طالباني: العراق ليس ضعيفا وبمقدوره أيضا خلق المشاكل لجيرانه

الرئيس العراقي في أول حديث لوسيلة إعلامية منذ اختياره رئيسا لولاية ثانية * نحن حريصون على تشكيل حكومة وحدة وطنية * أنا رئيس لكل العراقيين * الكرد اختاروا بمحض إرادتهم البقاء في العراق * فكرة إسناد الخارجية إلى عربي شوفينية * مشكلة كركوك يحلها الدستور

TT

في طريقي الى منزل الرئيس العراقي جلال طالباني حيث كنت امس على موعد لحوار معه نظمه لي وساعدني فيه الدكتور فؤاد معصوم عضو مجلس النواب عن التحالف الكردستاني، مشكورا، كنت افكر بآلية اجراءات الاستقبال. فهل سيتم تفتيشي؟ وكيف سيتم؟ وما هي تعقيدات الوصول الى السيد الرئيس، فهو رئيس جمهورية تعيش ظروفا صعبة.

لكن كل الاسئلة انتهت عندما صرت على مشارف بيت الرئيس، الابواب فتحت بسهولة مع ابتسامة من الحراس حينما ذكرت لهم اسمي، وبابتسامات اكثر عندما توجهت الى بوابة البيت لأفاجأ ان الرئيس يقف بنفسه مع مرافقيه في انتظاري بابتسامته المعهودة ودماثة خلقه. اخذ بيدي لندخل سوية قاعة الاستقبال مزيلا كل عقبات البروتوكول وكأنه يستقبل صديقا له لم يره منذ مدة.

سالني الرئيس طالباني عن «الشرق الأوسط» والعاملين فيها ذاكرا اسماء بذاتها وشاكرا للصحيفة ان تتيح له فرصة تعريف القراء بآرائه.

الرئيس طالباني منشغل ليلا ونهارا يستقبل هذا وذاك ليوفق بين الجميع من اجل تشكيل حكومة وحدة وطنية، فهو بالتالي الخيمة التي ينضوي تحتها الجميع، بالرغم من كل هذه المشاغل افسح لي الكثير من وقته لاجراء اول حديث صحافي مع مطبوعة عربية او اجنبية منذ اختياره رئيسا لولاية ثانية تجديدا، وكانت «الشرق الأوسط» هي التي اجرت في العام الماضي اول حديث مع الرئيس طالباني عندما تولى الرئاسة في الحكومة الانتقالية، حتى انه تذكر ذلك جيدا وقال معلقا «انا استبشر خيرا باستهلال احاديثي الصحافية مع صحيفة «الشرق الأوسط»، ففي فترة رئاستي الاولى كنتم انتم من اجرى معي عبر الهاتف حديثا صحافيا، وها انتم هنا لتجروا اول حديث مع بداية فترتي الرئاسية الحالية». عندما دخلنا مكتبه الذي يزدحم بالكتب العربية قال «انا قارئ نهم للكتب العربية وافضل شعر الجواهري بل اكتب بالعربي اذ استطيع ان اعبر عن نفسي بصورة افضل، هذه لغة القرآن ويخسر من لا يجيدها، لهذا نحن ندرسها في مدارسنا في كردستان منذ الصف الاول الابتدائي».

* غالبية من الشعب العراقي رحبت بان يكون رئيس الجمهورية كرديا فهذا هو العراق لكن كيف ترد على من يطالب بان يكون الرئيس العراقي عربيا باعتبار ان العراق بلد عربي؟

ـ ليس شرطا ان يكون رئيس العراق كرديا وانما يجب ان يكون بالاضافة الى ما يتمتع به من مميزات انسانية وسياسية وبقية المؤهلات المطلوبة، يجب ان يكون رجل الوفاق الوطني ومقبولا من قبل التيارات الرئيسية في البرلمان وقادرا على تقريب وجهات النظر ولعب دور في المصالحة الوطنية وكذلك لعب دور في تحقيق حكومة الوحدة الوطنية عن طريق التقريب بين وجهات النظر بين الكيانات المختلفة في العراق.

