أميمة حسب الرسول تناضل بالنحت من أجل المرأة وتغيير السائد

معرض جماعي للفنانين السودانيين في الرياض

TT

لا يستقيم الحديث عن النحت من الناحية النظرية فقط، لأنه فن افتراضي، وفي المقام الأول فن تطبيقي ملموس، وهذه العلاقة المتراحمة بين التشريح ولغة الإيحاء تجعل الصراع القائم بين الكتلة الخام والفكرة علاقة متكاملة تعبر في نهاية العمل الإبداعي عن خيال واقعي، بل مجسم نستشف المعنى الجمالي له أينما حل. هذا ما لمسناه عبر أعمال الفنانة والنحاتة أميمة حسب الرسول، التي شاركت مؤخراً في المعرض الجماعي للفنانين السودانيين التشكيليين بقاعة الملك فهد بالرياض. تخرجت النحاتة أميمة حسب الرسول من كلية الفنون الجميلة ـ جامعة السودان عام 1994، وتعمل حاليا في متحف السودان القومي بالخرطوم.

تعد أعمال النحاتة أميمة حسب الرسول من أميز التجارب النحتية المعاصرة في العالم العربي، خصوصا منطقة شمال أفريقيا، التي تتمتع نوعاً ما بكثافة وحرفية عالية في النحت. هذه النحاتة المبدعة سعت إلى استثارة الجمود وتحريك الأفكار، وعمدت عبر أعمالها النحتية إلى استفزاز مكامن المتلقي وتحريكه نحو القلق والعبور من الانفعال إلى التفاعل بين مادتين. وما يميز أعمال النحاتة إنها جعلت من الكتلة خامة بالغة الطراوة، ومن الفكرة بالغة القساوة، هذا هو الإحساس الذي يلازمك (وغيرك)، حينما تتأمل أعمالها إن كانت في الصخر أو الخشب أو إي من الخامات التي تستخدمها وأهمها الفكرة.

النحت لدى الفنانة أميمة ليس صراعا بين قوة الكتلة وطراوة الفراغ، بل على العكس تماماً، ففي لوحاتها نجد مناخات إبداعية وتعبيرية مغايرة لما يعرضه جيلها، الذي يتخذ من حرية الفكرة والعمل أسلوباً لمشواره النحتي والتشكيلي. فهي تقفز خارج المحترف الجمالي لجيلها، وفق رؤية مؤسسة ومدروسة تنادي بها عبر أعمالها ومساهماتها الأخرى في الجانب الإنساني والاجتماعي والتنموي، وهذا ما يبدو واضحا في أعمالها المدافعة عن (المرأة وحقوقها)، مما جعلها ناشطة في النحت الإنساني أينما حلت أو رحلت، عارضة أعمالها وأفكارها، وهي منحازة للإنسانية عموما وللمرأة بشكل خاص. فالمرأة في أعمال النحاتة أميمة حسب الرسول، عنوان كبير يحتاج منا البحث والتمحيص والمتابعة، لكن يمكن القول ـ في هذه العجالة ـ إن المرأة في أعمالها أخذت حيزاً وأسلوباً وطرحاً، ومنحوتة المرأة عندها هي قضية ونضال جمالي وهذا ما جعل أعمالها متميزة بالفكرة اولاً وجدية الطرح ضمن شروط التطور الانفعالي المتسارع للحياة الإنسانية ومدى علاقة الفن بالواقع الملموس؟ وجمالية اللوحة؟

أسئلة عديدة تدور حول أعمال الفنانة، فأعمالها دائماً ما تخفي داخلها شيئاً ما ليس من السهل تمحيصه، عبر معرض واحد أو بعض الأعمال، هذا اذا وضعنا في الاعتبار معطيات ساهمت في حجب العديد من أعمالها المميزة أهمها ظروف المكان، فزاد الغموض واتسعت دائرة الأسئلة وهذا ما حدا بالعديد من المشاركين في الندوات المصاحبة لمعرض الرياض الى اقتراح تكرار المعرض بصور منفردة تتيح لكلا الطرفين (المتلقي والفنان) الوقوف على التجارب المميزة بشكل جيد. ومع ذلك استطاعت المنحوتات المعروضة لأميمة حسب الرسول توصيل الرسالة المهمة التي تكشف عن جيل جديد ومراحل حديثة، قوامها شحنات التفاعل الإنساني.

منحوتات أميمة حسب الرسول شخوص وأفكار وموضوعات وقضايا وهموم يومية حياتية خصبة ومشاريعها الجمالية إرساء لقيم جديدة في الفعل الجمالي ولمضامين لها أبعادها الفلسفية والأسطورية.