ذكرى «إعادة الأمل» أول احتكاك مباشر بين الصوماليين والأميركيين

TT

يصادف اليوم 9 ديسمبر (كانون الأول)، الذكري الـ13 لدخول القوات الأميركية والمتعددة الجنسيات إلى الصومال في عملية التي عرفت باسم «إعادة الأمل»، التي أطلقها الرئيس الأميركي آنذاك جورج بوش الأب والذي اتخذ قرار التدخل ولم يبق من مغادرته المكتب الأسابيع قليلة. فقد نزل 27 ألف جندي من البحرية الأميركية (المارينز) في ليل الأربعاء 9 من ديسمبر 1992، إلى شواطئ العاصمة مقديشو لوقف الحرب الدائرة بين الفصائل الصومالية وتأمين الطرق لإيصال المساعدات العاجلة إلى عشرات الآلاف من الصوماليين الذين كانوا يموتون جوعا بسبب الحرب الأهلية. ويتذكر كثير من الصوماليين تلك الليلة التي عمت فيها الأضواء الكاشفة سماء مقديشو يصاحبها أزيز الآليات الثقيلة وهدير الطائرات المروحية والقاذفات، وفتح سكان مقديشو أعينهم في الصباح التالي على الجنود الأميركيين الذين استولوا على المرافق المهمة في المدينة. واستبشر الصوماليون بالقوات الوافدة أملا في إراحتهم من زعماء الحرب الذين حولوا عاصمة البلاد إلى مدينة أشباح، لكن هذا الأمل تبخر بسرعة، ومع أن القوات الأميركية نجحت في التخفيف من المجاعة التي كانت تشهدها المناطق الغربية من الصومال، لكنها فشلت في النجاح في الشق السياسي من عملية «إعادة الأمل»، وهو إنهاء المشكلة الصومالية ووقف الحرب.

ولم تمض أشهر قليلة إلا وتحولت الأمور إلى مواجهة بين الجنود الأميركيين والميليشيا الصومالية المسلحة بقيادة الجنرال عيديد، الذي أصدر مجلس الأمن الدولي قرارا بإلقاء القبض عليه وأراد الأميركيون تحقيق ذلك لكن حرب الشوارع التي انفجرت بين الجنود الأميركيين والميليشيا الصومالية بقيادة الجنرال عيديد تحولت إلى كابوس، فقد قتل في آخر مواجهة بين الطرفين في 3 أكتوبر(تشرين الأول) 1993، 18 جنديا أميركيا وجرح أكثر من 80 آخرين، كما أسقطت طائرتان مروحيتان من طراز «بلاك هوك»، ووقع أحد طياريها في الأسر، لكن الحدث المدوي كان سحل جثث الجنود الأميركيين في الشوارع. ويتذكر عيسي ملبو الذي كان يمتلك كشكا صغيرا في شارع هول واداج بوسط العاصمة مقديشو وقرب فندق «أوليمبك»، الذي جرت فيه المعارك بين الجنود الأميركيين والميليشيا الصومالية، ويصف المشهد بأنه «كان مرعبا وكانت الجثث ملقاة على قارعة الطريق، صوماليين وأميركيين، وبعدها أدركت أن بلادي مقبلة علي مرحلة جديدة، فحدث من هذا النوع لن يمر بسهولة».

ويقارن ملبو بين الفرحة التي استقبل بها مجيء القوات الأميركية في البداية، وتحول هذه الفرحة إلى كابوس قبل مرور أقل من سنة، ثم الدوامة التي دخلتها البلاد لعشر سنوات تالية. قليلة هي التفاصيل التي بقيت في ذاكرة الصوماليين حول ما دار في العاصمة مقديشو بين الجنود الأميركيين والميليشيا الصومالية، لكن كثيرين منهم يرون أن الأميركيين كان لديهم الكثير مما يعملونه للصوماليين بدل مطاردة عيديد الفاشلة.

وبعد مرور 13 عاما من الحادث، فإن كثيرين من الصوماليين يتطلعون إلى دور أميركي أكثر فعالية في بلادهم، ولا يعني بالضرورة التدخل العسكري مرة أخرى الذي ربما تكون الولايات المتحدة غير مستعدة له في الظرف الراهن.