اما فيما يتعلق بالرأي الآخر وهو ان يكون الرئيس عربيا فهذا يخالف مفهوم الوحدة الوطنية، فالشرط الاساسي في مفهوم الوحدة العراقية هو ان جميع المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات، لهذا لكل عراقي الحق في ان يكون رئيس جمهورية او رئيس وزراء لو توفرت له شروط هذين المنصبين. استثناء الكرد من هذا المنصب او ذاك بحجة انه كردي هو استثناء شوفيني لا يتناسب مع مفهوم الوحدة الوطنية ويحمل روح التعصب القومي المعادي للكرد. انا اود ان اقول ان تولي الكرد مناصب رئيسية في الوطن العربي ليس جديدا لنلاحظ كم رئيس جمهورية سوري كان من الكرد ولم يجر الاعتراض عليه لانه كردي وانما جرى الاعتراض على سلوكه او على ادائه او على مواقفه، هذا الاعتراض بدعة جديدة ظهرت مع العفلقية في العالم العربي. العفلقية كوباء، حسب ما اسميها انا، جلبت مجموعة من الافكار الشوفينية المعادية والمشتتة لوحدة الشعب والمعادية للاصول الديمقراطية. نلاحظ في البلدان المتقدمة يحق للمتجنس الحصول على اعلى المناصب من دون الاعتراض على اصله، فلماذا لا يكون في العراق حق للجميع بان يتبوأوا المراكز المهمة اذا كانت المؤهلات متوفرة لديهم. يجب ان نعترض عندما يأتي الرئيس بواسطة الانقلابات العسكرية وعن طريق صعود الدبابات وتغيير نظام الحكم رغم ارادة الشعب، لكن عندما يكون الرئيس مختارا من قبل الاغلبية البرلمانية له الحق في ان يكون ما يشاء.

* على ذكر الانقلابات هل تعتقد ان زمن الانقلابات العسكرية انتهى في العراق؟

ـ انا اعتقد انه انتهى، اعتقد ان العصر كله لم يعد يتقبل الانقلابات العسكرية، لا اقول انه ليس هناك احتمال حدوث الانقلاب في البلدان المتخلفة لان يركب بعض الضباط رؤوسهم ويرتكبوا عملا ديكتاتوريا بواسطة الانقلاب، ولكني اقول ان عصر الانقلابات العسكرية قد انتهى. ويؤسفني ان اقول ان عصر الانقلابات العسكرية في العراق قد افتتحه ضابط كردي هو الفريق بكر صدقي الذي كان معاونا لرئيس اركان الجيش في الثلاثينات ولكنه استجاب لطلب من قبل الزعماء التقدميين العراقيين العرب، امثال المرحومين الخالدين جعفر ابوالتمن وكامل الجادرجي، الذين تولوا السلطة بعد هذا الانقلاب وكانت هذه بداية سيئة، فالعولمة اليوم لا تقبل بقيام انقلابات عسكرية.

الأزمة الحكومية

* لنتحدث عن الازمة الراهنة وهي ازمة تشكيل الحكومة، وكلما اشتدت الازمة بين الفرقاء جمعتهم انت لتساهم في حل هذه الازمة، ترى الى اين وصلت جهود تشكيل الحكومة؟

ـ اود ان اقول ان ذلك شرف لي، شرف لا أدعيه واتهام لا انفيه، مهمة تشكيل الوزارة في العراق مهمة صعبة، انت تعرف تركيبة الشعب العراقي الاجتماعية والطبقية والقومية، هذا البلد اعطاه الله خيرات كثيرة بوديانه وجباله وسهوله، لكنه بلد غير سهل ومنذ الامام علي وهو بلد المشاكل، لذلك اقول ان تشكيل الوزارة مهمة ليست سهلة، هناك مصاعب موجودة داخل كل كتلة من جهة وبين الكتل من جهة ثانية، لذلك كان الله في عون اخينا نوري المالكي وهو يتقدم خطوة خطوة الى الامام وانا اعتقد انه على وشك الانتهاء من تشكيل الوزارة لان ما تبقى هو توزيع المناصب، وهناك اشكالات بسيطة عند جبهة التوافق وكذلك القائمة العراقية والذي اتوقعه ان يتم الاتفاق غدا (اليوم) ان شاء الله.

