الرئيس الكازاخستاني لـ :«الشرق الأوسط» نرفض ضرب إيران لكن يجب الوقوف ضد تسلحها النووي

قال إنه ليس نادما على قراره بالتخلص من أسلحة بلاده النووية ودعا طهران إلى تبديد شكوك العالم في نواياها

TT

أكد الرئيس الكازاخستاني، نور سلطان نزارباييف رفض بلاده لأي عمل عسكري ضد إيران، محذرا من تعريض المنطقة لحرب جديدة، فيما طالب طهران بالعمل على تبديد الشكوك حول برنامجها النووي، وأشار إلى أن قرار كازاخستان بالتخلص من ترسانتها النووية جلب خيرا كثيرا للبلاد، وساعد على تهدئة مخاوف الدول المجاورة «لنا»، وفتح في ذات الوقت آفاقا جديدة للتعاون المشترك بيننا وبينهم، وقال: إذا لم نتخذ تلك الخطوة لأصبحنا محاطين بالأعداء من كل جانب، ولفت في ذات الوقت إلى أن الوضع الجيوسياسي لكازاخستان أوقعها بين مراكز قوى عالمية مثل روسيا والصين، وتَحدُها من الجنوب مناطق ملتهبة كجنوب آسيا والشرق الأوسط، يضاف إلى ذلك بُعدَها عن كل المحيطات والبحار فنحن دولة داخلية. كل هذا فرض علينا تحديات من نوع خاص، مبديا انزعاجه الشديد من بطء استعادة السلام في العراق، وأشار إلى أن المهندسين العسكريين الكازاخستانيين الموجودين هناك أبطلوا حوالي 400000 عبوة ناسفة، خلال السنوات الماضية.

وحول موقف بلاده من قضايا فلسطين ودارفور وحوار الأديان وعلاقة الدين بالسياسة، قال نزارباييف في حوار مع «الشرق الأوسط» خلال زيارته للقاهرة الاسبوع الماضي : ان بلاده تؤيد حقوق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، وأشار إلى أن الحل النهائي في اقليم دارفور بغرب السودان يمكن أن يتم على قاعدة «العادات والتقاليد» الخاصة بتلك المنطقة.

وعما إذا كانت ابنته ستخلفه في الحكم قال إنها حرة فيما تفعل ولو طلبت نصيحته فسينصحها بألا تفعل، وأكد على وجود عوامل مشتركة بين بلاده والعالم العربي تساعد على البناء والتعاون بينهما، كما حذر من استخدام الدول للدين في الصراع السياسي، قائلا: إذا كانت أمور الدين تدخلت في أمور سياسية فهذا أسوأ شيء. وفيما يلى نص الحوار:

> الآن تحتشد الأساطيل الأميركية في مياه الخليج ويبدو أن تحركاً سياسياً أميركياً يسعى لتطويق إيران، أو ربما لبدء عمليات عسكرية ضدها. هل تخشون من عمليات عسكرية ضد إيران، وماذا تقولون فيما يتصارع العالم بين نقطتين، فإما الاحتكار النووي من قبل سبع أو ثماني قوى نووية، وإما الانفلات النووي من قبل دول أخرى كثيرة. مستقبل العالم في ظل هذا الصراع ربما يبدو غامضاً ومثيراً للقلق ألا ترون ذلك؟

ـ كازاخستان ترفض أي عمل عسكري ضد إيران. الحوار هو الذي يقر السلام. والمجتمع الدولي عليه أن يعلن لإيران أنه، كله، ضدها، لكن أن يتم شن هجوم عليها، فهذا سيكون خطأ فادحا، لأنه يأتي بخطرٍ على المنطقةِ كُلها، وهذا لا بد أن يفهمه رئيس إيران. نحن شعب قريب لإيران. نحن مسلمون نتمنى لإيران الخير، وعليهم أن يشعروا بمسؤوليتهم.

