الدكتور حسن عدنان ياسين منزله في طولكرم مطلع كل اسبوع ويتوجه الى نابلس في مناطق الحكم الذاتي الفلسطيني، حيث مقر عمله كمدير عام لسوق فلسطين للاوراق النقدية (البورصة). المسافة التي تبلغ 30 كلم قد تستغرق ساعات، وفق مزاجية الجنود الاسرائيليين على الحواجز. ولهذا اضطر ياسين الى استئجار شقة ليبقى فيها مع موظفي السوق عندما تحول الظروف الأمنية دون انتقالهم.

«الشرق الأوسط» سألت الدكتور ياسين عن عمل السوق ووضعها وظروف انشائها، وذلك خلال «الملتقى الثاني للشرق الأوسط وشمال افريقيا حول الحكم الجيد» الذي عقد في بيروت، عن تأسيس سوق الاوراق المالية بفلسطين فقال: «ان عدداً من رواد القطاع الخاص الفلسطيني ادرك مع مجيء السلطة الفلسطينية ضرورة انشاء سوق مالية تهدف الى تنظيم عمليات التداول بشكل يسمح بالشفافية ويمنع التلاعب في الاسعار الذي كان موجوداً.

وتأسست السوق عام 1996. واول جلسة لها كانت في 18 ـ 02 ـ97، بعدد قليل من الشركات. الا ان هذه الشركات تزايدت حتى وصلت الى 26 شركة مدرجة».

وعن القدرة على العمل في ظل الاوضاع الامنية التي تشهدها مناطق الحكم الذاتي، افاد ياسين: «لا شك في ان الاوضاع الامنية اسفرت عن صعوبات في عمل السوق، ناهيك من صعوبات في الاقتصاد الفلسطيني ككل بسبب الحصار الاسرائيلي لمناطق الحكم. ورغم ذلك استطعنا ان نبقى ثابتين ونطور السوق الفلسطينية للاوراق المالية».

وعن الانجازات في الظروف الفلسطينية المتأزمة، قال: «حققنا انجازات عدة. وفي الجانب التشريعي تم اعداد مشروع قانون هيئة السوق واقراره في المجلس التشريعي الفلسطيني بقراءتين. ونحن بانتظار القراءة الثالثة ليصبح قانوناً. كذلك انجزنا المسودة الاولى لقانون الاوراق المالية الذي شاركت سوق فلسطين للاوراق المالية في مناقشاته. وتم تقديمه الى المجلس. كما اعددنا مشاريع وانظمة وتعليمات سيتم اقرارها قريباً تتعلق بالاوضاع وتطوير التداول ومركز الايداع والتحويل، لأن سوق فلسطين للاوراق النقدية منظمة لنفسها SOR) ) . ومن ناحية اخرى، تم ادراج عدد من الشركات الجديدة في السوق هذا العام، بما فيها شركة كهرباء فلسطين، وهي الشركة الاكبر من حيث عدد المساهمين في مناطق الحكم الذاتي اذ يبلغ عددهم 16 الف مساهم. وادى ادراج هذه الشركات الى انعاش حركة التداول. كذلك يبلغ عدد شركات الوساطة ست شركات باستطاعتها الصمود حتى في ظل اجتياح اسرائيلي كالذي حصل عام 2002».

اما عن حجم الصفقات والاعمال داخل السوق فقال ياسين: «لا شك في ان الاقتصاد الفلسطيني صغير الحجم ومشوه بسبب الاحتلال. الا انه قابل للتطور اذا اتيحت له الظروف الصحيحة والصحية. واذكر اننا توقفنا عن العمل لمدة تقارب ثلاثة اشهر بعد اجتياح 2002، لكن السوق استطاعت ان تتجاوز هذه المرحلة. وقمنا باجراءات عدة لنحافظ على الاستمرارية، ومنها حفظ انشطة التداول اليومي في أماكن آمنة على اشرطة داخل فلسطين وخارجها، وايجاد مقر دائم لاقامة الموظفين العاجزين عن التنقل بسبب الاوضاع الامنية. وتمكنا من اجراء عمليات التداول حتى في ظل منع التجول المخفف. وساعدنا على ذلك النظام الالكتروني للسوق الذي يتم فيه التداول عن بعد. اذ ليس من الضروري ان يحضر المستثمر الى السوق ليستطيع التداول».

واشار ياسين الى «ان اسواق فلسطين للاوراق المالية هي اول بورصة الكترونية في العالم العربي. وقد اعطت المبادرة الى شراء انظمة تداول كندية حديثة تتيح المزيد من السرعة والشفافية، حافزاً لعدد من البورصات العربية الاخرى». وقال ياسين ان قيمة التداولات للشركات في سوق فلسطين: «تتجاوز مبلغ 700 مليون دولار حالياً. وكانت قد وصلت عام 2000 الى ما يزيد عن مليار دولار. ويبلغ مؤشر السوق (مؤشر القدس) 180 نقطة، علماً انه بدأ مع 100 نقطة عام 1997، ووصل عام 2000 الى 290 نقطة. واحجام التداول متفاوتة، ولكن يمكن ان تسجل 50 صفقة يومياً. ويتم التداول في السوق 5 ايام اسبوعياً».

وعدا مشكلة الاحتلال الاسرائيلي يشير ياسين الى مشاكل اخرى تعاني منها السوق المالية الفلسطينية، وهي «ضعف البنية القانونية بما فيها الجهاز القضائي، وكذلك الضعف العام للاقتصاد الفلسطيني واعتماده على الخارج الى حد كبير. كما ان لدينا عقبات تتعلق بضعف الوعي الاستثماري».

وحول النظرة العامة الى وضع الاسواق المالية الفلسطينية من حيث وجودها في منطقة حرب، قال ياسين: «الصورة ليست قاتمة الى هذا الحد الذي يتخيله الآخرون، هناك شركات فلسطينية عديدة اعلنت بياناتها الحالية لعام 2003 وتبين انها حققت ارباحاً ملموسة. ورغم غياب الاحصاءات، الا ان الاستثمار الاجنبي في فلسطين ملحوظ بنسبة 25%، وبعض المستثمرين الاجانب من اصل فلسطيني يحملون اكثر من جواز سفر». وعن الخطط التطويرية للسوق، اشار ياسين الى «دراسة امكانية الادراج المشترك لشركات فلسطينية في بورصة عمان ولشركات اردنية في بورصة فلسطين. وهذا الموضوع لا يزال قيد البحث».