* المعروف عنكم انكم علمانيون تنتمون الى التيار الوطني التحرري البعيد عن الطائفية والتفرقة القومية، كيف ستتفقون في حكومة واحدة بين الشيعة والسنة؟

ـ لا تنسى من حيث المذهب انا سني.

* لا اريد ان نتحدث في المسألة الطائفية فانت رجل علماني ولا تفكر بالمسالة الطائفية؟

ـ دعني اقول لك الواقع، هذا هو العراق، العراق متكون من القوميتين العربية والكردية وهذا ما كان منصوصا عليه في دستور صدام حسين. وبجانب هاتين القوميتين هناك القوميتان التركمانية والكلدوآشورية. العراق فيه مسلمون وفيه مسيحيون، والمسلمون منقسمون بين المذهبين السني والشيعي والسنة فيهم الحنفية والشافعية، هذا شيء طبيعي في العراق وليس مستوردا ولا مفتعلا، لكن ما ينقص العراق اليوم هو وجود أحزاب تتفرع على نطاق الوطن كفروع وتنظيمات بحيث تمتد من زاخو الى البصرة ويدخل الحزب كقائمة حقيقية، العراق تنقصه التجربة الديمقراطية، عندما تسلم العفلقيون الحكم في العراق انهوا الحركة التقدمية في العراق وكذلك القوميين الذين لم يستطيعوا اخراج نائب واحد الى البرلمان. الواقع ان الحركة السياسية منقسمة اليوم في العراق الى علمانيين واسلاميين، والاسلاميون هم الاكثرية سواء كانوا من العرب السنة او الشيعة، ونتيجة للانتخابات حصلوا على اكثرية المقاعد في البرلمان، ومن الطبيعي ان تتشكل الحكومة من هذه القوائم الفائزة في الانتخابات، لماذا لا نسميها محاصصة القوائم فيما بينها وليست محاصصة طائفية، لنأخذ القائمة الكردستانية كمثل، هذه القائمة لها خمسة وزراء، الوزراء الذين قدمناهم بينهم مسلمون ومسيحيون، عندنا وزير مسيحي هو فوزي الحريري وهو ليس مرشحا كمسيحي بل ضمن القائمة الكردستانية، عندنا سيدة مرشحة لوزارة. هذه القوائم تمثيلها يعبر عن حقيقتها، مثلا القائمة العراقية رشحت عربا من السنة والشيعة، نساء ورجالا، هذه هي تركيبتها وهكذا بقية القوائم، ليس هناك في الدستور ما يشير الى ان هذا العدد مخصص للعرب السنة او للعرب الشيعة او للاكراد. نحن في الكردستانية خسرنا اربع حقائب وزارية، كانت لنا تسعة واعطونا خمس حقائب، مع ذلك رضينا من اجل تمشية الامور. المسألة هي نتيجة الانتخابات التي عبرت عن الحقيقة السياسية والتوزيع للمجتمع العراقي.

* لكن أُريد لهذه الحكومة ان تكون حكومة وحدة وطنية تشارك فيها الكتل السياسية الفائزة في الانتخابات وبما يمكنها من المشاركة في صناعة القرار السياسي..

ـ هذا صحيح.

توزيع الحقائب الوزارية

* لكن القائمة العراقية وكذلك جبهة الحوار يشعرون بالاقصاء لعدم اسناد حقائب وزارية مهمة لهم..