> اتخذتم قبل سنوات قرارا تاريخيا بالتخلص من ترسانتكم النووية وكانت رابع ترسانة نووية على مستوى العالم، والآن تبدو كازاخستان محاطة بجيران نوويين في روسيا والصين والهند وباكستان. ألا يساوركم القلق؟ ألا تشعرون بالندم لأنكم تخلصتم وحدَكُم من السلاح، وتركتموه بأيدي الآخرين؟ ما هو البديل برأيكم؟ وكيف الخلاص في عالم يُصِرُّ كثيرونَ فيه على امتلاك أسلحة دمار شامل؟

ـ لا يساورنا أدنى شعور بالندم على التخلي عن الأسلحة النووية، فهذه كانت الخطوة الصحيحة الوحيدة. فلو أننا احتفظنا بالترسانة النووية لأصبحنا، منذ اليوم الأول للاستقلال، محاطين بأعداء ينظرون إلينا بعين الشك وعدم الثقة، ولتسلحوا ضدنا وقاموا بنصب الصواريخ في جميع الاتجاهات حولنا، فما هي الميزة في ذلك؟ نحن قدَّرْنَا منطقا آخر قائما على الحوار لا المواجهة، ونثق في أنه يمكننا أن نشغل المكانة اللائقة بنا في العالم دون الاستعانة بقوة «شديدة المفعول» كـ«الأسلحة النووية». وكما هو معلوم فان السلاح النووي شر يسحب وراءه شرّاً أكبر، وكازاخستان تنظر بعدم رضا إلى الدول المالكة لأسلحة الدمار الشامل، وترى أن تخلص كافة الدول من ترساناتها النووية هو الحل من أجل عالم أكثر سلاماً. أما ما هو الخيار(؟) فمن الصعب الإجابة على هذا، لكن الواضح أن الخروج الإيجابي من هذه الحالة لا يتوقف على الحلول الراديكالية للوضع الدولي فقط بل أيضاً على تغيير الفكر العالمي للإنسانية. > تحدثتم عن التزام كازاخستان بمبدأ «تعددية التوجه» في السياسة الخارجية. ما المقصود بتعددية التوجه، وهل يعني بناء تحالفات متعددة مع أكثر من قطب دولي، كما رأينا في علاقاتكم بكل من الصين وروسيا. وهل أنتم مثلاً على استعداد في هذا السياق لبناء تحالف مع حلف «الناتو» أو مع الولايات المتحدة التي اقتربت كثيرا من التخوم الكازاخية؟.

ـ مبدأ «تعددية التوجه في السياسة الخارجية» أملاه علينا وضعنا الجيوسياسي. كازاخستان تقع بين مراكز قوى عالمية مثل روسيا والصين، وتَحدُنا من الجنوب مناطق ملتهبة كجنوب آسيا والشرق الأوسط.. يضاف إليها بُعدَها عن كل المحيطات والبحار فنحن دولة داخلية، ولدينا فوق ذلك إمكانيات الطاقة التي يهتم بها الغرب. لهذا تنشط كازاخستان في هيئات كثيرة مثل كومونولث الدول المستقلة ولدينا علاقة قوية تقليدية مع روسيا، وأيضاً في المقدمة العلاقات مع الصين والولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وكذلك العلاقات الإستراتيجية مع الدول المجاورة التي كانت تقع ضمن الاتحاد السوفياتي السابق في آسيا الوسطى إضافة إلى العلاقة بالدول الإسلامية على العموم. أما ما يخص حلف الأطلنطي فإنه لا توجد أية نية للانضمام إليه لا اليوم ولا في المستقبل القريب، ومع ذلك فإن هذا لا يعنى أنه ليس من الممكن التعاون عن قرب مع الحلف. وبصفة عامة فنحن نتطلع إلى توطيد علاقاتنا مع كافة القوى العالمية دون أن نتسبب في أية خسائر لأي طرف ثالث، مع الحفاظ على التوازن لأهمية ذلك لنا.

