الحكومة السودانية تطرد يان برونك وتتهمه بنشر معلومات عن الجيش وتعريض اتفاق سلام دارفور للخطر

قال إن قرار إبعاده ناتج عن خلاف عميق في وجهات النظر بينه وبين الحكومة السودانية

TT

قررت الحكومة السودانية امس، انهاء مهمة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة الي السودان يان برونك، وامهلته 72 ساعة لمغادرة البلاد، بعد أن اعتبرته شخصا غير مرغوب فيه، وذلك على خلفية تصريحات له مفادها بأن الروح المعنوية للجيش السوداني منخفضة، بعد معاناته من هزيمتين كبيرتين في منطقة دارفور.

وبعث وزير الخارجية السوداني الدكتور لام اكول امس بمذكرة للأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان، اتهم فيها برونك بـ«التورط في أنشطة لا تتسق مع مهامه، وتعريض اتفاق دارفور للسلام الوليد للخطر، ونشر معلومات مغلوطة في موقعه الخاص على الانترنت حول القوات المسلحة».

وكان برونك قد ذكر في موقعه علي الانترنت، ان الجيش السوداني مني بخسائر فادحة خلال معاركة الاخيرة مع متمردي دارفور، وان العديد من الجنود والضباط فروا الى تشاد، وان الروح المعنوية لأفراد القوات المسلحة السودانية تدنت للغاية، مما اثار غضب الجيش، وأصدر الناطق الرسمي باسمه بيانا وصف فيه برونك بأنه شخص غير مرغوب فيه.

وفي تصريح صحافي مقتضب عقب لقائه وزير الدولة بوزارة الخارجية علي كرتي قال برونك، انه ابلغ رسميا بقرار الحكومة السودانية انهاء مهمته في السودان، وطلب منه مغادرة السودان خلال 72 ساعة .

وأضاف ان قرار ابعاده ناتج عن «خلاف عميق في وجهات النظر بينه والحكومة السودانية»، وانه يحترم هذا القرار وسيطلب من كوفي أنان توفير الوسيلة التي تمكنه من تنفيذه بمغادرته البلاد خلال 72 ساعة.من جانبه عبر وزير الدولة بالخارجية السودانية علي كرتي عن اسفه للقرار، وقال في تصريحات صحافية امس ان برونك تجاوز المهام الموكله اليه كمبعوث خاص للأمين العام للامم المتحدة، فبدلا من ان يتحرك في المجالات الانسانية او الانشطة التي يمكن ان تساعد على استقرار المواطنين، اصبح يتحرك كما يشاء في دارفور، ويحرض المواطنين هناك ضد اتفاق سلام دارفور وقرب نهايته، بل اصبح ينشر المعلومات التي يحصل عليها بموجب منصبه الرسمي في موقعه الخاص علي الانترنت، وكذلك يتحدث عن القوات المسلحة السودانية والروح المعنوية للجنود السودانيين.وأعلن علي الصادق المتحدث باسم الخارجية السودانية، عقب قيام برونك بزيارة مقر الوزارة، ان امام المبعوث مهلة حتى ظهر يوم الاربعاء القادم ليغادر البلاد. وأضاف أن سبب القرار هو تصريحاته عن الجيش.

وتسلم برونك خلال الزيارة مذكرة موجهة من وزير الخارجية السوداني لام أكول إلى كوفي أنان الأمين العام للأمم المتحدة، يعلن فيها السودان انتهاء مهمة بعثة الامم المتحدة الحالية في السودان. وطالبت المذكرة الأمم المتحدة باستبدال مبعوثها الخاص بشخص آخر يتسم بقدر أكبر من العدل والواقعية. وكان الجيش السوداني قد قال الاسبوع الماضي ان استمرار وجود برونك في السودان، يمثل خطرا عسكريا على القوات المسلحة. واتهم بيان للجيش برونك بتقويض الجيش من خلال التشكيك في قدرة القوات المسلحة السودانية على حماية الشعب والدفاع عن البلاد.

وكان المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في السودان يان برونك، ذكر في موقعه على الانترنت مؤخرا، ان الجيش السوداني تكبد خسائر فادحة في حملته الاخيرة على المسلحين في دارفور والتي استغرقت ستة اسابيع، ولكن الجيش السوداني نفى الاربعاء الماضي تصريحات برونك جملة وتفصيلا، وشن عليه هجوما عنيفا ووصفه بأنه «عدواني»، كما نفى الجيش وجود بوادر تمرد لعدد من منسوبيه، واتهم دولا أوروبية، لم يسمها، بالتورط في المعارك الأخيرة في دارفور. وشن الناطق باسم الجيش السوداني، هجوما حادا على برونك، وقال إنه بهذا الحديث صنف نفسه عدوا، وقال «برونك زول عدواني، وشهادته مجروحة ولا يؤخذ بها»، مضيفا «ان حديثه مردود ويعد فى سياق استعداء الأمم المتحدة للسودان».

وقال برونك في موقعه ان معنويات القوات السودانية انخفضت، ويتعرض الجنرالات للفصل من مناصبهم في حين يرفض الجنود القتال. وأضاف أن ميليشيات الجنجويد تحركت لدعم الهجوم الذي يشنه الجيش خلافا لقرارات الأمم المتحدة. وقال إن الحكومة استجابت لـ«الهزائم» بإرسال المزيد من القوات والمعدات الى المنطقة وبتحريك الميليشيات العربية «الجنجويد»، واصفا ذلك بأنه «تطور خطير». وأشار برونك الى ان تشاد، التي تقع الى الغرب من السودان، باتت تلعب دورا متزايدا في المعارك. وقال ان المتمردين التشاديين يقاتلون حاليا في صفوف القوات السودانية المسلحة، في حين تدعم الحكومة التشادية متمردي دارفور.وكان الأمين للأمم المتحدة كوفي انان قد عين يان برونك، 66، عاما ـ هولندي الجنسية ـ مبعوثا خاصا في السودان في الثامن عشر من يناير (كانون الثاني) 2005 بموجب قرار مجلس الامن الدولي رقم (1590) عقب توقيع اتفاقية السلام الشامل بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان في التاسع من ذات الشهر في نيروبي، وسبق ان شغل عددا من المناصب في المنظمة الدولية منها أنة كان مبعوثا خاصا في جنوب افريقيا للتنمية المستدامة ونائبا للامين العام لمؤتمر التجارة والتنمية كما تولي مناصب في حكومة بلاده .

وتعتبر هذه المرة الثانية التي تبعد فيها الخرطوم ممثلا للامم المتحدة خلال عامين اذ سبق ان ابعدت منسق الشؤون الانسانية للامم المتحدة في السودان موكاشي كابيلا في اعقاب تصريحات ادلى بها في نيروبي اوائل عام 2004 وصف فيها الحرب الأهلية في دارفور بأنها ابادة جماعية، تشبه ما وقع في رواندا عام 1998، وطالب المجتمع الدولي بالتدخل السريع مما اعتبرته الحكومة السودانية تمريرا لأجندة خفية وطالبت باستبعاده.