اضطرابات الجهاز العصبي اللاإرادي .. تستدعي الاهتمام

نوع آخر من الأمراض العصبية يقود الى اختلال نبضات القلب أو مشاكل الأداء الجنسي

TT

يدرك الكثيرون معنى أمراض الأعصاب حينما يكون الحديث عن شلل حركة أحد أطراف الجسم كاليدين أو الرجلين، أو صعوبات النطق وفهم الكلام، أو عند الشكوى من فقد الإحساس في جلد إحدى مناطق الجسم، أو فقد إحدى الحواس، أو نوبات الصرع أو الارتعاش أو غير ذلك مما هو شائع. وهذه كلها أو غيرها جوانب مهمة من الأمراض العصبية الواضحة في تأثيرها على الجسم والتي يسهل ملاحظتها وشكوى المرضى منها، والناجمة بشكل عام عن اضطرابات في الجهاز العصبي المركزي أو الطرفي.

لكن هناك جانباً آخر لا يقل أهمية عن هذه الأمراض، وهي إصابة الجهاز العصبي اللاإرادي بالاضطرابات التي تأخذ أشكالاً عدة وتنشأ أيضاً من عدة أمراض لا علاقة لها ابتداءً بالأعصاب، ولا يتصور الكثيرون نتيجة لهذا الربط بينها وبين ما يشعرون به، من أنه نتيجة لخلل ما أصاب هذا الجزء من الجهاز العصبي في الجسم.

ينقسم الجهاز العصبي في الجسم إلى قسمين رئيسيين، الجهاز العصبي المركزي في الدماغ والحبل الشوكي، والجهاز العصبي الطرفي في بقية أجزاء الجسم. والجهاز العصبي اللاإرادي هو من ضمن أجزاء الجهاز العصبي الطرفي. وينظم الجهاز العصبي اللاإرادي بصفة عامة تقلبات وتغيرات مقدار نبض القلب وضغط الدم والتنفس والهضم وغيرها من الوظائف اللاإرادية.

* الأعراض المرضية

* أعراض اضطرابات هذا الجهاز تبدو متفاوتة بين الدوار والدوخة، وصعوبات في الهضم أو التبول، وحتى الاضطرابات في الأداء الجنسي لدى الإناث والذكور. ويتسبب فيها كثير من الأمراض الشائعة جداً كمرض السكري مثلاً. وغالباً لا يتنبه لها الكثيرون. وتشمل:

- هبوط مقدار ضغط الدم عند الوقوف بعد الجلوس أو الاستلقاء على السرير، مما يبعث شعوراً بالدوار أو الدوخة أو حتى الإغماء آنذاك.

- صعوبات في إتمام عملية التبول، كعدم الشعور أو الإحساس بامتلاء المثانة، أو سلس البول اللاإرادي، أو عدم القدرة على إكمال إفراغ المثانة من البول تماماً. مما يتسبب في عدة مشاكل أقلها التهابات البول.

- مشاكل في عملية الهضم. مما يبعث لدى المصابين شعوراً بتلبك المعدة وامتلائها بعد الأكل وعدم القدرة على تصريف ما تجمع فيها، حتى لو تناول المريض كمية قليلة من الطعام. أو الشعور بعدم الرغبة على الأقل وفقد شهية ذلك، أو حدوث نوبات من الإسهال أو الإمساك، أو انتفاخ البطن. أو غثيان وقيء وحرقة في منطقة أعلى البطن.

ـ اختلال انتظام تغيرات إيقاع النبض الطبيعية. كأن لا يرتفع معدل النبض مع بذل المجهود البدني بشكل طبيعي، أو انخفاض النبض دائماً.

ـ اختلال التكيف مع الحرارة، خاصة عند بذل الجهد كما يحصل حينما يقل العرق أو يحصل إفراط في إفرازه.

ـ مشاكل في الأداء الجنسي، كضعف الانتصاب لدى الرجال أو جفاف المهبل لدى النساء، مع صعوبات في بلوغ الرضا عند ممارسته.

ـ التعب عند بذل المجهود البسيط نتيجة عوامل عدة كعدم ارتفاع النبض وضغط الدم لتلبية حاجة العضلات من الدم.

