العثور على سن لفرس النهر.. وبقايا نيازك وبحيرات شاسعة من الماء في الربع الخالي

مرتفعات من الرمل تصل إلى ألف متر وسبخات منخفضة من الملح

TT

يبدو أن منطقة «الربع الخالي» ما زالت مجهولة، رغم الزيارات الاستكشافية القليلة التي قامت بها فرق علمية في أوقات متفاوتة، بغرض التنقيب عن النفط، أو للبحث في آثار وطبيعة وجغرافية المنطقة، وفي كل زيارة، تظهر معلومات جديدة مدهشة عن طبيعة هذه المنطقة، التي تعد كنزاً ضخماً لم يفتح بعد، بسبب وعورتها واتساع مساحتها، التي تتجاوز 600 كيلومتر مربع، تتقاسمها ثلاث مناطق إدارية، هي: الشرقية والرياض ونجران، والأولى تضم جزءاً كبيراً من «الربع الخالي»، فيما يدخل أكثر من 80 في المائة من صحراء الربع الخالي ضمن نطاق الأراضي السعودية.

ويصل أكبر طول للربع الخالي 1200 كيلومتر، ويبلغ أعلى عرض للمنطقة 500 كيلومتر، كما توجد مرتفعات مدهشة من الرمل، يصل ارتفاع بعض الكثبان إلى 1000 متر فوق مستوى سطح البحر، واخفض نقطة في الربع الخالي تصل إلى 24 متراً تحت مستوى سطح البحر، وهي أعمق منطقة في الجزيرة العربية، وتسمى سبخة «الحمر»، أطلق عليها بعض العلماء «البحر الميت» للجزيرة العربية.ومن قبيل المفارقة، تأكيد الفريق العلمي في زيارته الأخيرة للربع الخالي، وجود مجموعة ضخمة من البحيرات ذات مياه شديدة الملوحة، بسبب سماح المسامات الرملية بتبخر جزء من المياه وترسب الأملاح، وتتركز في الجزء الجنوبي الغربي منطقة الربع الخالي، والمجاورة للحدود السعودية مع دولتي عمان والإمارات العربية المتحدة، إلى جانب مجموعة أخرى من «السّبخات» المحيطة بالبحيرات.بعض البحيرات المكتشفة في منطقة الربع الخالي، تصل مساحتها إلى أكثر من 17 ألف كيلومتر مربع، وهي بحيرة «مطي»، التي يطلق عليها محلياً «الخايسة»، بسبب انبعاث رائحة كريهة منها نتيجة وجود كبريتيد الهيدروجين، وهناك بحيرات أخرى، مثل «الحمر» و«ذعبلوتن» و«المهلكة»، والأخيرة تتميز بوجود طبقات من الأملاح المترسبة.

ويوجد في منطقة الربع الخالي نحو 200 بئر، بعضها يندفع منها الماء إلى أعلى، مشكلاً نافورة طبيعية، نتيجة ضغط خزانات المياه الجوفية في باطن الأرض، إلى جانب وجود بحيرات صناعية، مصدر الماء المتجمع فيها من باطن الأرض، وليس الأمطار، فهناك ينابيع وعيون ماء منتشرة في أنحاء متفرقة من الربع الخالي.

وأكد الدكتور عبد العزيز بن عبد الله بن لعبون، أحد أعضاء الفريق العلمي الزائر للربع الخالي، أن الرحلة كانت قصيرة، لكنها غطت مساحات كبيرة من المنطقة، مشيراً إلى أهمية وجود الدليل وسط الكثبان الرملية، فهو أدرى بأماكن الرمال الناعمة والمتحركة، وأعلم بأساليب تجاوز الكثبان، مضيفاً >طفل عمره 14 عاماً، قاد صهريجا مليئا بالماء لمسافة طويلة من دون أن تغوص عجلاته بين الرمال».وأضاف ابن لعبون أن «الماء كان يغمر الربع الخالي قبل مليون عام تقريباً، ووجدنا سنا لفرس النهر في غرب الربع الخالي، إضافة إلى وجود بقايا لنيازك ضربت أجزاء من الربع الخالي، ومن أشهرها نيزك «فيلبي» أو «الحديدة»، الذي سقط قبل 290 عاماً، وكان الملك فيصل بن عبد العزيز يرحمه الله، زار المنطقة التي سقط فيها النيزك وتفحص أجزاء منه».

وحولت شركة «أرامكو» السعودية منطقة شيبة في الربع الخالي، إلى واحة حيوية، بوجود مصنع ضخم لضخ النفط من حقل «شيبة»، والحي السكني المحاط بخضرة الحدائق.من جانبه، أكد اللواء الركن الدكتور عبد العزيز العبيداء، أحد أعضاء الفريق العلمي الزائر للربع الخالي، أن مجموع طول الحدود البرية السعودية يبلغ 4262 كيلومتراً، مشيراً أنه لا يمكن الاستغناء عن هاتف «الثريا» وGPS في الربع الخالي، حتى الأدلة يحملونها معهم، موضحاً أنه أكمل الرحلة بعد رجوع الفريق العلمي من الربع الخالي، لاستلام النقاط الحدودية مع اليمن بشكل نهائي.وكشف العبيداء أن مساحة بحيرة عين حميدان تبلغ 189 كيلومتراً مربعاً، وأن بعض الصور الفضائية أظهرت وجود مدرج للطيران في الربع الخالي، مؤكداً أن السياحة في الربع الخالي غير مربحة، وناشد بأن تكون منطقة الربع الخالي منطقة إدارية مستقلة، حتى تحظى بمزيد من الاهتمام، إلى جانب التعجيل في إعطاء سكان منطقة الربع الخالي بطاقات الهوية الوطنية، وبأن الانتهاء من تنفيذ طريق الخرخير ـ حرض، سيخدم حجاج عمان والإمارات العربية المتحدة.

من جهته، كشف الدكتور عبد الله بن محمد الشارخ، أحد أعضاء الفريق العلمي الزائر للربع الخالي، وجود مواقع أثرية لتصنيع الأدوات الحجرية، يعود تاريخها ما بين 30 ـ 70 ألف عام، وسمي أحد المواقع في منطقة السحمة بـ «العبيداء» تيمناً باسم أحد أعضاء الفريق العلمي.

جاء ذلك، خلال حلقة نقاش عن «حقائق وانطباعات عن رحلة الربع الخالي»، التي نظمتها الجمعية الجغرافية السعودية بالتعاون مع دارة الملك عبد العزيز، مساء أمس الأول وسط العاصمة السعودية.