ـ انا اعتقد انه ليست هناك نية لابعاد اي طرف من الاطراف الفائزة في الانتخابات، ولكن هناك مطاليب غير معقولة مثلا جبهة الحوار التي يقودها صالح المطلك، فهو يصر على تسلم حقيبة الخارجية ويقول لاني عربي والعلاقات العراقية العربية تحتاج الى وزير عربي للخارجية. اذا ناقشنا هذه الفكرة فسنجد ان جوهرها شوفيني. من قال ان العرب في العراق استطاعوا تحسين العلاقات بين العراق والدول العربية؟ العلاقات العراقية العربية ساءت على ايدي العرب، لكن اي نوع من العرب، العرب غير الحريصين على مصلحة العراق ولا على المصلحة العربية.. فهل مرت العلاقات العراقية السورية بمرحلة سيئة مثلما عاشتها في تاريخ حكم البعث في البلدين؟ الناصريون استولوا على الحكم في العراق ولم يستطيعوا تحقيق الوحدة مع مصر. لنسأل هل ساءت العلاقات العراقية العربية على ايدي وزراء خارجية كرد ام تركمان ام عرب؟ اذن فكرة وزير الخارجية يجب ان يكون عربيا حتى تتحسن العلاقات مع العرب هي فكرة شوفينية. انا كردي لكن تربطني افضل العلاقات مع العرب ومع الدول العربية، ويمكن انا المسؤول العراقي الوحيد الذي لم اشتم سورية بل العكس دائما أشيد بمساعدتها للمعارضة وللشعب العراقي. الاخ هوشيار زيباري لعب دورا مهما في تعميق العلاقات مع الدول العربية مع انه كردي، اصرار المطلك على ان يكون وزير الخارجية عربيا يخلق تمييزا بين العرب وبقية القوميات، اذا شعر المواطن الكردي بهذا التمييز في هذا البلد اذن سيفكر بالعيش في بلد آخر.

نحن نريد ان نعبر عن طبيعة تركيب الشعب العراقي، لقد أقر العهد الملكي بوجود قومية كردية في العراق، النجمتان اللتان كانتا موجودتين في العلم العراقي في العهد الملكي كانتا ترمزان الى القوميتين العربية والكردية، وعلى طول العهد الملكي كان الكرد يتولون مناصب رئيسية في الدولة كرئيس وزراء او وزير دفاع او رئيس اركان الجيش. ثورة 14 يوليو(تموز) 1958 استهلت بالمادة السادسة التي تقول ان العرب والكرد شركاء في العراق وكان يطلق على العراق تسمية جمهورية العرب والاكراد، لم نسمع ان العراق جمهورية عربية بحتة الا من قبل الشوفينيين العرب الذين دمروا البلد بالمؤامرات، والدستور العراقي ينص على هذه الشراكة وفقرة المشاركة العربية الكردية كانت مأخوذة من برنامج هيئة المؤتمر الوطني العراقي الذي كان يضم الوطنيين الديمقراطيين وحزب الاستقلال القومي العربي والجبهة الشعبية، هذه العبارة كانت القاسم المشترك بين جميع العراقيين قبل طغيان النزعات الشوفينية والعفلقية، لهذا فمنطلق الشراكة يحق للاكراد ان يتبوأوا هذا المركز او ذاك، يجوز للاخ صالح (المطلك) ان يقول إنه الافضل والاحسن لتبوء هذا المنصب او ذاك ولكن لا يجوز له ان يقول لانه عربي فهو افضل من هوشيار زيباري لتبوء هذا المنصب، هذه نزعة قديمة عفا عليها الزمن وتثير الاستفزاز في الحقيقة بين الاكراد وبين كل الديمقراطيين التقدميين في العراق.

اما عن مشاركة القائمة العراقية فبعلمي هي على وشك الاشتراك في الحكومة، والمقترحات التي طرحها المالكي على العراقي مقترحات معقولة، انا حضرت اجتماعا عقدناه في هذا البيت وبذلنا جهودا كبيرة مع الدكتور اياد علاوي لاقناعه بالاشتراك في الحكومة، وكانت الوزارات التي قدمها رئيس الحكومة واضحة ومنطقية، واعتقد ان الاخوة في العراق يقبلون بها اذا لم يكونوا قد قبلوا بها بالفعل، الامل بمشاركة العراقية وجبهة الحوار ولكن كل بحجمها وواقعها.