> بحثتم مع القادة العرب الذين التقيتموهم قضايا الاهتمام المشترك. ما هو موقف بلادكم من القضايا العربية في فلسطين والعراق والسودان ولبنان؟ ـ كازاخستان تؤيد حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، وتقف وراء الحل العادل للمطالب الخاصة باللاجئين وإنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة، والوقوف ضد جميع أساليب التغيير السكاني للأراضي الفلسطينية المحتلة، لكن، في نفس الوقت، نحن نشجب جميع أشكال الإرهاب وكذلك نؤيد تعايش إسرائيل في حدود آمنة. كازاخستان تقف وراء الإسراع في تحقيق الأمن في العراق.. مهندسونا العسكريون هناك في مهام إنسانية أبطلوا مفعول حوالي 400000 عبوة ناسفة، وقاموا بتدريب 250 أخصائيا كما قدموا المساعدات الطبية لآلاف السكان المدنيين في العراق، وفي نفس الوقت فإننا لا نخفي انزعاجنا، بسبب بطء عملية استعادة السلام في العراق، ونرى أن الدور الرئيسي لحل مشكلة العراق لا بد أن يكون عن طريق الأمم المتحدة. أما فيما يتعلق بمشكلة دارفور فإن بلدَنا تقفُ وراءَ بناء السّلام والحفاظ على وحدة أراضي السودان. صعوبة مشكلة دارفور تكمن في أنها تحملُ صفاتٍ مختلفة، والعالم يصعبُ عليهِ فهمَها، ولكن من وجهة نظرنا فإن الحل النهائي يمكن أن يتم على قاعدة احترام العادات والتقاليد القبلية لهذه المنطقة.

> عندما انهار الاتحاد السوفياتي كانت هناك جمهوريات إسلامية وجمهوريات ذات ثقافة سلافية أو أوروبية، واستطاعت الأخيرة أن تطور آلية ديمقراطية للحكم، فيما الجمهوريات ذات الثقافة الإسلامية، في الاتحاد السوفياتي السابق، لم تتبن آلية سريعة لتداول السلطة والتعددية، والانفتاح على النمط الغربي. هل هذا يعكس خصوصية ثقافية للثقافة الإسلامية في الحكم والإدارة؟

ـ نحن نختلف عن الدول السلافية؛ لأنه لم يكن لدينا تقليد ديمقراطي منذ البداية. كازاخستان كانت تحت سيطرة روسيا 150 سنة، تلتها سبعون سنة أخرى تحت سيطرة الاتحاد السوفياتي. ومع ذلك كازاخستان لم تتخلف عن الدول السلافية في الإصلاحات السياسية والاقتصادية، فهي لم تتأخر عن بيلاروسيا ولا أوكرانيا. أما عن جيراننا في آسيا الوسطي، فتأخروا بعض الشيء، ونحن أيضاً دائماً نشرح أن كازاخستان دولة إسلامية ولدينا عادات وتقاليد وثقافة وتاريخ، ولا نستطيع أن نقبل بنموذج الغير. الاستقلال لدينا القيمة، ولا بد أن نفكر في هذا. الأمور الأخرى تأتي بعد هذا.

> اين كنت يوم انهيار الاتحاد السوفياتي السابق وكيف تلقيت مفاجأة الانهيار؟

ـ لم يكن الأمر مفاجأة بالنسبة لي وكنت قد اتخذت استعداداتي لهذا اليوم، وقتها كنت رئيس وزراء جمهورية كازاخستان السوفياتية آنذاك، وقد عرض علي الزعيم السوفياتي ميخائيل غورباتشوف منصب رئيس وزراء الاتحاد السوفياتي لكنني رفضت.. كنت ادرك ان ما تبقى من عمر الاتحاد السوفياتي قليل جدا وأن ساعة الانهيار قد حانت، وقد اعلنا استقلال كازاخستان وأصبحت أول رئيس لها.