ـ فقد مؤشرات الإنذار عند انخفاض سكر الدم، فالطبيعي أن يرتفع النبض ويزداد التعرق عند انخفاض السكر، وهو ما يُنبه المرء إلى وجود الحالة، فيتجه لتداركها إلى تناول الحلوى مثلاً قبل أن يُصاب بالإغماء أو الدوار.

* أسباب متفاوتة

* تتأثر مكونات الجهاز العصبي اللاإرادي بعدة عوامل مرضية. وأهمها مرض السكري. والحقيقة أن كثيراً من المصادر الطبية تشير إلى أن نصف مرضى السكري عُرضة للإصابة بدرجات متفاوتة من اضطرابات الجهاز العصبي اللاإرادي. وتشمل الأسباب الأخرى:

ـ تناول المشروبات الكحولية.

ـ ترسب البروتينات غير الطبيعية في أجزاء من الجسم كالكلى أو الأعصاب أو غيرها.

ـ اضطرابات المناعة الذاتية، كالتي تصيب المفاصل والكلى والأعصاب أيضاً.

ـ أنواع مختلفة من الأورام، وتتسبب في إفراز مواد كيميائية تتأثر بها أعصاب الجهاز اللاإرادي.

ـ تناول أدوية معينة خاصة العلاج الكيميائي للأورام.

ـ مجموعة من الأمراض المزمنة كمرض باركنسون أو الإيدز أو غيرهما.

وأهمية فهم تنوع الأسباب وكونها عوامل خطورة، هو في أخذ احتمال اضطراب الجهاز العصبي اللاإرادي عند شكوى مرضى هذه الأمراض من أعراض اضطراب هذا الجهاز العصبي.

* التشخيص والوقاية

* الأعراض لاضطرابات هذا الجزء من الجهاز العصبي كما يلاحظ متنوعة، لا يربط بينها رابط محدد. لذا فالفحوصات التي تُجرى لتشخيص وجود الاضطراب فيه تتنوع أيضاً، والمشكلة أنه غالباً لا يُلتفت إليها.

ومثلاً لاختبار مدى تأثر أعصاب القلب مثلاً، فإن ملاحظة تغير نبض القلب عند الشهيق وعند الزفير هو شيء مهم، لأن الإنسان الطبيعي يقل نبضه عند الشهيق ويزداد عند الزفير. كما أن الإنسان عندما يُغلق خروج الهواء عبر الحلق مع ضغطه على الصدر فإن هناك تغيرات معينة تطال النبض وضغط الدم في حال سلامة الجهاز العصبي اللاإرادي، لكن في حال اضطرابه تختل هذه التغيرات الطبيعية. وهو ما يتم فحص وجوده سواء في القلب أو المثانة أو الغدد العرقية.

وأهمية التشخيص تنبع من الحاجة إلى ذلك منعاً للمُضاعفات. والتي تشمل إصابات الوقوع عند الوقوف نتيجة انخفاض ضغط الدم، أو الإرهاق الذهني والبدني السريع عند بذل أدنى مجهود، أو سوء التغذية وفقد الوزن نتيجة اضطرابات الجهاز الهضمي، أو الاضطرابات في نسب الأملاح والمعادن في الدم نتيجة عدة عوامل كالإسهال والقيء، أو مشاكل في الجهاز البولي أو الأداء الجنسي أو نشوء اضطرابات في إيقاع نبض القلب أو حتى الفشل الكلوي.

إن الاهتمام بالصحة العامة، والمتابعة لدى الطبيب عند الإصابة بالمرض والمحاولة الجادة في تطبيق تعليمات العلاج، هي أساس الوقاية من نشوء اضطرابات في الجهاز العصبي اللاإرادي. ولذا فإن الحرص علي انضباط نسبة سكر الدم وتجنب شرب الكحول، ومعالجة ارتفاع ضغط الدم والامتناع عن التدخين وأداء التمارين الرياضية بانتظام واتباع إرشادات العلاج حال الإصابة باضطرابات الجهاز العصبي اللاإرادي، كلها عوامل تُسهم في منع حصول مثل هذا النوع من الاضطرابات العصبية.