الفيدرالية

* هل تعتقد ان الاكراد، كشعب، راضون عن ما هم عليه، على ما حصلوا عليه في العراق؟

ـ نعم كشعب واعطيك دليلا، لو قارنا بين الكرد الذين صوتوا للدستور العراقي وبين الذين صوتوا لتأسيس الدولة العراقية عند بداياتها، وحسب تاريخ الوزارات العراقية فإن الكرد كانوا قد صوتوا ضد حكم الملك فيصل الاول، الان 80% من الكرد صوتوا لدستور العراق وللوحدة العراقية، اذن هناك رضا والا لما صوتوا مع الدستور، هناك دليل آخر، في غياب الدولة العراقية وقيام برلمان كردستان، هذا البرلمان أقر بالاجماع على الوحدة العراقية وقيام دولة ديمقراطية على اساس فيدرالي. اذن هناك رضا عام عن العراق الموحد الفيدرالي الحالي، ولكن هناك مطاليب وانتقادات ونواقص يمكن للكرد الاعتراض عليها شأنهم في ذلك شأن عرب الانبار او عرب البصرة او كربلاء، ومختصر مفيد انا اعتقد ان الكرد راضون عن النظام العراقي الجديد.

* هناك مخاوف من قبل بعض العرب سواء من العراقيين او غيرهم بأن ينفصل اقليم كردستان عن جسد العراق، كيف تطمئن هؤلاء؟

ـ انا لا اعتقد ان هناك عربا يخشون من الانفصال، هناك الشوفينيون الذين يعتقدون بذلك، غالبية العرب والكرد صوتوا للبرلمان وللوحدة الوطنية وللعراق الديمقراطي الفيدرالي. الطرف العربي السني الذي اعترض على الفيدرالية اعترف صراحة بانه لا يعترض على فيدرالية كردستان، حتى الاخ صالح المطلك قال انا لا اعترض على فيدرالية كردستان، والاكثر من ذلك قال انا لا اعترض على انفصال كردستان من العراق. اذن ليس هناك اعتراض على اقليم كردستان، هناك اعتراض من قبل الشوفينيين العرب على الاقليم. كل الاطراف السياسية العراقية وافقت على ان تكون كردستان اقليما فيدراليا، الاعتراض الان على فيدرالية الجنوب وليس على كردستان. هذا السؤال اذا لم تزعل مني تنقصه الدقة، ثم ما هو الدور الذي لعبه الاكراد في العراق؟ لو كان الكرد انفصاليين لتركنا الاطراف العراقية تتقاتل مع بعضها وقلنا بئسهم بينهم وجلسنا في الاقليم نتفرج على ما يجري. لولا الجهود الكبيرة والحثيثة التي بذلناها مع الحلفاء لما وصلت الامور الى ما هو عليه من تشكيل حكومة وحدة وطنية وكل الاطراف السياسية تعترف اليوم بما بذلناه من اجل توحيد المواقف، وهذا يدل على حرصنا على الوحدة الوطنية. انا لا أرى ان العرب في العراق لهم اعتراضات على فيدراليتنا وخارج العراق ينظرون الى فيدراليتنا بشكل ايجابي، ما نسمعه ضد الكرد هي اراء شوفينية ضد مصلحة العراق ولو ترجمنا كلمة فيدرالية الى العربية لكانت اتحادية.

* أنا قلت مخاوف ولم أقل اعتراضات، مخاوف من ان يفكر الاكراد بالانفصال لا سيما ان هناك لجنة الاستفتاء التي طالبت بالانفصال؟

ـ طيب لنرجع الى المخاوف، الاستفتاء الذي جرى في كردستان لم يكن هدفه الانفصال بل الحق بتقرير المصير ولكل جهة الحق بتقرير المصير، ونحن قررنا مصيرنا بان نكون جزءا من العراق، قررنا البقاء ضمن العراق الفيدرالي التعددي الديمقراطي الموحد والمستقل، هنالك فرق بين وحدة قسرية مفروضة بقوة السلاح مثلما فرض الاستعمار البريطاني في العشرينات من القرن الماضي ووحدة اختيارية قررها الكرد بالبقاء مع العراق والعراقيين ضمن دولة واحدة.