> ألم تساورك بعض المخاوف قبل الإقدام على تلك الخطوة.. وهل تشاورت مع اسرتك وقتها؟

ـ لم يخالجني أي شعور بالخوف، فالأمور بالنسبة لي كانت واضحة، ولم أتشاور مع زوجتي في الأمر ففي حياة الرجال مواقف يتعين عليهم فيها ان يتخذوا القرار بمفردهم ووفق حساباتهم التي قد لا يدركها غيرهم.

> لديكم ثلاث بنات أعتقد أن الكبرى هي «داريجا» والوسطى «دينارة» والصغرى «عالية».. هل يعملن في السياسة؟

ـ أنا عندي ثلاث بنات وكل واحدة من وجهة نظري استطاعت أن تجد لنفسها طريقاً في الحياة. الابنة الكبرى داريجا تخرجت من جامعة موسكو، وهي متخصصة في التاريخ، وكانت تعمل في الإعلام، ومن ثمَّ لا بد أن تنشغل بالسياسة، عملت كصحفية. وهذا العمل ـ كما تعرف ـ يعلم الاستقلال في الفكر والسلوك، لذلك فإنها مع الوقت دخلت في السياسة راغبة في مساعدتي، ولقد نجحت في ذلك. وتمكنت من إنشاء حزب لها باسم آسار، ساهم في إثراء الحياة الحزبية في الدولة. في العام الماضي هذا الحزب اندمج مع حزب «نورأوطان» الذي أترأسه أنا شخصيا. وهو الحزب الحاكم والأكبر في كازاخستان وهي الآن تشغل منصبا رفيعا في هذا الحزب، كما أنها عضو في البرلمان.

والابنة الوسطى دينارة لا تبالي بالسياسة وتشغل نفسها بمسائل التعليم. وتتمتع بالنشاط. ورئاستها لصندوق التعليم ساهمت في تنمية نظام مدارس التعليم المتوسط بأعلى مستوى للتدريس في كازاخستان، وهي تهتم أيضا بتطوير التعليم الجامعي في البلاد. أما الابنة الصغرى عالية فهي من أبناء الجيل الجديد؛ فلقد أنهت التعليم المدرسي في سويسرا أما التعليم الجامعي فقد أتمته في الولايات المتحدة، حيث درست الاقتصاد وإدارة الأعمال. والآن تتطلع إلى الإدارة. ومن الممكن مع التقدم في السن أن تستيقظ بداخلها الرغبة في العمل السياسي، وهذا ليس واضحا حتى الآن.

> إذا تقدمت «داريجا»، على سبيل المثال، للانتخابات الرئاسية هل تمانعون في ذلك؟

ـ كيف يمكنك أن تمنع الأبناء الذين بلغوا رشدهم من أن يفعلوا ما يشاءون؟!.. حسب المعلومات التي لدي هي لا تفكر في هذا الآن.. وعندي نصيحة لها: لا.. لا تتطلعي لتولي (الحكم).

> طبقا لتقارير كازاخية فقد حققت بلادكم معدل نمو بلغ نحو 10% في العام الماضي، كما نجحت في استقطاب استثمارات خارجية قدرها 31 مليار دولار منذ عام 2005، كما قفزتم بمتوسط دخل المواطن الكازاخي إلى ما يقرب من 3000 دولار سنويا.. كيف أمكنكم تحقيق ذلك بعد سنوات طويلة من المركزية تحت الحكم السوفياتي؟

ـ حكومتنا ترى أن مستوى الدخل للفرد في عام 2007 يصل إلى 6700 دولار بأسعار الداخل وليس بالأسعار العالمية.. ثبات وتيرة النمو الاقتصادي على مستوى 10% مستمر للعام السابع على التوالي، بالإضافة إلى زيادة حجم الاستثمارات الأجنبية التي وصلت إلى 50 مليار دولار، وإعادة البناء الاقتصادي لكازاخستان، وارتفاع النشاط الاقتصادي للمواطنين من المشروعات الصغيرة والمتوسطة وغيرها، وبخلاف ذلك، لا بد أن نضع في الاعتبار العامل الإنساني، حيث إن مواطنينا يتمتعون بمستوى عالٍ من التعليم. وبعد أعوام من الحكم المغلق أمكن للناس تحقيق ذاتهم وأصبح المجتمع مجتمعا متفائلاً. كل هذا، وغيره من العوامل، أدى دوراً في ديناميكية النمو الاقتصادي.

