هل المدمن مريض أم مجرم؟. مريض ينبغي علاجه أم مجرم يستحق العقاب ويتحمل عبء المسؤولية؟. مريض تفتح له أبواب المستشفى أم مجرم نغلق عليه أبواب السجن؟. مريض ليس عليه حرج أم مجرم؟. هذه الأسئلة وغيرها دار حولها الجدل في المحاضرة التي نظمها مستشفى الأمل لعلاج الإدمان بجدة أمس تحت عنوان «التغير والتجديد المستمر في حياتنا»، والتي تناولت موقف المجتمع من المدمن، وتغيير سلوك المجتمع تجاهه للتأسيس لخطوة العلاج.
الدكتور سليمان الزياتي مدير ادارة تدريب الكوادر الاجتماعية بمستشفى الأمل لعلاج الإدمان الذي أدار المحاضرات قال «ليس المهم أن نتساءل هل المدمن مريض أم مجرم، لكن المهم أن نعرف كيف نساعده، والأهم أن نكشف أسباب إدمانه، وهذا ما تسعى إليه إدارة المستشفى».
واستطرد «لو بحثنا عن الأسباب لوجدناها كثيرة ومتداخلة، وسندرك أن من الصعوبة تحديدها، وبالتالي من الصعوبة أيضا أن نقضي عليها بالسرعة اللازمة أمنيا وقانونيا وطبيا».
وتحدث الدكتور سليمان متسائلا عن لجوء البعض إلى المخدرات لتحريك وعيهم، وقال «لماذا لا نحرك نحن وعي بعضنا البعض بدون هذه السموم»، متهما بعض الجهات بتعمد اخماد وعي الشباب على وجه الخصوص، فيحتج الشباب باللجوء إلى الإدمان ليغيب وعيه بنفسه وبمحض اختياره.
وقال «لا بد أن نعطي الفرصة للشباب لكي يحركوا وعيهم بتلقائية، ولا بد أن نعطيهم الفرصة لكي يحققوا مزيدا من الإبداع والإضافة والتساؤل والشك، وأن نستوعب كل ذلك في حوار متصل فلا نحتاج أن نحرك الوعي ارتفاعا أو انخفاضا بهذه المواد المخدرة».
ويؤكد الدكتور سليمان أن المدمن غير مذنب، لذلك ترسله الشرطة إلى المستشفى للتعامل معه على أنه مريض يحتاج للعلاج، والعلاج لا يعني أن نحاسب المريض عما يفعله وأن نحمله المسؤولية، كما أن العقاب ليس وسيلة للعلاج وحل المشكلة، كما أن العلاج النفسي يمثل عاملا هاما في عملية العودة الى الحياة الطبيعية، فليس من المعقول أن أقول لمدمن (أنت مجرم).
ومن جهة أخرى يشير المستشار ياسر المحيميد المحامي إلى أن قضية المدمن تحمل وجهتين، الاولى ترمز إلى الاجرام، والاخرى ترمز إلى السقام، أي أن المدمن مجرم ومريض في ذات الوقت.
وزاد المحيميد «هناك وجه ثالث يرمز إلى الضحايا، وهم كثيرون، بينهم أطفال أبرياء يعتبرون ضحية من ضحايا المجتمع الذي قصر في حق المدمن، ولم يستطع أن يحميه من هذا الخطر الداهم». وحول موقف القوانين السعودية قال «نص القانون السعودي على ضرورة معاقبة تجار المخدرات بعقوبات تصل إلى اقامة الحد بقطع الرقبة، خاصة وأن المدمن لا يؤذي نفسه فقط، وانما يلحق بأهله الخزي والعار، وقد يصل الأمر بالمدمن إلى القتل من أجل التعاطي».
واعتبر المستشار المحيميد الإدمان عنصرا محركا للنشاط الإجرامي في معظم الأحوال، فالعديد من المدانين في الجرائم يتناولون جرعة المخدر قبل الإقدام على ارتكاب الجريمة، حتى يلتمس في نفسه الشجاعة، وفسر بقوله «أي أنه حسب التشريع القانوني مقترف لجريمة متتابعة، بحيث أصبح بؤرة إجرامية متحركة وشبه دائمة، وبذلك يصلح تسميته بالمجرم في حكم القـانون».