اذا تقرأ كتاب مشكلة الموصل المنشور عام 1977 ومؤلفه استاذ جامعي عراقي عربي، في هذا الكتاب يقول ان عصبة الامم عندما جاءت وحققت في الموصل اقرت بان الغالبية في منطقة كردستان هم من الاكراد، اقرت ايضا ان هذه المنطقة لم تكن في يوم من الايام جزءا من العراق العربي وان اكثرية سكان هذه المنطقة يفضلون العيش مع العرب.اذن هناك تعايش اختياري بين القوميات ونحن اخترنا العيش مع العرب. دعني اسأل لماذا لا توجد مخاوف من انفصال العرب؟ قسم من العرب في العراق يدعون الى اذابة الكيان العراقي في كيان دول عربية اخرى وهذه نزعة انفصالية. ودعني اسال انت عراقي عربي وانا عراقي كردي هل نحن متساويان في الحقوق؟

* انا اعتقد انكم تتمتعون بحقوق وامتيازات اكثر مني.

ـ من الناحية القانونية هل حقك مثل حقي؟ اذا انت تدعو لاذابة كيانك في كيان عربي فلماذا لا يكون من حقي ان احافظ على كياني الكردي. نعم هناك بعض الشعراء والشباب يعترضون علينا ويعتبروننا عروبيين واننا خرجنا عن الخط القومي الكردي، ولكن حقيقة الامر ان غالبية الشعب الكردي صوتت للدستور وهذا يعني ان شعبنا قد قبل ان يكون ضمن العراق الفيدرالي الديمقراطي المستقل، اذن لا مبرر للمخاوف التي يطلقها بعض الشوفينيين من العفلقيين.

مشكلة كركوك

* كيف تنظرون الى حل مشكلة كركوك؟

ـ الحل هو في الدستور، وهو حل بسيط، ازالة آثار التطهير العرقي الذي مارسه صدام، اعادة المهجرين الى مناطقهم واعادة توحيد كركوك. لننظر الى ما فعله صدام، هجر مئات الالاف من الكرد والتركمان من المنطقة وسكن محلهم مئات الالاف من العرب من غير المنطقة وخاصة من الجنوب، وهذا اثار مشكلة سكانية وطائفية كون كركوك طوال عمرها مدينة سنية، العدد الاكبر الذين جاء بهم صدام كانوا من العرب الشيعة من الجنوب والكثير منهم يريدون العودة الى مناطقهم بمحض ارادتهم. اذن يجب ازالة اثار التطهير العرقي واعادة الامور الى طبيعتها. محافظة كركوك معروفة منذ العهد الملكي بحدودها الادارية، جاء صدام والحق جلولاء بمحافظة ديالى، وقضاء طوزخرماتو بتكريت، الحق قضائي كالار وجمجمال بالسليمانية، وابقى على المدينة والحويجة فقط بعد ان هدم جميع القرى الكردية والتركمانية المحيطة بكركوك. صدام حسين قام بعملية تطهير عرقي مخالفة لجميع القيم الاسلامية والديمقراطية والوطنية والانسانية ولحقوق الانسان. الان المطلوب اعادة الاوضاع الى طبيعتها. وسيترك القرار للشعب هناك، اذا يريدون ان تبقى كركوك محافظة غير تابعة لحدود كردستان فاهلا وسهلا واذا يريدون الانضمام الى الاقليم ايضا اهلا وسهلا ويجب ان نحتكم الى رأي الناس وننظر الى القضية بهدوء من غير خلق روح عدائية بين العرب والكرد والتركمان. توجد اليوم دول خارجية تتدخل في موضوع كركوك وليس من حقها ان تتحدث عن هذا الموضوع.

* ماذا عن العرب الذين جاء بهم صدام حسين، ما ذنبهم باخراجهم من مدينة عراقية اسمها كركوك؟