> أنت كنت كادراً في الكومسمول (منظمة الشبيبة السوفياتية)، نشأت فيها، وارتقيت في الحزب الشيوعي، حتى اصبحت قيادياً في الحزب الشيوعي السوفياتي في كازاخستان. كيف استطعتَ التحول على المستوى الآيديولوجي الفكري، من قيادي كبير بالحزب الشيوعي يؤمن بفكره ويسعى لتطبيق نظرياته الى زعيم يؤمن بالانفتاح ويتبنى سياسات اقتصاد السوق الحر ما الذي حدث وكيف؟ هل حدثَ «التحول» الفكري لديك أم أنك لم تكن مؤمناً بحق منذ البداية بالتجربة السوفياتية؟

ـ نشأت في أسرة قروية لأبوين فقيرين وكنت مهموما طوال الوقت بتقديم المساعدة لهما، والطريق الذي خضته في سنوات شبابي الأولى كان السبيل الوحيد المتاح لكافة الشباب آنذاك. التحول كان صعباً للغاية. وقد اخترت في البداية عملاً صعباً. درست في معهد التكنولوجيا، ودرست في أوكرانيا، في مدينة دنيبردزرجينسك، وبذلك حصلت على تخصص مهندس تعدين. بعد ذلك عملت لبعض الأعوام في مصنع كارجندا للمعادن بدءا من العمل امام فرن صهر المعادن وصب المعادن، وتخرجت في المدرسة السياسية العليا في موسكو، من المكان الذي جمع الصفوة الصاعدة من الحزب الشيوعي السوفياتي حينذاك، كنا ندرس بعمق الاقتصاد والعلوم السياسية، وبدأت في العمل الحزبي والرسمي ولو كنت واصلت نفس النهج بعد استقلال كازاخستان لما وصلت إلى ما وصلنا إليه الآن. وبعد تفكك الاتحاد السوفياتي، ومن خلفياتي فيه، أرسيتُ قاعدة «أن تطلب العلم حتى الموت»، ودعوت المستشارين من أميركا وأوروبا ومن جميع الدول العربية، وكنت أعمل معهم دائماً. درستُ القواعد الاقتصادية من جديد، وتعرفتُ على نظام الاقتصاد في الدول الأخرى، ولذلك لم نتأخر. لكنني لم أكن قد تعلمت، في أي مكان أو أي زمان، كيف أقود دولة حديثة حصلت على استقلالها منذ زمن وجيز جدا، إلا عندما مارست هذا العمل على أرض الواقع كرئيس لـ«كازخستان».

> قمتم بزيارة للمملكة العربية السعودية وها أنتم تزورون مصر للمرة الثانية، فكيف ترون علاقات كازاخستان بالعالم العربي على المستويين الاقتصادي والسياسي؟

ـ في النصف الثاني من السنة الماضية قام الرئيس حسني مبارك بزيارة رسمية لكازاخستان، والآن أقوم بزيارة رسمية إلى مصر.. وصلنا إلى نتائج إيجابية في مجال الاقتصاد والنقل الجوي المباشر وتصدير القمح إلى مصر وهناك مجلس لرجال الأعمال ولإنشاء الشركات المشتركة بين البلدين.. التقيت برجال أعمال كثيرين وستكون لجنة مشتركة في مجال الاقتصاد. ليس هناك أي خلاف من الناحية السياسية أو الاقتصادية.

