«آي فون».. يتحول إلى أداة حربية

تطبيقات عسكرية تتيح له كشف الأصدقاء من الأعداء

TT

في منتصف شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أعلنت شركة «رايثيون» وهي الجهة المتعاقدة عسكريا مع وزارة الدفاع الأميركية في مؤتمر حرب الاستخبارات الذي عقد في مدينة تيسون في الولايات المتحدة، عن تطبيق جديد للجوال «آي فون» يقوم بتعقب الأصدقاء وتمييزهم عن الأعداء، وإظهار مواقعهم على شاشات حية في الزمن الحقيقي، فضلا عن تأمينه لاتصالات آمنة.

* راصد أمني

* ويدعى التطبيق «وان فورس تراكر» (One Force Tracker) ويمكن استخدامه أيضا من قبل الشرطة، ورجال الإطفاء، وفرق الإسعاف الطبية في حالات الطوارئ.

ويعمل هذا التطبيق على جوال «آي فون» عادي، كما يقول جاي سمارت كبير التقنيين في نظم المعلومات والاستخبارات التابعة لـ«رايثيون»، الذي أكد «إننا مسرورون جدا في قيامنا بتعزيز ابتكارات (أبل)».

واعتماد جوال «آي فون» في الاستخدامات العسكرية هو أمر غير عادي نوعا ما، لكون التقنيات غالبا ما تنتقل من القطاع العسكري إلى القطاع المدني الاستهلاكي. لكن هنا حالة نادرة لمبادئ وأفكار من البرامج المخصصة للاستهلاك المدني التي يمكن للقوات المسلحة اعتمادها.

ومثال على ذلك الاستفادة من المصادر البشرية عندما يقوم المتطوعون، عن طريق هواتفهم الجوالة، بالتبليغ عن حركة السير في مناطقهم، وإمكان اعتماد المبدأ ذاته لتحويل كل جندي إلى مخبر يرسل معلومات بالزمن الفعلي تتعلق بالمواقع والوضع الميداني. ومثل هذه الاتصالات تشبه المواقع الاجتماعية في «فيسبوك»، حيث يقيّم الجنود مكان الأصدقاء لتعقب مواقع الوحدات الأخرى، وإجراء الاتصالات معها.

وتعتبر الخرائط مع وضع النقاط والمراكز المهمة فوقها أمرا مألوفا بالنسبة إلى كل مستخدم لنظام «جي بي إس». ويقوم تطبيق «رايثيون» باستخدام المبدأ ذاته، ولكن لإحلال مواقع القناصين، أو المحلات الآمنة مكان النقاط والمراكز المهمة هذه.

ويجري إرسال المعلومات الميدانية إلى كومبيوتر مركزي يقوم بمعالجتها واختصارها وتحديثها، قبل إعادة دفعها إلى الجنود. «وهذا أمر افتراضي، ولكن إذا كانت هناك بناية تجري في داخلها نشاطات إرهابية، يمكن دفع هذه المعلومة أوتوماتيكيا إلى جوال، عندما يصبح الجنود المهاجمون على مقربة منها»، استنادا إلى سمارت.

ويمكن استخدام المعلومات الحية للتقليل من الأخطاء التكتيكية وحوادث النيران الصديقة. «فإذا كانت هناك كتيبة أخرى من الجنود التي من المفترض أن تكون وصلت، ولكنها تأخرت عن موعدها هذا، أو سبقته، يمكن تعديل الخطة وفقا لذلك»، على حد قول سمارت، الذي أضاف «وإذا ما جرى تغيير اتجاه إحدى هذه الوحدات العسكرية المعتمد عليها يصبح ذلك معلوما للجميع، في الزمن الحقيقي». ويضيف «رايثيون» تطور مستشعرات يمكن تركيبها على الهواتف لتخدم في أغراض أخرى، لكنه رفض الإفصاح عن المزيد. على أي حال جرى تجهيز الهواتف الجوالة كآلات جوالة للترددات فوق الصوتية التي قد تكون مفيدة في حالات العلاج والجراحة الميدانية. وعلى الرغم من أن هذا التطبيق الذي تطوره «رايثيون» يعمل مع الهواتف الجوالة القديمة، فإنها تقر بضرورة إجراء تغيرات في ميادين العمليات.

* قيود «آي فون»

* وإحدى قيود «آي فون» التي يتوجب التعامل معها هي أنه يتحمل مهمة واحدة في الوقت ذاته، خلافا للهواتف الجوالة الأخرى المنافسة من «بالم»، و«غوغل» التي يمكنها تشغيل الكثير منها في وقت واحد. فإذا توجب على الجندي التبليغ عن موقع ما أوتوماتيكيا، توجب على نظام «جي بي إس» أن يعمل في الوقت ذاته مع التطبيقات الأخرى. لكن سمارت يقول إنه فور تعديل سهل يمكن إجراؤه، لأنه يوجد في صلب جوال «آي فون» نظام التشغيل «ماك أو إس إكس» الذي يقوم على «يونيكس» المتعدد المهام والأغراض.

غير أن هذا يثير مسألة أخرى، فقد قامت «أبل» بتحديد المهام المتعددة لأنها تفرغ البطارية بسرعة. ولكون «آي فون» لا يملك بطارية إضافية، فإنه لا يمكن استبدالها إذا ما بدأت قوتها في الضعف. لكن سمارت يقول إنه يمكن مواجهة المشكلة هذه عن طريق علبة جوال متينة تستطيع استيعاب بطارية أكبر. لكن المعروف عن الهواتف الجوالة أنها عرضة لهجمات التخريب. بيد أن سمارت يؤكد أنه جرى وضع بعض الإجراءات الواقية في البرنامج، علاوة على إمكان تمرير عمليات البث الحساسة عبر خلاط معقد للمعلومات مبيت داخلها. وتقوم «رايثيون» بتطوير تطبيقات أخرى أيضا خاصة بـ«آي فون»، كما عرضت تطبيقا يعمل على تدريب مراقبي الحركة الجوية، وإن كان لا يحل تماما محل التدريب الحالي، لكنه يزيد من المهارات في توجيه الطائرات، والمسح البصري، وحسابات التحليق، واتخاذ القرارات بشأنها، وهي مهارات كثيرا ما تستخدم أيضا من قبل اللاعبين.

* خدمة «نيويورك تايمز»