ـ انا اجتمعت بهم وقلت لهم من يريد ان يبقى فليبقى بشرط ان لا يغير ديموغراقية المدينة، قسم كبير منهم يريد العودة الى منطقته التي جاء منها، وبعضهم قال من الحرام ان نبقى فهذا مخالف للاسلام ان نأتي ونأخذ اراضي غيرنا بالقوة، هناك عشرة الاف عائلة عربية حتى الان قدمت طلباتها بالعودة الى مناطقها. انا من مدينة كركوك وعائلتي الطلبانية من أكثر العائلات عراقة في تاريخ المدينة، والتكية الطالبانية مبنية منذ اكثر من 280 عاما، كركوك تاريخيا كانت مدينة كردستانية، انا لا اقول هذا وانما هذا كتاب دائرة المعارف العثمانية (يرينا الكتاب القديم) وصادر في العهد العثماني، اقرأ في قاموس الاعلام (يتصفح الكتاب) ويقول نحن نقبل بما ورد في العهد العثماني، وهناك خريطة الامبراطورية العثمانية (يشير الى خريطة قديمة معلقة على جدار يقابل مكتبه)، وهذه خريطة اوروبية عن كركوك (خريطة معلقة على يسار المكتب) نحن نقبل بما جاء بهذه الخرائط. هناك حقائق تاريخية ثابتة واذا ترجع الى الاحصائيات الاولية في كركوك ستجد ان نسبة العرب قليلة جدا، وعندما كنت انا في الدراسة الثانوية كان في صفنا 8 طلاب من العرب فقط (الصف الخامس العلمي) وهم من ابناء الموظفين. العرب موجودون في حويجة وفي قضاء طوز، بين 1945 و1955 جاء الى كركوك 14 الف عربي كموظفين في الدولة او عاملين في شركة النفط، ما قلنا انه يجب اعادة هؤلاء لانهم اصبحوا جزءا من اهالي كركوك. الذين جيء بهم في عهد صدام لاغراض التطهير العرقي لا حق لهم في تقرير مصير المدينة، لهم حق البقاء والسكن لكن ليس لهم حق الاستفتاء على مصير كركوك.

المخاطر الإقليمية على العراق

* هناك مخاطر على العراق من دول اقليمية، هذه المخاطر صارت حقيقية من خلال القصف الايراني لمناطق في كردستان وحشود تركية على حدود العراق الشمالية، كيف تنظرون لهذه المخاطر؟

ـ انا لا اعتقد ان هناك مخاطر حقيقية من دول الجوار، اذا نحن في العراق اتفقنا فيما بيننا ونشكل حكومة وحدة وطنية وبامكاننا حل الخلافات مع دول الجوار بسهولة.انا اتعهد كرئيس جمهورية اعطيني حكومة وحدة وطنية ووفدا من هذه الحكومة لأذهب الى طهران وانقرة واحل المشاكل واذا لم احلها سأذهب الى السليمانية وابعث باستقالتي الى بغداد. بيننا وبين ايران علاقات تاريخية ايجابية وسلبية لكن هناك مجالا للتفاهم بين العراق وايران، وهناك مجال للتفاهم بين العراق وتركيا. هذه الدول تتذرع بحجج شبه واقعية، لنكن صريحين مع بعضنا، توجد منظمة حزب العمل الكردستاني تنطلق من الاراضي العراقية وتضرب تركيا وتلجأ الى جبال كردستان العراق، هل تريد من تركيا ان تتفرج على ما يحدث؟ هناك حزب كردستاني ايراني اسمه باجاك ايضا يمارس اعمال القتل داخل الاراضي الايرانية ويلجأ الى جبال كردستان العراق، فهل تريد من الايرانيين ان يتفرجوا على ما يحدث؟ لا احد يقبل بذلك، لهذا يجب ان نتوصل الى حل حتى لا تبقى هناك حجة لتركيا او لايران لضرب الاراضي العراقية او لابقاء حشودها على حدودنا.انا اعتقد ان العقدة في تشكيل حكومة وحدة وطنية، واذا تم حل هذه العقدة فكل شيء سيتم حله مع ايران وتركيا ومع سورية ايضا التي لنا معها بعض المشاكل، فهذه المشاكل تحل بالحوار لا بحملات الاعلام والشتائم التي لا أؤمن بها، نعم هناك مشاكل مع سورية وافضل ان يقوم وفد عال بزيارة دمشق وطرح المشاكل على طاولة الحوار لحلها، فلا توجد مشكلة لا حل لها اذا وجدت حكومة وحدة وطنية عراقية، ثم ان العراق ليس بلدا ضعيفا الجيران يستطيعون ان يخلقوا لنا المشاكل ونحن ايضا قادرون على خلق المشاكل لهم اذا وصلت الامور الى هذا الحد، ونحن لا نريدها ان تصل الى حد ان نخلق المشاكل لبعضنا البعض. اذا كانت ايران تسمح لنفسها بالتدخل في كربلاء باعتبارها مدينة شيعية وتركيا تسمح لنفسها بالتدخل في كركوك فهذا يفتح بابا خطيرا جدا انه ايضا يحق للعراق التدخل في خوزستان، ويقول هناك عرب في عربستان، وان نتدخل في اسكندرونة باعتبار ان فيها عربا، علينا احترام حدود دولنا وسيادة هذه الدول.