> لكن حجم التبادل التجاري بين كازاخستان وبين الدول العربية لا يعكس الأهمية الكبيرة لدولة كازاخستان ولا الإمكانيات الكامنة في العالم العربي؟

ـ نعم هذا صحيح. ولأجل زيادة حجم التبادل التجاري بيننا والدول العربية نقوم بهذه الزيارة لتطوير العلاقات بين كازاخستان والدول العربية.

> هل هناك أفق واضح لتطوير حجم التبادل التجاري في العام المقبل بين كازاخستان والعالم العربي يمكن أن تحدثنا عنه؟

ـ حتى الآن حجم التبادل التجاري بين مصر وكازاخستان 9 ملايين دولار، ونتوقع أن يصل إلى 100 مليون دولا خلال العام الجاري.. أي إلى عشرة أضعاف ما هو عليه الآن، ومع الدول العربية الأخرى أيضاً.

> قلتم في تصريحات سابقة إنكم تستطيعون التقدم بمبادرات لتحقيق التقارب بين الشرق والغرب، عبر حوار الحضارات، ما نوع هذه المبادرات وهل تفضلتم بطرح بعضها عبر صحيفة «الشرق الأوسط» وما هي برأيكم العناصر التي تؤهل كازاخستان لهذا الدور؟

ـ كازاخستان أصبحت صاحبة مبادرة إقامة مؤتمر لزعماء الأديان جوهرها تقليل «الاحتكاكات السياسية» في الاختلافات بين أتباع الديانات المختلفة. وأعتبر كازخستان، التي يعيش فيها أصحاب ديانات مختلفة، هي المكان المناسب لإقامة مثل هذا المؤتمر. وأعتقد أنني كنتُ محقاً، فحين عقدنا المؤتمر الأول للأديان عام 2003 شارك فيه 17 وفداً، لكن في المؤتمر الثاني العام الماضي حضر 28 وفدا من دول مختلفة. وللعلم، فإن زعماء الأديان لم يكونوا ضد أن يتولى قيادة الحوار زعيم علماني، بل كان هذا أكثر فائدة.

> إذن أنتم تحذرون من خلط الدين بالسياسة، وترون أن التوجه الديني في إيران كان وراء نزعة التسلح لدى الإيرانيين، وأنتم تنحازون إلى فكرة الفصل بين السياسة والدين؟

ـ إذا تدخلت أمور الدين في أمور سياسية فهذا أسوأ شيء.. وإيران بعد الثورة كانت تخلط بين القوة السياسية وبين الدين، نفس الشيء حدث عندما دخل الاتحاد السوفياتي أفغانستان حيث اختلطت السياسة بالدين أيضاً. الدين لا يتغير والسياسيون يتغيرون.. كيف يمكن أن تُدخل الأمور المتغيرة، فيما هو أبدي، لا بد أن نشرح للسياسيين الأميركيين وللسياسيين في الغرب الوضع لدينا، نحن نمتلك ثقافة خاصة بنا وتقاليد وعادات. لا نستطيع أن نصبح أميركيين. ولا أن نصبح مثل الغرب. كل شعب يتجه إلى التطور ولكن لكل دولة خصوصيتها.. نحن دولة أهم شيء لدينا هو الاستقرار داخل البلد وتعزيز الاستقلال. > لكن إلى أي مدى تتفق آراؤكم مع الموقف الرسمي العربي تجاه الملف النووي الإيراني؟ وكيف يمكن حل هذه المشكلة برأيكم الشخصي؟

ـ إيران، كأي دولة أخرى، لها الحق في تنمية الطاقة النووية السلمية، ولا يوجد خلاف في ذلك. اليوم يوجد شك في حقيقة البرنامج النووي الإيراني عند المجتمع الدولي، وعلى إيران أن تبدد هذه الشكوك.. نحن قلقون تجاه البرنامج النووي الإيراني لأن تصاعد التوتر في المنطقة يهدد السلام العالمي بشدة، وفي نفس الوقت يؤدي إلى تعقيد الأمور في منطقة الشرق الأوسط، ويدفع لسباق تسلح في المنطقة.