اللقاءات مع المجموعات المسلحة

* تحدثتم عن لقاءات جرت بينكم وبين قادة من المقاومة العراقية، فما هي تفاصيل هذه اللقاءات؟

ـ لا توجد تفاصيل اكثر مما قلته، ذات يوم قال لي المرافقون ان شخصا اسمه ابومصطفى يريد مقابلتي هنا في البيت، وهو ضابط سابق وكنت ابحث عنه كونه من الضباط الذين كانوا معارضين لصدام، فجاء مع اربعة اشخاص وقدموا انفسهم وقالوا نحن من قادة المقاومة ونحن نثق بك لهذا جئنا الى بيتك واخبروني بانهم التقوا الاميركيين في عمان وهنا في بغداد وانهم كانوا على وشك الوصول الى نتائج لكنهم اوقفوا الاتصالات بسبب ما سمعوه عن الاتصالات الاميركية الايرانية، وكان تركيزهم انهم يجدون الخطر الايراني اكبر من خطر قوات التحالف، انا نصحتهم بان يواصلوا العلاقة مع الاميركيين وربما تصلون الى نتيجة وشجعتهم على ذلك. في المرة الثانية جاءني اشخاص من الانبار وقالوا نحن ايضا لنا علاقة مع المقاومة ورحبت بهم كعراقيين وانا رئيس لكل العراقيين وبابي مفتوح للجميع، فانا استقبلت رسائل من المواطن العراقي برزان التكريتي ومن الاستاذ طارق عزيز لغرض معالجتهما وهما في السجن وبعثت برسالة الى رئيس الحكومة الذي استجاب لطلبهما، هذا من حق المواطن علي ويبقى لهم حق المواطنة، وهذه هي طريقتي في الحياة.

* لو جاءتك رسالة من صدام حسين ماذا ستفعل؟

ـ سأقرأها جيدا واذا كان بحاجة لمساعدة كعلاج مثلا سأساعده بالرغم من انني قاتلت صدام حتى آخر ايامه وكان يستثنيني من كل قرارات العفو ويقول الا العميل الخائن جلال طالباني، لكن هذا لا يعني ان نتخلى عن انسانيتنا ومحبتنا لشعبنا، علينا ان نفتح صفحة جديدة من التسامح في العراق وننهي زمن الذبح والقمع، لرئيس الجمهورية السابق حق الحديث في المحكمة وللقاضي حق اصدار الحكم العادل وتنفيذ هذا الحكم.

* هل حدث حوار بين الادارة الاميركية والايرانيين؟

ـ لم يحصل هذا، وكان المفروض ان استقبل انا الوفد الايراني واشترك في الحوار وكنت مستعدا لذلك واتمنى ان يحدث هذا الحوار.

العلاقات مع الدول العربية

* كيف تصفون علاقاتكم مع الدول العربية؟

ـ جيدة جدا، لنا علاقات متميزة مع الاردن ومع السعودية اكثر من متميزة ومصر وسورية والكويت والبحرين ومع الجزائر ومع جميع الدول العربية.

* هل انت متفائل؟

ـ جدا..انا دائما متفائل.

* كان عمرك 18 عاما عندما كنت في المجلس المركزي للثورة الكردية..اما تعبت من السياسة؟

ـ والله تعبت، فانا لا استطيع ان اجمع عائلتي، ومن المرات النادرة حدث في رأس السنة الميلادية الماضية اني اجتمعت مع جميع افراد عائلتي.